مقالات

“التعافي بالحُب” أمل حاجي    –    الإمارات

أمل حاجي

كثيرٌ منا في هذه الحياة يجهلون إدارة الاختلاف مع الآخر، يُعلنون الرفض ويتفنون برفع شعار الإقصاء والحذر في التعامل، يُبالغون دوماً بردود أفعالهم ويُمارسون فِعل الاحتجاج وإعلان الحَرب، وذلك إن دلَّ، فإنه يكشف خللًا مُعينًا في الفِكر.

علاوة على ذلك،  التخلي عن حُسن الإنصات ومحاولة فِهم الآخر، قد يؤديان إلى إعلان حالة الرفض والإعراض، كما أن عدم الإقرار بكينونة الآخرين يؤثر في انعكاس صورتهم الذهنية عن أنفسهم، خاصة مع أولئك الذين لايُجيدون التعامل مع الرفض ويظلون داخل قوقعة من الأحزان.

وبدوري أود هنا أن أشير إلى وسيلة ناجحة يتصرف المرء من خلالها بشكل مُختلف، وهي قبول الآخر وإنهاء حالات القلق المُصطنعة، القبول الذي يعني الاقتناع والبدء في الممارسة فعلياً، وذلك سوف يتحقق من خلال التصالح مع أخلاقياتهم وثقافاتهم، فقبول الآخر ضرورة إنسانية واجتماعية، والمواظبة على ذلك السلوك والاستمرارفي تطبيقه سينقلنا حتماً من حالة الامتعاض والغيظ إلى السكينة والهدوء.

لماذا لا تُجرب النفس أن تحيا بسلام داخلي وحقيقي، تتعاطى الحُب في حديثها وسلوكها وإن كان ذلك على سبيل التجربة؟

أجل، لماذا لانُقابل شعور الرفض بالحفاوة والثناء؟

لماذا لاننهض اليوم ونستقبل الصباح بابتسامة عريضة؟

لماذا لا نتصرف بشكل مُختلف ونستشعر”الدوبامين” في أجسامنا، أجل “الدوبامين” وهو الهرمون المسؤول عن الاندفاع المفاجئ للسرور والتأثيرات الممتعة.

جميعنا نأتي إلى هذه الدنيا بقلب خالٍ من البغضاء والكراهية كما تُصرح به المدرسة السلوكية في علم النفس، لذا نحن بحاجة لأن نخوض رحلة السفر إلى الداخل، رحلة الولوج في جوهر أنفسنا، وحينها سنصل إلى ذلك البَر الآمن وسيعيش جميعنا بسلام حقيقي يبقى أثره وإن غابت الوجوه.

وبرأيي الشيء الأكثر قُدرة على تقديم علاج شامل فعّال هو تعاطي لغة الحُب، وهي اللغة نفسها التي يُمكن استخدامها في تربية الأبناء والتواصل معهم، لأنها ستساعد في بقائهم سُعداء وبصحة جيدة، كما أن المدح اللفظي وكلمات التشجيع وسيلة جيدة للتعافي، أيضاً التخلي عن الغضب والمشاعر السلبية يُعد مُحفزاً قوياً لدعم ثقتنا بأنفسنا.

نحن جميعاً لسنا مرضى في هذا الكوكب، ولكننا حتماً سنتعافى بالحُب لكونهِ الداعم الأول في جلب بواعث التفاؤل، انخفاض مستويات التوتر وتهدئة القلق والمخاوف.

كذلك للتلامس الجسدي أيها الأحبة دور فعّال ومُهم، فحين يتلقى أي منا عِناقاً سيُعطينا الشعور بالأمان، كذلك سيساعد من تخفيف حِدة التوتر وتعزيز السعادة، بالإضافة إلى التأثير الإيجابي الذي يُمكن أن يُحدثه العِناق على صحة القلب وتعزيز وظيفة المناعة.

الحُب أيها الرفاق يصنع الفرح ويُخلصنا من الضغينة، هو الذي يمنح الحياة طَعْم البهجة ونكهة العيش الكريم، وبالنسبة لي أنا مؤمنة على الدوام بأن الحُب بحد ذاته قُوة عِلاجية لا مثيل لها، فالأشخاص الذين يُعانون من أمراض جسدية ولكنهم مُحاطون بالحُب، ستكون لديهم استجابة أفضل للعلاج وحافز أقوى للوصول إلى مرحلة الشفاء.

يقول الحلاج : “الناس موتى وأهل الحُب أحياء”

 ويقول شمس التبريزي : “ما تُريده لن يأتي إليك بدون أن تذهب إليه”.

لذا نحنُ نتعافى ونمتلئ صحة وسعادة بالحُب، فالحب هو الذي يحافظ على العلاقات الصحية والسعيدة، ومن خلاله تختفي كل الحواجز ويزيد شعورنا بالدفءِ والاسترخاء.

لنفترض أن الحُب دواء يسري في أوصال غيرنا، ويُعالج ما لديهم من مشكلات ومُعاناة، هل سيتردَّد أيٌ منا في منحهِ؟

إذا كان الحُب هو السبيل إلى الإبتسامة والتسامح وسلامة الدواخل هل سيعترض أحدنا؟

لنفسك عليك حقٌّ من الحُب، وكما يقول عالم النفس روبرت ستيرنبرغ ” إنه دون التعبير عن الحُب يُمكن أن يموت أعظم المُحبين”. مع وضع ذلك في الاعتبار، افتح قلبك وأظهر حبك لأن هذه هي الطريقة الأكثر فعالية لتحصد المزيد من فوائده.

اليوم تشبَّع وتشبَّعي بالحُب، ذلك الشعورالعجيب والترياق الناجح، هيا بنا لنغمر أنفسنا وغيرنا به، فأي علاج أفضل من هذا؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى