أخبار

تكريم الفائزين في جائزة الشعر العربي وندوة علمية مصاحبة تظمتها ندوة الثقافة والعلوم

**************

بلال البدور وعلي عبيد الهاملي و محمد عبدالله سليمان التركي
بلال البدور وعلي عبيد الهاملي و محمد عبدالله العياف (العموش)
د. حمزة قناوي و د. أحمد مقبل المنصوري و د.عائشة الشامسي و د.مريم الهاشمي
بلال البدور وعلي عبيد الهاملي ود. صلاح القاسم و فتحية النمر و عدد من الحضور

 

دبي    –    “البعد المفتوح”:

نظمت ندوة الثقافة والعلوم الإثنين 29 سبتمبر / أيلول 20235 حقل تكريم للفائزين في جائزة الندوة للشعر العربي، بحضور بلال البدور رئيس مجلس الإدارة،  وعلي عبيد الهاملي نائب الرئيس، ود. صلاح القاسم المدير الإداري، وبطي الفلاسي رئيس اللجنة الثقافية، والمهندس رشاد بوخش رئيس لجنة الجوائز ،ومحمد البريكي مدير بيت الشعر قي الشارقة، والشاعر سالم الزمر، ولفيف من الأدباء  والمهتمين.

بدأ علي عبيد الهاملي أمين عام الجائزة الحفل بكلمة أكد فيها أن التكريم يحمل بين طياته عبق الشعر وجمال الكلمة وعمق المعنى، في دورة الشاعر الكبير المرحوم حمد خليفة أبو شهاب، الغائبِ الحاضرِ في الوجدان، باعتباره رمزًا من رموز الشعر الإماراتي والعربي، وصوتًا أصيلاً من أصوات القصيدة التي ربطت الماضي بالحاضر وأضاءت دروب المستقبل،  وأضاف الهاملي أن “الجائزة أكدت منذ انطلاقتها مكانة الشعر العربي باعتباره ديوانَ العرب، وذاكرةَ وجدانهم الجمعي، ولتكون منصةً تجمع المبدعين من كل أقطار الوطن العربي، بل من خارجه، حيث وصلت مشاركات هذه الدورة من قارات مختلفة ودول بعيدة، لتثبت أن لغة الشعر العربي قادرة على عبور الحدود، وعلى أن تكون لغة للتواصل الإنساني والثقافي بين الشعوب.

وأشار علي عبيد الهاملي إلى أن غدد المشاركين في هذه الدورة بلغ 1234  متسابقًا من 36 دولة، موزعة على ثلاث فئات رئيسية هي: الشعر العمودي، وشعر التفعيلة، وقصيدة النثر، وهذا ليس مجرد أرقام، بل هو انعكاس حيّ لزخم المشهد الشعري، وغنى التجارب، وتنوع الأساليب، وحيوية الإبداع العربي الذي يثبت في كل مرة أنه عصيّ على التراجع، وأنه قادر على أن يجدد نفسه جيلاً بعد جيل.

كذلك كشفت الإحصاءات أن الفئة الشابة كانت الأكثر حضورًا وتأثيرًا،   وهو ما يبشر بأن الشعر العربي، بكل أشكاله، لا يزال قادراً على اجتذاب طاقات جديدة، تعيد صياغة العلاقة بين الإنسان والكلمة، وتفتح آفاقًا جديدة للتعبير عن القضايا الوجودية والإنسانية والوجدانية التي تشغل مجتمعاتنا. ولعل اللافت أن الفئة العمرية بين الثلاثين والأربعين عاماً جاءت في الصدارة في جميع الفروع، مما يؤكد أننا أمام جيل جديد ينهض بمسؤولية حمل رسالة الشعر إلى المستقبل.

وأكد علي عبيد الهاملي أن “هدف الجائزة يتجاوز مجرد التنافس والفوز، والطموح هو أن تكون مشروعًا ثقافيًا استراتيجيًا،يحتفي بالموهبة، ويكرم التجارب الفريدة، ويعزز ثقة المبدعين بأن هنالك من يقدّر نتاجهم، ويمد لهم يد العون ليواصلوا رسالتهم. وما حضور هذا الجمع الكريم، ومشاركة هذه الكوكبة من الشعراء والمبدعين، إلا دليل على أن رسالتنا وصلت، وأن الجائزة بدأت تحقق أهدافها، فغدت حدثًا ثقافيًا ينتظره الجميع بشغف كل عام”،وختم كلمته بأن “الشعر سيظل هو النبض الذي يوحدنا، وهو اللغة التي تقرب بيننا، وهو المرآة التي تعكس هويتنا ووجداننا، وجائزتنا اليوم ما هي إلا وفاء للكلمة الصادقة، واحتفاء بالشعراء الذين يضيئون دروبنا بالجمال والمعنى”.

بعد ذلك تم تكريم الفائزين في المسابقة، حيث فاز في الشعر العمودي الشاعر محمد حامد عبدالله العياف (المملكة الأردنية الهاشمية) عن قصيدته “ترنيمة أخرى لوجه الحياة”، وفي شعر التفعيلة فاز الشاعر إبراهيم عيسى محمد علي (الجمهورية اليمنية) عن قصيدته “الأسوار” ، وفي شعر النثر فاز الشاعر محمد عبدالله سليمان التركي (المملكة العربية السعودية) عن قصيدته “تعليمات الحصول على بيت شاعر”.

 صاحبت الحفل ندوة علمية بعنوان “قراءات في شعر حمد خليفة أبو شهاب” أدارتها أ. د. عائشة الشامسي رئيس قسم اللغة العربية في جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، وأكدت أن “الندوة أرتأت أن تسلط الضوء على شخصية جمعت بين الشعر الفذ وغزارة العلم وهو الشاعر والمؤرخ والأديب والموثق للشعر النبطي والشعبي حمد خليفة أبو شهاب”.

وقدمت د. مريم الهاشمي أستاذ اللغة العربية والنقد في كليات التقنية ورقة بعنوان “تجليات الصورة الفنية في شعر حمد خليفة أبو شهاب بين المصدر والتشكيل” أشارت فيها إلى أن “الصورة تعد إحدى الوسائل التي يحاول من خلالها الشاعر نقل فكرته ورؤيته وعواطفه إلى المتلقي، غير إن هذه الصورة ماهي إلا نتاج البيئة والزمان الذي يعيش فيه الشاعر، فالشاعر ابن زمانه وبيئته، ومنهما يغترف أفكاره ومعانيه، وينحت صوره، فلا يستطيع أن يتخلص من مخزونه المعنوي الذي هو في النهاية حصيلة تجاربه في الحياة؛ لذا يلجأ إلى التعبير عن نفسيته من خلال استدعائها من مخزون ذاكرته، بحيث تتشكل في النهاية معادلًا مساوقًا لتجربته الشعرية – ومن هنا فإن التجربة التي تستدعي خواص الصورة للتعبير عنها ولإثارتها وبيان ما للصورة من اتصال وثيق بموهبة الشاعر وقدرته على النظم من ناحية، وإلى تفاعل الشاعر مع قضاياه من ناحية أخرى ما يدفعه دفعا إلى اختيار صورته التي تتكون من الألفاظ والتراكيب والمعاني والخيال والموسيقا، وبهذا تكون الصورة من المصطلحات الجمالية الشاملة،   والتجربة الشعرية مرتكزة في أساسها على ما يختاره الشاعر من تجربته بما ينسجم مع تشكيل الأبعاد الذهنية لعالم الخيال والتصوير التي يعتمد عليها الشعر في شعريته، وإن تشكيل الصور من القريحة وتجميع أشتاتها في صورة تعتمد على المدركات الحسية التي هي بمثابة إيجاد وخلق جمالي شيء من العدم، ونقلها إلى عالم من الحواس بعد أن بدأت نطفتها في عالم الخيال.”

وأضافت أن “أهمية الصورة الفنية تكمن في كونها مسألة لا ينفك عنها الشعر قديمه وحديثه، وتظهر أهميتها، فيما تعمله من تأثير في نفوس الآخرين من خبرة جديدة وإثارة للشعور، كما تعدت أهميتها إلى صيرورتها معيارا لعاطفة المبدع فالعاطفة بدون صورة عمياء والصورة بدون عاطفة فارغة.”   

 وجاء في خديث د. مريم الهاشمي: “وحين الوقوف على نتاج الشاعر أبوشهاب، وجدنا أن الصورة الفنية التي اعتمد عليها الشاعر اعتمدت على ركيزتين كانتا بمثابة الأساس في تكوين وخلق الصور الفنية، وكل صورة فنية تعتمد عليهما في تشكيل ملامحها النهائية التي تخرج على أشطر الأبيات أو تُختزل في رمزية كلمة وما تضمره من إيحاءات تحيل إلى تاريخ أو موقف أو صفة أو شعور أو ذاكرة أو أسطورة، لترتبط إما بمصادر الصور الفنية ومن ثم تشكيلها لتخرج صورا ذهنية حسية بأنماط مختلفة ومتداخلة معتمدة على جود القريحة والعبقرية الشعرية”، وأكدت أن “الصورة تعد أهم عنصر وبنية للإبداع الشعري، فلها وظيفة تأثيرية وجمالية ودلالية وجاء في التراث الأدبي مرادفات لها كالتشبيه والاستعارة والكناية، إلا إن الدراسة قدمت قراءة متجددة في أنماط الصورة الذهنية والتي تتداخل فيها الأنماط التشبيهية والاستعارية والكنائية لتعبر عن صور مركبة ومتحركة تثير المتلقي – الذي هو أحد مراكز العملية الإبداعية – في حرية تحليق الخيال في خلقها لصور ذهنية ما يعطي أهمية أكثر لتأييدها اكونها أهم عنصر فني في بنية القصيدة، فينمو الخيال على مصراعيه مجسدًا عوالم مختلفة ممزوجة بالعاطفة والثقافة، التي هي في الأساس معتمدة على عاطفة وموسوعية ثقافة المبدع خالق النص”، وختمت بقولها إن “الشاعر الراحل حمد خليفة أبوشهاب شاعر أبدع في التعبير عن مشاعره وأحاسيسه وفق مواقف الحياة لينقل ممارسته الفنية والمعرفية للمتلقي واعتمد في ذلك على مصادر وأنماط للصور الفنية التي معها اعتمد خلق فضاء قرائي يقدم تجربة – لا ندّعي كمالها – مقرونة باللغة والخيال والعلاقة بينهما.”

 أ. د. أحمد مقبل محمد المنصوري – جامعة الوصل في دبي – قدم ورقة علمية بعنوان “صورة الشيخ زايد بن سلطان في شعر حمد خليفة أبو شهاب من خلال ديوانه (قصائد مهداة إلى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان) أنموذجًا” أكد فيها أن “الديوان يبرز القيمة التي لا تخفى على أحد؛ وهي خيريّة الشيخ زايد-رحمه الله- ولقد طفق الشاعر أبو شهاب يضرب على هذا الوتر الحساس في جوانب عدة، وفي قصائد كثر، وهي السمة التي ربما كان يفضلها الشيخ على كل ما عداها، وبالفعل كان خيّرا، وأفعال الخير ميزة أساسية في شخصيته:

يا زائد الخير إن الخير يفعله 

 من نصب عينيه إصلاحٌ وإعمارُ

يا زائد الخير إن الخير ينهجه 

أولو البصـــــــــــائر والأبصار أخيارُ

وإن الشعراء المعاصرين لسمو الشيخ زايد قد بهروا به، وخصصوا جزءا كبيرا من قصائدهم في مدحه، ورصد منجزاته، وأياديه البيضاء داخليًا وخارجيًا، كما أن الشاعر حمد خليفة أبو شهاب عاصر الشيخ زايد في حياته، وكان شعره مرآة صادقة له، عكس من خلاله أهم مرحلة لدولة الإمارات العربية المتحدة؛ هي مرحلة تشكل الدولة الاتحادية، وما رافقها من تحديات، وإن قصائد حمد خليفة أبو شهاب كشفت عن الشخصية المثالية لسمو الشيخ زايد، وأظهرته الأنموذج المثالي في سياسته وخيريته وحكمته وتواضعه وحبه لشعبه وللإنسانية وفطنته وذكائه في حل المشكلات الداخلية والخارجية. كما إن قصائد حمد خليفة أبو شهاب كانت أنموذجا رائعًا مكتملًا للشعر المادح والواصف للشيخ المرحوم، وشملت هذه القصائد من كان برفقه سمو الشيخ في تحقيق منجزات الوطن العظيمة؛ كالشيخ راشد، وبقية الشيوخ. وحافظت على درجة فنيتها عالية سامية مراعية مقام من وجهت إليه.”

وفي ختام ورقته أوصى الباحث بضرورة “أن يحظى شعر حمد خليفة أبو شهاب بالمزيد من الدراسات؛ لروعة سبكه، وعلو فنيته، وتنوع موضوعاته، مع الاهتمام أيضا بالشعراء المعاصرين له؛ لكونهم شواهد على مرحلة مهمة من مراحل تطور القصيدة العربية في الإمارات، ونهضتها وحيويتها”، كما أوصى باتساع نطاق البحث ليتم رصد دور الشيخ زايد في نهضة الحركة الأدبية في عصره، بما قدمه من تشجيع ورعاية للمبدعين، وبما أنتجه أيضا من إبداع.

 وجاءت ورقة د. حمزة قناوي أستاذ مساعد البلاغة والنقد والأدب المقارن بعنوان “استقصاء الطاقة الشعرية القصوى للقصيدة العمودية: السجالات الشعرية في قصائد حمد خليفة أبو شهاب.. إحكام البناء وتداولية المضامين”، أكد فيها أن “السجالات الشعرية تمتاز بقدرتها على إظهار إبداعية الشعراء، وهي وسيلة من وسائل قدح الفكر وإطلاق العنان ليقدم كل شاعر أقصى ما لديه من طاقات إبداعية، وما حدث بين الشاعرين (حمد أبو شهاب) و(حمزة أبو النصر) من تداولٍ سِجاليٍّ شِعريٍّ يستحقُ التأمل النقدي، وتحليل موضوعاته، ولعل الظاهرة الأكثر لفتاً هي تعدد الموضوعات التي تم السجال الشعري إزاءها، من تشعبٍ وتنوُّعٍ وتَداخلٍ وتمازج، والكيفية التي كان كل منهما يرد بها في قصيدته على الآخر، وهنا يتولد سؤالٌ ثانٍ: هل نعتبر كل قصيدة منفصلةً بذاتها، أم ننظر لجميع القصائد في مجملها باعتبارها كلاً مُتكاملاً تمثل قصيدة واحدة؟”

و أضاف د. حمزة قناوي: “إن منبعاً جوهرياً من منابع شاعرية حمد أبو شهاب يتمثل في تعدد الموضوعات الشعرية الهائل الذي نجده عنده، ولا شك أن الشاعر القادر على التعبير في كل هذا الكم الهائل من الموضوعات هو شاعر يمتلك أدواته، وشاعر لديه عبقرية ليست بالهينة، وإذا ما أضفنا إلى ذلك أن هذا التعدد قد جاءَ في خضم مساجلات شعرية كان في كثير من الأحيان يتم تحديد موضوعها من قبل شاعر آخر، فإن لنا أن نتخيل مقدار الإبداعية الموجودة هنا، على أي حال فإن الحالة الشعرية المتميزة للشاعر الراحل (حمد أبو شهاب) تثبت أن القصيدة العربية العمودية قابلة لأن تكون القصيدة المعاصرة بكل معاني الكلمة، وقابلة لأن تكون هي القصيدة الحداثية، وليس التغيير المطلوب هو ذاك الذي يقوم به البعض من تغيير في الشكل، أو إسقاط للوزن والقافية وأنماط التعبير، حتى اقتربت القصيدة من النثر، أو اندمجت معه فيما أصبح يعرف باسم قصيدة النثر، وإنما المطلوب هو التجديد في الغرض، والقدرة على امتلاك الأدوات التعبيرية الكافية التي تجعل من القصيدة العربية العمودية قصيدة هينة لينة مطواعة للتعبير، متقبلة المعاني من قبل المتلقين كافةً، لا يحتاج قارئها إلى العودة للمعاجم طوال الوقت ليستخرج ما فيها من معانٍ، ولا يحتاج لشارح لكي يبين ما فيها من مظاهرِ الجمال. إذاً فالحالة الشعرية المتحققة تجعلنا نقول إن المنجز الشعري المعاصر يمكن إعادة النظر فيه باعتباره في النهاية قد أصابه نوع من أنواع التخفف في التخلص من تقاليد القصيدة العمودية.”

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى