هناك من تمر بهم صعاب وامتحان من القدر في الحياة.
كم أشفق على أبناء هذا الجيل والأجيال القادمة التي لا تستطيع مواجهة صعاب الحياة التي ربما يتعرض لها أي إنسان في مراحل عمره إلا من رحم ربي.
ما نحتاج إليه ياسادة لتربية الأجيال القادة ليس أن نترك لهم ثروة أو نمنحهم أعلى الشهادات الدراسية فحسب، بل قبل كل ذلك بناء الذات بناء الشخصية.
ربما تترك لابنك أو بنتك ثروة طائلة، فلا يقدر تعبك وسهرك وجهدك في جمعها، ولا يحسن استخدامها فتذهب أدراج الرياح .
كذلك قد تمنح ابنك أو ابنتك أعلى الشهادات الدراسية، ولكنك قد طمست هويته الذاتية بدلًا من بناء نفسية تواجه المصاعب والمحن، فتكون النتيجة إنسانًا بلا شخصية.
الحياة يا سادة مثل سفينة في محيط الحياة، فإن لم يكن لتلك السفينة قائد محنك حكيم تعرضت للهلاك.
كذلك هي حياتنا وحياة الأجيال القادمة، هذه الأجيال التي تربت على الفراغ و”النت” و اللامبالاة.. تربت على ضعف الشخصية بفرط سيطرتكم عليها.
أولادكم سلاحكم الذي سوف تتركونه غدًا وترحلون، فحافظوا عليه، ولا تكونوا متسلطين بفرض الرأي عليهم ، ولا تكونوا ظالمين لأولادكم ولأنفسكم، بل كونوا لهم أصدقاء أحباء.. اتركوهم يجربون ويخوضون معارك الحياة بكل مافيها، وراقبوهم من بعيد.. هذه هي الفجوة في المجتمعات العربية. نحتاج إلى الوسطية في تربية الأبناء من دون إفراط ولا تفريط.
كان الرسول صلى الله عليه وسلم منهاج حياة ليس فقط بالقرأن وأداء الرسالة، بل في سبل الحياة، وكانت أول توصية من رب العباد لرسوله أن أقرأ، ولكن أين تربية أبنائنا من القراءة وحب القراءة؟ حدث ولا حرج .. صرنا نعلم الأبناء الإنترنت وخلافه، تركناهم لتعليم التلفاز و “النت” وغيرهما.
في أجيالنا يا سادة أناس فاسدون ، ولكننا كنا نراقب الأبناء وندرك مقدار التعب والجهد والكد للحصول على الرزق الحلال لنا و لأمهاتنا أيضا.. كن نعم الأمهات الصالحات.
في كل زمان يوجد الخير والشر.. الحق والباطل، ولكن دورنا أن نحافظ على البقية المتبقية من الخير لمواجهة الشر.
إنها تربية الأبناء فعجبًا كم صارت حياة الأبناء على مواقع “النت” والتجول فيها وسماع مايؤذيهم سماعيًا وشعوريًا،أو كالذي يربي أولاده على التشدد. الحياة يا سادة هي الوسطية والاعتدال ،فالدين منهج حياة .علموا أولادكم حب القراءة والكتابة.. حب العناد في الحق ومواهجة الحياة ..علموهم اللجوء دومًا وأبدًا إلى الله.. احفظ الله يحفظك، وليس الإيمان عند أي محنة أو بلاء.
علموا أولادكم المواجهة وعدم اليأس والقنوط لنخلق أجيالًا كسابق العهد علماء وشعراء رجالًا ونساء أكفاء، فبالعلم والعمل ترقى الأمم.
ما نشهده من حوادث حالية من قتل وانتحار وغيرهما، إنما هو نتيجة الجهل العلمي والديني. علموا أولادكم عند الهزائم ألايتركوا ساحة المعركة، بل أن ينهضوا من جديد، فرب هزيمة اليوم تكون بداية لنصرة في الغد.
علموا أولادكم أن العمل عبادة ، و علموا ابنكم عندما يمر أمام عامل القمامة أن يصافحه و يتكلم معه بكلمات الشكر والثناء.. علموا أولادكم أن أي عمل ولو بسيط هو جهاد في سبيل الله، فرب صغير العمل لكنه عند الله خير من قائم بالليل وصائم بالنهار.. علموا أولادكم أن من هؤلاء الناس خرج العلماء و الأدباء والمخترعون.. علموهم أن المجتمع مثل ماكينة كبيرة يكمل كل منا الآخر ، فإذا تعطل أحد التروس الصغيرة في تلك الماكينة تعطلت الماكينة بأكمها . ابنوا عقول وشخصيات أبنائكم.. لاتتركوهم سدي لمن يزرع بهم ويخرب عقولهم .. علموا بناتكم الشعر والقراءة حب الحياة بناء الشخصية.
العمل مرضاة الله و احترام الأهل في أي مكان وزمان .. علموا ابنكم أنه لربما يرحل الأهل، لكن الله يراقبك فكن على نفسك رقيبًا.. علموا أولادكم العهد والوفاء بالعهود وأن يكونوا أنقياء.. أكتشفوا ما لدى أبنائكم من مواهب، وشجعوهم بالطرق الصحيحة ، ولا تكونوا أشداء متسلطين متحجرين تقفون في وجه حرية أبنائكم، بل اتركوا لهم الاختيار في حياتهم العلمية والعملية، وكونوا فقط نصحاء ولا تكونوا أوصياء.. هذا ما نحتاج له في تربية الأبناء في هذا الجيل والأجيال المقبلة.
زر الذهاب إلى الأعلى
موضوع جميل يستحق النشر ..دمتِ متألقة ورفع الله قدرك
لقد اصبت استاذتي . التربية وحب العمل والعلم والناس والاخلاق التي هي من الخالق والخلق والابداع هي الحياة السوية مع الحب والتحية والاحترام والتقدير والشكر لك على هذه المعلومات القيمة وللاستاذ وائل على هذه المجلة الغنية بالمعرفة .مهند الشريف