مقالات

ما تخبئه الفلسفة  ريما آل كلزلي   –   السعودية

هناك سر غريب في الفلسفة غوايته أجنحة تحلق بالعارفين في فضاءاتها، لكنها فعل عميق يحتاج إلى الكثير من الوقت والتأمّل، يكاد يشغلنا عنه الكفاح اليومي في سبيل الحياة الكريمة.

بعيدًا عن أي عبثية مملة، نحن بحاجة دائماً لأن نحدد قيمة الأشياء التي تحيط بنا، وكيفية التعايش معها لجعل أحد أهم الأهداف في حياتنا أن نفهم أكثر ونعرف أكثر قبل فوات الأوان، فالمعرفة هي جوهر الوجود.

ولأن التفكير سِمة أساسية للإنسان ، عندما خُلِق مفكر وهذه طبيعة البشر، فهذا أحد أسباب الرقي بالإنسانية  ومكنوناتها، كما أن واقع الحال يثبت أنه كلما شقي الإنسان بتفكيره ذهب إلى التسلية والهروب من السؤال الذي لاتتضح إجابته ظنًا منه أنها الحل.

لنفهم الفلسفة يجب أن نفهم ما معنى التفكير في الأصل. التفكير في معناه العمومي هو نشاط ذهني يختلف عن الإحساس والإدراك، ويتجاوز الاثنين معًا إلى الأفكار المجردة.

من هذا المنطلق نتحول لرؤية الحقائق في جوهرها الأبدي، وفي كليتها بعيداً عن التفاصيل لبلوغ الكمال.

هنا تكمن حكمة الفلسفة في الرؤية الأوضح والأعم. يقول ثورو: حتى تكون فيلسوفًا لايكفي أن تكون لديك أفكار حاذقة أو أن تكون مبتكرًا لنظرية جديدة أو تابعًا لمدرسة فلسفية، لكن عليك ان تكون محبًا للحكمة ما حييت وتعيش وفقًا لمشورتها، كن محبا للحكمة لتكون مستقلاً وأهلا لثقة الجميع.

ولوعرّفنا الفلسفة لغويّاً لوجدناها تعني حرفياً “حب الحكمة “، وذلك يقتضي دراسة الأسئلة والقضايا المتعلقة بالإنسان من وجود ومعرفة وسياسة وأخلاق وجماليات وقيَم، بينما المنطق هو أداة التفكير فيها وآلة العقل ، كما أن للفلسفة حقولها:

١. الميتافيزيقية

٢. المعرفة

٣. الأخلاق

٤. السياسة

٥. الجماليات

و السؤال المهم الذي يتبادر إلى الذهن: ما هي فائدة الفلسفة؟

بدايةً سأقول: لو قورنت الفلسفة بالعلم لوجدنا رواج العلم وتقدمه. في المقابل الفلسفة تأخذ على عاتقها المهمة الأخطر، وهي الخوض في المجهول وقضايا الخير والشر، الجمال والقبح، الحرية والنظام، الحياة والموت ، وهي الخندق الأول لتسهيل مرور العلم فيهاإ إلا أن الأهم هنا أن كل علم تبدأآفاقه نتيجة سؤال فلسفي مهما بدا جامدًا أو مُربكًا، حتى يصبح بالتجربة والعلم معرفة ثابتة

والفيلسوف ليس مجرد أداة لشرح الحقيقة وتفسيرها بقدر ماهو(عارف) مهتم بقيمة هذه الحقيقة ومعناها، وأثرها في التجربة البشرية ، وهناك من يقول إن العالِم يعرف أكثر وأكثر عما هو أصغر وأصغر، بينما الفيلسوف المفكر يعرف أقل وأقل عن ماهو أعظم وأعظم .

إن العلم بلا فلسفة هو حقائق بلا منظور فالعلم يمنحنا الحقيقة، والفلسفة تمنحنا الحكمة، لذلك كان التعرف إلى الفلسفة في واقع الأمر  هو توضيح للمنظور المثالي للأشياء  لأنها تُنشَد كمسلك حياة للعباقرة والحكماء، كما يتوجب التعرف إلى  حياتهم لمشاطرتهم متعة الفهم .

هناك قول لأمرسون : “هل تعلم ما هو سر طالب المعرفه الحقيقي؟

في كل رجل هناك شيء يمكنني أن أتعلمه منه”، ومن هنا، فإن سر المعرفة الحقيقية يكمن في أن تكون تلميذ الجميع، حتمًا من السهل علينا أن نكون تلاميذ الفلاسفة، ومثل هكذا أساطين للفكر من دون أن يجرح ذلك كبرياءنا، واقع الأمر أن الرجال العظماء يخاطبوننا فقط إذا كان لدينا آذان وأرواح لسماعهم.

نحن أيضاً نتوق للمعرفة والفهم بقراءة تاريخ الفلسفة منذ عهد         (طالس) وحتى الفلسفة الحديثة التي تمتد من الحرب العالمية الثانية حتى وقتنا الحاضر، على الأقل لتعويض الشعور بفقد الحساسية المرهفة الموجودة لديهم كمطلب للوصول إلى مثُل عليا نطمح إليها ولم نبلغها بعد ، ونرقى إلى موسيقا الفضاء، متمثلين بقول أرسطوعن الفلسفة بأنها تلك الموسيقى الكونية العظيمة.

دعونا نتعرف إلى هذا الجمال غافرين كل قبح في أخطاء الفلاسفة ، لكي نغوص في خير ما تخبئه الفلسفة نفسها بعيداًعن أي شيء آخر.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى