محمد عبد الله البريكي يتوسط الشعراء ومقدمهم بعد تكريمهم من اليمين د. محمد بشير الأحمد وآية وهبي و عبد الرحمن عكاشة و فاتح البيوش
الحضور
الشارقة – “البعد المفتوح”:
أحيا كل من الشاعر السوري فاتح البيوش، والشاعرة السودانية آية وهبي، والشاعر المصري عبد الرحمن عكاشة، أمسية نعانقت فيها القصائد فعبقت بشذاها الأجواء ضمن فعاليات “منتدى الثلاثاء” في “بيت الشعر” بالشارقة الثلاثاء 28 مايو 2024 بحضور الشاعر محمد عبد الله البريكي مدير “بيت الشعر” قدم لها الدكتور محمد بشير الأحمد الذي بدأ كلامه برفع آيات الشكر لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، على رعايته للقصيدة والهوية والأخلاق العربية، مثنيًا على بيت الشعر في دائرة الثقافة في الشارقة لدعمه الإبداع والمبدعين، وعلى ما حققه من النجاحات.
في البداية ألقى الشاعر فاتح البيوش -وسط تفاعل الحضور الذين غصت بهم قاعة الأمسية- مجموعة من قصائده بخصوصية أسلوبه الشعري وصوره الجميلة توجه في إحداها بأجوائها العاطفية إلى “جميلة” التي ” كانتْ للنقاء رسولةً” وفيها قال:
على حائطِ المَنفى نموتُ تَوَجُّعا
ونُبعثُ من نِطْعِ التَّغرُّبِ أدمُعا
فتُولدُ من جَذرِ الشَّتاتِ جراحُنا
لتصبحَ في عتمِ الأزقةِ أفرُعا
ففي كل فرعٍ للدموعِ مناسكٌ
وكلّ زقاقٍ بالبلاءِ تَرصَّعا
ووجهٍ طفوليٍ كوجهِ جميلةٍ
كخيطِ ضياءٍ في العيونِ تَسكَّعَا
كأنَّ مرايا الدمعِ حين تَكسَّرتْ
على خدِّها مثلُ الجُمانِ تَوضُّعا
ففي خدِّها تجري الحياةُ جداولاً
كساقيةٍ تغري العيونَ لتشفعا
ولستَ ترى إلا عيوناً تنسَّكتْ
بمحرابها صلَّى الجمالُ تورُّعا
جميلةُ كانتْ للنقاء رسولةً
على صوتها تجثو البلابلُ خُشَّعا
فكانتْ كأمٍ للطفولةِ كلِّها
وخيرَ صديقٍ للمَحبَّةِ قد دعا
فكم هطلتْ مثلَ الغمامِ براءةُ
إلى مثلها يسعى الغمامُ تطوُّعا
إذا ضحكتْ غنَّى الصباحُ نشيدَهُ
ورقَّصَ أسرابَ النسيمِ ودَلَّعا
تقولُ لمنْ أفنى المسيرُ شبابَه
ألا أيُّها المنفيُّ يكفي تَلوُّعا
تقولُ وقد أبدى السكونُ وقارَها
فعرَّشَ صمتٌ إذْ تَدلَّى فأينعا
ألا عُدْ فإنَّ الشوقَ أتلفَ مهجتي
وذوَّبَ روحاً في هواكَ وأضلُعا
قلتُ لها: إنِّي أتيتُ مُوزَّعاُ
شظايا شعاعٍ في الزجاجِ تَجمَّعا
وقد جئتُ إنساناً على شكلِ دمعةٍ
يطوفُ بقبرٍ ثمَّ راحَ مودِّعا
ومن قصيدته “على هسيس الكحل” قوله :
نزفتْ على غصن الغيابِ الأدمُعُ
وتوسَّدتْ بردَ الرصيفِ الأضلُعُ
وتناهبتْ أمنَ الفؤادِ عيونُها
والكحلُ في أهدابها يتسكعُ
صِرْتُ المشرَّدَ في مدائن عشقها
وعلى مفارقِ حبِّها أتوزَّعُ
وأنا الغريبُ كنورسٍ عَبَرَ المدى
وبلادُهُ في صدره تتوجَّعُ
كانت المنصة بعد ذلك للشاعرة آية وهبي فأنشدت عددًا من قصائدها المفعمة بالبعد الإنساني وعالم الأخلاق والقيم معبرة بكلماتها الرقيقة الشفافة قالت في
قصيدتها “يمشي وحيدا”
صبراً؛ فإنك في الحالينِ ممتحنٌ
لا يُكتبُ الفوزُ إلا للذي صبَرا
كنْ طيفَ حبٍّ وأشرقْ في المدى قيَماً
نوراً على الأرضِ يَهديْ ضوؤه البشرَا
الناسُ بالنَّاسِ لا الشكوىْ تنفِّرهم
ولا غروركَ يدنيْهم ولو كثرَا
غداً ستحتاجهمْ ؛ فالعمرُ مرتحلٌ
ماذا يفيدكَ لوْ قدْ جئتَ معتذرَا؟
وختم الإلقاء غي الأمسية الشاعر عبد الرحمن عكاشة بسبكه القوي وعباراته المتماسكة بدلالاتها التي انعكس صداهاى في تجاوب الحضور . في قصيدته “خلته صلدًا” يطرح سؤاله المتضمن إجابته: “أيهونُ قلبي؟ لو أطقتُ رميتُهُ” وغيها قال:
للعشقِ أفئدةٌ تجرجرُ ذيلَها
جرحى وليلٌ سهدُه أشعارُ
ولرُبَّ قلبٍ يا هُنيدةُ خِلْتِهِ
صلدًا ومنهُ تفجرَتْ أنهارُ
ما كلُّ شيءٍ في الحقيقةِ حالُهُ
يبدُو عليه فبعضُنا أحرارُ
ثق ة بث 5 برغل
الحبُ مأساةٌ بألفِ روايةٍ
وعلى المسارحِ كلُّنا أدوارُ
فلإنْ نسيتِ فما نسيتُكِ مُهجتِي
أبدًا ولا انطفأتْ لحبيَ نارُ
ولإنْ سُئلتُ عن الديارِ لقلتُ: لي
في مُقلتَيكِ حدائقٌ وديارُ
إنّي اكتفيتُ من التظاهرِ فاسمحِي
أنْ تعزفَ اسمَكِ في الضحى الأوتارُ
كم سرتُ لا أدري لنفسي وجهةً
فتشمُني بأنوفِها الأخبارُ
وأقولُ: لا أحد وأنتِ بخاطرِي
وتطوفُ حولَ مقامِكِ الأفكارُ
يا هندُ لولا الحبُّ في أضلاعِنا
ما كانَ حيٌ بالحياةِ يُثارُ
يا هندُ إنّي والذي خلقَ السما
من بعدِ نَأْيِكِ ضمَّني التّذكارُ
وأقمتُ ليلي في لقاهُ، وكانَ لي
بعد الصلاةِ مع الهوى أذكارُ
عَقد مضى والشوقُ يسبحُ في دمِي
وتضفيهُ لحقائِبِي الأسفارُ
حتى تعبتُ فجئتُ بيتَكِ خاطبًا
فتقدمتْ من أهلكِ الأعذارُ
وذكرتُ قولًا لابنِ هانئَ صُغتُهُ
لا شئتَ بل ما شاءَتِ الأقدارُ
هذا هو التاريخُ يشهدُ أنّهُ
بين الأحبةِ دائِما أسوارُ
وخرجتُ أمشي والطريقُ يشدُّنِي
ماذا جنيتُ؟ وما لديَّ خيارُ
في الفقهِ قالوا للضرورةِ حكمُها
فمتى الضرورةُ حكمُها إعصارُ
أيهونُ قلبي؟ لو أطقتُ رميتُهُ
لكنّهُ منّي وأنتِ دِثارُ
ويعبر في “لمن سأشكو” عن مشاعره الحزينة مبينًا نظرته إلى الحياة والناس:
مِن أجل حزنيَ هامَ الحبرُ والورقُ لمِن سأشكُو إذا ما هدَّني الأرقُ
لكلِّ شخصٌ أبٌ إنْ مسَّه قدرٌ
ولي مع القدرِ الأسقامُ والقلقُ
ما كانَ أحوجَني حِبي إليكَ هُنا
لمَّا أضعتُ الخطى واختارني الغرقُ
رحلتَ دون وداعٍ أو معانقةٍ
أخلتْ أنِّي سأنسى؟ لا، سأحترقُ
هذا الحنينُ الذي أودعتَه رئتِي
هذي الطفولةُ في ما بيننا عبقُ
هذي ثيابُكَ ضمَّتْ أدمعِي ودمِي
هذا مكانُك مملوء به الأفقُ
هذا حديثُك في أُذْنِي وفي شفتِي
هذا ربيعُكَ تؤوي رسمَهُ الحدقُ
حتى الأرائِكُ والجدارنُ تسألنُي
والزرعُ في حقلنا والطيرُ والطرقُ
إن القلوبَ التي أترعتَها أملًا
تكادُ مِن شوقِها بالحزنِ تختنقُ
ليتَ المنايا فدتكَ بِي وما ظلمتْ
قلبِي وأهلِي ومَن في حبِّهم صدقُوا
وفي النهاية دعا مقدم الأمسية مدير “بيت الشعر” إلى المنصة لتكريم الشعراء ومقدمهم ، وهكذا كرّم الشاعر محمد عبد الله البريكي الشعراء ومقدمهم ملتقطًا معهم صورة تذكارية.
زر الذهاب إلى الأعلى
الشارقةبيت الشعر والشعراء
داعمة للابداع والمبدعين…. أمسية وعمل شعري ثقافي دؤوب …
وحرص دائم على إعلاء صوت الحرف العربي ليكون سماء وقصيدة..