الشعراء: د. عائشة الشامسي و ناجي حرابة وهشام الصقري
محمد عبدالله البريكي يتوسط الشعراء ومقدمهم بعد تكريمهم من اليمين د. أحمد عقيلي و د. عائشة الشامسي و ناجي حرابة و هشام الصقري
الحضور
الشارقة – “البعد المفتوح”:
نظم بيت الشعر في الشارقة وهو إحدى المؤسسات الثقافية في دائرة الثقافية في الشارقة أمسية شعرية الثلاثاء 10 أكتوبر 2023أحياها الشعراء هشام الصقري ود. عائشة الشامسي و ناجي حرابة بحضور الشاعر محمد عبدالله البريكي مدير بيت الشعر في الشارقة، وقَدَّمَ الأمسية بتميز د.أحمد عقيلي
مشيدًا بالدعم الكبير الذي يقدمه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة للحركة الشعرية، ومما جاء في تقديم د. أحمد عقيلي قوله:
“هو الذي يجعلك تضحك، تسعد، تبهج، وهو الذي يجعل من دموعك أنهارًا، ويسدل أمام روحك ستارًا، يجعلك تقول أو لا تقول، يجعل شمسك تشرق، أو يهديها الأفول.. يجعلك مع الحبيبة في أحلى الفصول، أو تراه يغرق روحك في غياهب المجهول.. هو جوهر النقاء، ونهر العطاء، في ظله تحلو الريادة، وبين حروفه للحب والهمس ولادة، إنه زاد قيس وزهيرٍ وكثيّرٍ، وله الريادة،
إنه الشعر.. ديوان العرب وخزان جواهرهم وتاريخهم وهويتهم”.
وبعدما أثنى د. أحمد عقيلي على دائرة الثقافة في الشارقة وبيت الشعر في الشارقة ومديره محمد عبدالله البريكي، كان يدعو كلًا من الشعراء المشاركين معرفًا بعبارات أدبية راقية.
الشاعر هشام الصقري استهل الإلقاء بقصيدته العاطفية ” للهِ دَرِّي” بعباراتها العذبة والرقة
معبرًا عن إحساسه المرهف وصوره اللافتة:
للتي غَلَّقتْ مفاتيحَ سِرِّي
اذرَعي النارَ في دمي واستمرَّي
ظَمِئَ الوقتُ والثواني اندلاعٌ
كلَّما قالت السَّما: لم تَمُرِّي
للعصافيرِ إذْ يُغنِّي بها الغُصْـ
ـــنُ، وللخَطْوِ مُغرمًا بالمَمَرِّ
للنَّدى يَستفزُّ في الوردِ شوكًا
لم يَجِدْ دونَ وَخْزِهِ مِن مَفَرِّ
وأتبعها بقصيدة بدا فيها تمكنه من توصيل مشاعره بوصف المحبوبة:
كانت إذا ابتسمتْ أعودُ صبيَّا
وأعودُ مَجنونًا بها وشَقِيّا
وأعودُ نافذةً تُطِلُّ، وشارعًا
شغفًا يَضمُّ مُرورَها العفَويّا
كانتْ تدقُّ الكعبَ، حيثُ طريقُها
قلبي إذا تمشي لها يَتَهَيَّا
كانت إذا حضرتْ تُذيبُ رَبَاطتي
ثلجًا، وتَهتكُ صبريَ الورقيّا
وتُضيءُ أنثى كالسماء، وعطرُها
قبلَ الوصولِ أتى عليّ فحَيَّى
واعتلت الشاعرة د. عائشة الشامسي المنصة وكان الحضور مشدودين إلى ما تلقيه من قصائدها الرقيقة المحببة ومنها “الراحلون” وفيها تقول:
الراحلون تبسُّما وغيابا
مروا على قلق العبور عذابا
مروا وفي أرواحهم كنا كمن
نسي الطريق وضيَّع الأبوابا
لم يكتفوا أن شرَّعوا أشجاننا
للريح..حتى أشجنوا الأهدابا
كانوا.يجيدون الرحيل وربما
نحن الذين بجهلنا نتغابى
ثم أنشدت قصيدة “حَفيت” الجبل النعروف في مدينة “العين”الإماراتية مقدمة وصفًا جميلًا حتى إن هذا الجبل “صار حقلا”:
“حَفيتُ” على عُلُوّكَ كُنْتَ نَجْماً
تُدَلِّلُكَ النُّجومُ فَصِرْتَ أعْلى
ورُغْم طريقِكَ المَفْتونِ سِحْراً
تُحَمِّلُكَ الحَياةُ عَلَيْهِ ثِقْلا
فَقِفْ يا أيُّها الجَبَلُ المُعَنّى
على دَمِنا.. وقوفاً مُسْتَهَلّا
فأنْتَ على الطَّبيعَةِ كُنْتَ حُلْواً
وأنْتَ على القُلوبِ طُبِعْتَ أحْلى
فلا تَحْزَنْ إذا انْتَبَهَتْ فتاةٌ
إلى جَبَلٍ يَحِنُّ .. فَصارَ حَقْلا
واختتم إلقاء القصائد الشاعر ناجي حرابة بقصيدته “سارقُ الضوء” التي تعكس بحذق وبأسلوب شعري انتماءه لمنطقته “الإحساء” الخضراء بنخيلها المتناغم مع طبيعتها في المملكة العربية السعودية:
كُرُومٌ تبوحُ
لمن ذاقَها
وتَسكبُ في الروُّحِ أَعماقَها
إذا نخلةٌ
أُلهمتْ فكرةً
أمالتْ إلى الأرض أعذاقَها
لتَبذُرَها
ثم تربو الرُّؤى
وترفع لله أعناقَها
وإنْ أخلصتْ
نيّةٌ سرَّها
تَولَّتْ يدُ الغيبِ إغباقَها
أقلبُكَ
فاكهةٌ في يديكَ
فمُ الشّعرِ يَقضُمُ دُرَّاقَها؟
أَمَ انّ اللّياليَ
صارتْ أسىً عقيقاً
فناجيتَ إشراقَها؟
أَمِ الحبّ
يهطلُ من غَيمةٍ
وكفُّك تحملُ أشواقَها؟
فيا أيّها
المصْطلى بالندى
أَدارتْ بك النّارُ أشداقَها
وأنتَ
انْسكابُ الحروفِ
التي أرادَ لظى الوجدِ
إحراقَها
إذا لم تَسِلْ
في الورى حكمةً
ولم تُشْربِ الوردَ رَقراقَها
تبضّعْ
نجومَ المعاني التي
محا الدّهرُ
في الأرضِ أَسواقَها
وكنْ
سارقَ الضّوءِ
من شمعةٍ
تُدلُّ على الدّربِ سُرّاقَها
إذا
ما وهبتَ السّما نظرةً
ستُهديكِ بالحبّ
أحداقَها
ووسط تفاعل الحضور وإعجابهم استحضر الشاعر في قصيدته “خَوْلة بعيني المتنبي” رؤيته وفهمه للشاعر المتنبي الذي كان يكتم مشاعر حبه، وكأنه أخذ على عاتقه أن يعبر عن الأحاسيس المستورة للشاعر تجاه أخت سيف الدولة الحمداني:
مُذْ رَمى العِشقُ
في حَناياهُ نَبلَهْ
تَخِذَ التّيهَ للأحاسيسِ قِبلَهْ
خبأ السّرَّ
في جِرابِ معانيهِ
وألقى على مُحيَّاهُ ليلَهْ
وسرى يقدحُ السّرابَ
يصبُّ البيدَ
يذرو على السّحائبِ رملَهْ
في ذُرى عينهِ الفُتوحُ مُنىً تغليْ
وفي حرفهِ المُعتّقِ دولَةْ
لمْ يخُنْ حُلمَهُ القديمَ
وإنْ نَاءَ
ولمْ تسْطِعِ الكواهلُ حَملَهْ
يا مدى يشرب الينابيع شعرا
ليُروِّي مرجُ القصائدِ فُلّهْ
ها «ترحَّلْتَ»
لمْ يَصِحْ خلفَكَ الرَّملُ
ولم تنكسرْ من الحُزنِ نخلَةْ
وحدَهُ الشّعرُ
هدْهَدَ الجمرَ
أجرى في صحارى أوجاعِ جُنحَيْك وَبْلَهْ
ومُذِ اصطختَ للصّهيلِ
سمعتَ الشّوقَ يشكو النَّوَى
وأدركتَ ثُكْلَهْ
***
أيُّها الفَارسُ الكتُومُ
تَرَجَّلْ
بحْ
وخلِّ الفؤادَ يسفحُ وشلَهْ
قال لي سيفُك البليغُ عن الوجدِ حديثاً
والحرُّ يصْدقُ أهلَهْ:
بلسمتْ روحيَ الجراحَاتُ
لكنْ أَوغلَ العشقُ
في الحشا جرحَ (خولَةْ)
فبه أُرغمُ المنونَ على الموتِ
وليستْ في راحتي
غيرُ قُبْلَةْ
و يلقي الشاعر بعدها قصيدته العينية التي يصغي فيها إلى “هزج التاريخ” وما يبوح له به:
هنا الشعر إن جاعت صحارى وأُظمئت
تهادى فأروى ثم جاد فأشبعا
هنا الشعر إن أورت عكاظ نجومه
يتيه مساء في المشقّر شعشعا
هنا طرفة في الشعر يدفن سره
فيحفر من ذبيان شيخ ليطلعا
وما الخيمة الحمراء في أفق دارنا
سوى هزجِ التّاريخِ باح فأسمعا
هو الشعر نبع البيد راحلة الهوى
كنانة صدر عبقرٌ راحتا دُعا
وكانت أمسية ينتشي بها الشعر انتهت بالتكريم، حيث التقط الشاعر محمد عبدالله البريكي مع الشعراء صورة تذكارية بعد تكريمهم.
زر الذهاب إلى الأعلى