عبدالله العويس: قامات إبداعية أثرت الثقافة العربية بنتاج أدبي رفيع
حياة القرمازي: نثمّن مبادرة حاكم الشارقة في تكريم رُموز الثّقافة العربية
المكرمون: الشارقة تنشر وعياً ثقافياً جامعاً من المحيط للخليج
تونس- سيدي بو سعيد
تحت رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، شهد قصر “النجمة الزهراء” في مدينة سيدي بوسعيد في تونس تكريم 4 أدباء تونسيين في إطار النسخة الحادية عشرة من “ملتقى الشارقة للتكريم الثقافي” وهم: المؤرخ الدكتور إبراهيم أحمد شبوح، الناقد عبد العزيز قاسم، الأديب الدكتور علي الشابي، الباحث والمترجم الدكتور محمد صالح بن عمر.
ويأتي الملتقى تنفيذاً لتوجيهات صاحب السمو حاكم الشارقة بتكريم قامات أدبية أسهمت في خدمة الثقافة العربية المعاصرة، ويحلّ للمرة الثانية في تونس بعد أن احتفى ضمن الدورة السابعة بنخبة من الأدباء التونسيين.
أقيم حفل التكريم في التاريخية بحضور سعادة عبد الله بن محمد العويس رئيس دائرة الثقافة في الشارقة، ومعالي الدكتورة حياة القرمازي وزير ة الشؤون الثقافية التونسية، والأستاذ محمد إبراهيم القصير مدير إدارة الشؤون الثقافية في الدائرة، وكوكبة من المثقفين والأدباء وأهالي المكرمين.
استهل حفل الافتتاح بعرض تناول دور الشارقة في دعم المبدعين العرب، فضلاً عن استعراض السير الإبداعية للمكرمين الأربعة، وما حققوه من نتاج أدبي زاخر خلال سنوات من العمل الثقافي الدؤوب.
أدار فقرات الحفل الشاعر والإعلامي التونسي عبد المجيد بركات وأشار إلى الدور البارز الذي تمثله الشارقة في الاهتمام بالثقافة على المستوى العربي، وهو ما يتجلى في الكثير من الفعاليات الثقافية في تونس وغيرها من الدول العربية
نتاج أدبي رفيع
أشار عبد الله بن محمد العويس في بداية كلمته إلى أهمية تقدير جهود القامات الأدبية، قائلاً: “نسعد اليوم بانعقادِ الدورةِ الحاديةَ عشْرةَ من ملتقى الشارقةِ للتكريمِ الثقافيِّ، هذا الملتقى الذي يهدِفُ إلى تقديرِ جهودِ القاماتِ الأدبيةِ، التي أسهمتْ في إثراءِ الساحةِ الثقافيةِ العربيةِ في بلدِها والوطنِ العربيِّ بإنتاجِها الأدبيِّ الرفيع”
وأضاف العويس : “ها هي تونس تفتح ذراعيها مرّةً أخرى مستقبلةً الملتقى بين أحضانها وللمرّة الثانية، معزّزةً العلاقات الأخويةَ بين دولةِ الإماراتِ العربيةِ المتحدةِ والجمهوريةِ التونسيةِ، لنَشْهد معاً تكريم من أخلصوا لإبداعِهم، وأفاضوا بجميل عطائهم ونتاجهم الأدبيّ المتنوّع في حقول الشعر والقصّة”
وتابع حديثه حول تجدد اللقاء الثقافي مع نخبة أدبية جديدة، قائلاً: “وها هو ملتقى الشارقةِ للتكريمِ الثقافيِّ يحتفي بالدكتور إبراهيم شبوح والدكتور علي الشابي والأستاذ عبد العزيز قاسم والدكتور محمد صالح بن عمر، وإنّها لَمُناسبةٌ سعيدةٌ عندما تتجددُ اللقاءاتُ الثقافيةُ العربيةُ لتُعزّزَ أواصرَ الأخوّةِ، متّخذينَ من سانحاتِ الثقافةِ مساحاتٍ للتلاقي والتواصل التي طالما قرّبت المسافاتِ، وجمّعت القلوبَ على المحبّة.””.
ونقل رئيس دائرة الثقافة تهنئة صاحب السمو حاكم الشارقة للمكرمين، كما عبّر عن شكره لوزارة الشؤون الثقافية، قائلاً: “يسعدُني في هذا اللقاء أن أتقدّمَ بجزيلِ الشكرِ والتقديرِ إلى وزارةِ الشؤونِ الثقافيةِ، على تعاونِها المخلصِ لإنجازِ هذا الحفلِ، وأتشرّفُ في هذا المقامِ بأن أنقلَ تهنئةَ صاحبِ السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضوِ المجلسِ الأعلى حاكمِ الشارقة للمكرَّمين في هذه الدورةِ، كما أتشرّفُ بأن أنقلَ لكم جميعاً تحيّاتِ سموِّه وتمنّياتِه لكم بالنجاحِ والتوفيقِ”.
أيادي الشارقة البيضاء
في بداية حديثها، قالت معالي الدكتورة حياة القرمازي: “لا بدّ هنا من تحيّةِ شُكرٍ وعرفانٍ عالية للحاضر بيننا بعمله الجليل هذا الذي يجمعنا في هذا اللّقاء صاحب السُموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمّد القاسمي حاكم الشّارقة، ولايَسعُني إلّا أن أُثمّنَ عالياً مبادرة سموّه الرّاقية هذه المتمثّلة في تكريم رُموز الثّقافة في الوطن العربيّ، هذه المبادرة التي تُجسّد التّواصل الثّقافي العربي المُثْمِر في أرْقَى تجلّياته. فقد تَواتر انْتظام هذا المُلْتقى في عديد الدّول العربيّة ليَحُلَّ مُبجّلًا مُرحّبًا به في تونس الخضراء وييَجمعنا هذا الفضاء الجميل العريق فضاء”النجمة الزهراء”بما يَحْمله من رمزيّة ودلالات حضاريّة مُتجذّرة”.
وأضافت د. حياة القرمازي، قائلة: “إنّ لدولة الإمارات الشّقيقة ولإمارة الشّارقة خُصوصا أدْوارًا بالغةَ الأهميّة في تشْجيع المبدعين العرب وتحْفيزهم على الإبْداع والتّميّز، بَدْءًا بالشبّان والنّشء إلى أصحاب القَدَمِ الرّاسخة اعْترافًا بما أَثْرَوْا به الثّقافة العربيّة والسّاحة الثّقافيّة والفكريّة واحْتفاءً بمُنْجَزِهم و أثَرِهم المـُثْمر والمُسْتمرّ”..
وأبرزت وزيرة الشؤون الثقافية التونسية أهم فعاليات الشارقة، بقولها: “فنذْكر فضْلا عن هذا الملْتقى جائزة اليونسكو _ الشّارقة للثّقافة العربية استحقاقا لمن أسهم وشارك في نشر وتطوير الثقافة العربية في العالم. وكذلك جائزة الشارقة للإبداع العربي _ الإصدار الأول_، دون أن ننسى التجربة المُهمّة لتأسيس بيوت الشّعر ومن ضمنها بيت الشعر في القيروان الذي ما فتِئَ يُسْهم في الارتقاء بالشّعر وتجويد التّجربة الشّعرية والاحْتفاء بالشّعراء في تونس ومن وطننا العربيّ”.
وتابعت :”كل هذا _ ذِكْرًا لا حَصْرا _ هو من الأيادي البيضاء للشّارقة على الثّقافة العربيّة والكتاب والمُبدعين العرب”، فيما هنّأت الأدباء بتكريمهم.
اعتزاز واعتراف
ثمّن المكرمون الأربعة دور الشارقة في نشر الوعي الثقافي الجامع من المحيط إلى الخليج، معبّرين عن شكرهم إلى صاحب السمو حاكم الشارقة “صاحب الأفضال العميمة على الأدب والأدباء”، مؤكدين في الوقت نفسه استمرارهم في على درب البحث والإبداع.
بدايةً، أعرب إبراهيم شبوح عن شكره للشارقة، بقوله: “إنه لقاء تفيض به القلوب بالمشاعر الحميمة الخالصة في تجاوب مع تكريم طوى الأبعاد إلى تونس ليحمل تعبيره النبيل الذي وجه صاحب السمو حاكم الشارقة وخص به نخبة من أبناء هذا الوطن من الذين عملوا وعلّموا وصنعوا في مسيرتهم الأدبية والثقافية ما يصنعه العاملون الجادون انجازًا معطاءً غير منقطع، وفيه البحث والشغف”.
وأضاف شبوح قائلاً: “إننا نقدّم إلى صاحب السمو حاكم الشارقة هذه اللفتة بالتكريم الثقافي الذي نعتز به، وليسعدنا أن نعبّر لسموّه أننا نذكر ونحفظ له مآثره الكبيرة في خدمة أمته، وهي مآثر ومناقب صنعها إيمانه بجوهر هذا الأمة”.
فيما عبّر علي الشابي عن سعادته بالتكريم، وقال في بداية كلمته: “إن هذا التكريم الذي نتشرف به ونعتز أيّما اعتزاز هو تكريم لجيل بأكمله وقف حياته على حب العربية وخدمة الثقافة والاخلاص لثوابت الأمة، فالشكر وأسمى آيات الاعتراف لصاحب السمو حاكم الشارقة”.
وأضاف قائلاً: “فيما انتهجه صاحب السمو حاكم الشارقة استطاعت دائرة الثقافة بتوجيهٍ من سموّه أن تُحكم الوصل بين الباحثين والمبدعين وتنشر وعيًا ثقافيًا جامعًا من المحيط إلى الخليج، وتنيل الثقافة العربية سحر الكلمة ومضاء الفكر وروعة الإبداع، وذلك إيمانًا من سموّه بأن الأمة العربية التي عرفت عبر تاريخها تراكمًا معرفيًا عزّ نظيره لها من الإمكانات ما يسمح لها بتأكيد دورها الإبداعي إن وجدت النخبة الرعاية والتشجيع، وهو ما دأبت عليه دائرة الثقافة مشكورة على القيام به والإيفاء بما يقتضيه نماء اللغة وتطور الثقافة ورسوخ الإبداع”.
وأشار عبد العزيز قاسم إلى إن ملتقى الشارقة الثقافي يجمع ويكرم الأدباء في زمن عزّ فيه تكريم المبدعين، وقال: “إنني أعبّر عن امتناني العميق إلى راعي الملتقى صاحب السمو حاكم الشارقة، العروبي الأصيل، وصاحب الأفضال العميمة على الأدب والأدباء، ولا بد أن أؤكد إلى سموّه أننا مستمرون على درب البحث والإبداع، ويسرنا الشعور ويشرفنا بأن أشقاءنا في الشارقة منتبهون لمسيرتنا الأدبية الطويلة، ونحن جيل سخر نفسه للأدب والفكر والترجمة والبحث”.
وقال محمد صالح بن عمر: “يسعدني أيما سعادة أن أعبّر عن جزيل امتناني ووافر شكري على اختياركم لشخصي من ضمن المكرمين الأربعة، وإني إذ أشكركم على ما قدمتموه يطيب إلى أنوه إلى دور الشارقة الدؤوب في العناية الفائقة لخدمة الأدب العربي،
المكرمون في سطور
إبراهيم أحمد شبوح مؤرخ وعالم آثار تونسي، وُلِدَ في العام 1933 في مدينة القيروان. تعلم في جامعة الزيتونة بتونس، وحصل وحصل على الإجازة العالية في التاريخ والآثار الإسلامية من جامعة القاهرة والماجستير في العمارة الإسلامية المبكرة من نفس الجامعة سنة 1964. شغل العديد من المناصب الإدارية، نذكر منها: مدير الآثار الإسلامية بتونس (1987-1982)، وأمين المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية (مؤسسة آل البيت) في العام 1995 في الأردن.
ونقرأ في سيرة الشاعر عبد العزيز قاسم أنه ولد في العام 1933، وحاز على إجازة في اللغة والآداب العربية ثم التبريز في نفس الاختصاص من جامعة السوربون الفرنسية، ساهم في تأسيس دار للشعب والثقافة بمدينة “بنان” سنة 1980، وعمل مديرا لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون التونسي، وهو شاعر وناقد باللغتين العربية والفرنسية.
أصدر قاسم العديد من المؤلفات، منها: “حصاد الشمس” مجموعة شعرية إلى جانب ديوان شعر باللغة الفرنسية.
وتشير سيرة علي الشابي إلى أنه من مواليد العام 1934، درس في جامعة الزيتونة في تونس العاصمة وتخرج منها في العام 1956، حاصل على ليسانس الآداب من كلية الآداب جامعة القاهرة 1960. عمل أستاذًا في كلية الشريعة وأصول الدين في تونس، ومن مؤلفاته: “صدى الذكريات”، و”الشاعر الفذ أبو القاسم الشابي: أشواق وإشراق”.
أما محمد صالح بن عمر فقد وُلِدَ في العام 1949، ناقد أدبي ومترجم وباحث لغوي وتعليمي، وـستاذ تعليم عالٍ بالمعهد العالي للغات في جامعة قرطاج، وهو من مؤسسي جمعية “المعجمية العربية” في تونس في العام 1983.
كتب العديد من المقالات، وترجم عدة نصوص في مجلات عربية وأجنبية، من إصداراته: “أشكال القصة الجديدة في تونس” 1972، و”مختارات الشعر التونسي الحديث والمعاصر” 1990، و”اطلالات على المشهد الحكائي في تونس” 2007.
قصر “النجمة الزهراء”، أو قصر “البارون ديرلانجي” أبرز معالم التراث المعماري في تونس، وتجمع هندسته بين خصائص المعمار التونسي الأصيل وعناصر معمارية وزخرفية تعود إلى الفن الأندلسي، وقد بناه البارون ديرلانجي بين سنتي 1912 و1922، وسط حديقة شاسعة تشرف من فوق هضبة مدينة “سيدي بو سعيد” على خليج تونس. يحتضن قصر “النجمة الزهراء” مركز الموسيقى العربية والمتوسطية..