أهبتُ بالشعر في ذكراكَ فاضطربا
يا مُلهِماً أسكتَ الأشعارَ والخُطَبا
قد راعهُ الموقفُ المرهوبُ جانبُه
فباتَ مبتهلاً يدعوكَ مرتقِبا
يراعة الله هل أبقت لذي قلمٍ
لدى امتداحك ما يُرضي به الأربا
أَهبتُ بالشعر في ذكراك متَّكِلاً
على سريرة قلبٍ في هواكَ صَبا
على سريرة قلبٍ كلَّما فسُحت
آفاقه ازداد من إدراكِه عجبا
دنيا أطلَّت على دنيا فأعمشَها
نورٌ غميرٌ فراحت تنشُد الهربا
دنيا من الذهن حاشا أن يلمَّ بها
وصفٌ تجاوزت الآماد والرُّتَبا
دنيا من العزم لو فاز النهارُ به
لأعجز الليلَ أن يغدو له عقبا
دنيا من الخير لو لم يبدُ بارقُها
لضجَّتِ الأرض من شرٍّ بها اعتصبا
دنيا تقمَّصها فردٌ أتى ومضى
وفيضها السمح في العلياء ما نضبا
+++
محمَّدٌ أيُّ لفظٍ غامرٍ هتفت
به السماء فهزَّ الأرضَ منه نبا
زينُ الخليقةِ حَسْبُ العربِ مفخرةً
بأنَّها بك عزَّتْ في الورى حَسَبا
والضَّادُ، حسبُ مَعينِ الضَّاد معجزةً
بأنَّ قرآنَه قد أخرس الكُتبا
يمضي الجديدان بالأحداث عابرةً
طوراً وآخر يبقى ذكرُها حُقبا
ويشمخ المجد بالجبَّار آونةً
فينتهي مُعدِماً أو مبقياً سببا
وتستجيب بناتُ الدهر آخذةً
حيناً بكفِّ زعيمٍ ساد واغتصبا
ويذكر العلمُ موهوباً أصاب حجىً
آناً فيُكبر منه الجهدَ والنَّصَبا
وعند ذكرك يُطوى كلُّ مدّكرٍ
وينتهي عندك التقديس مُطَّلبا
+++
ذكراكَ أيُّ معانٍ عزَّ سابرُها
سما لها الفكرُ يشكو الوهنَ والتعبا
ذكراكَ أيُّ سنىً لفَّت طلائعُه
تلك البطاحَ الدواجي فازدهت شُهبا
ذكراكَ أيُّ سناء هزَّ سامقُه
جُهمَ العروش فأمسى صرحُها خرِبا
ليلٌ مقيمٌ أذلَّ البيدَ كلكلُه
وأرهقَ (البيتَ) فيما جاء وارتكبا
وشرعةٌ سنَّتِ الأهواءُ منهجَها
تحدَّرت في ضَلال المبتغى صببا
تمثَّلت في تماثيلٍ مسخَّرةٍ
للقاصدين وقامت للغباء خِبا
يدعونها للتي شاؤوا فإن عجزت
مالوا عليها بكفٍّ تنثر الحربا
وللزعامات صوتٌ طالما شقيت
به المسامعُ ممَّا سامها كذبا
وللمظالم غلواءٌ تعهَّدها
حمقٌ فعاشت تبثُّ العنف والرهَبا
فوضى يطول بها شرح بُعثتَ لها
فكنتَ أعظم هادٍ حقَّق العَجبا
هي الرسالة، ما أسمى مقاصدَها
وأثقلَ العبءَ في إبلاغها الأربا
بلَّغتَها الناسَ في آيٍ منزَّهةٍ
عن كلِّ ما يبعث الإيهام والرِّيَبا
وصنتَها عادلاً بالسيف إن بدرت
للسيف بادرةٌ ميدانها لحبا
جلَّت إرادة من أعطاك أمرهما
آياً وسيفاً لمن صافى ومن شَغَبا
+++
وعاكفين على التجريح أحنقَهم
دينُ (الأمين) كبا تبيانُهم ونبا
من كلِّ مجدِب فكرٍ ضلَّ غايته
فراح يهرف فيما قال أو كَتبا
رمى الحنيفيَّةَ السمحاء عن غرضٍ
بالبطش لمَّا رآها نالت الغَلبا
وأيَّ بطش أتى الإسلامُ حين أتى
والحاكمون بها يبغونها حَطَبا
تيجانُ غيٍّ على هامٍ يعشعش في
خيالها البغيُ مشكوراً بمن نكبا
عروشُ فسقٍ أقام الجورُ قائمَها
تشامخت لذّةً مسنونةً وغبا
السوط مرتفع والسيف منصلتٌ
والشعب في كلِّ صقع يلتظي غضبا
أتى المعالجُ يشفيها بدعوته
فإن أبتْ أعملَ الطِّبَّ الذي وجبا
والسيفُ حين يحيقُ الداءُ مفخرةٌ
والسيف أشفى لقلبٍ جرحُه عَرِبا
+++
أبا البتول دعاءٌ جاش جائشُه
إليك يرفعه الإسلام محتسبا
تعصَّب الشرك واستشرت ضغينتُه
وحالفَ (العِجلُ) في عدوانه الصُّلُبا
باسم السياسة بثُّوها مقنَّعةً
مكيدةً نالت الإسلام والعربا
مشت إلى القدس منها صورةٌ جَهُمت
تخفي بأصباغِها التدمير والكَلَبا
نمنا لها فسعتْ نكراءَ جامحةً
ثم انتبهنا فكان الهُون منقلَبا
أبا البتول دعاءٌ ضاق كاتمُه
ذرعاً فناداكَ في ذكراكَ مكتئبا
|