أخبار

“الطّيب صالح الآخر المختلف” ندوة في النادي الثقافي العربي

محمد خلف الله ومحمد عبد الرحمن حسن بوب و د. لمياء شمّت ومجذوب عيدروس، ود.غانم السامرائي

د. عمر عبدالعزيز و د. يوسف عيدابي يتوسطان المكرمين وفي يسار الصورة محمد ولد سالم ومارية طورمش

الشارقة    –    “البعد المفتوح”:

نظم النادي الثقافي العربي ندوة أدبية بعنوان “الطّيب صالح الآخر المختلف”، شارك فيها كل من محمد خلف الله، ومجذوب عيدروس، ود.غانم السامرائي، ومحمد عبد الرحمن حسن بوب، وأدارتها د. لمياء شمّت، بحضور د. عمر عبد العزيز رئيس مجلس إدارة النادي و محمد ولد سالم رئيس اللجنة الثقافية في النادي و خليفة الشيمي رئيس اللجنة الفنية في النادي و حشد من الأدباء والمثقفين .

د. لمياء شمّت قالت إن الطيب صالح هو الروائي السوداني الذي استطاع بأسلوبه السردي الساحر وموضوعاته العميقة أن يحفر اسمه بين كبار الأدباء العرب المعاصرين، حتى أطلق عليه النقاد لقب «عبقري الرواية العربية»، وقد كتب عدة قصص منها (نخلة على الجدول، ودومة ود حامد، وحفنة تمر، والرجل القبرصي) وأما رواياته فهي (عرس الزين، وموسم الهجرة إلى الشمال، وضي البيت، ومريود، ومنسي).

 وأصافت د. لمياء شمّت أن الأمسية تقام بمناسبة صدور كتاب “المتن الروائي المفتوح: “فن القصّ السّردي عند الطّيب صالح” لمؤلفه محمد خلف الله، الصادر عن أكاديمية إفريقيا بالشارقة، وقدمت المشاركين في الندوة والمحاور التي سيتناولها كل واحد منهم، وشددت على أن الطيب صالح هو ذلك المبدع الذي لا يمكن سبر أغوار إبداعه، فهناك دائما جوانب خفية يمكن للباحث أن يكتشفها.

وقدم محمد خلف الله ورقة بعنوان (فن القص بين أصول الحكي التقليدية والخلخلة السردية، ملاحظات تكميلية لكتاب “المتن الروائي المفتوح”) قال فيها إن فن القص يرتبط في جوهره بمكنون الذاكرة، وهي حقل ديناميكي يتبدل فيه المخزون، بحسب تقادم العهد واكتساب المعارف وتغير السياقات؛ ويلعب الزمان دوراً أساسياً في التأثير ما حفظ بالذاكرة، وفي تشكيل الهوية الشخصية، وإعادة بناء الهوية الوطنية أو القومية، وقد انعكس ذلك الأبنية السردية المعاصرة؛ فلم يعد الحكي فيها يتبع مساراً خطياً.

وبين محمد خلف الله أن الطيب صالح اعتمد في سرده كليًا على هذه الحقيقة المتعلقة بالذاكرة، ما جعل كل ما كتبه من قصص وروايات “متنا روائيا واحدا مفتوحا”، مكانه الأوحد هو القرية (دومة ود حامد)، وشخصياته هي شخصيات هذه القرية وزمنه متغير ومتبدل حسب الأحداث والتبدلات والعلاقات التي تجري على القرية وما يرتبط بذلك من تبدل في الوعي وفي أوضاع الناس، هو إذن متن روائي واحد أطره المكان، وفتحه الزمان، وسمح للطيب صالح في كل محطة أن يقدم عنه نصًا جديدًا يبدأ بقصصه القصيرة وحتى آخر رواياته.

د. غانم السامرائي قال في ورقته إن الطيب صالح ظل موضوعًا للقراءات المعمقة من جميع الجوانب، وهو من أبرز الكتاب الذين مثلوا التوتر الجدلي بين المحلية والعالمية، وفتح آفاق المعرفة الإنسانية من خلال المحلية، وشكلت روايته موسم الهجرة إلى الشمال، نقطة التقاء بين الرواية العربية والرواية العالمية، وأضاف أن (المحلية) في الكتابة اتخذت، في سياق ما بعد الاستعمار، معنى يتجاوز الإطار الجغرافي، لتغدو موفقا معرفيا وجماليا من العالم، المحلية فعلاً مضادا للهيمنة الثقافية الغربية، ومحاولة لتأسيس صوت سردي أصيل ينبع من تجربة الذات الجماعية، ومن أبرز ممثلي هذا الاتجاه الطيب صالح الذي حول القرية النيلية إلى مسرح كوني الصراع الهوية، ونجيب محفوظ الذي جعل من الحارة المصرية نموذجا مصغرا للمدينة العربية والتاريخ الإنساني بأسره، وجينوا أشيبي (نيجيريا) الذي أعاد بناء الوعي الإفريقي عبر استعادة اللغة والذاكرة والتاريخ المحلي بعد الاستعمار البريطاني، ورغم اختلاف السباقات، فإن المشترك بينهم هو الوعي بأن المحلية ليست نقيضاً للعالمية، بل شرطا من شروطها، حيث تغدو المحلية هنا وسيلة لنزع المركزية الغربية وإعادة الاعتبار للآخر الهامشي.

و ذهب مجدوب عيدروس في ورقته إلى أن الطيب صالح قوة الخطاب لدى الطيب صالح وتنوع عوالمه السردية وشخوصه وخطابه الإنساني، كل ذلك نابع من نشأته ومراحل تكون شخصيته من الصبا إلى الشباب، في قرية كرمكول على النيل التي كانت وسطا بين النوبة والمجموعة العربية وتجمع فيها أقوام من شتى الإثنيات والمشارب الثقافية، ثم استقراره في بورت سودان التي يسكنها السودانيون بكل أطيافهم ويسكنها ويمنيون ومصريون وأتراك وأوروبيون، فهذا الخليط المتنوع خلق في نفس الكاتب وعيا إنسانيا عميقا، وجعله قادرا على فهم الآخر وتقبله.

وفي مداخلته  تناول محمد عبد الرحمن حسن بوب الجانب الاجتماعي في أدب الطيب صالح، ممهدا بالقول إن عالم الأدب يوفر معرفة حقيقة بالمجتمع، وإن الفكرة السائدة عن أن الطيب صالح كتب عن الصراع بين العرب والغرب، بعد أن سافر بريطانيا، هي فكرة تحتاج إلى إعادة نظر فإن الطيب صالح لم يكن اهتمامه مُنصَبَا على صراع خارجي بين الشرق والغرب، بل كان يتناول مشكلات داخلية في مجتمعه بدأت بوادرها منذ وقت بعيد في مجتمعه وظلت شخصيات قصصه ورواياته وعلاقات مجتمعه تتطور ويزداد فيها الوعي والصراع بين دعاة التغريب ودعاة الأصالة، إلى أن كان مصطفى سعيد هو المثال البارز على تلك الإشكالية العميقة الانتما، وقد غذى تلك المشكلة وجوده في الغرب بسبب إحساسه بالعنصرية والتمييز وعدم تقبله رغم تميزه علميًا وفكريًا.

و بعد مداخلات عدد من الحضور كرّم د. عمر عبدالعزيز في ختام الندوة يرافقه د. يوسف عيدابي المشاركين في الندوة، والتقطوا صورة تذكارية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى