لقاء

محمد صادق.. حارس الذاكرة الورقية في زمن التقنية

“الأرشيف العربي للتراث” في معرض الشارقة الدولي للكتاب (44)

سنعود يومًا ما إلى الكتاب الورقي لأنه يحمل روح الكلمة ودفء الذاكرة

محمد صادق

الشارقة     –     شيمازا فواز الزعل

في ركنٍ هادئ من معرض الشارقة الدولي للكتاب 2025، وتحديدًا في دورته الرابعة والأربعين، يلفت محمد صادق الأنظار بجناحه المميّز الذي يحمل اسم “مؤسسة الأرشيف العربي للتراث – مصر”، وسط أجنحة تمتلئ بأحدث الإصدارات الرقمية ووسائط المعرفة الحديثة، يقدّم تجربة مختلفة تمامًا، تُعيد الزائر إلى زمن المجلات الورقية الأصيلة، حيث كانت الكلمة تُكتب لتبقى، لا لتُمرّر سريعًا في شاشة هاتف.
يقول محمد صادق إن هذه هي مشاركته الثالثة في المعرض، وإنه جاء هذا العام بمشروع أكثر نضجًا وتنظيمًا، يهدف إلى إحياء ذاكرة المجلات العربية القديمة، وتقديمها للباحثين والمهتمين في شكلٍ جديد، ويوضح:  “عملي لا يقتصر على بيع مجلات قديمة، بل هو جهد توثيقي شامل. أجمع المجلة من عددها الأول وحتى آخر عدد صدر منها، ثم أقوم بتجليدها وترميمها لتصبح وثيقة متكاملة. هذه المجلدات تصلح لأن تكون مراجع لطلاب الدراسات العليا والباحثين في التاريخ والإعلام والثقافة.”
ويؤمن محمد صادق بأن الورق لا يمكن أن يموت، رغم التقدّم الرقمي الهائل الذي جعل الوصول إلى المعلومة أسرع من أي وقت مضى. يقول بثقة:
“قد تؤثر التكنولوجيا على عادات القراءة والكتابة وحتى على تفكير الإنسان، لكنها لن تلغي قيمة الورق. نحن نقرأ اليوم على الشاشات، لكننا نثق في الوثائق المطبوعة أكثر. الباحث الجاد يعرف أن الأصل هو الورق، لأن الدول نفسها حين تثبت حقوقها أو أراضيها، تفعل ذلك بالوثائق، لا بالكلام.”
ويتابع محمد صادق حديثه بابتسامة تعبّر عن اعتزازه بما يقدمه:
“أنا مؤمن بأننا سنعود يومًا ما إلى الكتاب الورقي، لأنه يحمل روح الكلمة ودفء الذاكرة. العمل على هذه المجلات القديمة يمنحني إحساسًا أنني أوثق تاريخ أمة بأكملها، لا مجرد أوراق.”
وعن الإقبال على جناحه هذا العام، يؤكد صادق أن المشاركة في معرض الشارقة الدولي للكتاب 2025 كانت الأفضل منذ سنوات، مشيرًا إلى أن عدد الزوار تضاعف مقارنة بالأعوام السابقة. ويضيف:
“الجميل أن الإقبال لم يكن فقط من عشّاق التراث، بل من طلاب الجامعات والباحثين في الإعلام والتاريخ. كثير منهم وجدوا في جناحنا كنوزًا معرفية لم تكن متاحة في أي مكان آخر.”
ويختتم محمد صادق حديثه قائلاً:
“العودة إلى الورق ليست مجرد حنين إلى الماضي، بل هي استعادة للصدق، للمعنى، وللجذر الحقيقي للمعرفة. الورق هو الذي يوثّق، وهو الذي يبقى.”

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى