مقالات

بين العامية والفصحى (10) د . أحمد الزبيدي         –         الإمارات

د. أحمد الزبيدي

ردود على شبهات المستشرقين وجنودهم (4)

(عميد الأدب العربي)  طه حسين

(1889 – 1973 م)

 طه حسين من أكبر الشخصيات الجدلية في العصر الحديث ، وعلى هذا فهو رجل مشهور؛ فلا نعنّي أنفسنا ولا نعني قراءنا بالإسهاب في ترجمته والتبسط في القول فيه، وفي آثاره العلمية والأدبية التي ذاعت وشاعت ؛ حتى ترجمت إلى اللغات العالمية، فلا يهمنا منه إلا ما يتصل بالعامية والفصحى والثقافة العربية والإسلامية.

فالرجل دون غلو ؛ (مُتنبي عصرنا ومالىء مصرنا)، وما قاله الجرجاني في كتابه “الوساطة بين المتنبي وخصومه“: هناك، ننزله على  طه حسين هنا. قال:” وما زلتُ أرى أهل الأدب… في أبي الطيب ‌المتنبي فئتين: من مُطنب في تقريظه، منقطع إليه بجملته، منحطّ في هواه بلسانه وقلبه، يلتقي مناقِبَه إذا ذُكِرت بالتعظيم، ويُشيع محاسنه إذا حُكيت بالتفخيم، ويُعجَب ويعيد ويكرر، ويميل على من عابه بالزِّراية والتقصير، ويتناول من ينقصُه بالاستحقار والتجهيل؛…وعائبٍ يروم إزالتَه عن رُتبته، فلم يسلّم له فضله، ويحاول حطّه عن منزلةٍ بوّأه إياها أدبُه؛ فهو يجتهدُ في إخفاء فضائله، وإظهار مَعايبه، وتتبع سقطاتِه، وإذاعة غَفلاته.  وكلا الفريقين إما ظالمٌ له أو للأدب فيه”.

فمن هو د. طه حسين، وما هي حقيقته دون إفراط او تفريط ؟!

   د. طه حسين بلا شك من كبار الأدباء المُنظرين في الأدب، كف بصره صغيرا، درس في الأزهر، ثم بالجامعة المصرية ونال الدكتوراه، وتخرج من السوربون -في فرنسا- واتصل بالصحافة. وعين محاضرًا في كلية الآداب بجامعة القاهرة. فعميدًا لها، فوزيرًا للمعارف. فرئيسًا لمجمع اللغة بمصر، وقد فتن بالأدب اليوناني، فترجم بعض آثاره، وأشهر مصنفاته: (الأيام)، ولنا معه وقفة- و (في الشعر الجاهلي)، ولنا معه وقفتان، و (على هامش السيرة) و(عثمان)، وقد غالط فيه كثيرًا، وقد ترجم كثير من كتبه إلى لغات عالمية، وعينته جامعة الدول العربية رئيسًا للجنتها الثقافية. وتوفي بالقاهرة.

  • قال الأستاذ أنور الجندي عنه وعن أحمد لطفي السيد: “هما أكذوبتان في تاريخ الأدب العربي الحديث؛ أكذوبة أستاذ الجيل، وأكذوبة عميد الأدب العربي”.

  • وقال أديب العربية مصطفى صادق الرافعي : “قرأت كتاب “‌الشعر ‌الجاهلي ” وقد كتب في عنوانه “تأليف طه حسين: أستاذ الآداب العربية بكلية الآداب بالجامعة المصرية “، فما أكثر أسماء الهر وما أقل الهر بنفسه.

  • وقد تحدثنا في المقال السابق عن أحمد لطفي السيد، ونتحدث في هذا المقال عن طه حسين، فأول ما رمي به “طه حسين”، في ذكائه وتحصيله العلمي!

يقول د. محمد صبري السربوني زميل طه حسين في جامعة “السوربون”، في ما رواه للطماوي: “دخلت انا وطه امتحان الليسانس في عام واحد، وعندما ظهرت النتيجة ذهبت فلم أجد اسمي ولا اسمه، وفي اليوم التالي وجدت اسمه محشورًا بين السطور، فذهبت إليه وأبلغته، وقد اثار ذلك الكثير من الدارسين المصريين، فقد قام زميلنا جلال شفيق بكشف الحقيقة، فقال إن طه حسين ذهب إلى الأساتذة وهم مجتمعون واستدر عطفهم وذكرهم بأنه على أبواب الزواج بفرنسية وغريب وأعمى فرثوا له”.

 ويؤكد هذا ما جاء في كتاب سامي الكيالي عن طه حسين الذي يقول في مقدمة رسالته للدكتوراة: “وليسمح لي بأن أعتذر عن أسلوبي الفرنسي إذا بدا بلا ريب في كثير من المواضع ركيكًا أو خاطئًاً، وكذلك عن الأخطاء المطبعية التي قد تقع في هذه الرسالة، فما كنت إلا (غريبًا وأعمى). هذا ويسجل د. طه أنه في امتحان الدكتوراة بعد ذلك بعامين أو ثلاثة دخل لجنة الامتحانات ودخلت معه زوجته تحمل طفلها، فلما رآها رئيس اللجنة ابتسم فأخذت من أمامه ورقة وكتبت فيها كلامًا فلما قرأه قال: “إذن سنخفف عنك أسئلة الامتحان: حدثنا عن تاريخ الدولة الأموية”..!

فماذا كَتبتْ في الورقة وماذا فهم الأستاذ: “هذا رجل كفيف جاء إلى فرنسا وتزوج من فرنسية وهو عائد إلى بلاده كي يكون لسانًا للثقافة الفرنسية والغربية في بلاده ولاء وأصهارًا. وهكذا كانت تسير الأمور بالعطف والرثاء والإحسان إلى كفيف وأعمى”.

  • كتاب “الأيام”

 ‌كنت ‌قد ‌كتبت مقالًا في مجلة “البعد المفتوح” بعنوان (الأيام كتاب طه حُسين صورة كفاح شابٍّ فقد البصر منذ الصغر)، قلت فيه:  “الأيام” كتابٌ؛ أبدع صاحبه في تصوير صباه بأدق التفاصيل، وأعذب الأقاويل، ورسم فيه حياة المجتمع المصري بأدق التفاصيل، وأعذب الأقاويل، ورسم فيه حياة المجتمع المصري أجمل تصوير بأدق تعبير.

 ظهرت موهبة طه حسين الأدبية في كتابه “الأيام”، وأثبت أنه من أمراء البيان، وأنه من أصحاب النثر الفني، وأنه صاحب مدرسة خاصة في الترسل، لا يقل عن المنفلوطي، والرافعي، والعقاد، والزيات، بل إن أسلوبه أحلى، وعبارته أعلى وأغلى من أكثر معاصريه. قال الشيخ علي الطنطاوي عن أسلوبه في الأيام-المذكرات- (ج8 ص327) :” أسلوباً بلغ الغاية في القوة، وأجمل ما فيه الجملة القرآنية فهو يُكثِر منها. فلو أردت أن أرشد الطلاب إلى كتاب من كتبه لأرشدتهم إلى هذا الكتاب ونبّهتهم إلى ما فيه ممّا لا يُسيغه القارئ المسلم”. وقد ذكره مرة أخرى (ج3 ص404) فقال عنه :”ولطه حسين مزايا، وله ‌طامات وسقطات مُهلِكات”.

سقطات طه حسين

  ذكر د. محمد صبري أن طه حسين لم يكن صادقًا في ما أورده في كتاب “الأيام” من أنه كان يدرس في ثلاثة معاهد أو أربعة في باريس، وبعد أن عدد طه حسين مجموعة الأساتذة قال: إن هذا الكلام لا يسكت عليه، لأنه لم يدرس على كل هؤلاء، … والدكتور طه كان قليل التردد على السوربون لعاهته، ولا أذكر أبدًا أني رأيته يستمع لهؤلاء، وكونه استمع إلى محاضرة أو محاضرتين لأستاذ من الأساتذة لا يعني هذا أنه درس عليه ومن ثم لا يُعقل أنه تتلمذ على هؤلاء جميعا”.

نحن لا نقصد إلى الغض من قدر طه حسين، ولكن نريد أن نقرر أن طه حسين صُنع على عين الاستشراق والمستشرقين، وأنه ضُخِّم لصالحهم، كي يكون مسموع الكلمة، فهو على كل حال :”عميد الأدب العربي”، والضرير الذي استطاع بجده واجتهاده أن يحقق ما لم يحققه المبصرون من الرجال!

الغذاء العقلي والروحي

 لا تكاد تقرأ كتابًا أو مقالًا أو تسمع محاضرة لطه حسين إلا وتقرأ أو تسمع هاته الكلمات: الغذاء العقلي والروحي، فماذا يقصد بها طه حسين؟!

قال الأستاذ محمود شاكر :”بعد أن استمع إلى محاضرة يلقيها الدكتور طه حسين استغرقت من الوقت ساعة أو أشفَّ قليلًا، وليس في القراء الذين يعرفون الدكتور طه من يجهلُ أن أوّل ما يتكلم به الدكتور إِنْ هو إلا أن يجعل مَردّ كل شيء إلى “يونان” ومدن يونان. . . فلا شك إذن في أن أول نظام عرف للغذاء العقليّ والروحيّ للشباب، إنما كان في المدن اليونانية والحضارة اليونانية والعقلية اليونانية!  فهذا شيءٌ مفروغٌ منه قد جعله الدكتور طه مذهبًا لا يحيدُ عنه، وأسلوبا لا يسلُك غيرَه، ولا بأس بذلك. .”

ولشغفه بالأدب اليوناني ترجم بعض آثاره؛ ككتاب (نظام الأثينيين لأرسطو) و (آلهة اليونان) و (صحف مختارة من الشعر التمثيلي عند اليونان).

  • وقد ذكر في كتابه “مستقبل الثقافة في مصر” :” إن ‌عقلية ‌مصر ‌عقلية ‌يونانية، وإنه لابد من أن تعود مصر إلى احضان فلسفة اليونان، وإن الإسلام لم يغير هذه العقلية ، وان طريق النهضة الذي يراه للمسلمين والعرب أن يأخذوا (حضارة الغرب) خيرها وشرها ، حلوها ومرها، ما يحمد منها وما يعاب “

  • وقد رد عليه زكي مبارك متهكماً بقوله:” يا دكتور! قلت: إن ‌عقلية ‌مصر ‌عقلية ‌يونانية، وصرحت بأن الإسلام لم يغير تلك العقلية في حين أن مصر ظلت ثلاثة عشر قرنا وهي مؤمنة بالعقيدة الإسلامية، والأمة التي تقضي ثلاثة عشر قرنا في ظل دين واحد لا تستطيع أن تفر من سيطرة ذلك الدين، إن الإسلام رج الشرق رجة أقوى وأعنف من الرجة التي أثارتها الفلسفة اليونانية”.

  • موقفه من العلامة ابن خلدون

‌   ابن ‌خلدون (1332 – 1406 م) الفيلسوف المؤرخ، العالم الاجتماعي البحاثة. كان فصيحًا، جميل الصورة، عاقلًا، صادق اللهجة، عزوفًا عن الضيم، طامحًا للمراتب العالية. ولما رحل إلى الأندلس اهتزّ له سلطانها، وأركب خاصته لتلقيه، وأجلسه في مجلسه. اشتهر بقدمة كتابه (العبر)، وهي تعد من أصول علم الاجتماع، ترجمت هي إلى الفرنسية وغيرها.

هذا ما اتفق عليه مترجمو ابن خلدون، أما طه حسين، فقد عارض ذلك كله، وتمحل في إلحاق الأذى به، وإلصاق كل نقيصة به، ورميه بأبشع الصفات والأخلاق!

وقد يزول عجب القاريء إذا عرف أن طه حسين قلد في هذا الرأي أستاذه والمشرف على رسالته -الدكتوراه – المستشرق اليهودي “دوركايم ” الذي لم يكن يخفي حقده على العرب، حرصًا على إرضائه، وخطبة لوده، وقد تجاوز ذلك إلى شتم أهل المغرب والتنقص منهم ومن جهادهم في سبيل التحرر، ونعتهم بأنهم لم يتقبلوا المدنية الغربية، وكم كانت خيبة أمل طه حسين بالغة عندما علم بهلاك “دوركايم “قبل موعد مناقشته رسالته!

  • موقفه من الشعر الجاهلي

 لخص د. طه حسين رأيه في الشعر الجاهلي في كتاب حجمه          183 صفحة، أنكر فيه ‌الشعر ‌الجاهلي وتمحل في إثبات انتحاله بعد الإسلام لأسباب زعمها ، وزعم أنه بنى بحثه متجردًا من كل شيء؛ حتى من دينه وقوميته عملاً بمذهب ” ديكارت”. وملأ كتابه بالإلحاد والزندقة، والغمز ضد الدين، والكتاب وإن وضع في ظاهره لإنكار ‌الشعر ‌الجاهلي، ولكن المتأمل فيه قليلاً يجده دعامة من دعائم الكفر، ومعولاً لهدم الإسلام، فإنه توسل إلى ذلك بإنكار الشعر والنثر في الجاهلية، وهما مما يرجع إليهما فى فهم القرآن والحديث.

  • قال طه حسين(ص26) : (للتوراة أن تحدثنا عن إبراهيم وإسماعيل، وللقرآن أن يحدثنا عنهما أيضًا، ولكن ورود هذين الاسمين في التوراة والقرآن لا يكفي لإثبات ‌وجودهما ‌التاريخي فضلاً عن إثبات هذه القصة التي تحدثنا بهجرة إسماعيل بن إبراهيم إلى مكة). ولا يخفى أن هذا تكذيب صريح لما جاء في القرآن.

  • وفي مؤتمر المستشرقين السابع عشر بجامعة أكسفورد (سبتمبر 1928م) ألقى طه حسين بحثًا عنوانه (استخدام ضمير الغائب في القرآن) ، وقد ارتأى فيه: أن تأويل ضمير الغائب في معظم آيات القرآن باسم الإشارة فيه حلّ لمشكلة عدم المطابقة بين الضمير وما يرجع إليه. وزعم أنه بهذا الرأي يصحح ما يراه بعض المستشرقين من أن في القرآن خطأ نحويا – حاشا لله – إذ يرون الضمير قد رجع إلى متأخر، أو رجع إلى محذوف مفسّر بما يدل عليه من بعض الوجوه. وقد وصف الرافعي رحمه الله طريقة استبدال اسم الإشارة بضمير الغائب بأنها “بيع الذهب بالملح”! إشارة إلى أن رأي طه حسين الذي نقله عن أسياده المستشرقين بلا فهم وبلا علم إنما هو رأي ساقط بليد تافه، لا تقاس قيمته إلا بقيمة الملح إذا قورن بالذهب في نفاسته.

  • وعلى أي حال فقد أُلِّفَتْ في نقض الكتاب وإبطاله عشرات الكتب، من أشهرها “تحت راية القرآن” للرافعي، وكناب “النقد التحليلي” للغمراوي، و”نقض كتاب الشعر الجاهلي” للخضر حسين. غير أن أفضلها على الإطلاق كتاب “مصادر الشعر الجاهلي” للدكتور ناصر الدين الأسد، فأشار فيه إلى المصادر التي سرق منها طه حسين هذه الفكرة وهي لمبشر مسيحي استتر تحت اسم هاشم العربي وعرف من بعد بأنه الدكتور زويمر ومن كاتب يهودي هو(مرجليوث) وقد اعترف طه حسين امام النيابة العامة إبان التحقيق بأن هناك من كتب مما نقله هو”.

  • قال د. ناصر الدين الأسد “مصادر الشعر الجاهلي” (ص411):   ” فقد بسطنا رأي مرجليوث وبسطنا رأي الدكتور ‌طه ‌حسين، ثم أشرنا في هامش هذه الصفحة إلى المواطن التي ذكر فيها الناقدون ما رأوا أن الدكتور أخذه من مرجوليوث”!

  • قال الأستاذ محمود شاكر (المتنبي 1: 16) : (وهذه “المسألة” من حيث هي مسألة شك في صحة الشعر الجاهلي وفي صحة نسبته إلى أهل الجاهلية، ثم الإفضاء منها إلى أن الشعر الجاهلي منحول موضوع، وأنه شعر إسلامي صنعه الرواة في الإسلام، هذه “مسألة” كنت أعرفها قبل أن أدخل الجامعة، وقبل أن يلقى علينا الدكتور ما ألقى، لأنى كنت قرأتها في مقالة الأعجمى ‌مرجليوث).

  • “على هامش السيرة”

 مقالات؛ نشرها طه حسين في “الرسالة” 1933″ بنفس العنوان، ثم جمعت في كتاب، ولم يكن القصد من كتابتها الإيمان برسالة الإسلام (دينا ودولة)، وإنما كانت أعمالاً سياسية وحزبية صرفة. وإذا كان كتاب “على هامش السيرة”، و”حياة محمد”، والعبقريات، قد هزت وجدان الشعب المسلم وقتها وأحدثت نوعا من الإعجاب والتقدير فإن هذا كان هدفا مقصودا من الجهات التي شجعت ذلك وهو:

أولا: مواجهة حركة اليقظة الإسلامية التي كانت تهدف إلى تقديم الإسلام كمنهج حياة ونظام مجتمع بكتابات إسلامية من أقلام لها مكانتها السياسية في الجماهير لتحويل التيار نحو المفاهيم العلمانية والليبرالية وهو ما يسمى (تقديم البديل) المتشابه ظاهريا والمختلف جوهرا وهو بهذا استجابة ظاهرية للموجة الإسلامية ومحاولة لاحتوائها.

ثانيا: فرض المفهوم الغربي على السيرة والتاريخ الإسلامي وهو المفهوم المفرغ من الوحي والغيبيات والمعجزات.

ولكن هذه الظاهرة بالإعجاب بكتب الليبراليين عن السيرة لم تدم طويلا فقد تكشفت خفاياها وظهر أن منهج الكتابة في هذه المؤلفات لم يكن إسلاميا أصيلا وإنما تشوبه التبعية لمفاهيم الاستشراق والتغريب حتى يمكن أن يقال في غير ما حرج: إن المؤلفات الثلاثة الكبرى (حياة محمد- على هامش السيرة- عبقرية محمد) هي نتاج غربي يعتمد على مذاهب الكتابة الغربية ويخضع لكثير من أخطائها ويسقط بحسن نية وراء مفاهيمها الكنسية والمادية.

  • الفتنة الكبرى

يُعدُّ طه حسين هو أكبر مدافع ، عن عبد الله بن سبأ اليهودي في كتابه “الفتنة الكبرى” ويشكك في حقيقة هذا اليهودي الذي تزعّم أكبر فتنة في صدر الإسلام، وحاول محاولة ساذجة في إنكار شخصية ابن سبأ وآثارها البعيدة المدى. وعنه أخذ الرافضة هذه الفكرة وعملوا على تأصيلها.

  • ويكتب طه حسين في جريدة “الوادي” ملخصا كتاب “الأجناس” للكاتب الألماني الإسرائيلي فرديناند بروكينز والتي نقلها من مجلة اللاستراسيون ونشرها في3 يونيو عام 1934 وهي في مجموعها دعاية صارخة لليهود ومحاولة لتثبيت معلومات زائفة عن قتلهم بيد هتلر وإثارة القلوب عليهم بالإشفاق.

  • موقفه من الأزهر

 لا يُخفي طه حسين كرهه للأزهر ومقته لشيوخه، فهو لا يفتأ في كتابه (الأيام) يٌذكِّرُ بذلك؛ ما واتته فرصة، وما فطن للحديث عن ذلك. وعلى قدر صراحة طه حسين وعلى قدر عدم إخفاء مشاعره الحقيقية في تجربته الدراسية نجد وصفه الدقيق لطريقة التعليم في الأزهر وأساليب المعلمين فيه،  فهو يحدثنا عن إنفاقه أربعة أعوام في الأزهر، ولكنه -لثقلها- كان يعدها أربعين عاما، ولا غرو في ذلك فقد طالت عليه من جميع أقطاره، كأنها الليل المظلم، الذي تراكبت فيه السحب الثقال، التي لم ترك لوصول النور إليه منفذًا.

لذلك ليس غريبًا أن تجده يدعو إلى بصوت عالٍ إلى إلغاء التعليم الديني في الأزهر، وينادي بتوحيد التعليم الأولي في الأساس ويجعله ذا صبغة مدنية وغربية الاتجاه، لا يدرس فيه الدين حتى يصبح الأزهر (كلية لاهوتية) كما حدث في تركيا وفي الغرب .. وقد حورب هذا الرأي حتى هزم هزيمة نكراء .

علاقته باليهود

 مما يُستدلُّ به على علاقة طه حسين باليهود؛ إشرافه على “دار الكاتب المصري” عام 1846م التي كان يمولها اليهود.

  • ولنترك د. لويس عوض تلميذ د. طه حسين وصفيّه، ونصيره في كثير مما يدعو إليه يتحدث عن هذه القصة في (الأهرام 20/ 2/1968). قال: “كان لهذه الدار قصة واضحة وغامضة معًًا، كان يملك هذه الدار أربعة إخوة من يهود مصر الميسورين. كنا نعرف في هذه الفترة مليونيرات يهود، بعضهم من يهود مصر وبعضهم من اليهود المصريين المتصلين بالثقافة والمثقفين منهم من كان ضالعًًا في تشكيل حركاتنا السياسية الجديدة كالشيوعية وما إليها، وكنا نعرف أو نسمع عن آل كوريل: هنري وراؤول ومليونير يهودي شاب اسمه ريمون أحيون. كنا نسمع عن هؤلاء وغيرهم أنهم يمولون الحركات الشيوعية بالمال وقيل بالجنس أيضًا، لم نسمع عن آل هراري كانوا أربعة إخوة تجارًا ووكلاء شركة ومنتجين للآلة الكاتبة، قرروا دخول عالم النشر وتعاقدوا مع طه حسين .. كنت أسمع أن حملة ضارية قد شُنت على الدار من بعض الصحف المصرية الصغرى يقودها إسماعيل مظهر اتهمت فيها دار الكاتب المصري بأنها رأس رمح لليهود في مصر .. والحق أن ظهور دار الكاتب المصري في هذه الفترة الحرجة من تاريخ العالم العربي إذا نظرنا له بعد هذه الفترة البعيدة أمر يدعو إلى الاستثارة فعلاً” .

  • أما صلته الوثيقة باليهودي “إسرائيل ولفنسون”؛ تلميذه الأثير الذي استقدمه إلى الجامعة وأحاطه بعنايته وآثره برعايته، وسهل له الحصول على إجازة الدكتوراه برسالة (‌اليهود ‌في ‌جزيرة ‌العرب) قدمها بنفسه في الحفل وفي الطبع، وقد أطلق على نفسه (أبو ذؤيب) وقد عمل أستاذًًا فترة من الزمن في “دار العلوم”، وقد وجد في ما نقله من أخبار وأحاديث تحريفًا وبترًا واقتطاعًا من نصوص محفوظة معروفة.

  • هذا هو طه حسين باختصار الذي كان أسيرًا للغرب وللفكر الغربي، وكان رسولاً لهم في بلاد الإسلام، فلقد خدم أغراضهم وحقق أهدافهم، ومع هذا نجد إعلامنا يمجده ويجعله في مقدمة المفكرين وطليعة الرواد.

 

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

  1. صباح الخير
    ما عندي تعليق يا دكتور سوى انا كنا موهومين وبدون البحث والتنقيب وسبر الحقائق وهذا بمجهود جبار من طرفكم ما توضحت لنا هذه الحقائق والمعلومات.

  2. هذا هو حال جميع الذين وصفوا بالرواد، كانوا رواد التغريب فصاروا رواد النهضة واليقظة والتقدم، وصار ذلك من المسلمات، ولكن ليس لقوة طرحهم، بل لأن السياسة كانت بأيدٍ موالية للغرب، والتغريب تلميذ الغرب، ولهذا رفعت السياسة مكانة التغريب تلميذ الأستاذ المسيطر والمهيمن وطمست مناوئيه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى