(صورتي في ذهن نقادي، أني في يقين بعض أدباء اليسار، قائد الفكر اليميني …، كما كتب عني الشاعر المبدع عبدالوهاب البياتي،… وأني في يقين بعض أدباء اليمين قائد الفكر الماركسي …، …وفي يقين فئة ثالثة أني آخر قنصل للعالم المسيحي …، كما كتب عني الأستاذ محمود شاكر، وفي يقين فئة رابعة أني داعية للقومية المصرية الفرعونية، وعدو فكري للقومية العربية، كما روى عني ميشيل عفلق).
بهذه الكلمات صور لويس عوض شخصيته في عيون الأدباء والنقاد، وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ!
علاقة لويس عوض بسلامة موسى:
في كتابه: “مقالات في النقد والأدب” (ص109) يشيد لويس عوض بشيخه وأستاذه الروحي سلامة موسى وجهاده الشرس ضد البلاغة العربية فيقول: (فقولوا هذا الذى رحل كان رائدًا شامخًا، وكان محطم أوثان، ولن تخطئوا في شيء، فهذا ما سيقوله التاريخ). ويقول: “وضع سلامة موسى أمام أبناء جيلنا أكثر القضايا العلمية والفلسفية الاجتماعية والاقتصادية التي كانت ولا تزال مصدر البحث الإنساني في كل بلاد التحضر، وربطنا بتيارات الفكر العالمي الحي فجعلنا نحس بأننا أحياء”.
وفي كتابه : “أوراق العمر” (ص 464). : يكشف لويس عوض توجهات أستاذه بقوله:” كان صريحًا في اشتراكيته، صريحًا في زندقته، ويرى أنه كان مسيحيًّا بالميلاد فقط، وكان يضع جميع أديان التوحيد في سلة واحدة،…وكان عنده شموخ القبطي المتمسك بأصلابه الفرعونية حضارة وأمجادًا”. وكما لا يخفي لويس عوض إعجابه الشديد بأستاذه سلامة موسى فإنه يعترف بكل صراحة بأنه هو الذي قاده وأخذ بيده إلى الاشتراكية.
قال -المرجع السابق-: “وقاد سلامة موسى خُطاي نحو الاشتراكية”. ويقول: “وعلى الجملة فقد نَمتْ فيّ عقلية المفكر الاجتماعي التي كان سلامة موسى يُغذيها في نفسي بمؤلفاته وبالمجلة الجديدة”.
وإذا كانت هذه هي نظرة لويس عوض إلى شيخه سلامة موسى فذلك أمر طبيعي؛ لأن سلامة موسى فعلًا هو صاحب الفضل عليه؛ تعليمًا وتثقيفًا، وهو الذي وضع قدمه على أول الطريق.
قال الأستاذ محمود محمد شاكر: “وفي خلال هذه الفترة، نُكبت مصر بمجلة صدرت بأموال يهودية خدع فيها كثير من الناس، كان مرادها أن تستولى على مصدر الثقافة في بلاد العرب، وتكون أداة توجيه لأغراض بعينها قبل غزو فلسطين في سنة 1948، وهذه المجلة هي التي يسميها لويس عوض بعد موتها بسنين، سنة 1954: المجلة الزهراء، الكاتب المصري، وذلك بعد أن انكشف أمرها للناس. ففي سنة 1946 و1947 جرّه إلى هذه المجلة أستاذه الروحي كما يسميه، سلامة موسى، فكتب 5 مقالات أو نحوها عن أدباء الإنجليز، كأوسكار وايلد، وإليوت، وشو، وهي على ضعفها، وعلى سقم الترجمة فيها، وعلى ما فيها من الخطف الجريء من الكتب، كانت لا تعد شيئًا يذكر، ولكن يظهر أن سلامة موسى ظل ينفخ في تلميذه حتى انفجر سنة 1947 عن كتاب سماه (بلوتولاند وقصائد أخرى من شعر الخاصة).
وفي مقال آخر؛ قال الأستاذ شاكر :” حين وضع الحبل في عنقه شيخه البائس المسكين التالف سلامة موسى، وجرّه إلى المجلة اليهودية التي كانت تصدر في مصر، باسم (الكتاب المصري..” وقد سبق لنا الحديث في مقال سابق عن حقيقة مجلة “الكاتب المصري”، وأنها تعود لعائلة “هراري” اليهودية المصرية.
وفي مقال ثالث قال شاكر :” وهذه هي حقيقة صورته -يقصد لويس- … والتي من أجلها اختاره من اختاره ليكون، فيما يتوهمون خليفة للتالف القديم، والمبشَّر المحترق، الذي لا يزيد عقله كثيرًاً ولا قليلًا عن سلامة موسى. وسلامة موسى هذا هو الذي وضع الحبل في عنقه حين اختاره، وجرّه من حومة الخمول والتفاهة، إلى الظهور في المجلة اليهودية المعروفة باسم (الكاتب المصري)، وذلك في سنة 1946 – 1947، تمهيداً لإعداده للمهمة التي يباشرها اليوم، وهي مهمة (المبشَّر الثقافي) في صحيفة (الأهرام).
وفي أباطيل وأسمار” لشاكر (ص 449):” ولقد تأثر لويس في مرحلته الجامعية بثلاثة من أساتذته الإنجليز وهم كريستوفر سكيف، وإيرفينج، وفيرنس مضافًا إليهم دافيس الأعرج وبيفن .. رجال معروفون بأحقادهم الصليبية وبأعمالهم في المخابرات البريطانية”.اه
وكريستوفر سكيف هذا هو الذي صنف له لويس عوض كتابا بالعامية وأهداه له.
على خطا سلامة موسى
زعم سلامة موسى في كتابه “البلاغة العصرية” (ص 188): ( إن اللغة العربية، أو تأخرنا اللغوي من أعظم الأسباب لتأخرنا الاجتماعي)! وعلى خطاه جاء عوض ليقول – بلو تولاند- (ص 12 – 13) : (لقد أنتج المصريون في هذه اللغة الشعبية -أي العامية- أدبًا شعبيًا لا بأس به .. ولكن التركيب العبودي الذي اتصف به المجتمع المصري طوال هذه القرون قد صرف انتباه الدارسين إلى الأدب العربي (يقصد الفصيح) أدب الخاصة، وجعلهم يهملون الأدب المصري، أدب الشعب…الخ)
يدعو إلى ترجمة القرآن
وفي الوقت الذي دعا فيه لويس عوض إلى ترجمة القرآن إلى اللغة العامية المصرية وحجته -كما يقول الأستاذ محسن عبد الحميد- في كتابه “اللغة العربية” (ص 14): إن كتابًا يؤمن به الشعب يجب أن يقرأه بلغته لا بلغةٍ أخرى”، نراه يتجرأ على جناب القرآن الكريم بقوله هذا.
رأيه في إعجاز القرآن
تحدث لويس عوض عن إعجاز القرآن، وادعى أن الإعجاز وَهَم وخرافة، وزعم أن الإعجاز يعطي قداسة خاصة أو شرفًا خاصًا للغة العربية التي نزل بها القرآن، وبالتالي يسبغ على العرب أصحاب هذه اللغة امتيازًا خاصًا أو سيادة خاصة بين كافة المسلمين تؤهل العرب دون غيرهم لحكم العالم.
موقفه من الصحابة رضوان الله عليهم
من العقائد التي اتفق عليها المسلمون حديث عبد الله بن مسعود الصحيح: ” أنّ الله تعالى نظر إلى قلوب العباد فاختار منها قلب محمّد عليه الصلاة والسلام فاصطفاه لنفسه”، وأنّ الله نظر إلى قلوب العباد فوجد قلوب أصحاب محمد خير قلوب العباد”.
أما لويس عوض فله رأي آخر، اعلنه في” القبس ” بتاريخ أول أبريل سنة 1976 ، قال :” إن العودة إلى مناهج السلف الصالح (وَهُمْ الصَّحَابَةُ) عودة إلى الرجعية، ونادى بالأخذ بمدنية الغرب وتقاليده وقيمه، ومعلوم أن الإباحية واللا أخلاقية جزء لا يتجزأ منها.
وأضاف :”إنهم يريدون إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، وأكثر هؤلاء، لهم سمة خاصة، وهي الثورة على الحاضر باعتباره تجسيدا لانحلال البشرية في العصر الحديث، وبالتالي هم يدعون إلى الرجعية إلى الوراء، وإحياء نمط الحياة والفكر والسلوك الشائع عند السلف، أو ما يسمى أحيانا السلف الصالح”. ورجل مثل لويس عوض -لا يزن الأمور بميزان القيم والأخلاق- لا يجد أي غضاضة في نشر ضلالات وقاذورات يعف الرجل السوي عن التلفظ بها فضلا عن نشرها في مجلة لها جمهورها وقراؤها.
وجاء في كتابه “أوراق العمر” (ص 464). قال فيها على لسان السيدة العذراء مريم البتول؛ أم المسيح عليه السلام:
رميتُ عليه طلَّسْمي لأُنقذَه من البدَد
نصبت له فخاخ الحب في الأبعاد والرمد
فذاق العقل طعم الحب من ثغري ومن جسدي
وأخصبني بآلته فذقت حلاوة الوتد!!
وقد علّق عليها الأستاذ عباس خضر ووصفها بالقمامة القذرة!
مفتاح شخصيته
مفتاح شخصية لويس عوض-بحسب بعض الباحثين- ؛ أنه ينظر للآخرين نظرة فوقية، وأنه متحكم ومتعصب في أحكامه؛ وهي تصدر على قدر اتفاقه معهم، وعلى مدى اقترابهم وابتعادهم من تحقيق مصالحه وطموحاته. وهذا ما فعله مع أقرب الناس إليه، سواء أكانوا من أهله أم من أصدقائه.
ويرى د. حلمي محمد القاعود في كتابه “لويس عوض: الأسطورة والحقيقة”. ان مفتاح شخصيته في “النرجسية” التي تكرس الأنانية والاستعلاء، وتمجيد الذات، والغطرسة، والادعاء بلا حدود. ويورد القاعود مقولة رشاد رشدي: “إن لويس عوض غالبًا ما يبدأ الكتابة بإصدار أحكام مسبقة يكون مصدرها أوهام عقله، أو متاهات في وجدانه، أو أغراض له شخصية بحتة، ثم يتبع هذه الأحكام ببراهين وأدلة بعيدة عن الحقيقة كل البعد”.
موقفه من ابن خلدون
في الوقت الذي يحتفي فيه الغربُ بالمفكر العربي الكبير عبد الرحمن ابن خلدون (732 – 808 هـ) وفي الوقت التي تصدر فيه المؤلفات التي تدرس مقدمته، وفلسفته المبتكرة للتاريخ والحضارة البشرية وعلم الاجتماع؛ حتى وصل الأمر بالمؤرخ الانجليزي الكبير أرنولد توينبي إلى وصفه: بأنه أكبر منظر لفلسفة التاريخ في كل الأزمنة وكل مكان.. فقد بلور نظرية متكاملة عن صعود الحضارات وانهيارها وأسباب ذلك.
نجد لويس عوض يشذ فيي رأيه -كدأبه دائمًا- يقلد فيه رأي أستاذه وصديقه “طه حسين” من تقليل لقيمة هذا المفكر، وغض من شأنه؛ مدعيا بأن ما نسب إليه من من نبوغ وعبقرية، ما هي إلا قبسٌ من فلسفة الغرب وعبقريته !.
موقفه من الحملة الفرنسية
مما لا شك فيه، ومما لا ينكره الفرنسيون أنفسهم أن فرنسا جرَّدَت حملتها العسكرية على مصر —بقيادة نابليون— بُغْية استعمار ذلك القُطْر العربي واستغلال خيراته. وكتب الجنرال “منو” في أحد التقارير التي قدَّمها إلى نابليون: “يجب على مصر أن تُعوِّض لنا ما خَسِرناه في جزر الأنتيل “. وقد ذكر مؤرخ الحملة الفرنسية الجبرتي (ج2 ص429) : نص أحد المناشير التي أذاعها نابليون باللغة العربية: “اعلموا أن الفرنساوية لا يتركون الديار المصرية، ولا يخرجون منها أبدًا؛ لأنها صارت بلادهم وداخلة في حُكْمهم.”.
يقول “الجبرتي” عن أحوال البلد عند بدء الاحتلال الفرنسي: “إنها كانت في غاية الشناعة، جرى فيها ما لم يتفق مثله في مصر، ولا سمعنا ما شابه بعضه في تواريخ المتقدمين”. ويعترف المؤرخون الفرنسيون أن نابليون كان يُصدر أوامرَ يومية كثيرة «تُوصي القُوَّاد بالإكثار من إعدام الأشخاص على أن تُقطع رءوسهم بعد ذلك، ويُطاف بها في الشوارع إرهابًا للناس»؛ لأنه كان يرى أن هذه هي «الطريقة الوحيدة لفرض الطاعة على هؤلاء» وكان يضرب لهم مثلًا بما يفعله هو في القاهرة ليقتدوا به في مناطق حُكْمهم. وعلى كل حال فقد قتل الفرنسيون ثلث مليون مصري، في وقت كان تعداد المصريين 2,460,000 نسمة. ومعنى ذلك انهم قتلوا 1/ 7 من الشعب المصري. غير أن لويس عوض له رأي آخر، حيث يقول في كتابه -تاريخ الفكر المصري الحديث- ” (ص 9) : “لا مناص من اعتبار حملة نابليون على مصر ١٧٩٨ م وما تلاها من استمرار بين مصر وأروبا عاملاً فاصلاً في تكوّن الأفكار السياسية والاجتماعية بالمعنى الحديث في مصر خاصة وفي العالم العربي بوجه عام” .
ويضيف: “إن نشأة الفكرة القومية في مصر والعالم العربي، كانت وليدة التأثر بالثورة الفرنسية وحملة نابليون”، ويستشهد بما كتبه الأخير وهو في منفاه “سانت هيلانة” حول استقلال مصر عن العثمانيين، وتعيين والٍ من أهل البلاد لتستقل وتكون مملكة عربية، ويحدث تغيير عظيم على يد الرجل المنتظر “.
تحرير المرأة
قال لويس عوض “تاريخ الفكر” (ج 1) : ” أما عام 1800م فهو عام تحرير المرأة؛ ففي الجبرتي وصف لبدايات حركة السفور، ووصف لبدايات حركة تحرير المرأة، ووصف لما أصاب بعض نساء القاهرة من انطلاق نتيجة لمخالطة المصريين للفرنسيين ومحاكاتهم في الزي… ووقع عند ذلك من تبرج النساء، واختلاطهن بالفرنسيين، ومصاحبتهن لهم في المراكب والرقص والغناء، والشرب بالنهار والليل في الفوانيس والشموع الموقدة عليهن الملابس الفاخرة، والحلي والجواهر المرصعة، وبصحبتهم آلات الطرب وملاحو السفن يكثرون من الهزل والمجون ويتجاوبون برفع الصوت في تحريك المجاديف بسخف موضوعاتهم، .. وخصوصاً إذا دبت الحشيشة في رؤوسهم، وتحكمت في عقولهم فيصرخون ويطبلون ويرقصون ويزمرون ويتجاوبون بمحاكاة ألفاظ الفرنساوية في غنائهم وتقليد كلامهم شيء كثير) .(وأما الجواري السود فإنهن لما علمن رغبة القوم في مطلق الأنثى ذهبن إليهم أفواجاً فرادى وأزواجاً فنططن الحيطان وتسلقن إليهم من الطيقان ودلوهم على مخبآت أسيادهن وخبايا أموالهم ومتاعهم وغير ذلك).
قال المقدم “عودة الحجاب” (ج1 ص89) :”هكذا يفهم ” لويس عوض ” من العبارات السابقة للجبرتي أنه كانت هناك”ثورة نسائية” أو ” ثورة حريم ” في مصر ” أو على الأقل في القاهرة عام 1800″ ومع أن الجبرتي لم يترك فرصة لسوء الفهم هذا فإن تلميذ المدرسة الاستعمارية يصر على أنها ظاهرة عامة نابعة عن ” ثورة تحررية “! وليست حالة انهيار تحدث في جميع المجتمعات التي تتعرض للاحتلال والنهب والسلب والتجويع وأسر بنات الأسر كالجواري ووضعهن في معسكرات الجنود ” مأسورات “. مؤرخ المدرسة الاستعمارية يجعل من انحطاط المرأة إلى حد التكسب ” بالفاحشة ” ثورة نساء وبداية تحرر المرأة!.
و”الجبرتي” دقيق وواضح حين يبين أن الفريق الأول أو ” الرائدات ” هن من النساء الأسافل والفواحش، أما الفريق الثاني من الحرائر فهو يعتذر عنهن بالأسر ولكن ” لويس عوض ” يأبى إلا أن يلوي عنق النص ويدعي أن الجبرتي (يتحدث عن الحرائر من ربات البيوت وبناتها … عن سيدات المجتمع وهؤلاء ما كان يمكن أن يخالطن الفرنسيات والفرنسيين إلا برضاء الأولياء عليهن). اهـ
وهكذا بزعم تلميذ المدرسة الاستعمارية أن المجتمع المصري ” المتحرر” تحولت نساؤه إلى بغايا وتحول رجاله إلى قوم يرضون بذلك!
ثم تأمل افتراءه – عامله الله بعدله – حينما يدعي أن طبقات النساء اللواتي حاكين المتفرنسات والعادات الفرنسية وطرحن الحشمة والوقار والمبالاة والاعتبار قد اتسعت (بتأثير سبايا الفرنسيين المتحررات من بنات بولاق) اهـ
رأيه في “المعلم يعقوب” أو “الجنرال يعقوب الخائن”
قال د محمد عمارة “الحملة الفرنسية في الميزان” (ص14):” لقد أعلن نابليون- وهو في طريقه إلى غزو مصر- عن نيته تجنيد عشرين الفا من أبناء الأقليات في الشرق الأوسط للاستعانة بهم. وبعد احتلاله لمصر بدا التنفيذ، فأغرى نفرا من (أراذل النصارى)- من الأقباط والطوائف الأخرى.. وخاصة أتباع المذاهب النصرانية الغربية- بالخروج على إجماع الأمة- المسلمين منها والنصارى – فكونوا فيلقا قبطيا” التحق بجيش الحملة الفرنسية ، وحارب الشعب المصري مع قوات الاحتلال.. وقاد هذا الفيلق (المعلم يعقوب) (1745 – 1801م)- وهو الذي سماه المؤرخ الجبرتي “يعقوب اللعين” ! قال الجبرتي : “وشارك هذا الفيلق مع الجيش الفرنسي في فتح صعيد مصر ! وتدرج المعلم يعقوب في مراتب الجيش الفرنسي ، فمنحه “كليبر” رتبة كولونيل”، وأنعم عليه “مينو” برتبة جنرال في سنة 1801م.
وليس هذا فحسب، بل إن القوات الفرنسية بمعاونة المعلم يعقوب من قمع ثورة القاهرة الأولى سنة 1213 هـ، وثورة القاهرة الثانية سنة 1214 هـ، وقد أباح (كليبر) ليعقوب أن يفعل بأهل القاهرة ما يشاء، فحرق الدور، ونهب الأموال، وهدم المساجد، وانتهك الأعراض، ووقع منه من المنكرات، والأحقاد ما يعجز القلم عن وصفه، وكانت أفعاله بداية لما عرف في التاريخ المصري باسم الفتنة الطائفية، والعجيب أنه صار بعد ذلك قديسًا يقام له بأرض مصر مولدًا، واحتفالًا بذكراه في الجهاد ضد المسلمين، ولكن العجيب من ذلك موقف المؤرخين النصارى المعاصرين حيث يثنون على ما قام به هذا الخائن الصليبي”.
فما هو رأي لويس عوض به؟ يقول عوض: “إن الدور الذي قام به المعلم يعقوب حنا مع الفرنسيين ضد العثمانيين يعتبر تعاونًا يستحق بموجبه أن يقام له تمثال من ذهب في أكبر ميادين القاهرة، ويكتب عليه أنه أول من نادى باستقلال مصر في العصر الحديث”.
شيء من مذكراته
قال لويس عوض في سيرته الذاتية ” أوراق العمر”(ص549) نشرة مكتبة مدبولي عام 1989. أكمل منه الجزء الأول: سنوات التكوين، وتوفي بعد إصابته بسرطان الدماغ. قال: “ومن ملذاتي أني كنت أشرب كل شهر زجاجة نبيذ أحمر قبرصي كانت تكلفني أقل من خمسة قروش، أو زجاجتيْ بيرة تكلفاني خمس أو ست (كذا!! ) قروش .. ” . ولا يخجل ان يعترف بممارسته للزنا وبطريقة منتظمة “أوراق العمر” (ص 338) وما بعدها، (340)، وما بعدها، ويحلم بحل المشكلة الجنسية في مصر على الطريقة الأوربية (ص 552)، وفي سياق دعوة لويس إلى الإباحية الغربية، نراه يشيد باليهود وموقفهم من المرأة الزانية فيعلق على حَمْل الفتاة اليهودية “أستير” من أحد سكّان منزلها وإنجابها طفلة زنا، وقبول أسرتها للأمر الواقع ويقول: “إن هذا القبول سلوك في غاية التمدن” .
وتُعدُّ “أوراق العمر” هي السيرة الأجرأ من بين ما كتب من سير ذاتية، وحسبك(ان بعض أفراد أسرته اعتبرها تجاوزا ووقاحة).
قال د. حلمي القاعود في كتابه “لويس عوض”(ص 36). “وإلحاح لويس على الحديث عن الشذوذ الجنسي في سيرته الذاتية وبعض كتبه الأخرى دون أن يبدي رأيًا معاديًا، بل يبدو كأنه يراه أمرًا مشروعًا لا غبار عليه، وأن “ليوناردو دافنشي، وشكسبير وتشايكوفسكي، وهمرشلد وهربرت فون كاربان، وربما سقراط وأفلاطون من بينهم، ويبدو أنه يريد أن يبلغنا رسالة فحواها أن المشاهير في الماضي والحاضر -وبالتالي في المستقبل- لا بد أن يكونوا شواذًا أو مرحين وفق المصطلح الإعلامي السائد”.
يقول الأستاذ عبد العزيز الدسوقي: “إن أي كلام يكتبه الدكتور عوض لا تأثير له، وليست له أية قيمة، وأنه قد سقط من غرابيل المعري منذ ارتكب تأليف كتابه “على هامش الغفران”.
وهذا الذي ذكره الأستاذ الدسوقي أرجأنا بحثه إلى المقال الثاني.