آلاء القطراوي وفرح الحويجة ومحمد رفعت غمرتهم أضواء الإعجاب
محمد عبد الله البريكي يتوسط الشعراء ومقدمهم بعد تكريمهم من اليمين محمود العيساوي وفرح الحويجة ومحمد رفعت وآلاء القطراوي
الشارقة – “البعد المفتوح”:
أحيا الشعراء د. آلاء القطراوي من فلسطين وفرح الحويجة من سورية ومحمد رفعت من مصر الثلاثاء 22 أغسطس 2023 أمسية شعرية اتسمت بخفة الظل، وسادها شعور حب الشعر في “بيت الشعر” في دائرة الثقافة بالشارقة بحضور الشاعر محمد عبد الله البريكي مدير “بيت الشعر” في الشارقة.
قدم للأمسية وأدارها الشاعر محمود العيساوي بأسلوب جميل لافت محييًا صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى للاتحاد حاكم الشارقة، و”بيت الشعر” وإدارته، ومعرفًا بالشعراء.
استهلت الأمسية الشاعرة د. آلاء القطراوي فأجادت إلقاء مجموعة من قصائدها التي جمعت بين القوة و رقي العبارة الشعرية.
في قصيدتها “صباحك وردتها الواقفةْ” تضيء الكلمات حيث “يعشقنا الكون” ف “تنتصر أرواحنا الرائية”:
على بابك المفعم الآن بالأغنياتْ
ستطوي السنين انكسارا
ويطويك شالي على عنقي ربطةً من حياةْ
فيا كون إني إذا ما ابتسمت
لأن صبيًا يعلمني
كيف نعتق خمرالقصيدة في الكائنات !
وسرّ الطفولة بين عروقي
وسر الأنوثة في نظرةٍ قد تعيد الذين سيصحون من كهفهم للسبات
تعيد البراكين حيث السكون الذي لم يكن عابراً
جمرة قد تحن على خطوات الحفاة
تعيد العواصف حيث الشراع الذي قد تدلى على كتف الرائعات
تعيد الزلازل حيث اختبار الإله وفطرة قلب سليم صفا
فرصة للنجاة
فيا كون إني إذا ما ابتسمت
لأن صبيًا يعلمني كيف نغيّبُ صلصالنا ثم نعرج في صحوة السكرات
فيا كون إني إذا ما ابتسمت
لأن صبيًا يعلمني كيف تخضرّ روح بساق النباتْ
وكيف تطوف الفراشاتُ بين المواقدِ
لا درع يحمي
ولكنها مشية العاشقات !
صباحكَ قهوتها الحافيةْ
وقد كنتَ تمشي على سكّةِ البالِ
لستَ قطاراً
ولكنْ قطيعُ أيائلَ في شهقةٍ فانيةْ
أحبكَ أكثر من أي وقتٍ
فكُنْ خجلَ الماءِ في وجنةِ الساقيةْ
وكنْ ضحكةً في شفاهِ الرصيفِ
إذا عبرتهُ محطّاتنا الباليةْ
وكنْ رعشةَ المطرِ الآنَ
في وردةٍ ظاميةْ
وكنْ معطفاً حين يرتجف العمر
في امرأةٍ غافيةْ
وكنْ أثراً في الوريدِ
إذا كتبتكَ على ورقِ الروحِ
طفلتكَ الصافيةْ !
سيجرحنا القمحُ لكنْ
سيعرفُ أن مواسمهُ دوننا باكيةْ
سيجرحنا البحر لكنْ
سيعرف أن شواطئه دوننا قاسية
سيجرحنا الغيمْ لكنْ
سيعرف أن شوارده دوننا داميةْ
سيج ..
سيعشقنا الكون حين سيدركُ
كيف صبرنا على غبشٍ في العيونِ
وكيف انتصرنا لأرواحنا الرائيةْ
وتمضي في التحليق مع تطلعاتها:
لو لم أقعْ في نصفِ قلبي
لاشتهيتُ بأنْ يكون قصيدةً تُتْلَى
على جسدِ التلالْ
تٌفاحةً عرجَتْ بضحكةِ جائعٍ
في كلِّ أروقةِ الجمالْ
جسراً على كلِّ المواجعِ
كفَّ حُبٍّ تمسحُ الدمعاتِ
عن عينِ الجبالْ
تسبيحةً سكنتْ لتهطلَ
فوق نيرانِ القتالْ
لو لم أقع في نصف قلبي
لاشتهيتُ بأنْ أكونَ الآن
ساعيةً البريدِ لِعاشِقَينْ
وطوابعاً عبرَت موانئَ جمّةً
وتنفسَتْ كلَّ اللغاتِ
بِقُبْلَتَينْ
لو لم أقع في نصف قلبي
لارتفعتُ غمامةً
رشّتْ بساتيناً
على قَبْرَينْ
ومسحتُ فوق جبين دجلةَ
كي تجفَّ دموعهُ
يا أعمقَ العَيْنَيْنْ
أرْقَي بقلبي حزنهُ
فيروقُ
ثمّ يفوحُ
أندلساً على شَطَيْنْ
تفنى المقاهي والقصائد بيننا
وتظلُّ طاولةٌ بفنجانَيْنْ
وفي “حَنّتْ لضمّة” عبر وصفها الطفلة التي “قلبها الضوء” تستحضر الوطن دمعة في “عيون درويش” و “شفاه طوقان” :
طفلةٌ سرّحتْ جدائلَ عتمةْ
أطلقتْ قلبها وحنّتْ لضمّةْ
تحملُ الماءَ في جرارِ المعاني
تُغمضُ العين كي تلوّن غيمةْ
ساجدٌ قلبها صلاةَ غديرٍ
يُرْشِفُ الكونَ نسمةً بعدَ نسمةْ
كُحْلُها في ندى الصباحِ ابتهالٌ
شَكَّلَ الروح وردةً لتشمّهْ
كلّما مرَّ في سماها رصاصٌ
حَوَّلَتْ طيشهُ لرقْصاتِ نغمةْ
لم تعدْ تشعلُ القناديل خوفاً
قلبها الضوء ، في كهولةِ ظلمةْ
قدسنا الآنَ لا تموتُ انكساراً
تقبضُ الموتَ ، ثمَّ تكسرُ سهمَهْ
هكذا لاجئٌ يصدُّ اغتيالاً
صامداً يُطعمُ القذائفَ لحمهْ
دمعةٌ في عيون درويش تكفي
كي تزيد السماء مليونَ نجمة
موطني في شفاه طوقان طفلٌ
مثقلٌ بالأسى يخبّئ يتْمَهْ
هكذا لا تجوع روح بلادي
يُنبِتُ الجوع في المخيم كرمةْ
لا تقولوا بأن حبي جبانٌ
أصدقُ الحبّ حين يهديك تهمة
كان يكفي لكي تعيشَ بلادي
وردةٌ تهزمُ الحروبَ بِبَسْمة !
واعتلت الشاعرة فرح الحويجة المنصة فأنشدت قصائد عكس بعضها رؤيتها في الحياة والناس والعمر، وترى شعرها أجنحتها وحبرها بحرها تقول :
على هذا الضياء فنيت عمري
وما بدلت إحساسي بفكري
وما بالغت في حزني ولكن
تبالغ هذه الدنيا بقهري
جعلت الدمع سرًا بين نفسي
فإذ بالعين تفشي كل سري
وإذ خانتني في حزني عيوني
فهل بالناس أأمن .. لا لعمري
وجرحي وردة من دون ساقٍ
ونزفي فاح من جسدي كعطر
أُرى وقناع ضحكاتي بوجهي
وتمثيلًا رقصت بحفل نصري
معَ بجعِ السلام خلقتُ ظلاً
وإذ خالفتهم أمروا بنحري
لأني قد عبرت بدون ثقل
وما أغويت من وقعوا بسحري
وأمسكت المراكب عن رياحي
وما أغرقت عشاقي ببحري
وما أظهرت شرا رغم أني
أهد الكون لو أظهرت شري
عبرت بمفردي من ثقب خوفي
وأجنحتي بدرب الحلم شعري
أمامي معشر الحساد سدٌ
ولكني أراهم خلف ظهري
شراعي عمق إحساسي وحبي
وبحري في رؤى الكلمات حبري
أحاول أن أكون سراج بوحٍ
وأن أهدي إلى الإبداع غيري
وأن يمضي معي عمل فضيل
إذا ما ساقني زمني لقبري
فإن العمر هديٌ أو ضياعٌ
وحسبي بالهدى أن ضاع عمري
ويمتد تعبيرها عن ارتباطها بالشعر الذي يحرك في روحها الوجد والشوق:
هذي المشاعر لو تأتيك ثوارا
أمام ثورتها استسلمت منهارا
ماذا بوسعي إذا استلهبت أمتعتي
وكنت في رحلة الصحراء غدارَ
لو كان وجهك إحساسًا لكان غِوىً
وكان وجهي في الإحساس إيثارَ
أو كنت للحرب :ربَّ الحربِ، خالقها
رأيتني حول هذا الموت عشتارَ
في منتهى العين آيُ الحسن قد نزلت
يعيدها الناس تأويلاً وتكرارا
وعتمةُ الشَّعر بدءُ الشعر.. لو سقطت
خصيلةٌ منه فاضَ الكون أحبارَ
يسري من العنقِ ريماسٌ يفوح شذى
حتى يزيد على الإبهار إبهارَ
يحرك الوجد في روحي كزوبعة
ويأمر الشوق بالإتيان إعصارا
يمر حولي فلا أدري بأي يدٍ
يُخلِّقُ الدرب خلف الخطو أزهارَ
ألملم العطر من لفتات مشيتهِ
من علم العطر سر الفيض أنهارا
أصير في حضنه المملوء أروقةً
كعاشق في متاهات الهوى احتار
أذوقهُ السم .. كي أفنى بلذتهِ
الموتُ عيشٌ بطعمِ الحب لو صارَ
وفي “فارس أحلام أعرج” ترسم في إطار الفكاهة عزة نفس العاشقة:
بسواد شعرك قد صبغت فؤادي
يا من لأجلك قد تركت بلادي
من آخر الإحساس جئت قصيدة
(والكذبُ في أبياتها جلادي)
ماعاد في قلبي مكان للجروح
وللنوى للحزن للإجهاد
حطمتُ بوصلتي التي دلت عليك ..
هدرت في حربي إليك عتادي
إن كان إيماني بحبك طاعة
فاليوم أعلنالهوى استبدادي
أأتينني كفنا تحاول ضمني
لأتم فيك مراحل استشهادي ؟
ووضعت قفلًا فوق بوحي عامدًا
كي لا يصير الشعر من أمجادي؟
خطأ.. وفاتك يا حبيبي أنني
لا شيء يمنعني عن الإنشادِ
لا شيء يوقف في الوجود قصيدتي
فأنا دمائي للسطور مدادي
تثب القصائد فوق قلبي طفلة
تمضي لتلحق باقي الأولاد
وتحفني الكلمات مثل آيائل
بقرونها أعشاش طير شادي
حتى أرى دون انعكاس وجهتي
وتباشر الأيام في إعدادي
لا يأخذنّكَ في الشعورِ تساهلٌ
لا تنس أنك من طلبت ودادي
قد كنت تهطل تحت حسني ( باكياً )
والآن ترحل عامدا إبعادي!!
فاهدأ إلى أن ينجلي عني الهوى
سترى بأني لحظة استعدادي
قناصةً وأجيد إنهاء الأمو ر
بضغطة من اصبعي لزنادي
وألقى الشاعر محمد رفعت عددًا من القصائد التي اتسمت بروح التأمل والعناية بالصور وتوظيف دلالات التراث. بقل في “ظلّ العنب”:
ومنذُ رحلتَ، والبستانُ
يُطعِمُ بيتنَا ظِلّا
لأشجارٍ من العِنَبِ
المعتّقِ لم يجدْ
أهلا!
تعتّقَ بالغيابِ الصعبِ
شقَّ القلبَ، واحتلَّ
حزينٌ
يا أبي جِدًّا
وحزني: الطائرُ الأسوَدْ
وَثِقتُ بِهِ لِينقذَنِي
وطوفانُ الأسَى يَشهَدْ
فلم يعثرْ
على الزيتونِ، أو شيءٍ لهُ
يُحْمَدْ
تركتَ لَنَا بركنِ البيتِ:
عكّازًا لهُ رِئةُ
يطأطِأ رأسَه بردانَ
لا تأتيهِ تَدفِئةُ
كأنكَ وقتَ كنتَ بِه:
” سليمانٌ ومِنسأةُ “
وصوتُكَ حينَ كنتَ هُنَا
أنَا لا زِلتُ
أسمَعُهُ
يغنِّي مِلءَ طِيبتِهِ
وصوتِي كَانَ
يتبَعُهُ
وَمِنْ قَبلِ انتهاءِ اللّحنِ
جاءَ الموتُ
يقطعُهُ
وحينَ أخافُ، أو أبْكي، ويشتدُّ الفِراقُ عَلَيّ
أنادي مِلءَ أحزاني
فيحضِرُكَ الخيالُ لديّ
نغنِّي فيه أغنيةً
تغلغِلُها الصبابةُ فِيّ
سَبَانِي الحُزنُ منفردًا
وقطَّعَني
الغِيابُ المُرّ
وحزني حَافِيًا يمْشِي
على رُوحِي، ورُوحِي: الجَمْرْ
أخذتَ الأمنَ يا أبَتِي
وَفِي قَلْبِي تَرَكْتَ
القَبْرْ
أَرَى جِلبَابَكَ
الصوفيَّ، والشالَ الذي
وَهَنَ
فألبِسُهُ، وَيَلبِسُني
كمَنفِيٍّ رَأى
وَطَنَا
يطمئِنُنِي، أُطَمئِنُهُ
بأنَّكَ
لا تَزَالُ
هُنَا
وفي ختام الأمسية كرّم الشاعر محمد عبد الله البريكي الشعراء ومقدمهم ملتقطًا معهم صورة تذكارية.
زر الذهاب إلى الأعلى
حلوو