أخبار

“بيت الشعر”.. أمسية احتفائية باللغة العربية بمناسبة الاحتفال بيومها العالمي

محمد عبدالله البريكي يتوسط المشاركين من اليمين طارق الجنايني و سلطان الضيط و د. أحمد بهي الدين و آية وهبي و بيلسان أحمد

الشارقة    –    “البعد المفتوح”:

نظَّم “بيت الشعر” في الشارقة الثلاثاء 16 ديسمبر 2025 قي مقره بالشارقة ضمن فعاليات “منتدى الثلاثاء”، أمسية شعرية احتفائية باللغة العربية بمناسبة الاحتفال بيومها العالمي شارك فيها الشعراء: سلطان الضيط (السعودية) و آية وهبي (السودان) وطارق الجنايني (مصر)بحضور الشاعر محمد عبدالله البريكي مدير “بيت الشعر في الشارقة وجمع من الشعراء والأدباء و الفنانين محبي  الشعر، وتصدرهم د. أحمد بهي الدين الأستاذ المشارك في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة القاسمية بالشارقة، وقدَّمت للأمسية الإعلامية السورية بيلسان أحمد.

بدأ الأمسية الشاعر سلطان الضيط فألقى مجموعة من قصائده التي تشف عن شخصية طامحة فضلًا عن شاعريتها المتميزة ظن ومن ذلك قصيدته  “البيانُ رقم 1 لِلقَلَق” ، حبث يعلن فيها جموحه وسط “العَرَبَاتُ السَّائِراتُ بِنَا”:

كَنَجْمَةٍ مَرَّها لَيْلٌ وَطَوَّقَها
أَوْ لَيْلَةٍ ساهِرٌ في الرُّوحِ أَطْرَقَها

هٰذا الضَّجيجُ الَّذي يَهْتَزُّ في رِئَتِي
لَوْ لَمْ أَضِعْ حائِراً فِيهِ لَمَزَّقَها

أَنَا اعْتِيادِي عَلى عادِيَّةٍ سَرَقَتْ

مِنِّي..كَمَا اعْتَادَتِ الأَمْواجُ أَزْرَقَها

كَأَنَّ بِي شُعْلَةً مَرَّتْ تُلَوِّحُ لِي
فَمَرَّ طِفْلٌ قَدِيمٌ بِي لِيُحْرِقَها

أَمُرُّ بِاسْمِي مِرارا بَيْدَ أَنَّ دَمِي

كَجَمْرَةٍ مَسَّهَا ثَلْجٌ فَأَحْرَقَها

يا أَيُّهَا العَرَبَاتُ السَّائِراتُ بِنَا
مَهْلاً فَكَمْ بَغْلَةٍ تَقْتادُ سائِقَها

لَمْ تَهْدِ لِي وَرْدَةً
لٰكِنْ مَعِي قَلَقٌ
أَنْ لا أَمُرَّ بِبُسْتانٍ لِأَسْرِقَها

مَعِي خُرافِيَّةٌ في القَلْبِ تُرْهِقُنِي
وَطُولُ إِرْهاقِها لِلْقَلْبِ أَرْهَقَها

وَأَوْجُهٌ لَمْ أَجِدْ فِيها مَلامِحَها
جَمَعْتُها في الهَوَى حَتّى أُفَرِّقَها

بِي شاعِرٌ وَمَلاكٌ… شاعِرٌ نَزِقٌ
إِذا رَتَقْتُ لَهُ الأَفْكارَ فَتَّقَها

قَصيدَتِي شَبَحِي
حَتّى كَأَنَّ فَمِي
يُخادِعُ الفِكْرَةَ الأُولى لِيَشْنُقَها

لا أَشْتَهِي مِنْ بَناتِ الفِكْرِ شاعِرَةً
بَل أَشْتَهِي مِنْ بَناتِ الشِّعْرِ أَشْبَقَها

فَلِي مِنَ المُنْتَهَى في الغَيْبِ رَعْشَتُهُ
ما أقرب الرَّعْشَةَ الأُولى وَأَعْمَقَها

ويتجلى قلق الشاعر حتى في قصيدة ظاهرها الغزَل ” ظلٌّ يُخطئُ في الباب” حبث يخبئ أمانيه في جيبه:

دخولُكِ مُشتبَهٌ مُنتقى
حَرِيٌّ بي الآنَ أن أَقلَقا

يُزاحِمُني أضلعًا أضلعًا
وأدفَعُهُ مرفقًا مرفَقا

على خِفَّةِ اليومِ أن تَتَّقي
وغَيبوبةِ الغَدِ أن تُتَّقى

على السطحِ، كلُّ الهَوى بينَنا
شفيفٌ، فلا تَذهبي أعمَقا

فإنّي أرى الغَوصَ فيكِ انتهاءً
وعينيكِ مُعتركاً أزرَقا

أنا لَحظةٌ فاضَ عنها الزَّمانُ
وزَلَّتْ بها قَدَمُ المُرتَقى

أُحاوِلُ نَسيانَ ما كُنتُهُ
وأَذكُرُ ما لم أَكُنْ مُطلَقا

وأطوي على موجةٍ ساعدي
وأخشى مع الحلمِ أن أغرقا

أدُسُّ أمانيَّ في جيبِ ثوبي
وأحرسها خوفَ أن تسرقا

وبي طفرةٌ في ليالي الشتاءِ
ترى كلَّ متسعٍ ضيقاً

وجربتُ جربتُ كلَّ اشتهاءٍ
وغادرني شاحباً مرهقا

فوجهي مساراتُ دمعِ الغيابِ
وعينايَ منتزهٌ للشقا

لديكِ أخافُ اصطدامَ المُنى
وأن أتلاشى وأنث أُحرقا

فأنتِ إلهيةُ القسماتِ
معتقةٌ.. لا أرى أعتقا

أصدِّقُ عنك حديثَ النجومِ
ولكن أرى خيبتي أصدقا

بعينيكِ مصيدةٌ للهباءِ
وأخشى -وعينيكِ- أن أعلقا

خذي ما تبقى من الأغنياتِ
فلا حب يبقى ولا أصدقا

____________________________

ووسط تجاوب الحضور وإعجابهم أنشدت الشاعرة آية وهبي عددًا من قصائدها الرقيقة والمحببة بشفافيتها ، وحيت اللغة العربية  “شفيفةٌ كم تهادى سحرها ألِقاً
بين اللغات بسرٍّ غيرِ منكشفِ” ووجهت لها الخطاب فائلة:

 قفي على شرفة الأنوار واغترفي
مكامنُ السِّحر بين الياء والألفِ

واستنطقي العطرَ يروي ذوق من حضروا
من كلِّ معنىً بديع النَّسج مختلفِ

صفي بحرفك نور الله في لغةٍ
بها يفاخر أهل المجد والشَّرفِ

كلام ربِّي بها.. لا شيء يشبهها
مالي أشبِّهها بالدرِّ والصَّدفِ

بها سأكتبها شعراً لأمدحها
أتلو بصوتٍ هزيل النَّبرِ مرتجفِ

محراب أنسٍ سماويِّ الهدى عطِرٍ
فوضِّئي القلب بالإيمان واعتكفي

شفيفةٌ كم تهادى سحرها ألِقاً
بين اللغات بسرٍّ غيرِ منكشفِ

ليست مجرَّد ما قد خطَّه قلمٌ            يوماً على صفحة الألواح والصُّحفِ

حرفٌ.. تقدَّس بالأخلاق منبعه
يا منطق النُّور كم من عاشقٍ دنفِ

حرفٌ.. إذا أهله في السِّحنة اختلفوا
يضمُّهم بنسيجٍ منه مؤتلفِ

صوتُ السَّماء وصوتُ الأرض أذعنتا
طوعاً بيومٍ بسرِّ الله مكتنَفِ

صوتُ الملائك بالتَّسبيح ما نطقت
غير المهيمن لم تعبد ولم تخَفِ

محفوظةٌ بكتاب الله يقرؤه
ما دامت الأرض حباً كلُّ مزدلِفِ

ثم الخلود لها أهل الجنان بها
حديثهم في مدى الساحاتِ والغرفِ

 وصاغت من روحها “رسالة إلى الشابي” من وحي القصيدة المعروفة للشاعر أبي القاسم الشابي :

بـلـغـتَ
إلـىْ الـشِّـعـرِ
أسـبـابـهُ
وحـزتَ الـفـخـارَ
ألا فـافـتـخـرْ

فـمـا مـاتَ
مـنْ عـاشَ
بـيـن الأنـامِ
بـمـا كـانَ
يـنـطـقـه مـنْ دررْ

تـؤولُ إلـىْ الـمـوتِ
هـذيْ الـجُسـومُ
وتـفـنـىْ الـرُّسـومُ
وتـفـنـىْ الـصُّـورْ

ويـبـقـىْ
صـدىْ الـحـقِّ
طـول الـزمـانِ
وتـبـقـىْ الـعـظـاتُ
وتـبـقـىْ الـعـبـر

وشـعـرُكَ لـحـنُ
الـحـيـاةِ الـجـمـيـلُ
ولـون الـصَّـبـاحِ
الـبـهـيُّ الأغـرْ

يـعـيـدُ الـحـيـاةَ
لـهـذي الـقـلـوبِ
ويَـرويْ الـنُّـفـوسَ
ويـجـلـوْ الـكَـدرْ

فـيـا شـاعـرَ الـعُـرْبِ
أنَّـى أراك؟
فـديـتـكَ مـن
شـاعـرٍ مـقـتـدرْ

تـطـلَّـعتَ لـلـفـجـرِ
فـجـرِ الـحـيـاةِ
لـكـسـرِ الـقـيـودِ
تـحـدِّيْ الـقـدرْ

تـنـاديْ الـشُّـعـوب
لـعـلَّ الـنِّـداء
يـصـادفُ قـلـباً
وعـىْ وادَّكـرْ

فـمـا الـعـيـشُ
يـا قـومُ دونَ الـكـفـاحِ
ومـا الـمـوتُ
إنْ لـمْ تـصـغـهُ الـسِّـيـر؟

تـوالـتْ عـلـيـنـا
سِـنـونَ عـجـافٌ
تـمـرُّ سِـنـونَ
وتـأتـي أُخـرْ

ونـحـنُ كـمـا نـحـنُ
لا الـفـجـرُ يـأتـيْ!!
ولا الـلـيـلُ يـمـضـيْ!!
ولا نـنـتـصـرْ!!

شـعـوبٌ
عـلـىْ الـذلِّ تـحـيـا
وتـرضـىْ
حـيـاةَ الـهـوانِ
وعـيـشَ الـحـفـرْ!!

وأرضـيْ غـزاهـا
الـطُّـغـاةُ وعـاثـوا
فـسـاداً بـهـا
واسـتـبـاحـوا الـخُـدُرْ

مـتـىْ يـشـرقُ الـفـجـرُ
فـيْ أرضـنـا؟
يـعـمُّ الـضِّـيـاءُ
ويـنـمـوْ الـزَّهَـر؟

بـلاديْ فـديـتـكِ
مـا الـحـبُّ يـومـاً
تـضـاءلَ فـيْ مـهـجـتـيْ
أو فـتــرْ

عـلـيـكِ أغـنِّـي ..
وأبـعـثُ فـنِّـي ..
وأنـتِ مِـجـنِّـيْ ..
فـمـمَّ الـحـذرْ؟

سـأرقُـبُ فـجـراً
قـريـبــاً وأحـلــمُ
بـالـخـيـرِ يـغـمـرُ
دنـيـا الـبـشـرْ

بـرغـمِ الـضَّـيـاعِ ..
ولـيـلِ الـخـنـوعِ ..
وصـمـتِ الـشُّـعوبِ ..
الـتـيْ تـنـتـظـرْ

أحـبُّكِ مـا الـحـبُّ
عـنـديْ كــلامٌ
يـقــالُ
ولا نـظـمُ شـعـرٍ سُـطِـرْ

أحـبُّـك حـبـاً
يـضـيءُ حـيـاتـيْ
ويـشـرقُ فـي الـقـلـبِ
طـولَ الـعُــمُـرْ

ويـحـيـا بـحـبِّـكِ
هـذا الـفـؤادُ
ويـحـمـلُ حـبَّـكِ
إمَّـا قُــبِــرْ

أبـا الـقـاسـمِ الآنَ
حُــقَّ الـكـفـاحُ ..
وحُــقَّ لـذا الـقـيـدِ
أنْ يـنـكـسـرْ

وحُــقَّ لـذا الـلـيـل
أنْ يـنـجـلـيْ
ولـلـنُّـورِ والـحـقِّ
أنْ يـنـتـشـرْ

سـأحـمـيْ بـلاديْ ..
أذودُ الأعــاديْ ..
أسـومـهـمُ
غـضـبـةً لا تــذرْ

أجـيـبُ نـداها ..
أمـوتُ فـداها ..
وإلا فــإنيْ
عــزيـزٌ وحــرْ

وشـعـركَ
نـورُ طـريـقـيْ
وزادي
ضـيـاءُ الـبـصـيـرةِ
قـبـلَ الـبـصـرْ

فـصـوتـكَ
صـوتُ الـضَّـمـيـرِ
يـظــلُّ
صـداهُ بـقـلـبـيْ
فـلا يـنـدثــرْ

“إذا الـشَّـعـبُ يـومـاً
أرادَ الـحـيـاةَ
فـلابـدَّ أن
يـسـتـجـيـبَ الـقـدرْ”

“ولابـدَّ لـلَّـيـلِ
أنْ يـنـجـلـيْ
ولابـدَّ لـلـقـيـدِ
أنْ يـنـكـسـرْ”

وكان آخر الشعراء إلقاءً الشاعر طارق الجنايني ، فألقى  في ما ألقاه قصيدة “ست النور” التي تبينً ببلاغتها معالم تميز اللغة العربية:
أندَهتِهِ؟ أم سِرتِ فانتَبَها
ورأى سواكِ فلم يجد شَبَها
قلبي الذي ألقَيتُ ذاتَ أسى
في خاطرِ الدنيا فأعجبها
أنتِ التي انفجَرَت بمفردها
عيناً -على ظمأٍ- ليشربها..
يا بنتَ نورِ اللهِ يا لغةً
كانت من النجماتِ أقربها

ودعت مديرة الأمسية في ختامها الشاعر محمد عبدالله البريكي لتكريم الشعراء حيث التقط معهم صورة تذكارية.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى