همسة كمال الدين
عيناها تحتويان كواكب ومجرات لا تعد ولا تحصى.. تضجان بالأمل تملؤهما أنوار لا نهائية. غزا الشيب خصلات شعرها، لكنه لم يقوَعلى ولوج روحها. نحتت الأيام آثارها على جبينها، وتركت الذكريات بصماتها على وجنتيها. كل هذا لم يشوه صورة الحياة في نظرها. كانت ترتق الملابس البالية بكل حب وكأنها تنسج معطفًا جديدًا. لم تآبه بنداء الماضي ولا المستقبل الذي قد لا تكون فيه. عاشت اللحظة الراهنة بكل تفاصيلها.. ترافقها كلمات وأطياف من تحبهم على الرغم من انشغالهم وبعدهم عنها، إلا أنها تستحضرهم في مخيلتها ليكونوا قربها دائمًا فذلك يشعرها بالاطمئنان. إنها امرأة تضاهي الزمن قوة، فهو يحاول أن يهمشها بسبب عمرها، ويجبرها على تحمل تقلبات الواقع والبشر وحتى الظروف، وهي صامدة في قصتها تصنع الابتسامات وتوزع الكلمات الصادقة وتستقبل التغيرات بكل رحابة، وبذلك يتراءى لها أنها تفرض على الدهر أن يحتاج إليها، ويود لو تبقى معه لتساعده على نشر الجمال. هذا هو الإنسان الحقيقي الذي يعمل مع الكون ككل واحد ولا ينفصل نفسه عنه.
زر الذهاب إلى الأعلى