مقالات
عمر بن الخطاب .. إطلالة بوجه آخر د. أحمد الزبيدي – الإمارات
كان أميرُ المؤمنين عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – إمامًا مهديًا، وعالمًا ربانيًا، وحافظًا لوذعيًا، وناقدًا نافذًا،
وخطيبًا مصقعًا، فصيح اللسان، متضلعًا من الشعر والأدب والبيان، وكان راوية للشعر، حافظًا له، مستشهدًا به حاثًا على تعلمه وحفظه، وكان في الجملة مورق العود، وافر الحظ من السعود، موقر الركائب مثقل الحقائب.
قال يوماً لابنه عبد الرحمن: يا بني! احفظ محاسن الشعر يحسن أدبك، فإن من لم يحفظ محاسن الشعر لم يؤد حقًا، ولم يقترف أدبًا”.
و قال : ارووا من الشعر أعفَّه، ومن الحديث أحسنَه، ومن النسب ما تواصلون عليه، وتعرفون به، فرب رحمٍ مجهولةٍ قد عرفت فوصلت، ومحاسن الشعر تدل على مكارم الأخلاق وتنهى عن مساويها”.
وكتب إلى ساكني الأمصار: “أما بعد فعلموا أولادكم العوم والفُروسية، وروّوهم ما سار من المثل، وحسن من الشعر”.
وروي عنه أنه قال: “الشعر علم قوم لم يكن لهم علمٌ أعلم منه”.
وكتب إلى أبي موسى الأشعري: “مُر من قبلك بتعلم العربية، فإنه يدل على صواب الكلام، ومُرهم برواية الشعر؛ فإنه يدل على معالي الأخلاق”، ولا غرو في ذلك فإن الشعر سجل تاريخ العرب، وأنسابها، وأيامها، ووقائعها.
“ديوان العرب”
قال العسكري:” الشعر ديوان العرب، وخزانة حكمتها، ومستنبط آدابها، ومستودع علومها”.
وقال العقاد :” ولم يزل عمر الخليفة هو عمر الأديب طوال حياته، لم ينكر من الشعر إلا ما ينكره المسؤول عن دين ، أو القاضي المتحرز الأمين، ولذا فقد نهى عن التشبيب بالمحصنات، ونهى عن الهجاء، وأعجبته الأشعار التي تنطوي على معانٍ سامية، دعا إليها الإسلام، وكان يرى أن للشعرغاية تعليمية تربوية، فقد كتب إلى أبي موسى الأشعري قائلاً: مر من قبلك بتعلم الشعر فإنه يدل على معالي الأخلاق وصواب الرأي ومعرفة الأنساب”.
يَتضحُ لك مما سبق أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه؛ كان يظهرُ اهتمامه الشديد باللغة العربية بشكل عام، والشعر وقرضه بشكل خاص، ويكاد لا يُعرض عليه أمر له أو عليه إلا وينشد فيه شعرًا، ، ومن بعدهم من الخلفاء والملوك؛ وما زالوا يوَشُّون كلامهم، وخطبهم، ورسائلهم، بأبيات رائقة، ومعانٍ شائقة، وربما تكون هذه من سنن العرب قبل الإسلام، حتى إذا جاء الإسلام وأقرها؛ ورأوا نبيهم -صلى الله عليه وسلم- يفعلها، تبعوه.عن ابن عباس قال:” كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَتَمَثَّلُ بِالشِّعْرِ: وَيَأتِيكَ بِالأَخْبَارِ مَنْ لمْ تُزَوِّدِ”. قال البقاعي:” كان يتمثل بالشعر فتارة يكسره، وتارة يتركه على وزنه، وتارة يأتي بالكلام من عند نفسه فيقع موزونا وتارة – وهو الأغلب – لا يكون موزوناً، وتارة يأتي مسجوعاً، وتارة – وهو الأغلب أيضًا – لا يكون كذلك، وما ذلك إلا لِإرادته الأمر على صحة المعاني التي يأمره الله (تعالى) بها في الكلام البليغ، من غير تعريج على قصد نظم ولا سجع.
عن الحسن رحمه الله: أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يتمثل بهذا البيت:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . كفى بالإسلام والشيب للمرء ناهيا
فقال له أبو بكر رضي الله عنه: يا نبي الله، إنما قال الشاعر:
كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا
فقال أبو بكر – أوعمر- رضي الله عنهما: أشهد أنك رسول الله.
يقول الله عز وجل: “وما علمناه الشعر وما ينبغي له”.
وقالت عائشة رضي الله عنها: “لما مرض أبو بكر مرضه الذي مات فيه، دخلت عليه وهو يعالج ما يعالج الميت، ونفسه في صدره فتمثلت هذا البيت:
لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى إذا حشرجت يومًا وضاق بها الصدر”
وعنها: “لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ اشْتَكَى أَصْحَابُهُ، وَاشْتَكَى أَبُو بَكْرٍ، وَعَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ، مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، وَبِلَالٌ فَاسْتَأْذَنَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَائِشَةُ فِي عِيَادَتِهِمْ، فَأَذِنَ لَهَا، فَقَالَتْ: لِأَبِي بَكْرٍ كَيْفَ تَجِدُكَ؟ فَقَالَ:
كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ فِي أَهْلِهِ
وَالْمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ
وَسَأَلْتُ عَامِرًا فَقَالَ:
إِنِّي وَجَدْتُ الْمَوْتَ قَبْلَ ذَوْقِهِ
إِنَّ الْجَبَانَ حَتْفُهُ مِنْ فَوْقِهِ”
وَسَأَلَتْ بِلَالاً، فَقَالَ:
أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً
بِفَجٍّ وَحَوْلِي إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ
كما كتب أمير المؤمنين عثمان بن عفّان رضي الله عنه حين تمالأ عليه القوم واجتمعوا على قتله إلى عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه:
فإن كنت مأكولا، فكن خير آكل
وإلّا فأدركني ولمّا أمزّق
مواقف مع الشعراء
فأما تمثله – رضي الله عنه- بالشعر فهو كثير.
قال الأصمعيُّ: بينا عمر بن الخطاب رضي الله عنه في بعضِ أسفاره على ناقةٍ صَعبة قد أتعَبتْه، إذْ جاءه رجل بناقةٍ قد ريضتْ وذُلِّلت فركِبها؛ فمشَتْ به مشياً حسناً، فأنشد هذا البيت:
كأنَّ راكبَها غُصنٌ بمروحَةٍ
إذا استمرَّت به أو شاربٌ ثملُ
ثم قال: أستغفر الله! قال الأصمعيّ: فلا أدري أتمثَّلَ به أم قاله.
وَعن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف قال: أتيتُ عمر بن الْخطاب فَسَمعته ينشد بالركبانية:
وَكَيف ثوائي بِالْمَدِينَةِ بَعْدَمَا
قضى وطراً مِنْهَا جميل بن معمر
فَلَمَّا اسْتَأْذَنت عليه قَالَ: أسمعت مَا قلت؟ قلت: نعم. قَالَ: إِنَّا إِذا خلونا قُلْنَا مَا يَقُول النَّاس فِي بُيُوتهم!
قوله:” ما يقول الناس” أي أنها عادة العرب كما ذكرنا آنفاً.
عن مشيخة من أهل الشام أدركوا عمر، قالوا: لما استُخلف عمر صعد المنبر، فلما رأى الناس أسفل منه حمد الله، ثم كان أول كلام تكلم به بعد الثناء على الله وعلى رسوله:
وهوّن عليك فإن الأمور
بكف الإله مقاديرها
فليس يؤاتيكَ منهيُّها
ولا قاصرٌعنك مأمورها
وسمع عمر بن الخطاب رجلًا ينشد :
وعَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يُحَرِّكُ فِي مُحَسِّرٍ وَيَقُولُ:
إِلَيْكَ تَغْدُو قَلِقًا وَضِينُهَا
مُخَالَفًا دِينَ النَّصَارَى دِينُهَا
قال ابن الأثير: القلق: الذي لا يثبت ولا يستقر. والوضين: حزام الرحل.
قَال الشِّرْبِينِيُّ: مَعْنَاهُ أَنَّ نَاقَتِي تَعْدُو إِلَيْكَ مُسْرِعَةً فِي طَاعَتِكَ قَلِقًا وَضِينُهَا.
وكان عمرُ رضي الله عنه يتمثل بهذا البيت:
كأنَّكَ لم تُوتَرْ مِن الدَّهرِ مرةً
إذا أنتَ أدركتَ الذي أنتَ طالبُه
قال ابن القيم: “وهذا ثمرةُ العقل الذي به عُرِفَ اللهُ سبحانه وتعالى”.
وعن سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه كَانَ يَتَمَثَّلَ:
لَا يَغُرَّنْكَ عِشَاءٌ سَاكِنٌ
قَدْ تُوَافَى بِالْمَنِيَّاتِ السَّحَرْ
وقال رضي الله عنه : والله ما وجدت لأبي بكر مثلاً، إلا ما قاله السلمي:
من يسعَ كي يدركَ أفعاله …
يجتهد السَد بأرض فضاء
والله لا يدرك أفعاله
ذو مئزر ضافٍ ولا ذو رداء
وعن أنس أن عمر رضي الله عنه كان يتمثل:
ولا تأخُذُوا عقلًا من القوم إنني
أرى الجرحَ يَبْقَى والمعاقل تذهبُ
يَقُول: لَا ترغبوا فِي قبُول الدِّيَة فَإِنَّهُ عَار، والعار يبْقى أَثَره وَالْأَمْوَال تفنى.
وعن الأصمعي، قال: “ما قطع عمر رضي الله عنه أمراً إلا تمثل ببيت من الشعر”.
وعن الشعبي قال: “كان عمر رضي الله عنه شاعراً”.
ولم أر أحدًا غير الشعبي؛ قال أن عمر شاعر، وقصته مع متمم بن نويرة تُضعف قول الشعبي، فقد أنشد “متمم بن نويرة” عمر بعض شعره في ر ثاء أخيه “مالك” فأعجب به عمرُ، وقال: “يا متمم، لو كنت أقول الشعر، لسرني أن أقول في أخي زيد بن الخطاب (وكان قد استشهد في موقعة اليمامة) مثل ما قلت في أخيك، وصدق عمر، فلو كان شاعرًا لقال – باعترافه- في أخيه مثل ما قال متمم في أخيه، ولكن هيهات هيهات!
قال شارح العمدة: “وروي أنه قال حين احتضر ورأسه في حجر ابنه عبد الله:
ظلومٌ لنفسي غير أني مسلم
أصلي الصلاة كلّها وأصوم
أُتيَ عمرُ رضوان الله عليه بحلل منَ اليمنِ، فأتاهُ محمدُ بنُ جعفرِ بن أبي طالبٍ، ومحمدُ بنُ أبي بكر الصدَّيقُ، ومحمدُ بنُ طلحةَ بنِ عبيدِ الله، ومحمدُ بنُ حاطبٍ، فدخلَ عليه زيدُ بن ثابتٍ رضي الله عنه فقال: يا أميرَ المؤمنين، هؤلاء المحمدون بالبابِ يطلبون الكُسْوة، فقال: ائْذنْ لهم يا غلام، فدعا بحلل، فأخذ زيد أجودها، وقال: هذهِ لمحمّدِ بن حاطبٍ، وكانتْ أُمُّه عندَه، فقال عمرُ رضي الله عنه: أيهاتَ أيهات! وتمثَّل بشعرِ عمارة بن الوليد:
أَسرَّكِ لما صُرِّع القومُ نشوةٌ
خروجيَ منها سَالِماً غَيْرَ غارِمِ
بَرِيئاً كأنَّي قبلُ لم أكُ منهمُ
وليسَ الخداعُ مرتَضًى في التَّنادُمِ
رُدَّها، ثم قالَ: ائْتني بثوبٍ فألقِهِ على هذهِ الحُلل، وقال: أدخلْ يدَكَ فخُذْ حُلَّة وأنتَ لا تَراها، فأَعْطِهمْ. قال عبدُ الملك: فلم أر قسمة أعدل منها. قال الأخفش:” “هَيْهاتَ” و “أَيْهَاتَ”، وانما هي همزة أبدلت مكان الهاء مثل.
عِلمٌ وذائقة
من قرأ سيرة عمر وتمعن فيها علمه مكانه من تذوق الشعر ونقده ؛ وجزم يقينا أنه كان من أعلمُ الناس بالشعر، ولا يضيره استشهاده بحسان للفصل بين الشعراء، وربما فعل ذلك كراهة منه التعرض للشعراء، وحرصًا منه على سلامة عرضه، وقد يقال إن هذا من كياسته وعدله، فمع علمه بالشعر، وسبره لأسراره، ووقوفه على غريبه ومعانيه، إلا أنه لما نصبوه قاضيًا ليحكم بين الشعراء احتاج أن يتزود من ذلك ويسأل الكبراء والخبراء .
ولقد أنشدوه شعرا لزهير- وكان لِشعره مُقَدِّمًا- فلما انتهوا إلى قوله:
وإن الحقّ مقطعه ثلاث
يمين أو نفار أو جلاء
يريد أن الحقوق إنما تصح بواحدة من هذه الثلاث، إما يمين أو محاكمة أو حجة.
قال عمر كالمتعجب منْ عَلمه بالحقوق وتفصيله بينها، وإقامته أقسامها: يردّدَنَّ البيت من التعجب.
والمنافرة من النَّفر، فإذا تنازع الرجلان، وادعى كل واحد منهم أنه أعز نفرًا ، تحاكموا إلى العلَّامة، فمن فضَل منهما قيل: نفره عليه أي: فضل نفره على نفرِ الآخر.
ويقال: أجليتهم، فجلوا، والإجلاء على إفعال مصدر أجلوا، ومن هذا سميت: الجالية، وجمعها الجوالي: لأنهم جلوا عن أوطانهم. وفي التنزيل: (ولَوْلا أَن كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الجَلاءَ).
قال القتبي:” جعل عمر يتعجب من علمه بالحقوق وتفصيله بينها ويقول: لا يخرج الحق من إحدى ثلاث؛ إما يمين أو محاكمة أو حجّة.
وكان يقول: “لو أدركت زهيرًا لوليته القضاء لمعرفته”.
وقال صاحب العمدة:” وسمي زهير قاضي الشعراء بهذا البيت”.
والسر في إعجاب عمر بزهير وبشعره؛ موافقته في جاهليته مع ما ارتضاه الإسلام من قاعدة في أحكام البينات، وما قرره من مبدأ: “البينة على من ادعى واليمين على من أنكر”.
وأنشدوه قصيدة عبدة بن الطبيب …، فلما بلغ المنشد قوله:
والمرء ساع لشيء ليس يدركه
والعيش شح وإشفاق وتأميل
قال عمر متعجبًا: والعيش شح وإشفاق وتأميل، يعجبهم من حسن ما قسم وفصل.
وأنشدوه قصيدة أبي قيس بن الأسلت التي على العين، وهو ساكت، فلما انتهى المنشد إلى قوله:
الكيس والقوة خير من الإشفاق والفهة والهاع
أعاد عمر البيت وقال:
الكيس والقوة خير من الإشفاق والفهة والهاع
وجعل عمر يردد البيت ويتعجب منه.
وقال مرة لابن عباس: هل تروي لشاعر الشعراء؟ قال ابن عباس فقلت: ومن هو؟ قال: الذي يقول:
ولو أن حمدًا يخلد الناس أخلدوا
ولكن حمد الناس ليس بمخلد
قلت: ذاك زهير. قال: فذاك شاعر الشعراء. قلت: بم كان شاعر الشعراء؟ قال:لأنه كان لا يعاظل في الكلام، وكان يتجنب وحشي الشعر، ولم يمدح أحدًا إلا بما فيه، ثم قال: أنشدني له. قال ابن عباس: فأنشدته حتى برق الفجر.
والمعاظلة قسمان: تكرير الكلام، وإدخال بعض الكلام في بعض مما ليس من جنسه، فتقول: فلانٌ فقيهٌ طويلٌ.
ومرة أخرى قال: أَشْعَرُ الشُّعَرَاءِ مَنْ يَقُولُ:
فَلَسْتُ بِمُسْتَبْقٍ أَخًا لا تَلُمُّهُ
عَلَى شَعَثٍ أَيُّ الرِّجَالِ الْمُهَذَّبُ
وَهُوَ النَّابِغَةُ.
وقال عمر لوفد قدموا من غطفان: من الذي يقول:
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة
وليس وراء الله للمرء مذهب
قالوا: نابغة بني ذبيان. قال لهم: فمن الذي يقول هذا الشعر:
أتيتك عاريًا خلقًا ثيابي
على وجلٍ تُظن بي الظنون
فألفيت الأمانة لم تخنها
كذلك كان نوح لا يخون
قالوا: هو النابغة. قال: هو أشعر شعرائكم.
وقال عمر بن الخطاب لبعض ولد هرم: “أنشدني بعض مدح زهير أباك، فأنشده. فقال عمر: إنه كان ليحسن فيكم المدح. قال: ونحن والله إن كنا لنحسن له العطية. قال: قد ذهب ما أعطيتموه وبقي ما أعطاكم.
وفي رواية: قال عمر لابن زهير: ما فعلت الحلل التي كساها هرم أباك؟ قال: أبلاها الدهر. قال: لكن الحلل التي كساها أبوك هرمًا لم يبلها الدهر.
ومن أحكام عمر النقدية التي سارت وشاعت -غير حكمه المشهور على زهير- قوله حينما سئل عن الشعراء: “امرؤ القيس سابقهم، خسف لهم عين الشعر، فافتقر عن معانٍ عور أصح بصر”.
ونلاحظ مما سبق أن أحكام عمر النقدية اتسمت بالتعليل، وتبيان وجوه التفضيل.
ولا نبالغ، ولا نتزيد إذا حكمنا بأن عمر -رضي الله عنه- هو أول ناقد للمعنى، حيث أقامه على أصول واضحة.
تواضع العظيم
عن سعيد بن المسيب قال: كان عمر جالسًا مع قوم يتذاكرون أشعار العرب، اذ أقبل ابن عباس، فقال عمر: قد جاءكم أعلم الناس بالشعر، فلما جلس قال: يا ابن عباس، من أشعر العرب؟ قال: زهير بن أبي سُلمى. قال: فهل تنشد من قوله شيئًا تستدل به على ما قلت، قال: نعم، امتدح قومًا من غطفان يقال لهم بنو سنان فقال:
لو كان يقعد فوق الشّمس من أحد
قوم لأوّلهم يومًا إذا قعدوا
محسّدون على ما كان من نعم
لا ينزع الله عنهم ما له حسدوا
قال الجاحظ: كان عمر أعلم الناس بالشعر، ولكنه لما ابتلي بالحكم بين الحطيئة والزبرقان كره أن يتعرّض له بنفسه، فاستشهد حسان وأمثاله ثم حكم بما يعلم.
قلت: وهذا من تواضعه وكمال أخلاقه.
وأنشد رجل عمر بن الخطاب، رحمه الله، قول طرفة:
فلولا ثلاث هنّ من عيشة الفتى
وجدّك لم أحفل متى قام عوّدي
فقال عمر: “لولا أن أسير في سبيل الله، واضع جبهتي لله، وأجالس أقوامًا ينتقون أطايب الحديث كما ينتقون أطايب التمر، لم أبال أن أكون قد متّ”.
وهذا يدل على مبلغ لذته، ومقدار متعته بطرائف الأدب، التي يعدها من أبرز متع الحياة، وأغلاها على قلبه ونفسه؛ التي لا يبال الموت لو حرم نصيبه منها!
مع الخنساء
كانت الخنساء أشهر شواعر العرب، وأشعرهن، شعرا على الإطلاق.
جلَّ شعرها في رثاء أخويها “صخر ومعاوية” .
بدأت تجربتها الشعرية بقول البيتين والثلاثة، حتى إذا قُتل أخواها أكثرت وأجادت.
وكان صلى الله عليه وسلم يستنشدها، ويعجبه شعرها، ويقول: هيه يا خُناس.
ذكروا أنها أقبلت حاجَّة، فمرت بالمدينة ومعها أناس من قومها، فأتوا عمر بن الخطاب، فقالوا: “هذه خنساء، فلو وعظتها، فقد طال بكاؤها في الجاهلية والإسلام” ، فقام عمر وأتاها، وقال: يا خنساء! فرفعت رأسها، فقالت: ما تشاء، وما الذي تريد؟ فقال: ما الذي أقرح مآقي عينيك؟ قالت: البكاء على سادات مضر، قال: إنهم هلكوا في الجاهلية،وهم أنضاء اللهب وحشو جهنم ، قالت: فداك أبي وأمي، فذلك الذي زادني وجعاً، قال:
فأنشديني ما قلت، قالت: أما أني لا أنشدك ما قلت قبل اليوم، ولكني أنشدك ما قلته الساعة، فقالت:
سقى جدثاً أعراق غمرة دونه
وبيشة ديماتُ الربيع ووابلهْ
وكنت أعير الدمع قبلك من بكى
فأنت على من مات قبلك شاغله
وأرعيهم سمعي إذا ذكروا الأسى
وفي الصدر مني زفرةٌ لا تزايله
فقال عمر: دعوها فإنها لا تزال حزينة أبدا…
مع حميد بن ثَوْر الهلالى
لما تقدم عمر بن الخطاب إلى الشعراء، أن لا يشبب أحد بامرأة إلا جلده، فخرج حميد بن ثور من عقوبة عمر بقوله:
فهل أنا إن علّلت نفسي بسرحة
من السّرح مسدود عليّ طريق
أبى اللهُ إلا إن سَرْحَةَ مَالِكٍ
على كُلّ أفنانِ العضاه ترُوق
كنى عن المرأة بالسرحة.
بين تميم بن مقبل والنجاشي
استعدى تميم بن مقبل عمر بن الخطاب على النجاشي، فقال: يا أمير المؤمنين، هجاني، فأعْدِني عليه، قال: يانجاشي ما قلت؟ قال: يا أمير المؤمنين، قلت ما لا أرى أن علي فيه إثماً، وأنشدَ :
إذا الله عادى أهل لؤمٍ وذلةٍ
فعادى بنى العجلان رهط ابن مقبل
فقال: إنّ الله لا يعادي مسلمًا، فقال:
قبيلة من لا يغدرون بذمّة
ولا يظلمون الناس حبّة خردل
فقال عمر: ليتني من هؤلاء. قال:
تعافُ الكلابُ الضاريات لحومهم
وتأكل من عوف بن كعب بن نهشل
فقال: كفى ضياعاً من تأكل الكلاب لحمه! قالوا: فقال
ولا يَرِدون الماء إلا عشيةً
إذا صدر الوُرّاد عن كل منهل
فقال: ذلك أصفى للماء، وأقل للزّحام، فقال:
وما سمي العجلان إلا لقولهم
خذ القعبَ فاحلب أيها العبد واعجل
قال عمر: خير القوم أنفعهم لأهله، فقال تميم: فسله عن قوله:
أولئك أولاد اللئيم وأسرة ال
لئيم ورهط العاجز المتذلل
فقال عمر: أما هذا فلا أعذرك عليه، فحبسه وضربه.
بين الزبرقان والحطيئة
قدم الزبرقان بن بدر على عمر يستعديه على الحُطيئة، فقال: إنَّه قد هجاني. قال: وما قال لك؟ قال:
دعْ المكارمَ لا ترحلْ لبغيتها
واقعدْ فإنَّك أنت الطاعم الكاسي
فقال عمر: أما ترضى أن تكون طاعماً كاسياً؟ قال: لا والله لولا الإسلام لأنكرتني. قال: ما أعلمه هجاك، ولكن أدعو ابن الفُريعة- قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: الْفُرَيْعَةُ بِنْتُ خَالِدِ بْنِ خُنَيْسٍ، فلما جاءه حسّان. قال له عمر: أهجاه؟- وَعمر يعلم من ذَلِك مَا يعلم حسان وَلكنه أَرَادَ الْحجَّة على الحطيئة- قال: لا، ولكنه سلح عليه، فقال عمر للحطيئة: لأحبسنَّك أوْ لتكفنَّ عن أعراض المسلمين. قال أمير المؤمنين: لكل مقامٍ مقال. قال: وإنك لتهددني فحبسه، فكتب إليه من الحبس:
ماذا تقول لأفراخ بذي مرخٍ
زغب الحواصل لا ماءٌ ولا شجرُ
ألقيتَ كاسبَهم في قعر مُظلمةٍ
فارحم عليك سلامُ الله يا عمرُ
فلما قرأها عمر رقَّ له، فخلَّى سبيله.
ويروى أنّ عمر رضي الله عنه دعا بكرسيّ فجلس عليه، ودعا بالحطيئة فأجلسه بين يديه، ودعا بإشفى- مثقب للأساكفة يثقبون به الجلد- وشفرة، يوهمه أنه سيقطع لسانه.
حتى ضجّ من ذاك، فكان في ما قال له الحطيئة: يا أمير المؤمنين؛ إني والله قد هجوت أبي وأمي، وهجوت امرأتي، وهجوت نفسي، فتبسم عمر وقال: فما الذي قلت? قال: قلت لأمي:
ولقد رأيتك في النساء فسؤتني
وأبا بنيك فساءني في المجلس
وقلت لها:
تنحّي فاجلسي منّي بعيداً
أراح الله منك العالمينا
أغربالاً إذا استودعت سرّاً
وكانوناً على المتحدّثينا
” وكانونا..”الذي يستثقله أصحابه عند الحديث”
وقلت لامرأتي:
أطوّف ما أطوف ثم آوي
إلى بيت قعيدته لكاع
“يُقَال فِي سبّ الْمَرْأَة بالحمق يَا لكاع”
فقال له عمر رحمه الله: فكيف هجوت نفسك? فقال: اطّلعت في بئر فرأيت وجهي فاستقبحته، فقلت:
أبت شفتاي اليوم ألاّ تكلّما
بسوء فما أدري لمن أنا قائله
أرى لي وجهاً قبّح الله خلقه
فقبّح من وجه وقبّح حامله
وروى عبد الله بن الْمُبَارك أَن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه لما أطلق الحطيئة أَرَادَ أَن يُؤَكد عَلَيْهِ الْحجَّة فَاشْترى مِنْهُ أَعْرَاض الْمُسلمين جَمِيعًا بِثَلَاثَة آلَاف دِرْهَم. فَقَالَ الحطيئة فِي ذَلِك:
(وَأخذت أَطْرَاف الْكَلَام فَلم تدع
شتماً يضر وَلَا مديحاً ينفع)
(وحميتني عرض اللَّئِيم فَلم يخف
مني وَأصْبح آمنا لَا يفزع)
وقد رأى الشيخ علي الطنطاوي الزيادة التي فيها هجاؤه أهله ونفسه دست في الرواية، وعلل ذلك بأن عمر لا يجرأ عليه بمثل ذلك، ولا يأذن به، والحطيئة كان في مقام من يرجو الخلاص ، لا من يزيد على نفسه الذنب. والله أعلم.
وقال عمر: كذب الخطيئة حيث يقول:
وإن جياد الخيل لا تستفزنا
ولا جاعلات العاج فوق المعاصم
وقال: لو ترك هذا أحد لتركه رسول الله صلى الله عليه وسلم. يعني السباق بالخيل.
الزبرقان وابن أبي ربيعة
لما قدم عبد الله بن أبي ربيعة من البحرين على الزبرقان بمائه “تبنان” منعه منه، فعرج على بني أنف الناقة بمائهم “وشيع” فأكرموه، وذبحوا له شاة وقالوا:
لو كانت إبلنا منا قريبة لنحرنا لك، فراح وهو يتغنى فيهم:
وما الزّبرقان يوم يمنع ماءه
بمحتسب التقوى ولا متوكل
مقيم على تبنان يمنع ماءه
وماء وشيع ماء ظمآن مرمل
فركب الزبرقان إلى عمر فاستعداه على ابن ربيعة.
فقال: إنه هجاني، فسأل عمر عن ذلك ابن ربيعة ، فقال له: إني نزلت على مائه فمنعني عنه.
فقال عمر: يا زبرقان أتمنع ماءك من ابن السبيل؟
قال يا أمير المؤمنين، ألا أمنع ماء حفر آبائي مجاريه ومستقره، وحفرته أنا بيدي!
فقال عمر: والذي نفسي بيده لئن بلغني أنك منعت ماءك من أبناء السبيل لا ساكنتني بنجد أبداً.
أبو شجرة السلمي
أتى أبو شجرة السلمي عمر بن الخطاب رحمه الله يستحمله، فقال له عمر: ومن أنت؟ فقال: أنا أبو شجرة السلمي، فقال له عمر: أي عُدَيّ نفسه، ألست القاتل حيث ارتددت:
وَرَوَّيْتُ رُمْحِي مِنْ كَتِيبَةِ خَالِدٍ
وَإِنِّي لَأَرْجُو بَعْدَهَا أَنْ أُعَمَّرَا
وَعَارَضْتُهَا شَهْبَاءَ تَخْطِرُ بِالْقَنَا
تَرَى الْبَيْضَ فِي حَافَاتِهَا وَالسَّنَوَّرَا
ثُمَّ عَلَاهُ بِالدِّرَّةِ، حَتَّى سَبَقَهُ عَدْوًا، فَأَتَى رَاحِلَتَهُ، فَرَكِبَهَا رَاجِعًا إِلَى بِلَادِهِ، وَهُوَ يَقُولُ:
قَدْ ضَنَّ عَنَّا أَبُو حَفْصٍ بِنَائِلِهِ
وَكُلُّ مُخْتَبِطٍ يَوْمًا لَهُ وَرَقُ
مَا زَالَ يَضْرِبُنِي حَتَّى خَذِيتُ لَهُ
وَحَالَ مِنْ دُونِ بَعْضِ الرَّغْبَةِ الشَّفَقُ
ثُمَّ ارْعَوَيْتُ إِلَيْهَا وَهِيَ حَانِيَةٌ
مِثْلَ الرَّتَاجِ إِذَا مَا لَزَّهُ الْغَلَقُ
أَقْبَلْتُهَا الْخَلَّ مِنْ شَوْرَانَ صَادِرَةً
إِنِّي لَأَزْرِي عَلَيْهَا وَهِيَ تَنْطَلِقُ
وَكِدْتُ أَتْرُكُ أَثْوَابِي وَرَاحِلَتِي
وَالشَّيْخُ يُضْرَبُ أَحْيَانًا فَيَنْحَمِقُ
حديث بقيلة
كان رجل بالمدينة من بني سليم ؛يقال له جعدة، صاحب نساء، وكان يأخذهن فيعقلهن ويأمرهن أن يمشين، فبلغ ذلك بقيلة الأكبر، فأرسل إلى عمر رضي الله عنه بهذه الأبيات:
أَلا أَبلِغْ، أَبا حَفْصٍ، رَسُولًا
فِدىً لَكَ، مِنْ أَخي ثِقَةٍ، إِزاري
قَلائِصَنَا، هَدَاكَ اللَّهُ، إِنا
شُغِلْنَا عنكُمُ زَمَنَ الحِصَارِ
فَمَا قُلُصٌ وُجِدْنَ مُعَقَّلاتٍ
قَفَا سَلْعٍ، بِمُخْتَلَفِ النِّجار
قلائِصُ مِنْ بَنِي كَعْبِ بْنِ عَمْرٍو
وأَسْلَمَ أَوجُهَيْنَةَ أَوغِفَارِ
يُعَقِّلُهُنَّ جَعْدَةُ مِنْ سُلَيمٍ
غَوِيٌّ يَبْتَغِي سَقَطَ العَذارِي
يُعَقّلُهُنَّ أَبيضُ شَيْظَمِيٌّ
وبِئْسَ مُعَقِّلُ الذَّوْدِ الخِيَارِ
وَكَنَّى بِالْقَلَائِصِ عَنِ النِّسَاءِ وَنَصَبَهَا عَلَى الإِغراء، فَلَمَّا وَقَفَ عُمَرُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَلَى الأَبيات عَزَلَهُ وسأَله عَنْ ذَلِكَ الأَمر فَاعْتَرَفَ، فَجَلَدَهُ مِائَةً مَعْقُولًا وأَطْرَدَهُ إِلَى الشَّامِ، ثُمَّ سُئِلَ فِيهِ فأَخرجه مِنَ الشَّامِ وَلَمْ يأْذن لَهُ فِي دُخُولِ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ سُئِلَ فِيهِ أَن يَدْخُلَ لِيُجَمِّعَ، فَكَانَ إِذا رَآهُ عُمَرُ تَوَعَّدَهُ؛ فَقَالَ:
أَكُلَّ الدَّهرِ جَعْدَةُ مُسْتحِقٌّ
أَبا حَفْصٍ، لِشَتْمٍ أَو وَعِيدِ؟
فَمَا أَنا بالْبَريء بَرَاه عُذْرٌ
وَلَا بالخَالِعِ الرَّسَنِ الشَّرُودِ
حديث سحيم
أنشد سحيم أمير المؤمنين عمر -رضي الله عنه-:
عميرة ودع إن تجهزت غاديا
كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا
فقال عمر : لو قلت شعرك كله مثل هذا لأعطيتك
نظرة في الهجاء
نهى عمر بن الخطاب الناس أن ينشدوا شيئًا من مناقضة الأنصار ومشركي قريش، وقال: في ذلك شتم الحي بالميت وتجديد الضغائن، وقد هدم الله أمر الجاهلية بما جاء من الإسلام”.
وقال :”إني كنت نهيتكم أن تذكروا مما كان بين المسلمين والمشركين شيئًا دفعًا للتضاغن عنكم، وبث القبيح فيما بينكم، فأما إذ أبوا، فاكتبوه واحتفظوا به” قال: “فدوَّنوا ذلك عندهم.
تحياتي واحترامي وتقديري لما كتبت فهو زاخر بالمعلومات والشعر ونقده ومعرفة بعمر بن الخطاب رضي الله عنه وبلاغته وحسن ذائقته للعربية واصولها وهذا ليس بغريب عليه رضي الله عنه فقد اسلم بعدما سمع القران من اخته واستزاد منه .اجدت وابدعت دكتور احمد الزبيدي والله يعطيك العافية مقال محكم رصين مع الحب والتحية والاحترام والتقدير تحياتي .مهند الشريف
السلام عليكم يا ابو محمد
كعادتك أتحفتنا بجديدك ومعلومات عن الصحابي الجليل عمر بن الخطاب كشاعر لأول مرة أعرفها فجزاك الله خيرًا
مقال جميل وسرد رائع كالعاده
رمضان مبارك علينا وعليكم جميعا دكتورنا العزيز😊
بارك الله في قلم الأخ الكريم والصديق العزيز الدكتور أحمد الزبيدي على ما أتحفنا به من هذه السيرة العطرة للرجل الصالح سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه. هذه الدرر متناثرة في بطون الكتب ولكن أستاذنا جمع شتاتها ونظمها في سلك واحد وأخرجها -كعادته- في حلة أدبية أنيقة. ويتضح من مجموع هذه الروايات -إن صحت- ولا شك أنّ لها أصلًا صحيحًا، أن سيدنا عمر بن الخطاب كان بصيرًا بالشعر، ناقدًا له، يدل الناس على محاسنه، ويقضي بين الناس فيما يختلفون فيه.
وفي المقال ما لا يتصل بسبب إلى الخليفة الثاني كالحديث عن سيدنا أبي بكر وابنته عائشة، وكذلك الحديث عن النبي ﷺ وعن أنه لم يكن يستشهد بالشعر إلا وفيه انكسار، كقوله فيما تزعم الروايات: كفى الإسلامَ والشيبَ للمرء ناهيًا، والصواب: كفى الشيبَ والإسلامَ إلخ. وفي رأيي أن حفظ النبي ﷺ للشعر لا يعني أنه كان يحسن نظمه. فليس كل من يحفظ الشعر يستطيع قرضه. ولعل هذه الرواية وأمثالها مما اخترعه المتأخرون لإثبات إعجاز القرآن، بدليل أن ثمة روايات أخرى تقول إنه كان يتمثل بالشعر موزونًا. والله أعلم.
لا شك أن منهج الدكتور أحمد في كل ما يكتب، في هذه المجلة وغيرها من المجلات، صار واضحا؛ فهو يريد أن يعيد الشخصيات الإسلامية إلى وجداننا وعقولنا وقلوبنا، حيث ينبغي أن تكون، حيث رباهم محمد صلى الله عليه وسلم تلك التربية الفريدة على عينه، فنُشِّئوا كما يريد قادة الدنيا ؛ علما ، وعملا، وصلاحا، وتقى، وورعا،،،،،
لله درك يا دكتور زبيدي وكثر من أمثالك، فإنك بهذا الصنيع تحببنا أكثر بلغتنا العربية وديننا الحنيف.
بارك الله فيك يا دكتور زبيدي، فإنك كشفت لنا عن جانب مهم من جوانب شخصية الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه
فالشكر لك وللبعد المفتوح، فما احوجنا لمثل هذا.
أكاد أجزم أن كثيرا من القراء أمثالي كانوا يجهلون ما كتبته عن سيدنا عمر زاده الله رفعة وزادنا حبا فيه، وأثقل ميزانك بالحسنات.
أخي الفاضل أحمد، شكرا أولا على المقال الجميل والمفيد..
لفتتي في مقالك قول الشعبي بأن عمر كان شاعرا، وأنت قد رددت قول الشعبي بالدليل من عمر نفسه، وسؤالي، هل حكم عالم آخر غير الشعبي بشاعرية عمرا؟
أهلا وسهلا بأخي الفاضل
في الحقيقة، على كثرة ما قرأت عن سيدنا عمر قديما وحديثا، لم أعثر على نعت عمر بالشاعر سوى نعت الشعبي:” كان عمر شاعرا” وقول الأصمعي في بيت قاله عمر:” فلا أدري أتمثل به أم قاله”
وقد رددنا على دلك.
نعم الكلام والشعر والمعلومات القيمة دمت بود دكتور احمد الحبيب