
صدر عن دار “رؤى برانت” في المغرب ديوان “تراتيل الحضور والغياب” للأديبة المغربية منى بنحدو ، وهي تقول عن ديوانها “هو ديوان نثري من مفارقات الحياة الحضور والغياب و كلاهما يحملان الكثير من المشاعر والأحاسيس التي تتشكل بين الأمل والألم بين الحنين والأنين .
وبما أن النور دائما ما يتصدى للظلام ، جاءت النصوص أخدًا وردًا تتدحرج في كف الهجر ،ليصرن أنهن بنات النور منه يأتين وإليهن ماضين”.
كنب مقدمة الديوان الأديب المهندس ناصر أبوحيمد “الفينيق” و منها : “يقترح الديوان خرائطَ عبورٍ من الداخل إلى الداخل؛ إذ تُحاور الذاتُ ظلَّها، وتستأنسُ بمجازاتها، وتستزيدُ من الصور حتى يتّسع القول لما يتعذّر على القول. تظهر المفرداتُ هنا وقد أُديرَت على معنى واحدٍ يتعدّد: “النبض”، “الضوء”، “الندى”، “الخاتم”، “النجمة”، وكلُّها مفاتيحُ لما يتخفّى خلف ظاهر الكلام. إنّها قصائدُ تُشيّد بيوتَها من موسيقى خفيّة: سطورٌ قصيرةٌ متتابعة، وقفاتٌ دقيقة، وتقطيعٌ يُشبه أنفاسَ عاشقةٍ تتدرّج من الهمس إلى الانخطاف.
يَنصت هذا الديوان لحرارة التجربة قبل بَهرَج البلاغة؛ لذا تتقدّم فيه صدقيّة الشعور على الزينة، ويأتي التشكيلُ خادمًا للإيقاع لا مُستعرضًا له. تتجاور نصوصُ الوجد مع مقطوعات التأمل، فتنبثقُ أسئلةُ المعنى من ثنايا التفاصيل: قبلةٌ على جبين الذكرى، اهتزازُ شُعلة، ارتجافُ حرف، وارتقاءُ نبرةٍ من الخذلان إلى الرجاء. إنّ القارئ لن يعثر على قصيدةٍ تكتفي بنفسها؛ فكلُّ قصيدةٍ تُشير إلى أختها، وتستكملها، كأنّ الديوان كلَّه قصيدةٌ مطوّلةٌ تتنفّس على هيئة مقاطع.
ولأنّ القصيدة، في جوهرها، خبرُ يقينٍ مستعاد، تتبدّى هنا “أنوثةُ القول” في أسمى معانيها: قوّةٌ تُداري رِقّتها، ورقّةٌ تُعلن قوّتها، وعينٌ ترى بالبصيرة ما لا تُطيقه العينُ المجردة. فلا غرابة أن يتوالى في هذه الصفحات قاموسُ الفتنة: شروقُ الشمس من عينيك ، توهّجُ روح، همسٌ يكسر الصمت، وخطواتٌ تمضي على حوافّ برمودا ولا تسقط.
للقارئ الذي يفتح «تراتيل الحضور والغياب»: لا تتعجّل خارطة الطريق؛ دع القصائد تقودك. إقرأها كما تُصغي إلى مَوجٍ يتردّد على شاطئٍ قديم: يعودُ ولا يعود، يهمسُ ثم يعلو، وكلُّ مرّةٍ يحملُ أثرًا جديدًا من الملح والضياء. ضعْ يدكَ على نبض السطور، وستلمحُ في مراياها ملامحك؛ فهذه النصوص، وإن وُلدت من تجربةٍ بعينها، إنّما كُتبت كي تُكمل فيك ما لم يكتمل. مرحبًا بك إلى هذا البيت الشعريّ، حيثُ تتردّد «تراتيل الحضور والغياب»؛ بيتٌ للألفة والاختلاف معًا، يُضيئه وعدُ اللغة بأنَّ الغدَ أوسعُ ممّا نحتمل، وأنّ القصيدة قادرةٌ، كلّما ضاق بنا العالم، على أن تفتح لنا نافذةً على سماءٍ أقرب.”.
زر الذهاب إلى الأعلى