مكرم غصوب
حين كان أبي، بمعوله
يقلب تراب الأرض
ليتنفّس الشهداء
كانت أمّي،
بخيط من نور،
تحوك الثقوب السوداء
في قميص طفولتي…
كان أبي يقول لي:
النبتة المزروعة في الماء
يقتلها العطش إلى الانتماء،
حتّى لو كانت “نبتة الخلود”
وكانت أمّي تقول لي:
تحبّ العصافير
ازرع شجرة،
ولو في قلبك…
يومها، كان البحر أبعد من الشمس؛
لكنّي، كنت أصنع سفناً من ورق
أرسم عليها الشمس بحّاراً
بعينين وضحكة
ليبحر فوق ظلّي،
يموج به التراب
كما يموج في عينيّ الغرق…
وحين كبرت
واقترب البحر منّي،
سألته عن ظلّه
أجابني: غرق في أعماقي…
وأكمل: لي في الأرض جذور
كأنّها الأنهر
وكأنّ السماء،
إن أرادت، إلى الأصل، أن تعود…تمطر!
حينها، أدركت أنّ الشمس بلا عينين؛
ولكنّي ما زلت أراها مبتسمة
ثم أكملت السير أبحث عن وطني،
في طريقٍ ذاكرتُها مفقودة،
نبت فيها الزهر،
حين هجرتها الأقدام…
فصارت الحديقةَ
التي التقيت فيها امرأة
قالت لي:
الحبّ رياح
ونحن أجراس من قصب…
فظننت حضنها وطني،
وقلت لها: تعالي ننتمي للموسيقى
قبل أن ندرك، سويّاً،
أن الرياح لا تستقرّ
لأنّها تبحث عن جذورها!
فأخذت معول أبي
أقلب التراب في قلبي،
وأسقي شجرة زرعتها في طفولتي
كي تعود إليها العصافير..
زر الذهاب إلى الأعلى