إنجمينا – “البعد المفتوح”:
انطلقت في “إنجمينا” عاصمة جمهورية تشاد في 19 يونيو 2023 تحت رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وفي إطار مبادرة الملتقيات الشعرية في إفريقيا، النسخة الثانية من “ملتقى الشعر العربي” الذي نظمته في تشاد دائرة الثقافة في الشارقة بالتعاون مع مجمع اللغة العربية في العاصمة التشادية “انجمينا” على مدى يومين بمشاركة 34 شاعراً وشاعرة.
أقيم الملتقى في قصر الثقافة والفنون في “انجمينا”بحضور سعادة راشد بن سعيد الشامسي سفير دولة الإمارات لدى تشاد، وممثل وزارة الثقافة التشادية البروفسور محمد النضيف يوسف، ورئيس مَجمع اللغة العربية البروفيسور عثمان محمد آدم، ورئيس جامعة الملك فيصل في تشاد الدكتور محمد بخاري حسن، والمنسق العام للملتقى المستشار الدكتور أحمد أبو الفتح عثمان، ورؤساء بعثات دبلوماسية عربية، إلى جانب أساتذة جامعات ومعاهد، وطلاب ومحبي الشعر العربي ومتذوقيه.
ورحّب أبو الفتح عثمان بدايةً بالحضور، وقال في كلمته: “الملتقى الذي يشارك فيه 34 شاعرًا وشاعرة بنحو مئة قصيدة، يُسهم في تعزيز الساحة الثقافية والأدبية في تشاد، وهو نتاج فكر صاحب السمو حاكم الشارقة في نشر الثقافة العربية من خلال الملتقيات الشعرية الأدبية والتظاهرات الثقافية الكبرى.. رجل الثقافة الذي أخذ على عاتقه خدمة اللغة العربية، وهو في ذلك لايرى حدودًا في المكان أو الزمان، بل، تعهد سموّه في نشر العربية لتكون لغة الإنسان كما كانت من قبل بمتابعة حثيثة من دائرة الثقافة بإمارة الشارقة، حيث دعمونا بفكرهم وتوجيهاتهم سهرًا وجهدًا في تنفيذ توجيهات سموّه، وكانوا يتواصلون معنا جنبًا إلى جنب، وتزويدنا بكل نحتاجه من خبراتهم المثمرة، فكان لهم الدور الكبير في إنجاح هذه التظاهرة الثقافية”.
وأضاف المنسق العام للملتقى: “إن هذا الملتقى الذي عزمنا عقده مع الشارقة جاء وفقًا للتنسيق بين الأهداف التي هي نصب أعيننا، خدمة لهذه اللغة الكونية، التي جعل الله لنا منها نصيبًا وافرًا، وشرفنا بأن كانت ولا تزال أداة تواصل بيننا، فنسعى إلى تجذيرها وبسطها، وبيان سبل تيسيرها، ودفع المولعين بقافيتها؛ لتسجيل مآثر أمتنا، ويهدف هذا الملتقى إلى تفعيل المخزون الثقافي الحضاري في هذا البلد، وإبراز مكانة الشعر العربي فيه، وتحريك الذائقة الأدبية عند الشعراء، واكتشاف المواهب الشعرية الجديدة، وكل هذا الحراك الثقافي”..
وألقى أبو الفتح قصيدة قال فيها:
بلادُ القاسميّ فمَن سواها يَنال الحقَّ في الخطِّ المباشِرْ
وكفُّ القاسميّ تجودُ فيضاً تجوبُ الأرضَ مثلَ الغَيثِ ماطِرْ
إذا ما القاسميُّ سرى بأرضٍ فخَيرٌ يملأُ الدّنيا بَشائِرْ
من جانبه، قال سعادة راشد بن سعيد الشامسي: “يسعدني أن أكون معكم في الحفل الشعري الكبير، وأرحّب بكم نيابة عن دائرة الثقافة في الشارقة، كما أتشرف بأن أنقل إليكم تحيات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وسموّه دأب على توجيه ودعم مثل هذه التظاهرات الثقافية الكبرى، وليس في الشارقة فحسب، بل، في كثير من دول العالم، ولا سيما الأقطار الإفريقية”.
وثمّن الشامسي تعاون مجمع اللغة العربية في تشاد مع دائرة الثقافة في الشارقة لتنظيم هذا الملتقى، قائلاً “نحسبه أن يكون معززًا للثقافة العربية في جمهورية تشاد، وعاملًا من عوامل تعزيز الصداقة بين الإمارات وتشاد”.
وأضاف: “تؤمن دولة الإمارات أن الثقافة هي محور الحياة الإنسانية، ولهذا فقد أنشأت العديد من المهرجانات الأدبية الكبري والتي كان لها صدى واسع في كل أرجاء العالم، وكما تعلمون فإن الشعر يأتي في صدارة هذه الفنون الأدبية في نفوس الشعوب، ولذا فنحن نشجع مثل هذه المبادرة المباركة التي يرعاها صاحب السمو حاكم الشارقة، وتنظمها دائرة الثقافة في الشارقة، ونحن على استعداد دائم لدعم هذه الأنشطة، وأحيي جميع الشعراء التشاديين”.
وألقى ممثل وزارة الثقافة التشادية كلمة قال فيها : “إن ملتقى الشعر العربي الثاني بتشاد هو حدث فريد من نوعه، يعد حدثًا متميزًا، ساهم في إبراز مواهب مبدعة تنسج من البيان والحرف أجمل القصائد، وهذه الوجوه الجديدة من الشعراء والمبدعين، ساهموا في بناء ساحتنا الثقافية والأدبية”.
وتابع محمد النضيف يوسف: “كان هذا الملتقى ميدانا للشعر ومهرجانا لفرسان القصيد ، ليجتمع فيه الشعراء من كل ربوع الوطن ليقضوا معا مهرجانا حافلا بالنغم والطرب الشعري الخالد، وهذا يعد دعمًا للشعراء على التقدم والتبحر في هذا المجال، وتشجيعا لقرض الشعر وإجادته ليرتقي الشعر العربي التشادي إلى مراتب لم يرتقها من ذي قبل، وحفظًا وحماية للتراث العربي وتأصيلًا له في قلب إفريقيا جنوبالصحراء”.
وأعرب يوسف عن شكره للشارقة، قائلًا: “نشكر الشارقة على عطائها اللامحدود، وأطال الله في عمر حاكمها صاحب السمو حاكم الشارقة، وأمده الله بالصحة والعافية، وقد انهمر على أرضنا غيثا وبردا وسلاما أجاد السخاء من ندى كفه فسال الشعر واهتز منبر السحر البياني لهمة القاسمي ورؤيته المستنيرة لحماية لغة الضاد ولم شمل الكلمة العربية في كل بقاع العالم”.
“قراءات”
ضمت قائمة المشاركين في الملتقى “34” شاعرًا وشاعرة على النحو التالي: د. محمود شريف نور، مديحة آمين عمر، جبريل آدم جبريل، عبد السلام صالح محمد، يوسف النافعي، زكريا محمد يعقوب المصري، محمد علي مختار حبيب، مهدي آدم محمد علي، إسماعيل عبد الرحمن إسماعيل، ماحي عمر علي، إبراهيم عبد الكريم محمد، عبد الدائم عبد الله موسى، أحمد موسى محمد، أمين موسى عوض، عبد الماجد محمد حسن، حمزة طاهر باشر، محمد عبد الرحيم صالح، د. آدم إسحاق علي، د. يعقوب شعيب داوود، آدم سعد الدين أمين، عثمان جدو أنقيني، فاطمة محمد جدي، ساكنة محمد أحمد زايد، زين الشرف عبد الشكور، عبد القادر محمد أبه، أبكر عبد الرحمن أبكر، د. أحمد عبد الرحمن إسماعيل، د. الحبو تجاني مصطفى، د. حسب الله مهدي فضلة، د. أحمد أبو الفتح عثمان، علي عثمان موسى، إبراهيم سليمان إدريس، إبراهيم حسن عبد الله، وحسن محمد أبكر.
تنوّعت القراءات في موضوعاتها الشعرية، وفيما كانت تتلو سيرة الحنين والأمل بدلالة مفرداتها ورمزية صورها الفنية من جهة، فإنها كانت تعاين أوجاع الذات والواقع من جهة أخرى، فتكشّفت لغة شعرية تحمل معنى وتفاصيل لافتة.
وقرأ إبراهيم عبدالكريم محمد من قصيدة حملت عنوان ” فِــي حَضْــــرَةِ احْتِرَاقِ الشُّمُوعِ”، يقول:
أَطَلُّـــــوا كَمَا الْأَقْمَــــــارِ لَيْلًا وَهَذَّبُوا مَشَاعِرَهُمْ فَـانْدَاحَ فِي الْأُفُقِ كَوْكَبُ
مَشَوا فِي بِسَاطِ الْحَقِّ قَالُوا لِطِينِهِمْ بِلَا وَجَــــــلٍ فِي الْيَمِّ إِنَّا سَنَذْهَـــــبُ
لَهُـــمْ قَبَسُ التَّقْـوَى يُنِيرُ سَبِيلَهُـــــمْ وَمِنْ كُـــلِّ أَنْوَاعِ التَّسَابِيحِ مُرْكَــــبٌ
فَقَبْلَ اضْطِرَابِ الْمَـوْجِ تَابُوتُهُمْ ثَوَى بِهِمْ فِي صَحَارِي الْغَيْبِ وَالْغَيْبُ يُرْعِبُ
فَمَا أَوْجَسُوا فِي النَّفْسِ خَوْفًا لِأَنَّهُمْ رَأَوْا فِي مَرَايَا الْحَدْسِ مَا لَا يُكَـــذَّبُ
من جانبه، قرأ أحمد موسى محمد المُلقب في تشاد بـ”شوقي الصغير” قصيدة بعنوان “سقطة الكاف”، يقول فيها:
أَهْوَى الأمامَ… وظِلُّ الأمسِ منكسرُ لا ريحَ دلّـتْ إلـى الوجهاتِ…لا أثرُ
الـدُّورُ غـيَّـبـها الـهـجـرانُ مـن ولَـهٍ ولم يغبْ عن هواها الدمعُ والوَتَرُ
مـن أيـنَ أعـزِفُـه والـعودُ مُشتبكٌ والـخدُّ مُنـغَـمِـرٌ والأنُـسُ مُـعتكرُ
وعن سُـرَاها عـيـونُ النـجـمِ نائمـةٌ إلا إذا جَــاشَــتِ الآهَـاتُ والـــزُّمَــرُ.
وقرأ عِبْدَالدَائِمُ عَبْدَالِلَّهُ مُوسَى الشَّعْرَانِيُّ من “سارق النار” بقوله:
هُنَا مُلْتَقَى الشُّعَرَاءِ كَوْنٌ سَابِحٌ مِنْ جَذْوَةِ الْوَادِي الْمُقَدَّسِ دَارًا
فَاقْلَعْ نِعَالَكَ وَانْتَظِرْنِي لَحْظَةً فَأَنَا الَّذِي سَهْوا سَرَقْتُ النَّارَا
رَاوَدْتُهَا قَبْلَ الشُّعُورِعَلَى مَدَى الْإِحْسَاسِ كَانَتْ لِلْفُؤَادِ دِثَارًا
فَالشِّعْرُ جَمْرٌ مُوقَدٌ بِصُدُورِنَا وَقُلُوبُنَا كَانَتْ لَهُ أَشْجَارًا
وتواصلت القراءات مع الشعراء الآخرين مقدّمين قصائد متنوعة، فيما شهد الختام تكريم المبدعين المشاركين في الملتقى بشهادات تقديرية تقديرًا لجهودهم الإبداعية، وتعزيزاً لمواصلة الكتابة الشعرية.
وقد خضعت القصائد الواردة في الملتقى ، من قبل لجنة تحكيم مختصة، إلى معايير وضوابط في اختيارها، وهي سلامة اللغة بمفرداتها وتراكيبها، وسلامة الوزن والقافية، إضافة إلى القيم الفنية الأخرى
زر الذهاب إلى الأعلى