للروائية السورية سوزان درة رواية بعنوان “نساء الأنابيب” تخوض تجارب حياتية عميقة تمتد لسنوات طويلة، فيها شخصيات عديدة، وتبدو كل شخصية جديرة بالانفراد برواية وحدها، فلكل شخصية رسالة وهدف.
تقول الكاتبة: “أردت في هده الرواية أن أسلط الضوء على قضايا تمس نفسية الإنسان، لألامس مفهوم الرؤية الإنسانية كسلوك وفعل وحاجة، ثم لألامسه بتفرد كاختيار، فارتأيت فكرة اللقب الذي قد يطلق على الإنسان لتقبيحه أو لأي سبب كان، ووظفته لأنه باعتقادي قضية إنسانية حساسة قابلة لأن تتشعب لعدة قضايا مؤلمة، كالخوف، القلق، العزلة، التمرد، الانتقام، أو أن تغدو انطلاقة لحياة جديدة ملؤها الأمل.
ولأن الشخصية عصب الرواية، حاولت أن أخلق شخصيتي الأساسية بقوة، فجعلتها امرأة وحيدة حساسة وجدانية متمردة، الأمر الذي أفسح المجال لخيالي بتنسيق الرواية أولاً وأخيراً، كحاجة وفعل.
ألبست بطلة الرواية ثوباً ليبرالياً خفي المعالم، فلم تظهر إلا في مقدمة الرواية وفي خاتمتها، أما عرض الرواية فهو مجريات ماضي عائلتها، جديها، والدها في ظل أحداث تاريخية حقيقية.
تبدأ الرواية بتسليط الضوء على فتاة عازبة يتيمة، تستيقظ فجراً وتقرر زيارة كرم عائلتها فتبقى في الكرم ساعات طويلة، تقضيها بحساسية شاعرية مرهفة تتحسس ماضيها بتأثر شديد، ثم تستعيد ماضي عائلتها بالكامل، ابتداء من قصة حب فريدة جمعت والدها بامرأة تصغره بسنوات كثيرة، لتبدأ أحداث الرواية بالتنقل من ماضي تلك المرأة، والديها، طفولتها، قصة عرجها، ثم تسلسل الأحداث التي جعلت القدر يقودها إليهم، مروراً بسرد حياة عائلة البطلة في ظل اللقب القبيح الذي أطلق على جدها، حتى اللقب الذي أطلق على والدها، وانتهاء باللقب الذي شاءت جدتها أن تأتزر به عن قصد، كقيامة على قبح الألقاب.
أما الخاتمة، فتبدأ مع خروج بطلة الرواية من الكرم، حيث تتوقف فجأة فتستعيد ذكريات طفولتها، حتى مغادرتها الفعلية للكرم وتوجهها عن قصد لمنزل صديقتها، لتلوذ بحبها أخيراً بعد انقطاع علاقتهما لمدة طويلة، بعد أن أدركت أن الحب هو حقيقة ما تحتاجه بالمطلق، وليس الاحتفاظ بماضي بائس مات ولن يعود.
استعنت بقصتين حقيقيتين من تاريخ محافظة حمص، قصة تبديل أرض وشعب بين قريتين متجاورتين هما زيدل ومسكنة وقصة غزو الجراد الزاحف على شرق حمص ثم سردتهما بتصرف، ولامست التشبه بمسير النمل الذي لا يعرف الرجوع إلى الوراء.