أخبار

 ختام مهرجان الشعر المغربي في مراكش 

مشاركون: مشروع الشارقة الثقافي نتاج رؤية ثقافية متكاملة لحاكم الشارقة

 

عبدالله العويس و محمد القصير و رشيد مصطفى و د. عبد الجليل لكريفة يتصدرون المشاركين

 

مراكش    –    “البعد المفتوح”:
اختتم مهرجان الشعر المغربي فعالايات دورته السادسة التي أقيمت تحت رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، والعاهل المغربي الملك محمد السادس؛ ونظمتها “دار الشعر” في مراكش بالتعاون مع دائرة الثقافة في الشارقة، ووزارة الشباب والثقافة والتواصل المغربية، على مدى 3 أيام بمشاركة واسعة من شعراء ومثقفين ونقاد وفنانين مغاربة.
حضر حفل الختام سعادة عبد الله بن محمد العويس رئيس دائرة الثقافة في الشارقة، والاستاذ محمد إبراهيم القصير مدير إدارة الشؤون الثقافية في الدائرة، ورشيد مصطفى رئيس قسم التعاون في وزارة الشباب والثقافة والتواصل المغربية، قطاع الثقافة، ود. عبد الجليل لكريفة عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية في “جامعة القاضي عياض” في مراكش، وعبد الحق ميفراني مدير دار الشعر في مراكش، وعدد كبير من الأكاديميين والطلاب والمهتمين بالشعر.
وشرّع المهرجان، خلال أيامه الثلاثة المميزة، أبوابه للمبدعين القادمين من مختلف المدن المغربية، مثل: العيون، وطرفاية، وكلمبم، وتارودانت، وجهة سوس ماسة، لتصبح مدينة مراكش ملتقى للمبدعين من الأنحاء المغربية كافة خلال فترة المهرجان الذي شهد زخماً إبداعياً لافتاً ، حيث ضم أكثر من 30 شاعراً وناقداً وفناناً مغربياً.
وفيما كان المهرجان يتنقّل بين مؤسسات ثقافية وأكاديمية ومناطق عدة داخل مدينة مراكش، محتفياً بالقصيدة ومبدعيها، كانت “المدينة الحمراء” تحتفي باختيارها عاصمة الثقافة في العالم الإسلامي للعام 2024، ليكتمل المشهد الثقافي المتصل بالأركان الإبداعية الشعرية والتراثية والتاريخية، وسط حضور كبير يؤكد أهمية الحدث الشعري في المدينة المغربية الجنوبية.

“قادمون إلى المستقبل”
في اليوم الختامي عُقَدت جلسة شعرية صباحية تحت عنوان “شعراء قادمون إلى المستقبل”، شارك فيها: كريم آيت الحاج، وعيني امنيصير، ورشيد فجاوي، ونعيمة موحتاين، وبينما أنشد المبدعون مجموعة من قصائد تحاكي دواخل الشعراء، لامس الحضور نبض القصيدة المنبثقة من أعماق الروح، فقرأ كريم آيت الحاج من قصيدة أهداها إلى ضحايا الزلزال في قريتيه النائية التي تستند إلى سفح جبل، يقول:
أعاند أيامي و أبكي انهزامها كأني                                                  تركت الخيل تأبى لجامها
فلم أر يوما مثل ذاك الذي بكت                                                     بلادي كأن الأرض ألقت سهامها
فدثرنا ليل طويل من الأسى                                                        والقتْ علينا الناتئبات سلامها
ونائحةٍ تحت الركام تشير لي                                                     ففاضت دموع القلب فيضا أمامها
وقد احتشدت قاعة القراءات الشعرية بأكثر من 100 طفل ويافع وشاب كانوا قد شاركوا في دورات الكتابة الشعرية، ودراسة علم العروض خلال عام كامل، وكان لهذا الحضور الكثيف من قبل الطلبة والمهتمين أضافة مهمة للمهرجان، وشكّل فرصة لاجتماع أجيال شعرية متنوعة في مكان واحد، وفي الأمسية الشعرية من اليوم نفسه في حديقة “مولاي عبد السلام”، شارك الشعراء: خديجة السعدي، ومهند دويب (فلسطين)، ونور الدين محقق، وسليمان الدريسي.

“الشعر والسيرة”
وعُقِدت في ثاني أيام المهرجان ندوة نقدية بعنوان “الشعر والسيرة، ذاكرة الشاعر وسير القصيدة”، بمشاركة الباحثين: د. نادية العشيري، ود. عبد الجليل لكريفة، ود. مراد المتيوي، وأقيمت في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في “جامعة القاضي عياض” في مراكش، وحضرها عدد كبير من الأكاديميين والطلاب وجمهور المهرجان.
طرحت الندوة سؤال العلاقة الملتبسة والمشتبكة بين “الشعر والسيرة: ذاكرة الشاعر وسير القصيدة”.
في المداخلة الأولى بعنوان: “القصيدة السيرذاتية: ذات الشاعر بين التسريد والتخييل”، عمّق الناقد مراد المتيوي أسئلة الكتابة الشعرية السير ذاتية في ديوان عبد القادر الشاوي “بالنيابة عني يا أيها القناع” (2023) لإبراز اشتغال السيرذاتي في قصائده، من خلال تجربة شخصية صعبة مر بها الشاعر وحاول بعدها لملمة شظايا ذاته، وتجاوز أثرها بضمير المتكلم الذي يتحول بكيمياء الكتابة إلى صوت الإنسانية جمعاء.
أما مداخلة نادية العشيري، فقد أشارت إلى ارتباط الكتابة السيرية بمدى توفر المساحة، ومفهوم الذات. ونظراً لتوفر هامش من المساحة، والاعتراف بنون النسوة في الثقافة الأندلسية، تناولت الناقدة تقاطعات السيرة مع الكتابة الشعرية النسائية من خلال نماذج من أشعار الشواعر الأندلسيات، وعلى رأسهن ولّادة بنت المستكفي، وما طرحتهُ تجربتها الشعرية من ثورة سببها الأساس في الربط بين تخييلية قصائدها وواقعها الفعليّ، و أما المداخلة الأخيرة فكانت من إلقاء عبد الجليل لكريفة، واختار أن يسائل تنافذ السيريّ والشعريّ من خلال قصيدة الجيلالي مثيرد: “فاطْما”. ولدت هذه القصيدة في تخوم الشعري والاجتماعي؛ إذ هي تعبير عن التشابك بين عديد المكونات الحياتية. وهكذا، عمدت الكتابة الشعرية في القصيدة إلى الاستعارات من أجل التعبير عن واقعٍ مرجعيٍّ.
تلا الندوة جلسة شعرية، اقترحت دار الشعر ان يستمع جمهورها إلى تجاربَ شعرية ينهل شعراؤها في كتابتهم من معين السيرة الذاتية. وهكذا، استمتع الحضور بإلقاءات شعرية متنوعة، لكل من: عائشة عمور التي ساءلت اللغةَ باعتبارها حجاباً، ويوسف الأزرق الحذر من الأمنيات بوصفها مكائد، وأيوب آيت لمقدم الذي يرى في الهموم قلائد في الصدر، وعمر العسري التائه في “7 تْلاوي” بمراكش، حيث تنتصر المتاهةُ على إمكان الوصول إلى الذات.
و ـألقى أيوب آيت لمقدم من قصيدة بعنوان “حنين لخيل الغياب”، يقول:
كابدت قبلك ما ظللت تكابد                                                                فإلى متى يبكي الفؤاد الساهدُ
أرِقًاً،تراود في خيالك غيمة                                                             لتسحَّ في نهر المجاز قصائدُ
أرِقاً، تذوب وليل أنسك موغل                                                          في الشوق يولعه حنين راصدُ
و في مقطع آخر يقول:
من شوق أندلس العتيقة لم تزل                                                       تبكي بليل الذكريات وسائدُ
غابات خيل كم سعت نحو العلى                                                     فهل استهانت بالجياد مرابدُ
كلّا وجرحٌ مقدسيٌ قُسّمت                                                          أجفانه بعد السهاد شدائدُ
من زخرف المعنى المعتق مرة                                                  ستعيده رغم الغياب عوائدُ

“رؤية ثقافية متكاملة”
يرى مشاركون في مهرجان الشعر المغربي أن مشروع الشارقة الثقافي نتاج رؤية ثقافية متكاملة لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، ويمتد ليشمل وطننا العربي ككل، والبعد الثقافي في مختلف مكوناته وأنواعه الإبداعية، ويؤكد هؤلاء أنه مشروع دافع للأمام عجلة الإبداع، بصورة متقنة تبين التوجه الجاد والقيادة الرشيدة في تحقيق الإشعاع الثقافي للمكون العربي.
ويعتبر المشاركون أن مهرجان الشعر المغربي استجاب لكل معايير الابداع من خلال استقطاب أسماء وازنة مرموقة من رواد الحرف عبر ربوع المغرب، وجعل الشعر رافدا رئيسا من روافد الإبداع.
في هذا السياق، تلفت الشاعرة والناقدة عائشة عمور (فائزة بجائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي)، إلى أن مشروع الشارقة الثقافي هو نتاج رؤية ثقافية متكاملة لصاحب السمو حاكم الشارقة، ويمتد ليشمل وطننا العربي ككل، وتشير إلى أن الرؤية تشمل البعد الثقافي في مختلف مكوناته وأنواعه الإبداعية الشعرية و السردية والتشكيلية والنقدية، وكذلك من خلال تنظيم الجوا ئز الثقافية وإصدار المجلات وتنظيم المعارض الفنية والثقافية من قبل دائرة الثقافة في الشارقة، مما جعل الشارقة منارة حقيقية للثقافة والفنون والآداب في العالم العربي.
وتقول حول المهرجان: “وأنا في مدينة مراكش محمولة بهذا الألق الشعري الباذخ أحس أنني أرفل بين الكلمات الدافئة التي يتردد صداها بين الشعراء والنقاد. وأنا سعيدة كون دار الشعر بمراكش هي التي كرست بانتظام ومثابرة هذا الحضور المشرق والبهي. وبهذه المناسبة أتوجه بالشكر لدار الشعر وللمسؤولين الذين يسهرون على رعاية الشعر والشعراء”.
ويؤكد يوسف الأزرق أن مشروع الشارقة الثقافي بأبعاده العربية تحت رعاية حاكم الشارقة، مشروع متميز ومؤثر على مستوى تحقيق نهضة ثقافية حقيقية في جل الدول العربية، ويضيف “كشاعر ومتتبع للأنشطة الثقافية لبيوت الشعر في الوطن العربي ومن ضمنها المغرب، يتضح بشكل جلي، هذا الاشتغال الثقافي العميق، المتواصل، المتعدد والمتجدد للرقي بالشعر والشعراء، وهذا الإصرار المدهش من قبل صاحب السمو حاكم الشارقة على الاعتناء بالبعد الثقافي، التربوي والإبداعي، كما تجدر الإشارة للاهتمام النبيل من دار الشعر بالأطفال، شعراء المستقبل، خصوصا في أنشطة ورشات الكتابة الإبداعية والشعر الممسرح التي تزرع بذور التنشئة الاجتماعية والفنية، وتنمي الذائقة الفنية للناشئة مما يؤكد على روعة الرؤيا الخاصة بحكومة الشارقة في بناء الأجيال المقبلة وتمكينهم من صقل مواهبهم، وتطوير خيالهم وترسيخ قيم المحبة والتسامح في أرواحهم”، ويرى أن مهرجان الشعر المغربي في دورته السادسة، كان عرسا ثقافيا ناجحا بامتياز، يروم ترسيخ التواصل الإنساني العميق و الانتصار لقيم الود والسلام. محيياً بكل محبة وامتنان “دار الجمال، دار الحياة، دار الشعر بمراكش، ودائرة الثقافة في الشارقة على دعمهم المستمر والدافىء للشعر وللشعراء، وعلى المساهمة المبهرة منذ سنوات في الرقي بالشأن الثقافي والإبداعي بالمغرب”، ويشير إلى أن المهرجان كان ناجحا على مستوى مواد البرنامج والأسماء المبدعة المشاركة، كما أنه جعل الشعراء بمختلف تنوعهم كعقد متلألئ وملهم، وكعائلة منسجمة ومتناغمة، وكانت واسطة هذا العقد دار الشعر”.
ويعلق الشاعر محمد كبداني بقوله: “لا يسعنا كشعراء شباب إلا أن نقدّر هذه المبادرة العربية، وأقول: بالشعر سنجد صلة وصل بين ما نريده، وبين ما هو موجود فعلًا، فشكرا للشارقة على مبادراتها الثقافية المتميزة والمتفردة”.
ويرى أيوب لمقدم أن “مشروع الشارقة الثقافي مشروع دافع للأمام عجلة الإبداع، بصورة متقنة تبين القيادة الرشيدة في تحقيق الإشعاع الثقافي للمكون العربي الذي يعد الفرع الأصيل ضمن فروع الهوية المغربية والهيكل الرئيس للثقافة الإنسانية بالبلد”، ويؤكد أن رؤية الشارقة تعد تجربة ناجحة تستحق التثمين والامتنان، لما لذلك من أثر فعال في ترسيخ قيم الإنسانية المتعارف عليها كونيا، ودورها في تشجيع المبدعين على المضي قدما في المشاريع الإبداعية التي يصوغون مجدها، ويشير إلى أن مهرجان الشعر المغربي استجاب لكل معايير الإبداع من خلال استقطاب أسماء وازنة مرموقة من رواد الحرف عبر ربوع المغرب، وجعل الشعر رافدا رئيسا من روافد الإبداع، ويركز أن أن فكرة الورشات الخاصة بالكتابة وتنويع مقرات العرض، كلها مناسبات جميلة ربطت المتلقي بالقصيدة وربطت الشاعر في عالمه.
ويقول كريم آيت الحاج: “إن ما تقوم به إمارة الشارقة في زرع دور الثقافة في مختلف أرجاء العالم العربي، لا يمكن لأي مثقف ومبدع إلّا أن يضع عبارات الثناء والتقدير على مبادرات نحتاجها اليوم أكثر من أي وقت مضى، فالشكر موصول لدار الحب والورد بإمارة الشارقة            و لحاكمها المثقف النبيل. وشاكرون نحن شعراء المغرب العميق دار الشعر بمراكش على صقل المواهب و بعث القصيدة من جديد”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى