مقالات

عجز الفضائيات العربية المستمر وديع منصور* – الإمارات

خلال فترة كورونا ، التي يبدو أنها في نهايتها الآن ، عجزت كل الفضائيات العربية تقريبا ، تلك التي في الداخل او في بلدان غربية ، عن تقديم عمل احترافي . إذ لم نر برنامجا تسجيليًا واحدًا من إنتاج عربي يتحدث عن الوباء  وتاريخ الأوبئة في المنطقة العربية ، وماهي الجهود العملية المبذولة في المنطقة العرببة . وكيف تعمل المختبرات وكيف تأثرت المجتمعات والاقتصادات في منطقتنا . تم تناول وباء كورونا من خلال ترجمات عن برامج بلغات أخرى مثل ترجمة المسلسلات والافلام الاجنبية للغة العربية، او استعراض تغريدات وفيديوهات وتعليقات ضمن برامج “تريند” . من يشاهد القنوات العربية لا يجد فيها غالبًا ما يؤشر على التخصصات ، فبدلًا من أن تجد سياسي معروف يدير برنامجًا حواريًا ، أو محاميًا يقدم برنامجًا عن مواضيع قانونية ، أو ديبلوماسيًا يكون هو المذيع لبرنامج في هذا الاتجاه ، نجد فقط مذيعات جميلات ومذيعين شبابًا مبتدئين، ويبدو واضحًا تدني ثقافتهم العامة، وللتغطية على هذا الضعف يتم تطوير أحدث ديكورات الاستديوهات بشكل دوري .
إن فكرة القنوات العربية الموجهة لكل الناطقين بالعربية تصطدم دائمًا بحقيقة أن تلك القنوات محكومة بالكثير من الأمور والخصوصيات التي تتعلق بكل دولة عربية، وعدم قدرة القنوات الناطقة بالعربية على الخوض في معظمها ، وخاصة الأمور الأكثر حساسبة وأهمية .
ظاهرة تجميل الفضائيات العربية بالمذيعات الجميلات والديكورات الحديثة من دون وجود حيز كافٍ للاعلام المتخصص ، هذه الظاهرة ، التي أصبحت أشبه بسباق بين القنوات الفضائية العرببة ، أضعفت كثيرًا الاعلام العربي ، وجعلت منه إعلامًا سطحيًا ،بل تافها في أحيان كثيرة .
وحين تكون هناك أحداث كبيرة ، اكانت في منطقتنا او في العالم ، فان الفضائيات العربية تبدو عاجزة عن تقديم شئ إحترافي ورصين .
نشرات الأخبار نالت النصيب الاكبر في التجميل والتسطيح ، وحتى الجولات الإخبارية في أوقات الذروة رغم محاولات التجميل المستمرة ، عجزت عن تقديم ماهو إحترافي ، وهذا جعلها تفقد المزيد من المشاهدين الناطقين بالعربية . هناك أرقام صادمة عن عدد المشاهدين المتدني جدًا لقنوات ذات ميزانيات ضخمة . فيما نجحت قنوات أخرى في اجتذاب أعداد ضخمة من المشاهدين من خلال برنامج يمكن لهواة أن ينتجوه على “يوتيوب” مثلًا .
يبدو ان غالبية الفضائيات العربية حريصة على النزول لمستوى الجمهور . ويبدو أن النزول كان أعمق كثيرًا مما يجب ،و هناك اعتقاد بأن الفضائيات العربية المحلية سيكون لديها الحظ الأوفر في الاستمرار لوقت أطول على عكس الفضائيات العربية العامة ، أي الموجهة لكل الناطقين بالعربية وهذا صحيح إن توفرت للفضائيات المحلية الظروف المناسبة كالمساحة الكافية لحرية الرأي مثلًا ، والإدارات و العاملين المؤهلين وليس المحاباة والمحسوبيات والشللية، وهذه ممارسات يتفوق فيها العرب على غيرهم ، ويعد تناول الفضائيات المحلية المستمر للشؤون والقضايا المخلية للبلد من العوامل المهمة لاستمرار وازدهار الإغلام المحلي ، وعلى العكس من ذلك فإن تناول الشأن الغربي العام  والشؤون العالمية في ظل غياب الاحترافية التخصصات والإدارات والمديرين المبدعين، والاتماد فقط على الإبهار البصري .. كل ذلك من شأنه أن يجعل المزيد من المشاهدين ينصرفون عن القنوات العربية سواء الإخبارية أو غيرها.

هناك انطباع متزايد بأن الفضائيات العربية ذات الميزانيات الأكبر أصبحت تراهن وعلى نحو متزايد على ورقة الإبهار البصري من دون أن تقدم شيئًا عالي الاحترافية ، ومن شأن الاستمرار في هذا الرهان أن يجعلها ضحية النشاط الهائل على الإنترنت أسرع كثيرًا مما يجب.

 

* إعلامي يمني
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. الإعلام أمانة ورسالة وترفيه… صناعة معقدة تجمع بين رصانة منهج ومتطلبات سوق… وهنا يكمن التحدي في كيفية تفعيل موضوعية الطرح مع حتمية الإبهار البصري
    . شكرا للكاتب على هذه المتابعة المثيرة والثرية والقابلة للتعليق والاختلاف .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى