مقالات

ربما تجمعنا الأقدار ذات يوم عائشة الفارسية – سلطنة عمان

عائشة الفارسية

 في إحدى رحلاتنا لأداء العمرة، وبعد أن انتهينا من عمرتنا، انتقلنا من مكة إلى زيارة مدينة رسول الله ﷺ، وعندما وصلنا إلى المدينة المنوّرة، ذهبنا إلى المسجد النبوي الشريف، وبينما أنا جالسة في الحرم النبوي بين صلاتَي المغرب والعشاء أقرأ ورد المساء، كانت تجلس بجانبي امرأة، تنظر إليّ بين فترة وأخرى، فأبادلها الابتسامة، التفتت إليّ وأخذت تسألني: “من أي دولة أنتِ؟”
أجبتها، وسألتها السؤال نفسه، فعرفتُ أنّها من دولة بعيدة عن دولتي.

أخذنا الحديث لنتعرف إلى بعضنا بعضًا، وسؤال يجرّ الآخر، شعرتُ وكأنّي أعرفها منذ زمن بعيد، لم نستغرب بعضنا بعضًا، ولم نتحاشَ الكلام بكل صراحة، لا أعلم لماذا انجذبتُ إلى الحوار معها، لكنني لاحظتُ من خلال حديثنا أنّ بيننا الكثير من أوجه التشابه في الأفكار والتصرفات، كانت تتمتع بطيبة وبساطة تجبران من يجلس معها على أن يحبها ويتمنى أن يطول الحديث معها. اتفقنا على أن نلتقي في اليوم الثاني لنتعرف إلى بعضنا بعضًا أكثر، ذهبت هي إلى مسكنها بعد أن قالت “نلتقي غدًا لا تتأخري.”

أخذتُ أفكّر في هذه الإنسانة التي جلستُ معها، كيف تعلّقتُ بها! ربما لأنها شفافة، تعبّر عمّا في داخلها بكل وضوح وتكلمني بمحبة، تعاملني وكأنها أختي القريبة مني، التقيت بها في اليوم الثاني والثالث، واستمررنا على هذا الحال أربعة أيام، ولكن في اليوم الرابع كانت مستعجلة، سلّمت عليّ وقالت لي إن موعد سفرها بعد بضع ساعات، و إنها أتت فقط لتودعني لأنها ارتاحت بالحديث معي وتتمنى أن نلتقي مرة أخرى، ودّعتها وقلبي كله حزن على فراق هذه الأخت، التي لم أشبع من الجلوس معها.

مضت أربعة أيام سريعًا، كنتُ كلما تحدثت معها شعرتُ بأنها مرآتي التي أرى نفسي فيها، لأنها تمتلك الكثير من خصالي، ولكن في النهاية لا بد أن يعود كلٌّ منا إلى دولته، تركتني وأنا أقول في نفسي “ربما تجمعنا الأقدار ذات يوم”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى