مقالات

“عشق الإمارات”           نداء محمد      –      سورية    

منذ ثمانية وأربعين عاماً، ولأول مرة تطأُ قدماي أرض إمارة أبوظبي الطيبة وإلى اليوم وعشق الإمارات يسري في عروقي ويعشعش في قلبي وعقلي وكل جوارحي، كيف لا وقد قضيت فيها عمراً كاملاً، وعشت في ربوعها أياماً منها ماحمل معه ثمرة الكفاح والصمود وحلاوة النجاح والتفوق والتميز، ومنها ما انطوى على جهود مضنية لتخطي مطبات واجتياز مصاعب وتحمل  المتاعب.. ككل حياة يعيشها إنسان في أي مكان عند وصولنا أنا وزوجي إلى مطار أبو ظبي كان في انتظارنا صديق ابن عمته صاحب المكتب الذي كان يعمل لديه بوظيفة مندوب علاقات عامة، وركبنا سيارته الفارهة وحينذاك صدقت نفسي أنني عروس أقضي شهر عسل حقيقيًا، وصلنا إلى المكتب واتصل بصاحب الشقة التي  استأجرها زوجي، وإذا بالشقة ما زالت مشغولة، وبقينا أسابيع أنام الليل عند بيت عمته ، وفي النهار  أظل قابعة في المكتب، وكل يوم نراجع وزارة التربية من أجل تعييني للعمل في سلك التعليم، لكن نفاجأ بالرد المحزن  أن الأماكن والمناطق قد اكتفت ولا يوجد شاغر، وبقيت سنتين من دون عمل، ومما زاد الطين بلة ـ كما يقال ـ أنه عندما علم  ابن عمة زوجي صاحب المكتب بزواجنا، وبأن الموظف لديه أحضر زوجته معه أرسل رسالة إلى شريكه يأمره بإنهاء خدماته، خوفاً من طلب زيادة الراتب وتعويض سكن …. وبدأ الزوج في البحث عن عمل وقبلت به إحدى شركات البناء، وفي هذا العام رزقنا بابننا الأول، ومرت أيام شاقة استأجر زوجي غرفة في حي شعبي في أبوظبي، وفرشها بما هو ضروري وأحضر تلفازه الصغير من المكتب.. كنت أتابع برامج تقدم على قنوات الإمارات وأشاهد حاكمها الجليل المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ،طيب الله ثراه، وأعجب بتواضعه وعطائه الكبير لأفراد شعبه وزياراته لمدارس  المدينة، ومواقفه المشرفة واهتمامه بالصغير قبل الكبير ، وحرصه على كرامة شعبه وعزته وتأمين معيشته، ولما كان الزوج يكثر من العمل الإضافي ويطول غيابه، نصحني بالسفر للأهل ريثما يتم تحسين الوضع ورفع مستواه نوعاً ما، وكان في إمكاني العودة إلى وظيفتي والبقاء في  بلدي، لكن أحببت العيش في أبوظبي وعدت أدراجي إليها، وتم قبولي مدرسة في منطقة نائية على حدود قطر، ونظراً لحبي مهنة التدريس وافقت على الذهاب والبدء في العمل فرحة مستبشرة، وبقينا مدة خمس سنوات، ونعمنا بعطايا زايد وكرمه، فتم توزيع فيللا لكل مدرس ومدرسة تحتوي على مجلس كبير وغرف واسعة وحديقة، وشعرنا بالسعادة تنساب إلينا كالنهر الرقراق، فكل شيء يوزع علينا بالمجان الماء العذب واللحم الطازج خاصة عندما يزور الشيخ زايد رحمه الله المنطقة، ويوزع الهدايا وتقام الحفلات والولائم، ولا أنسى حين زارت سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك “أم الإمارات” المدرسة ووزعت لكل مدرسة ظرفاً يحتوي مبلغا من المال، والكل يشعر بالبهجة والسرور برؤية البنات يلوحن بشعرهن احتفالاً بزيارة رئيس الدولة المحبوب والمشهور بعطاياه العديدة في جميع المجالات الحياتية، حتى الطبابة والأدوية كانت مجانية في ذلك الوقت والمستشفيات في أبو ظبي كانت تقدم خدمات الولادة والعلاج والأدوية بلا مقابل.. هكذا كانت الإمارات وما تزال بلد العطاء والعزة والفخر..  بلد الجمال والسعادة الذي تهفو إليه الأفئدة لتشعر بالأمان والاستقرار وتنعم بالحضارة والتقدم، وماعلينا إلا أن ندعو لهذه الدولة بدوام الأمن والأمان، وأن يحمي الله حكام دولة الإمارات من كل سوء، ويظلوا ذخراً للعرب  وعزاً للإسلام والمسلمين، وما أزال أشعر إلى اليوم بعشق الإمارات يسري في عروقي، فكلما سافرت إليها لا أرغب  في مفارقتها، ففيها تمتعت برؤية فلذات كبدي والإحساس بالأمن والأمان. أرجو أن تدوم هذه النعمة على دولة الإمارات، وعلى سائر بلاد العرب و المسلمين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. شكرا لك ولمشاعرك الجميله التي شعرنا بها في كتاباتك حفظك الله وأطال في عمرك نفخر ونعتز بكم معلمين ومعلمات قدوات لنا ودام عز الإمارات ودامت المحبه بين جميع الشعوب العربية والاسلامية الشقيقه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى