يُروى في الأساطير أن في زمنٍ بعيدٍ عاش رجلان متجاوران، لم يكونا يملكان من الدنيا سوى أبوابٍ يفتحانها على الفراغ. أراد أحدهما أن يوهم المارة بثرائه، فابتاع عظام خروفٍ ودهنًا يسيرًا، ثم علّق العظام على باب داره كمن يعلّق النياشين على صدره.
لم يكن ما علقه طعامًا ولا حياة، بل قناعًا من بقايا موتٍ يتدلى فوق الخشب.
جاره، وقد رآه، لم يحتمل أن يُترك وحده خارج لعبة المظاهر، فأخذ العظام وعلّقها على بابه، وهكذا اشتعل الخلاف بينهما، لا على اللحم ولا على الخير، بل على وهمٍ من بقايا حيوانٍ ذُبح منذ زمن.
منذ تلك الليلة، تقول الأسطورة، تعلّمت البشرية أن العظام لا تُثقل كاهل الأرض، لكنها تثقل أرواح البشر حين تتحوّل إلى رموزٍ زائفة، ومنذ تلك الليلة، صار كل بابٍ في المدينة يحمل عظامًا من نوعٍ آخر: شهاداتٌ تُعلّق للتفاخر، وكلماتٌ تُردّد بلا فعل، ومظاهرُ فارغة تسابق الريح.
وتهمس الأسطورة في أذن من يصغي: بأن أخطر ما يملكه الإنسان ليس ما يُخفيه، بل ما يتزيّن به.
فالزيف، حين يتجسّد، أشدُّ فتكًا من الفقر، والإنسان الذي يخاصم جاره على عظامٍ ميتة، هو في الحقيقة يخاصم نفسه على حياةٍ لم يعشها.