أخبار

أمسية في “بيت الشعر” امتزجت فيها الوجدانية بحب الوطن

 

محمد عبدالله البريكي يتوسط المشاركين بعد كريمهم من اليمين كاميران كنجو وز د. مجتبى عبدالرحمن و حسين العبدالله

 

 

جانب من الحضور

 

الشارقة    –    “البعد المفتوح”:

أحيا الشاعران حسين العبدالله (سوريا) و د. مجتبى عبدالرحمن مضوّي (السودان) الثلاثاء 1 أكتوبر 2024، أمسية امتزجت فيها الوجدانية بحب الوطن قدم لها كاميران كنجو مشيدًا بعد ترحيبه بالحضور  بتوجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وجهوده في تعزيز الثقافة والفنون والابتكار، ما جعل من الشارقة نموذجًا يُحتذى به في التقدم والازدهار. حضر الأمسية محمد عبدالله البريكي، مدير “بيت الشعر” في الشارقة ، وغصت قاعة “بيت الشعر” بجمهور محبي الشعر الذي تفاعل مع قصائد الشاعرين.

بدأ الإلقاء الشاعر حسين العبدالله بمجموعة من االقصائد متميزة بسلاستها ومتانة سبكها وشفافيتها ومنه قصيدته “سفيرٌ من قلبِ أمي” يعبر فيها عن قيمة هذه العلاقة مع أمه التي”لها كلُّ الصدورِ قبورُ” :

أحبو وتسبقني الدروبُ تسيرُ

ومضى من العمرِ القصيرِ كثيرُ

ما كنتُ مَن فوق الدروبِ يسيرُ

لكنني فوقي الدروبُ تسيرُ

وعَلامَ أُسرعُ والطريقُ معبدٌ بالموتِ والرصفانُ فيهِ قبورُ؟!

أين المسيرُ.. وكلُّ أحلامي التي

شَيدتُها  خلفي فأين أسيرُ؟!

نحو الحبيبةِ؟! أيُّهنَّ؟! فإنني

في ظَنهنَّ  بكلِّهنَّ أسيرُ

نحو السرابِ؟! إذن سأحبو، فالسرابُ

إذا بلغتُ رحابَهُ سيغورُ

نحو المدينةِ حيثُ أُمي؟!

لا تُذكِّرني .. فقد يغتالني التذكيرُ

أُمِّي..تعالَ بذكرِها ننسَ الهمومَ

فذكرُ أمي – يا سميرُ – سميرُ

للشمس ِ كرسيٌّ هناك ببيتِنا

فرفاقُ أمي الشمسُ والتنورُ

وحصيرُها في الحَيِّ كان حَرَملكًا

وتغارُ من ذاكَ الحصيرِ قصورُ

وبكفِّها مسكٌ وسَلْ حبلَ الغسيلِ

فلم يزلْ يبكي وفيه عبيرُ

وبَخورُها من دَخنةِ التنورِ يا

باريسُ هل مِن مثلِ ذاك عطورُ؟

ووَضوءُ أمي حفنتانِ من الفراتِ

لذاكَ يسكنُ وجهَ أمي النورُ

وإذا حكتْ فكأنما نطقَ الفراتُ

فصوتُها عذبٌ وفيه خَريرُ

وبعينِها حَوَرٌ وألفُ قصيدةٍ

ما (الـمونَلِيزا) حين تُذكرُ حُورُ؟!

أحتاجُ بحرًا يا خليلُ لأجلها

لم تُوفِ أمي يا خليلُ بحورُ

فأراه ينقصُ كاملٌ في وصفِها

وبوصفِها إن الطويلَ قصيرُ

أمي التي للجارِ نِصفُ رغيفِها

والضيفُ يأكلُ نِصفَهُ وطيورُ

سلطانةً كانت لأعظمِ دولةٍ

فيها تساوى حاجبٌ ووزيرُ

في قلبِ أمي دولةُ الحُبِّ التي

منها أنا للعالمينَ سـفيرُ

شَيَّعتُها .. والشمسُ خلفَ غمامةٍ

تبكي وشيَّعها معي العُصفورُ

والبابُ أمسكَ نعشَها: لا ترحلوا

ردُّوا (الحَنونةَ) … ثم ناحَ الدُّورُ

وعلامَ يا حفَّارُ تحفرُ قبرَها؟!

أمي لها كلُّ الصدورِ قبورُ

وحثوتُ..لم أحثُ الترابَ وإنما

روحي حثوتُ وفي الضلوعِ زئيرُ

ورجعتُ.. والدربُ الذي سِرنا به

نبتَت عليه قصيدةٌ وسطورُ

حتَّامَ أبقى يا دروبِ مهاجرًا

ومتى لأمي يا دروبُ أحورُ؟!

 ومما ألقاه قصيدته “ردائي” في

حب النبي محمد صلى الله عليه وسلم تصوير مؤثر وعبارات شعرية مرهفة تفوح صدقًا:

أنا والشعرُ بتنا الليلَ أسرى

بمَنْ ليلًا بهِ الرحمنُ أسرى

ومـا أدري وطيفُكَ قد أتاني

أَشفْعًا كانَ أَمْ صلَّيتُ وِترا

وجاءتْ تحتسي من كاسِ شِعري

سعادُ، فقلتُ لا أَسقيكِ خمرا

حُروفي يا سعادُ اليومَ شهدٌ

فَإنِّي للنبيِّ نذرتُ شِعرَا

سألتُ البدرَ يُقرضني سناهُ

لأجعلَ للقريضِ سناهُ حِبرا

وإذْ بالشمسِ نحويْ قد تدلَّتْ

تُسابقُ يا حبيبُ إليكَ بَدرا

وحينَ كتبتُ: “أحمد” فوقَ سطري

يَراعي إذْ تجلَّى الإِسمُ خرَّا

وحينَ رفعتُ عن سطري يَراعي

بكى كالجذعِ سطري قلتُ: صَبرا

بُعثتَ وطالَ قبلَ البعثِ ليلٌ

فمَرحى بالذي قد جاءَ فجرا

ومُذْ أُرسلتَ ما غابت شموسٌ

فشمسٌ في السماءِ وأنتَ أُخرى

ربيعًا صارَ وجهُ الأرضِ طلقًا

وقبلَ محمَّدٍ قد كانَ قَفْرا

كأنَّ الأرضَ عطشى قبلَ طه

وصبَّ اللهُ من كفَّيهِ نهرا

أتيتَ مُعلِّمًا وإلى جِنانٍ

رسمتَ مَحجَّةً بيضاءَ غَرَّا

وأعظمُ عورةٍ في الناسِ جهلٌ

وجاءَ محمَّدٌ للناسِ سِترا

ولو أنَّا دَخلنا غارَ “إِقرأْ”

لما كُنَّا دخلنا اليومَ جُحرا

ولولا أنْ تفرَّقنا لفُزنا

كفوزِ سُراقةٍ بسِوارِ كِسرى

كتمتُ الهمَّ في قلبي سِنينًا

وباحَ الشَّيبُ ما أبقاهُ سِرَّا

هي الأيامُ جزرٌ ثمَّ مَدٌّ

وكم حسبَ الأنامُ الخيرَ شرَّا

وكم قَصَمتْ صُروفُ الدَّهرِ ظَهرًا

وشاءَ اللهُ بعدَ العُسرِ يُسرا

وكم خِلٍّ مددتُ لهُ يميني

وحينَ احتجتُ يُمناهُ تبرَّا

فيا مَن جئتَ طيفًا جُدْ بوصلٍ

جراحي كلُّها بالوصلِ تَبرا

وشطرَكَ عاشِقًا يمَّمتُ قلبي

فرِفقًا لا يُطيقُ القلبُ شَطرا

وأَسري فيكَ أرجو فيهِ خُلدًا

لقيدِ الحُبِّ لستُ أُطيقُ كَسرا

حبيبَ اللهِ شعري كان مُزجى

ولكنْ فيكَ صارَ الشِّعرُ تِبرا

بمدحِكَ ما بَنيتُ بُيوتَ شِعرٍ

أُشيِّدُ عندَ عرشِ اللهِ قَصرا

وعُذرًا دونَ قَدرِكَ كانَ مَدحي

فقَدْري دونَ مَدحكَ، منكَ عُذرا

“محمَّدُ” في اللسانِ تَفوحُ مِسكًا

وفي القرطاسِ تكسو الحرفَ دُرَّا

عسى الرحمنُ يجعلُها رِدائي

حُروفي فيكَ يومَ الناسُ تَعرى

واعتلى المنبر الشاعر د. مجتبى عبدالرحمن منشدًا قصائد نفيض وجدانية وتحمل في الذاتية رسائل ودلالات إنسانية،  وهو يحجز مقعده من كل عطر كما يقول:

غنائي الآنَ مقتبسٌ ككلّ

الذين تقمصوا شكل المغني

فلا الفجر المواربُ ذاق شمساً

ولا ريحُ المواسمِ نبّهتني

أصدقُ قبلةّ لم تخش إلا

هداهدها إذا سجدوا لغصني

وأكذبُ ربّما لو قلتُ بعضي

سلا كُلي وخمري ودعتني

وأحجزُ مقعدي من كل عطرٍ

وأحرق غابتي في كلّ ظنِ

أعدّيني لبحركِ يا سماءً

إذا حدقتُ فيها أغرقتني

لآخرِ خفقةٍ شرحتكِ وقعاً

على الطرقِ التي خان التأنّي

لأنصبني على بابِ الحكايا

وأنسبَ لي بداية كل فنّ

وأعبرَ معطيات اللونِ كيما

أقولَ لظلّك المحمرّ خذني

وأمثلَ في عطايا الله حتى

أصيحَ بأولِ المارينَ إني

هي اللغةُ المعدّةُ للتسامي

وتهذيب الملاحةِ في التمني

مفارقةٌ من المعنى الإضافي

ودحرجةٌ إلى المغزى الأجنّ

وتفسيرِ الـ” أحبك حين تعصى

مقاربةُ المُكنّى للمُكنّي

لأنكِ لم تُديري بَعدُ كوناً

من الحفلاتِ قبلي.. أو لأنّي

نكررُ خطوتينا حين نمضي

إلى قمرٍ من الفوضى مُرنِّ

فقد حان الزمان بأن يجنّ

 المريدُ بمن أرادَ وأن تجنّي

وأن نتلمس المعنى حثيثًا

بما تعنيه من شغبٍ وأعني

وفي نهاية الأمسية دعا مقدمها الشاعر  محمد عبدالله البريكي  إلى  اعتلاء المنبر ، حيث كرّم الشاعرين  ومقدمهما والتقط معهم صورة تذكارية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. أمسية شعرية وقصائد جميلة معبرة ..
    بيت الشعر والأمسيات الشعرية لقاء ثقافي لتبادل المعرفة ونشر الحرف العربي بالكلمة والشعر والقصيد……

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى