في إطار هذه التأملات، نعرض رؤية موضوعية لفهم الفقرة الأولى “سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ” من الآية الكريمة: “سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ، وَفِي أَنفُسِهِمْ، حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ، أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (فُصِّلَت: ٥٣).
لقد استوقفت تلك الفقرة أحد الأصدقاء، ممن استطاع الوصول إلى مستوى علمي متقدم في دراسته، حيث توجه إليَّ بالسؤال في أحد اللقاءات، بعد فراق دام لعدة سنوات، قائلاً: بالنسبة لآيات الله في نفسي، فأنا أعرف كيف أتَبَيَّنُها (أراها يقينياً)، فهناك العديد من الآيات في نفس كل إنسانٍ باستطاعته أن يَتَبَيَّن (يَرى) من خلال تأمله فيها، قدرة الله الذي خلقه؛ ولكن كيف للمرء الذي لم يعرف شيئاً من علوم الفضاء الكوني، أن يرى آيات الله في الآفاق التي تَذكرها تلك الفقرة من الآية “سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ”؟
لا شك، في أن يلمس المرء في هذا السؤال بعض الحيرة، لأن الإجابة عليه تتطلب إيجاد الوسيلة المادية الملموسة لتقريب إمكان تصور المرء ذلك الأمر. وأثناء تبادل الآراء بيننا (صديقي، و أنا) لإيجاد إجابة موضوعية على ما تثيره تلك الفقرة من الآية الكريمة العديد من التساؤلات لدى الكثير من مُتَدَبِري توجيهات آيات القرآن العظيم وإرشاداتها، كان لا بد من استحضار حقيقة التشابه لتطبيق “مبدأ الهندسة العكسية”، ثم نبحث عن مثال، أو أمثلة مادية موضوعية لوجود علامة (أو علامات مادية) بإمكان الإنسان التحقق من وجودها بطريقة موضوعية باستخدام الأدوات المتاحة له، أثناء بقائه عبر العصور المتتابعة على سطح كوكب الأرض.
١- في العصر (الفترة الزمنية) الأولى لنزول القرآن الكريم.
في ذلك العصر لم تكن المعرفة العلمية لبني البشر قد ارتقت للمستوى الذي يمكنهم من استشراف الكيفية العلمية المادية التي تؤكد لهم، بطريقة تحليلية موضوعية، ما تشير إليه هذه الفقرة من الآية الكريمة من توجيهات وإرشادات علمية؛ ولذلك عندما سُئِلَ الأعرابي الذي قضى حياته متنقلاً في ربوع الصحراء يبتغي الكلأ لأنعامه، وقد تَفَرَّسَ في معرفة الأثَر، باعتباره أحد مقومات معارفه العلمية التي يلجأ إليها لتدبير أمور حياته، ويُسْتَدَلُّ به (بالأثر) على مؤثراته: بِمَ عَرفْتَ رَبَّكَ؟ أجاب على بديهته: “البَعَرَةُ تَدُلُّ على البَعير، والأثَرُ يدل على المَسير”. والآن بإمكاننا القول، إن ذلك الأعرابي قد استخدم ببديهته توجيهات مبدأ “الهندسة العكسية”، حيث قد استدَلَّ ذلك الأعرابي، باستخدامه تلك العبارة، بالآيات الآفاقية على وُجود الله وعلى قُدْرَتِه؛ لأنه قد اسْتَدَلَّ بالآثار على مُؤَثِّرَاتها.
فهل يمكننا في العصر الحالي، عصر تفجر المعرفة العلمية، حيث بلغت معرفة بني البشر العلمية مستويات متقدمة في ما يتعلق بالبناء الكوني، من خلال معرفتنا بالدلائل المادية العلمية المؤكدة، واستخدام مبدأ “الهندسة العكسية”، فهم فقرة الآية: “سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ”.
٢- في العصر الحالي، عصر تفجر ينابيع المعرفة العلمية الموضوعية.
منذ أن بدأ مستوطنو كوكب الأرض بالتَّفكر في ما يحيط بهم من مظاهر الكون، أرضه وسماؤه وما بينهما، حاولوا التَّعرف على مكنوناته. فكانت مشاهداتهم العينية لبعض تلك المظاهر هي المصدر الذي استمدوا منه معرفتهم؛ ومع بداية تطور أساليب المعرفة العلمية، وظهور أجهزة الرصد والقياس لأدق مكونات المادة على ظهر كوكب الأرض، تمكن الباحثون، بعد جهد جهيد من البحث العلمي الرصين الذي استند على القوانين الرياضية، والمشاهدات العينية، من الحصول على النتائج العلمية الموثوقة للتجارب التي أجريت على المواد لمعرفة أدق مكونات المادة في حالتها العنصرية، حيث اتضح لهم أن ما يعرف “بالذَّرَة” هي أبسط وأدق مكونات المادة. وعندئذٍ ظهر السؤال عن ما هي الكيفية التي بني عليها كيان تلك الذَّرَة؟ وجاء الجواب على النحو التالي:-
* الذَّرَة هي عبارة عن وحدة بناء المادة العنصرية، وهي عبارة عن كيان مادي ذو حجم كروي (أو قريب من الشكل الكروي) متماثل الأبعاد في كافة الاتجاهات، وتتألف من نواة يحيط بها غلاف (أو عدة أغلفة).
* نواة الذرة تضم ما يعرف بالجسيمات موجبة الشحنة الكهربية (البروتونات)، والجسيمات متعادلة الشحنة الكهربية (النيوترونات)؛ ومجموع هذه الجزيئات هو الذي يحدد وزن الذَّرَة.
* أصغر ذرة عنصرية (ذرة غاز الهيدروجين) لها غلاف واحد، وأكبر ذرة عنصرية لها سبعة أغلفة تتوزع ضمن إطارها الشحنات الكهربية السالبة (الإلكترونات).
والآن، إذا ما اعتبرنا أن وحدة بناء الكون بمكوناته المختلفة والمتعددة (بناء الكون برمته) يمكن رؤيتها في بناء أصغر وحدة كونية مادية فيه، ألا وهي “الذَّرة”، يصبح بإمكاننا تطبيق حقيقة التشابه، ومبدأ “الهندسة العكسية” لفهم ما تشير إليه فقرة الآية: “سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ”، من توجيهات وإرشادات. وللحديث بقية بإذن الله.
(يرجى من الأخوة المتابعين الإسهام بالتعليقات لزيادة المعرفة).
تحياتي واحترامي وان الاية ارتنا الشيء وعكسيته في الافاق وفي انفسكم فلو فهمنا النفس البشرية بابعادها السيكولوجية والفيزيائية استطعنا فهم النظام الكوني الدقيق الصنع بكل مكوناته الصغيرة والكبيرة ما لهذا الكتاب لا يترك صغيرة ولا كبيرة الا احصاها وهذا الحساب دقيق لا متناهٍ في الدقة والجودة والعدل والقسط والميزان ولا يمكن للباطل ان ياتيه من امامه او خلفه او خلاله وهذا هو الله الذي خلق كل شيء بقدر .مقال ممتع علمي مبني على رؤية منطقية ذكية .الله يعطيك العافية وجزاك الله كل الخير مع الحب والتحية والاحترام والتقدير لشخصك الكريم ولقامتك العلمية ومعلوماتك العلمية الدقيقة والحساسة .تحياتي
مهند الشريف
تحياتي واحترامي وان الاية ارتنا الشيء وعكسيته في الافاق وفي انفسكم فلو فهمنا النفس البشرية بابعادها السيكولوجية والفيزيائية استطعنا فهم النظام الكوني الدقيق الصنع بكل مكوناته الصغيرة والكبيرة ما لهذا الكتاب لا يترك صغيرة ولا كبيرة الا احصاها وهذا الحساب دقيق لا متناهٍ في الدقة والجودة والعدل والقسط والميزان ولا يمكن للباطل ان ياتيه من امامه او خلفه او خلاله وهذا هو الله الذي خلق كل شيء بقدر .مقال ممتع علمي مبني على رؤية منطقية ذكية .الله يعطيك العافية وجزاك الله كل الخير مع الحب والتحية والاحترام والتقدير لشخصك الكريم ولقامتك العلمية ومعلوماتك العلمية الدقيقة والحساسة .تحياتي
مهند الشريف