رفيق الرضي
التصنيفات التي تظهر وجود دولة الإمارات العربية المتحدة ضمن أعلى الدول الأكثر أماناً في العالم، لا يبعث على الاستغراب لمن عرف دولة الإمارات عن قُرب، وسيتم التركيز في هذا المقال على أمور بسيطة من التجارب الشخصية التي يلامسها المّقيم والزائر لهذا البلد، وبما يجعل كاتب هذه السطور قادرًا على عرض مثال حي لمعنى القانون وتنفيذه، ولكون المقال لا يتحدث عن القوانين السارية وتحديثها ومواكبتها للتغيرات الجديدة، فهذا ليس موضوع المقال الذي يلفت النظر إلى مستوى الالتزام والوعي من قبل الجميع بأهمية الامتثال وتطبيق القانون.
يتم تشريع القوانين في الدول ليتم الالتزام بها، ولكونها قاعدة يتم الرجوع إليها في مُختلف جوانب الحياة، ومع وجود ثغرات في القوانين البشرية يتم من خلالها الالتفاف على بعضٍ منها، كما أن هناك بعض الفئات تعتبر نفسها فوق المُساءلة وغير خاضعة لهذه القوانين.
في دولة الإمارات العربية المتحدة وجدت القوانين، التي تعتبر دليلًا وطريقًا من مسار واحد معناه الالتزام وتطبيق القانون لتجنّب التعرض للمساءلة.
عند الحصول على رخصة القيادة وبغض النظر عن الخبرات السابقة، يجب على المُتقدم الخضوع للقوانين السارية والمُنظمةـ التي تشابه الكثير من القوانين المعمول بها في غالبية الدول، إلا أن التطبيق الصارم والالتزام الكامل شرط أساسي للحصول على رخصة القيادة، فلا يهم سنوات الخبرة السابقة إذا كان المُتقدم لا يلتزم ببعض الإجراءات التي يعتبرها من وجهة نظرة ثانوية، لكنها من وجهة نظر القانون ضرورية للحفاظ على سلامة السائق أولاً وسلامة الآخرين ثانياً.
وفي المثال الثاني تحدث أحد المُقيمين عن كون الدولة تقريباً الوحيدة في العالم التي تتميز بأنه في ظل مستوى الأمن العالي وإحساس الجميع بالأمن، لا يهتم الكثيرون بمقدار السيولة النقدية التي يحملها وفي نفس الوقت قد يترُك باب منزله مفتوحاً من دون الخوف من تعرضه للسرقة، وفي هذا الجانب دلالة بالغة على المستوى العالي الذي وصلت إليه الثقافة الوطنية التي لم تتوقف عن المواطن فقط، بل تعدته إلى المقيمين والزائرين.
الإمارات: الرؤية
لإيماننا بأن الدول ترتقِي بالإنسان، ويتحقق النجاح بالطموح والعمل معاً، وتبدأ الرؤية بحلم يتأكد عندما يكّون هناك رجال عظماء، همهم الإنسان، وغاية هدفهم كيفية الارتقاء بشعُوبهم.
بالحزم والعزم، بالتسامح والإخاء، بالتسامح الدِينِي، بالعلم والمعرفة، بالحلم والجود، بالعطاء والبذل، بوجود القدوة والقائد، سارت الإمارات على طريق المجد تعلو هامتها راية الاتحاد، ويتولى قيادة سفينتها زايد الخير، حتى غدت الإمارات اليوم رمزًا عالمِيًا للتسامح، الرخاء، الفرص والنجاح.
لم تتوقف السفينة بعد وفاة قائدها وربانها العظيم، ليتسلم قيادتها الشيخ خليفة بن زايد ومعه إخوانة شيوخ الإمارات، وبعد سنوات من العطاء تسلم القيادة الرائد والقائد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، الذي يمضي في طريق رسمه زايد وخطه راشد ومعهم شيوخ الإمارات.
بدأت القصة بحلم عن تحويل الصحراء إلى أرض خضراء، وتحويل القُرى المتناثرة على بساط الصحراء والساكنة على ضفاف الخليج إلى مُدن وقُرى صالحة للحياة، تتوفر فيها سُبل العيش الكريم، لتمضي الأيام وتكون الإمارات قبلة ينشدها الحالمون بتحقيق النجاح، الساعون إلى العيش في سلام، الهادفُون إلى تغيير الحاضر وبناء المستقبل.
تحولت الإمارات في ظل قيادة ورعاية شيوخها إلى قبلة للمُستثمرين والساعين إلى النجاح، الباحثين عن الفُرص الاقتصادية والاستثمارية، لتعلو راية الإمارات في قلُوب زائريها وساكنيها، ويتردد اسم الإمارات في الشرق والغرب، والشمال والجنّوب، وتكّون مدّن أبو ظبي ودبي وعجمان والشارقة وأم القيوين ورأس الخيمة والعين معروفة بإنها أرض الأحلام والواقع الذي يُمكن فيها تحقيق النجاح لمن امتلك الإرادة وتحلى بالعزم والتصميم.
في الإمارات يشعر الزائر بأنه في بلده، في الإمارات يتبدد الشعور بالغُربة، وفي الإمارات السعادة غاية الدولة والمواطن والشيوخ، وكيفية حصول ساكني الإمارات على السعادة، كما كان يسعى إلى ذلك زايد الخير من خلال المساواة في الفُرص، ومنح الجميع فُرصًا متساوية، لتكّون الريادة والنجاح لمن سعى وبذل الوقت والجهد واستغل الفرص المّتاحة.
لم تتخلّ الإمارات عن تاريخها، بل عملت على استشراف الدروس والسير المُّضيئة، ليُهتدي بها اليوم، ويعود إليها الأحفاد غداً. حافظت الإمارات على عاداتها العربية الأصيلة، وكيف للعربي الأصيل أن ينسى تاريخ أجداده في الكرم العربي.
لم تنشغل الإمارات بحاضرها عن تاريخها ولم تتجاهل الماضي لبناء المُستقبل، لكنها ستظل رائدة في الاستفادة من دروس الماضي، وتجارب اليوم ليكون المُستقبل أكثر إشراقاً، ولينعم أبناء الإمارات وساكنوها وزائروها بالاطلاع على تجربة فريدة في كيفية تحقيق الأحلام، وتأكيد الرؤي، لتكون الحقيقة الماثلة اليوم، حُلماً أو رؤية تجلت بالأمس، ويكون النجاح والسير على طريق المغفور لهما بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، وتحت قيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد و صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، ومعهم بقية شيوخ الدولة.
الإمارات: الأصالة العربية
يحاول العديد من الثقافات مقاومة التغييرات التي تعتبر ضرورة حياتية، بينما تحاول الدول بصعوبة المحافظة على تراثها وثقافتها ونقلها إلى الجيل والأجيال القادمة كدلالة على الاستمرارية وتأكيد على الرغبة الإنسانية الأصيلة في اهتمامنا بالمُستقبل وما ستقوله الحضارات القادمة عنا.
في دولة الإمارات العربية المتحدة ورغم التطورات والنجاحات الهائلة، التي جعلتها رائدة على مستوى المنطقة والعالم، لم تفقد البلد دلالتها الحضارية بالاستفادة من كونها أصبحت وجهة عالمية لتقوم بنقل وتعزيز التراث الحضاري والإرث الثقافي العربي إلى الحضارات والثقافات المختلفة.
منذ سنوات وعندما كان يتم التعريف بالشخص، كان يتم توجيه السؤال: كم تبعّد دولتكم عن الإمارات، والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم: كم تبعد الإمارات العربية عن بقية دول المنطقة في ريادتها وتفردها ورؤيتها الحضارية والإنسانية؟
إن الثقافة العربية الأصيلة لديها من العادات ما يُميزها عن باقي الحضارات والثقافات، ولكل حضارة ما يميزها لكن الحضارة العربية تميزت بصفات منها الكرم العربي والضيافة العربية، والزائر لدولة الإمارات العربية المتحدة لا يستغرب من طريقة مُعاملته من قبل موظفي الدولة ومُقدمي الخدمات من مواطنين ومُقيمين لكونهم حريصين على تقديم أعلى مستويات الخدمة، وأكثر من ذلك حرصهم على إسعاد الزائر والمُتعامل.
إن تحقيق الالتزام بالثوابت والقيم ضرورة لما وصلت إليه دولة الإمارات العربية المتحدة، لكونها غرست في نفوس المواطنين معنى أن يكون الشخص صادقًا في حديثة ومعاملاته، وضرورة أن يكون الشخص مسؤولًا أمام أسرته أولاً ثم مُجتمعة ثانياً، وثالثاً أمام الوطن الكبير، وضرورة أن يلتزم الجميع بالنظام والقانون وأن يحرص الجميع على الامتثال، وضرورة الحفاظ على السلم الاجتماعي والأهلي واحترام الغير وخصوصياتهم، وضرورة معرفة الجميع بحقوقهم وواجباتهم.
لهذا كانت النجاحات التي بدأها المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ومعه شيوخ وحكام الدولة، واستمر توالي النجاحات والإنجازات لأن هناك رؤية وراءها قيادة حكيمة تسهر على رعاية مصالح الوطن والمواطنين، وهناك مواطنون همهم الأول إعلاء مصلحة الوطن ورفع رايته عالياً.
الإمارات: الريادة والرؤية
حقق عدد من الدول اختراقات عديدة في مجال التنمية، واستطاع المضي قُدماً في مجالات البنى التحتية والخدمات، وتحقيق النمّو الاقتصادي، وتحسين مستوى معيشة المواطن ودخل الفرد، إلا أن تفرد التجربة الإماراتية وريادتها يجعل منها تجربة رائدة وفريدة تتميز عن باقي قصص النجاح المشابهة لها وتجربة تنويرية لباقي الشعوب التي تتطلع إلى التنمية وتحقيق التقدّم وقبل ذلك الاستقرار.
إن دار زايد كما يحب الكثيرون أن يصفوها وأنا أحدهم قصة نجاح عابرة للتاريخ ومفخرة في تاريخ العرب المُعاصر، لما حققته من تنمية على المستوى الإنساني، ولما غيرته من فكرة لدى العدد من الشعوب عن منطقة الشرق الأوسط لكون دولة الإمارات أصبحت مركزًا تجاريًا واقتصاديًا عالميًا، والأهم من ذلك دولة تتميز بثقافة التسامّح والتعايش بين مختلف الأعراق والأديان والثقافات.
ما كان لهذا أن يتحقق لولا رؤية وحكمة مؤسسي الدولة وروادها وفي مُقدمتهم المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي وضع اللبنات الأولى لصرح عظيم في إنجازاته، رائد في نجاحاته، مُتميز في إسهاماته الإنسانية والحضارية، وكذا استمرار شيوخ الدولة وقادتها على نفس النهج والرؤية والمسار وتحديثها وتجديدها لتواكب التطورات والتغيرات بالحوار والحكمة والشورى بدأت عجلة صناعة التاريخ الحديث للدولة.
بالإرادة والريادة والعمل الدؤوب وقبله الرؤية لما يجب أن تكون عليه الدولة ومُستقبلها، خلف كُل هذا قيادة رأت في مصلحة الوطن أولوية لها وفي خدمة المواطن غاية تسعى إليها.
إن عدم الوقوف عند النجاحات التي تحققت والإصرار على تقديم نماذج فريدة ورائدة، قوة دافعة لصناعة إنجازات قادرة على تغيير الواقع، وصناعة المُستقبل الواعد والمشرق،
وإن يكن الهدف ساميًا، والغاية نبيلة، والوسيلة لتحقيق الأهداف والغايات تُراعي الأخلاقيات والمّثل العُليا، فذلك يعني تغيير كتابة التاريخ الإنساني من جديد، وكتابة تاريخ الشرق الأوسط بشكل مُغاير وبما يعني تقديم صورة حضارية رائدة.
زر الذهاب إلى الأعلى
مقال جميل …موفق بادن الله
مقال رائع وثرى يرصد كافة التغيرات والتحديات التى واجهت الإمارات وواقع من يعيش فيها
صدقا ً الإمارات بلد التسامح
عاشت الإمارات فى رعاية شيوخها وحكامها وشعبها