د. امحمد المستغانمي: الازدواجية اللغوية و تفشي التعاطي باللهجات إعلاميًا وتربويًا، و الذكاء الاصطناعي أهم التحديات
د. سعيد الطنيجي : رِسَالَةُ جَمْعِيَّةِ حِمَايَةِ اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ لَا تَقُومُ عَلَى الحَنِينِ إِلَى المَاضِي، بَلْ عَلَى الوَعْيِ بِالمُسْتَقْبَلِ

د. امحمد المستغانمي و د. سعيد الطنيجي و محمد ولد سالم في معرض تاج السر حسن

د. امحمد المستغانمي إلى يساره ضياء الدش و د. سعيد الطنيجي إلى يمينه محمد ولد سالم خلال التكريم

د. طلال الجنيبي و أحلام بناوي و داوود جاه
الشارقة – “البعد المفتوح”:
نظم النادي الثقافي العربي في مقره بالشارقة بالتعاون مع جمعية حماية اللغة العربية في الشارقة الأحد 21 ديسمبر 2025 احتفالية بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية بعنوان “في رحاب اللغة العربية”جرى تقديم فقراتها من طرف الطالبتين المتميزتين سيلينا رأفت حامد، ولين مصطفى، و تضمنت افتتاح معرض خطي للخطاط الفنان تاج السر حسن في بهو النادي، استعرض فيه جملة من أعماله تلخص تجربته مع الفن التشكيلي العربي الأول، فن الخط، وقد تميزت هذه التجربة باستغلال مرونة الحرف العربي في صناعة الدائرة التي برع فيها تاج السر، وكذلك استغلال الحروف الطويلة لصناعة تراكيب ممتدة على نحو الأعلى إلى ما لا نهاية، كما تميزت باختراعه خط “التاج” الخاص به، وكذلك تجارب في اللوحة التشكيلية الخطية.
و تم في قاعة الندوات عقد أمسية بدأت بكلمة د. سعيد بالليث الطنيجي رئيس مجلس إدارة جمعية اللغة العربية، قال فيها: “نَلْتَقِي في هذه الأمسية للاحْتِفَاء بِـ اليَوْمِ العَالَمِيِّ لِلُّغَةِ العَرَبِيَّةِ؛ هٰذَا اليَوْمِ الَّذِي لَا نُحْيِي فِيهِ لُغَةً فَحَسْبُ، بَلْ نُجَدِّدُ فِيهِ عَهْدًا مَعَ هُوِيَّتِنَا، وَتَارِيخِنَا، وَمَسْؤُولِيَّتِنَا الحَضَارِيَّةِ تُجَاهَ لُغَتِنَا الأُمّ”.
وأضاف: “إِنَّ اللُّغَةَ العَرَبِيَّةَ اليَوْمَ لُغَةٌ حَيَّةٌ، مَرِنَةٌ، وَلٰكِنَّ التَّحَدِّيَ الحَقِيقِيَّ يَكْمُنُ فِي عَلَاقَتِنَا نَحْنُ بِهَا: فِي مُمَارَسَتِنَا لَهَا، وَفِي حُضُورِهَا فِي التَّعْلِيمِ، وَالإِعْلَامِ، وَالتِّقْنِيَةِ، وَفِي وِجْدَانِ الأَجْيَالِ الجَدِيدَةِ، وَمِنْ هٰذَا المُنْطَلَقِ، جَاءَتْ رِسَالَةُ جَمْعِيَّةِ حِمَايَةِ اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ؛ رِسَالَةٌ لَا تَقُومُ عَلَى الحَنِينِ إِلَى المَاضِي، بَلْ عَلَى الوَعْيِ بِالمُسْتَقْبَلِ، وَلَا تَكْتَفِي بِالشِّعَارَاتِ، بَلْ تُؤْمِنُ بِالعَمَلِ المُؤَسَّسِيِّ، وَبِالشَّرَاكَةِ، وَبِالتَّأْثِيرِ المُجْتَمَعِيِّ، إِيمَانًا مِنَّا بِأَنَّ حِمَايَةَ اللُّغَةِ لَيْسَتْ تَرَفًا ثَقَافِيًّا، بَلْ ضَرُورَةً وُجُودِيَّةً، وَأَمْنًا هُوِيَّاتِيًّا، وَمَسْؤُولِيَّةً مُشْتَرَكَةً”.
و تابع د. بالليث بقوله : “َلَا يَسَعُنَا فِي هٰذَا المَقَامِ إِلَّا أَنْ نُشِيدَ بِالدَّوْرِ الرِّيَادِيِّ الَّذِي تَضْطَلِعُ بِهِ دَوْلَةُ الإِمَارَاتِ العَرَبِيَّةِ المُتَّحِدَةِ فِي خِدْمَةِ اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ، مِنْ خِلَالِ سِيَاسَاتٍ وَاضِحَةٍ، وَمُبَادَرَاتٍ وَطَنِيَّةٍ، وَمَشَارِيعَ ثَقَافِيَّةٍ وَتَعْلِيمِيَّةٍ جَعَلَتْ مِنَ العَرَبِيَّةِ رَكِيزَةً أَسَاسِيَّةً فِي بِنَاءِ الإِنْسَانِ وَتَعْزِيزِ الهُوِيَّةِ، وَتَتَجَلَّى هٰذِهِ الرُّؤْيَةُ بِوُضُوحٍ فِي إِمَارَةِ الشَّارِقَةِ، بِقِيَادَةِ صَاحِبِ السُّمُوِّ الشَّيْخِ الدُّكْتُورِ سُلْطَانِ بْنِ مُحَمَّدٍ القَاسِمِيِّ، الَّذِي جَعَلَ مِنَ اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ مَشْرُوعًا حَضَارِيًّا، وَمِنَ الثَّقَافَةِ نَهْجًا، وَمِنَ الكِتَابِ وَالعِلْمِ رُكْنًا أَسَاسِيًّا فِي نَهْضَةِ الإِمَارَةِ وَحُضُورِهَا العَالَمِيِّ”.
و ألقى د. امحمد صافي المستغانمي الأمين العام لمجمع الشارقة للغة العربية محاضرة بعنوان “دور الشارقة في صناعة نهضة لغوية عربية جديدة” وأدار الإعلامي يبّ مولاي الحسن، وبدأ د. المستغانمي بالقول إن العربية في الشارقة هي في عرينها الذي لا تظلم فيه، فالشارقة اليوم في اعتنائها بالعربية وعلومها تماثل قرطبة وغرناطة في زمانهما، بل تفوقهما، بما أطلقه فيها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي من مؤسسات ترعى اللغة العربية وتعزز وجودها على جميع المستويات، فما بيوت الشعر التي ترعاها دائرة الثقافة في الشارقة، ومجمع الشارقة للغة العربية وجمعية حماية اللغة العربية، ومؤسسات أخرى كثيرة إلا مظاهر من تلك العناية الفائقة التي توليها الشارقة للغة الضاد، وكيف وقد قال حاكم الشارقة حفظه الله (لقد وهبت نفسي للعربية)، وكل ذلك يجعل العربية في الشارقة تعيش أجمل أيامها وتتطلع المزيد.
وعن التحديات التي تواجه العربية اليوم قال د. المستغانمي إن أهمها الازدواجية اللغوية المتمثلة في وجود لغات أجنبية تنافس العربية في البلدان العربية، وكذلك تفشي التعاطي باللهجات إعلاميًا وتربويًا، ثم تحديات الذكاء الاصطناعي وضرورة ولوج العربية له بسرعة.
وفي ما يتعلق بالخطوات العملية لحماية اللغة حدد د. المستغانمي ثلاث خطوات: أولا أن نعمل في المدرسة والبيت على صناعة الملكة اللغوية للطفل، وذلك بترسيخ عادة القراءة لديه، لأن القراءة هي التي تشكل المخزون اللغوي والأسلوبي للطفل، وهذا ما وعاه صاحب السمو حاكم الشارقة عندما وجه بتوزيع المكتبات على كل أسرة من أسر الإمارة، وثانيا: أن نعود الأطفال على الحفظ فهو مفتاح للغة، حفظ القرآن والحديث والشعر والنثر، ومن لا حفظ له لا فكر له، وثالثا: أن نعلمهم علوم اللغة كالنحو والصرف وغيرها، فبها يستقيم اللسان وينشأ الفهم الصحيح للكلام، فإن الإعراب جمال الكلام، ورابعا: أن نعودهم على التدرّب الدائم على الكلام بها والكتابة بها، وفي هذه المرحلة ينبغي للطالب أن يقلد الخطباء والكتاب والشعراء العظام وينسج على منوالهم حتى تستقيم ملكته، وبعد ذلك يستقل بإبداعه.
و اختتمت الاحتفائية بجلسة شعرية شارك فيها الشعراء: طلال الجنيبي، وداوود چاه، وأحلام بناوي، الذين قدموا قصائد تنضح بجمال الأساليب العربية الأصيلة المترعة بالحداثة الشعرية، تأكيدًا لقدرة هذه اللغة وعبقريتها في الجمع بين أصالة الكلمة العربية والأسلوب العربي ومعاصرتهما.
و في النهاية كرم محمد ولد سالم رئيس اللجنة الثقافية في النادي يرافقه ضياء الدش رئيس اللجنة الفنية في النادي المشاركين في الاحتفالية.
زر الذهاب إلى الأعلى