هذا البيت من قصيدة حافظ إبراهيم التي أنشدها سنة 1903م عندما كانت غالبية الدول العربية تخضع للاحتلال الأجنبي، القصيدة المشهورة التي تحدثت فيها اللغة العربية عن نفسها، في الوقت الذي بدأت تنتشر فيه الثقافة الغربية واللغات الأجنبية على حساب اللغة العربية، والتي اتهمت آنذاك بالقصور والعجز وعدم مواكبتها لطبيعة العصر.
الكاتب الإماراتي علي سعيد الطنيجي معلم اللغة العربية والمدرب الإبداعي اللغوي والمدرب المعتمد في الكتابة الأدبية وسفير الهوية الإماراتية يصف تحديات اللغة العربية و وتطوّ!ِف إصداراته في مجال أدب الخاطرة. يقول: “حصل نجيب محفوظ على جائزة نوبل للآداب من خلال الأعمال الغنية بدقيق الفكاهة والواقعية الواضحة الرؤية، شكلت فن السرد العربي الذي ينطبق على جميع البشر، وهذا دليل على أن اللغة العربية لا تقل أهمية عن باقي لغات العالم، بل إنها من أقدم اللغات في العالم، وتتميز بغزارة مفرداتها ومعانيها وبثراء تعبيراتها ودقة تراكيبها، مما يجعلها قادرة على التعبير عن أدق الأحاسيس وأعمق الأفكار”.
وعن التحديات التي تواجهها اللغة العربية يقول “تواجه اللغة العربية تحديات كبيرة وفرص واعدة في آن واحد. فهي لا تزال لغة حية يتحدث بها ملايين الناس حول العالم، وتعد اللغة الرسمية في 22 دولة، ولغة القرآن الكريم التي تحظى بمكانة خاصة لدى المسلمين”، ومن جهة أخرى نلاحظ شح استخدامها في التعليم والبحث العلمي في بعض الدول العربية”.
ويشيد علي الطنيجي بالمبادرات الداعمة للمحتوى الرقمي العربي عبر وسائل الإنترنت ووسائل الإعلام مؤكدا على أهمية التركيزعلى جودة المحتوى علميا و فكريًا ولغويًا ومنافسة المحتويات الغربية من حيث النوع والكم، مشيرًا إلى ضرورة نشر الوعي بأهمية اللغة العربية لكونها تمتلك مقومات الصمود والنهوض، والجهود المستدامة للحفاظ على مكانتها وتطويرها.
افتخرت اللغة العربية أيضًا بكنوزها الثمينة فكان لسان حالها يردد دائمًا :
أنا البحر في أحشائه الدر كامن
فهل سألوا الغواص عن صدفاتي؟
يقول عنها: “اللغة العربية عالم آخر، تحمل في طياتها جمالًا خاصًا يمتد عبر مفرداتها وتراكيبها وأصواتها، فهي غنية بالمفردات التي تحمل معاني دقيقة ومتنوعة. الكلمة الواحدة قد يكون لها عشرات المفردات التي تختلف حسب السياق مما يساعد في التعبير بصورة جمالية تذهل العقل، وتمتاز العربية بجمال صوتي فريد، إذ تعتمد على مخارج الحروف الدقيقة وتناغم الحركات. هذا الإيقاع يظهر بوضوح في الشعر العربي، الذي يجمع بين المعنى العميق والجرس الموسيقي الأخاذ، وتسطر بالبلاغة أجمل الألوان وأعذب الألحان، حيث تمكن المتحدث أو الكاتب من إيصال الفكرة بطرق متعددة، مما يجعل النصوص زاخرة بالصور الجمالية والتعبير المجازي، فاللغة العربية ليست مجرد وسيلة تواصل، بل هي فن واحساس، لغة تجمع بين الأصالة والحداثة، وتملك سحرا يجعلها باقية في قلوب وعقول محدثيها وكل من يتذوق جمالها”.
الكثير من الكتاب والأدباء بدأوا بكتابة الخاطرة لكنهم احتفظوا بها في مذكراتهم الخاصة، واتجهوا إلى نشر القصص والروايات، وبعضهم أبدع في مجالي قصيدة التفعيلة والشعر الحر، لكن الطنيجي من الكتاب الذين اعتنى بهذا النوع من الآداب من خلال البحث والكتابة والنشر.
“نبض الخاطر” و”إن أردت العيش أكثر من عمر” سلسلة خواطر من إصدارات الكاتب علي الطنيجي.
في كتابه “إن أردت العيش أكثر من عمر” سيحظى القاريء بالحياة خمسين مرة إضافية من خلال تقمص خمسين شخصية يعيش أحاسيسها ويكتشف أسرارها، هذا ما صرح به الطنيجي في إحدى القنوات التلفزيونية لدى سؤاله عن سر تسمية الكتاب بهذا الاسم، فهو من الكتَّاب الذين برزوا الآونة الأخيرة في مجال أدب الخاطرة، واهتم بهذا النوع من الآداب من خلال البحث والكتابة والنشر.
يقول الطنيجي في هذا الصدد: “أدب الخاطرة يتيح للكاتب التعبيرعن الأحاسيس والأفكار التي تخطر في ذهنه بشكل عفوي وسريع، وهو ما يعكس طبيعة الكتابة الذاتية والمباشرة التي تميز هذا النوع، وتمتاز الخاطرة بإمكانية نقل المشاعر باستخدام الصور الجمالية واللغة الشعرية بأسلوب بسيط ومؤثر، مما يجعلها قريبة من القلب وسهلة التلقي، ورغم بساطة لغة الخاطرة إلا أنها تملك تأثيرًا قويًا بفضل قدرتها على استحضار المشاعر، والخاطرة ليست مقيدة بموضوع معين، ويمكن أن تكون رومانسية، اجتماعية، فلسفية أو حتى ذاتية”.
يرى علي الطنيجي أن الخاطرة تلائم الإيقاع السريع للحياة اليومية، وأنها تعطي مساحة أكبر للكاتب من حيث حرية التعبير وبساطتها مقارنة بأشكال الكتابة الأدبية الأخرى، وعلى الرغم من بروز أعداد ضخمة من الكتاب العرب في مختلف المجالات يوميا، والأرقام الهائلة من المحتويات الرقمية التي تعنى بالمواد الأدبية إلا أن الكاتب العربي يعاني من مجموعة من الهموم.
يقول الطنيجي “هموم الكاتب العربي متنوعة ومعقدة، وتنبع من الظروف السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي تحيط به. هذه الهموم لا تعكس فقط صراعاته الشخصية ، بل أيضا أزمات المجتمعات التي ينتمي إليها وأبرز هذه الهموم، غياب حرية التعبير والصراع مع الهوية والانتماء، والبحث عن الاعتراف والانتشار عالميًا، ورغم هذه الهموم يظل الكاتب العربي رمزًا للإبداع، يحمل على عاتقه مسؤولية التعبير في مجالات الحياة المختلفة، وإضافة إبداعاته في مجال الثقافة والأدب”.
وعن مشاريعه ورؤيته المستقبلية يقول “رؤيتي المستقبلية ككاتب عربي وإماراتي، و معلما للغة العربية تتمحور حول تعزيز المحتوى الأدبي والثقافي، وتشجيع الإبداع والتفاعل مع القراء والمبدعين، وأن أشارك في المبادرات والفرق والجمعيات ذات النفع العام والمؤسسات المختلفة لتحقيق هذه الرؤية”.
الكاتب علي الطنيجي شارك في معرض أبوظبي للكتاب و معرض الرياض للكتاب في المملكة العربية السعودية، واستضيف في قناة “الفجيرة” في حوار حول كتابه “إن أردت العيش أكثر من عمر”، وحوار حول مشواره الأدبي في جريدة “الخليج” الإماراتية وغيرها من وسائل الإعلام.