ترسيخ فن التواصل الإنساني

محمد المر يفتتح المهرجان و في الصورة بلال البدور و د. صلاح القاسم

خلال الافتتاح
دبي    –    “البعد المفتوح”:
افتتح معالي محمد أحمد المرّ، رئيس مجلس أمناء مؤسسة مكتبة محمد بن راشد آل مكتوم، الإثنين 3 نوفمبر / تشرين الثاني 2025 في مقر ندوة الثقافة والعلوم في دبي فعاليات مهرجان الإمارات الدولي السابع للملصق، بحضور بلال البدور رئيس مجلس إدارة الندوة وعلي عبيد الهاملي نائب رئيس مجلس الإدارة رئيس اللجنة الإعلامية ود. صلاح القاسم المدير الإداري وجمال الخياط المدير المالي وبطي الفلاسي رئيس اللجنة الثقافية وعلي الشريف رئيس لجنة الشباب، ونخبة من المثقفين والمهتمين بالشأن الثقافي.
و تصادفت مواكبة المهرجان لاحتفال دولة الإمارات العربية المتحدة بعام المجتمع، ليحول الفن البصري إلى ميدانٍ حي للحوار المجتمعي والتبادل الثقافي. بتنظيم من ندوة الثقافة والعلوم (NADWA) وبالشراكة مع الهيئة الدولية للملصق، يُبرز المهرجان – الذي يُقام للمرة السابعة في دبي – قدرة الملصق على البقاء كقوة اتصال فاعلة في عصرٍ تهيمن عليه الخوارزميات وتتلاشى فيه المساحات المشتركة.
وشدد معالي محمد المر على الدور الحيوي لمثل هذه المبادرات في خلق فرصٍ جديدة لأجيال المصممين كي يشاركوا بفعالية في مجتمعاتهم، ويساهموا في تشكيل الوعي وصناعة التغيير. وعبّر المرّ عن إعجابه بتنوّع التفسيرات البصرية التي أثارها شعار “عام المجتمع” لدى المصممين والطلاب من مختلف أنحاء العالم، مُشيداً “بدور المهرجان وندوة الثقافة والعلوم في نشر ثقافة التصميم ليس فقط على مستوى الدولة أو منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بل على الساحة العالمية.
وقال بلال البدور إن المهرجان يأتي انسجاماً مع الاستراتيجية الوطنية لدولة الإمارات العربية المتحدة، التي تتّخذ من كل عام شعاراً يوجّه مسيرة العمل الوطني، حيث نحتفي في هذه الدورة بـ “عام المجتمع”، ونجعل من الملصق وسيلة لبناء الجسور بين الثقافات وتعزيز القيم المشتركة. وما مشاركة فناني العالم بأعمالٍ نوعيّة إلا دليلٌ على أن فن الملصق لا يزال نابضاً بالحياة، مترجماً رؤى المبدعين إلى لغة بصرية جامعة.
 مشاركة طلابية قوية وتمثيل محلي متزايد
تميزت هذه الدورة بمشاركة استثنائية من جيل المصممين الناشئين، إذ شكّل الطلاب 30% من إجمالي المشاركات، ما يعكس التزام المهرجان بدعم المواهب الشابة وتمكينها من المساهمة في الخطاب البصري العالمي. كما سجّل المهرجان ارتفاعاً ملحوظاً في عدد المصممين من دولة الإمارات، بلغ نحو 50 مصمماً بين مواطنين ومقيمين، قدموا أعمالاً مستوحاة من سياقهم الثقافي المحلي واحتفلوا بأشكال متنوعة من الانخراط المجتمعي، من التراث الشعبي إلى القضايا الحضرية والبيئية، مروراً بالعلاقات الأسرية والروابط بين الأجيال.
وعبّر سوديب شارما، المؤسس والرئيس التنفيذي لـ Design India، وناشر مجلة Design India Magazine، وصاحب ممارسة تصميمية نشطة في الهند، عن إعجابه الكبير بالمهرجان. وقال شارما: لقد شاركتُ في هذا المعرض المدهش، وأشعر بالغبطة لرؤية هذا الجهد الاستثنائي الذي جمع مصممين من كل بقاع الأرض ليُعبّروا، عبر الملصق، عن رؤيتهم لكيفية ربط المجتمعات والثقافات عبر التصميم.
وأضاف: إنها لحظة بالغة الأهمية في زمنٍ تشهد فيه مناطق كثيرة من العالم صراعات وانقسامات. أن يُظهر المصممون – من خلال أعمالهم التصويرية والتجريدية – إيمانهم بالوحدة، ويدلّوا بصوت بصري واحد يدعو إلى التلاقي، فهذا أمرٌ مؤثرٌ للغاية.
 وفي تعليق خاص بمناسبة افتتاح الدورة السابعة، قال د. عرفات النعيم، أستاذ التصميم الجرافيكي في الجامعة الأمريكية في الإمارات والمدير والمُنسّق الفني لمهرجان الإمارات الدولي للملصق: “في عصر يتسم بالتشبع الرقمي والتجزئة الخوارزمية وتآكل المساحات العامة المشتركة، لا يزال الملصق حاضراً، ليس كعمل فني ينتمي إلى الماضي، بل كوسيلة مرنة وديناميكية قادرة على الجمع بين اللغة البصرية والذاكرة الثقافية والتغيير الاجتماعي.
الملصق اليوم لم يعد مجرد إعلان، بل دعوةٌ للحوار، وسؤالٌ مفتوح، وبناءٌ بصري مشترك. المشاركات المختارة في هذه الدورة ليست مجرد صور، بل خيوط في نسيجٍ بصري جماعي، تتداخل فيه الهوية، والأمل، والانتماء.
نشهد تحولاً من الخطاب الأحادي إلى التصميم العلائقي، الذي لا يعكس المجتمع بل يبنيه. فالمصمم لم يعد مُبلّغاً، بل مُنسّقاً بصرياً للتعاطف. الاستعارة في هذه الأعمال ليست زخرفية، إنها نَحْو التعاطف ذاته: الأيدي المتشابكة، البيض الهش، الجسور غير المكتملة، مشابك الورق التي تجمع ما تفرّق… كلها تصبح لغة شعورٍ مشترك.
 هذا المهرجان يقول بصوتٍ واضح: الملصق ليس شيئاً ننظر إليه، بل لقاءً ندخله. ومن خلاله، نرى، ونشعر، ونتواصل وربما، نتغيّر.
  ضيف الشرف أرمَندو ميلاني، فنّانٌ يشهد بصمتٍ بصري
تُوجّه الدورة السابعة من المهرجان تكريماً خاصاً للمصمم الإيطالي أرمَندو ميلاني، ضيف الشرف، الذي درس التصميم الجرافيكي عام 1960 مع الأسطورة ألبي ستاينر في مدرسة أومانيتاريا في ميلانو. في عام 1965، فاز بجائزة تصميم شعار “RAI Radiotelefortuna”  بين 9000 متنافس، وافتتح ستوديوه الخاص في ميلانو عام 1970، ثم في نيويورك عام 1980 بعد تعاونه مع ماسيمو فينييلي. ومنذ انضمامه إلى الرابطة الدولية للرسم التصميمي (AGI) عام 1983، برز كخبير في الهوية البصرية، والتصميم التحريري، والملصقات الإنسانية والبيئية ومن أبرز أعماله: ملصق“New York City Capital of the World” (1995)، وملصق “War/Peace” للأمم المتحدة (2002)، و“European Future” للبرلمان الأوروبي (2022). كما نال الميدالية الذهبية من جامعة أناهواك في مكسيكو سيتي (2017) لالتزامه الإنساني، وشارك في تأليف كتب مثل “No Words Posters” و“Ubuntu Collection Posters”  تكريماً لروح نيلسون مانديلا. وفي مايو 2024، عُرضت أعماله في معرض خاص بجنيف بمناسبة المؤتمر الدولي للسلام،  ويُجسّد عمله “Scream / Silence” هذا التحوّل بوضوح قاسٍ: كلمتان – “SCREAM” و“SILENCE” – تهيمنان على خلفية سوداء بحروف كبيرة عديمة الزخرفة. لكن الحروف هنا ليست زخرفية، بل بلاغية: “SCREAM” مرسومة برمادي كثيف، كأنها تنضغط تحت ثقل الألم؛ بينما “SILENCE” تحاكيها في الحجم، لكن حرف “E” الأخير يذوب في الفراغ – محوٌ طباعي يتحول إلى استعارة بصرية وبيان سياسي صارخ.
ويجذب EIPF نخبة من أبرز الأسماء في عالم التصميم إلى لجنته الدولية ولجنة التحكيم، ما يعزز مكانته كمنصة عالمية للحوار البصري. ويعرض المهرجان حوالي 500 عمل من 60 دولة، تقدّم قراءات بصرية عميقة لمفهوم “عام المجتمع”، من خلال عدسة فنانين وطلاب يعيدون تعريف العلاقة بين التصميم والمشاركة المدنية.
وبفضل رؤيته التي تضع التصميم في خدمة المجتمع، يرسّخ مهرجان الإمارات الدولي للملصق مكانة دولة الإمارات ومنطقة الشرق الأوسط على الخريطة البصرية العالمية – ليس فقط كمتلقٍّ للإبداع، بل كصانعٍ له، وجسرٍ بين الثقافات.
			
		 
				
		
		
		
		
		
		
		
	
	
	
	
 
	
	
	
	  
		
		
		
			
			زر الذهاب إلى الأعلى