“الشعر المحكي” أمسية من الإمتاع والجمال في النادي الثقافي العربي بالشارقة  

 

قمر الجاسم ومارية محي الدين وسليمان حذيفة

 

نظم النادي الثقافي العربي في الشارقة الخميس 8 سبتمبر 2022 أمسية من الشعر المحكي اتسمت بالإمتاع والجمال أحياها الشاعر سليمان حذيفة والشاعرة قمر جاسم وقدمت لها الأستاذة مارية محي الدين، حيث رحبت بالشاعر والشاعرة مشيعة أجواء مزجت بين الجدية وخفة الظل، وذلك بعد مداخلة حول الشعر المحكي وتاريخه جاء فيها:

“الشعر المحكي” هو تطور للشعر الشعبي وفي الوقت ذاته هناك اختلاف أضعفه تاريخي، فأصول الشعر الشعبي تخضع لأوزان وقوافٍ معينة، لكن الزمن نجح في كسر تلك الأوزان وانفلت من القيد فتحوّل إلى ما يمكن إدراجه تحت مسمى “الشعر المحكي”.

ومن الجدير بالذكر بأن أبرز من تقدم في هذا المضماروكان له السبق في انتشاره شعراء “سورية” و “لبنان” وتأصل في أربعينيات القرن المنصرف رغم ما واجهه من حملة انتقادات واسعة من النقاد وأتباع التقليدية وحتى شعراء التفعيلة وعدّوه “لغوًا” لا خير فيه.

وبالمقابل فقد لاقى استحسانًا ورواجًا واسعين في الأوساط الشبابية وأثبت موجوديته كونه يعبّر عن كثير من مكنونات النفس بعيدًا عن جزالة الفصحى، فأضحى ثورة شعرية يقودها جيل من الشعراء مما أظهره في نهاية المطاف إلى الواجهة الثقافية العربية نسقًا شعريًا مرحبًا به بل ويُتغنّى به أيضًا.

فمن منا لم تردد نبضات قلبه قبل شفتيه أغاني فيروز التي كتبها لها الأخوان رحباني وسعيد عقل وطلال حيدر، ومن منا لم يتعاطف مع “حمدة” للشاعر عمر الفرا وهو يدافع عن إنسانية المرأة وكيانها في ظل التسلط الذكوري لمجتمعاتنا الشرقية، وكيف لنا أن نغفل عن أشعار الأبنودي وأحمد فؤاد نجم وهشام الجُخ في مصر، وأيقونات الأمير بدر بن عبد المحسن الذين أكدوا بنتاجهم الإبداعي شرعية القصيدة المحكية عربيًا وبكل جدارة.

استهلت الأمسية الشاعرة قمر جاسم بقصائد  لامست قلوب الحاضرين بسلاسة مفرداتها وجمالية صياغتها وخاطبت عقولهم بأفكارها. تقول في إحدى قصائدها:

أحلى أمّ بالعالمْ انتي

بَعْرِفْ إنِّكْ عَمْ تْدعيلي

مشْ شَرْطْ تْكوني مْقابيلي

صْوتِكْ مَحْفورْ بذاكرْتي

بْنامْ وْهوّي عَمْ يْهديلي

ما بَعْرِفْ شوْ بَدّي قلّكْ

يا إمّي كتيرْ اشتَقتلّكْ

وْالفَرْحةْ الماعِشْتا بْعمري

إلاّ مَعَاكي بْتحنّلّكْ

يا قَلبي وْيا روحي وْعمْري

هَيّ الكلمات الّي بْتغري

مَحّدْ قَلّي ياهُنْ غِيرِكْ

مِنْ قَلبو وْراح هَمّي دِغري

أحلى أمّ بالعالمْ إنتي

يا رفيقةْ عمري وْيابِنتي

مَعي بْتضَلّي وْينْ ما بْكونْ

وْمَعِكْ بقلبي وينْ ما كنتي

بْكلّ ضحكي بالبيتْ بْشوفِك

مَعْ كلّ نسمه بْلمَحْ طِيفِكْ

كلّ كلمه قلتيّا بْعيدا

بْكلّ كلمه بْتهجّا حروفِكْ

بَدّي ضِمّك شمّ تيابِكْ

كلّ ما بّبوّسْ عَتبة بابِكْ

بْتذكّرْ لَمّا تقليلي

يا قَمر الجاسِم شوْ جَابِكْ

بْتذكّر أدّيشْ تْعبنا

أنا ويّاكي وْتشنطَطْنا

وْكنتي تقوّيني وتدعيلي

وْتقليلي أللهْ مَعْنا

دْموعي ما ضَلّلا مَطْرحْ

مَعِك بْحزنا كانتْ تفرَحْ

عَ صدرِك لمّا تضمِّيني

وْتَعْطيني القوّة لأنْجَحْ

بَدّي ضِمّك شمّ تيابِكْ

كلما ببوِّسْ عتبةْ بابِكْ

بْتذكَّرْ لمّا تقليلي

يا قمر الجاسِم شو جَابِكْ

وفي قصيدة تأملية تصور بيئتها تقول :

كلما مَرَءْ شارِعْ أنا ما بَعْرفو

بْحسّ الأمانْ بْشبرْ عَمْ يغرَءْ

بْرسُمْ ع وشّو بيتنا

وْبسوّرو بْضحكةْ صَبيْ

وْأحلامْ عَمْ تشهَقْ

بْرسُمْ مَراجيح وْلعَبْ وْكلالْ

بَيّاعْ فولْ مسلطِنْ بْموَّالْ

عاشِقْ عَمْ يشمّ العطرْ من شالْ

وْبحطّْ جَمبُنْ ياسمينة مْعرّشةْ

ع قهوةْ المَفرَءْ

بْنطُرْ يجو الجيرانْ

لنرجِّعْ اللي كانْ

وْيزيّنو الأعدي

نشرَبْ عَصير التّوتْ

وْيصيرْ الصَّدى بْوسْع المَدى

بَس يلعبوا شَدّةْ

وْبفيقْ ما بلاقي حَدا

إلاّ مَباني شاهقة

وْطرقاتْ ما بيعْرِفْ حَدا

لوينْ بْتوَدّيْ

وترسم طفولتها وأحلامها التي استعاضوا عنا بالأحجار بكلمات قصيدتها:

   إنتي وأنا

إنتي وأنا ع الحب كنا صغار

نزرع حلم قدّام باب الدّار

نلعب سوى بالتلج

نركض سوى عالمرج

بس هلّأ كبرنا

والعمر غيّرنا

يمكن لأنّن زفّتو الشارع

وأحلامنا حطّو بدالا حجار

كان الأمل بقلوبنا يحكي

مع بعض كنا نغزل الضحكي

مع بعض نفرح

مع بعض نبكي

بس هلّأ كبرنا

والعمر غيّرنا

يمكن لأنّن زفّتو الشارع

وأحلامنا حطّو بدالا حجار

إنت وأنا ع الحب كنا صغار

نركض ورا الغيمي إذا شتّت

والشمس نلحقها إذا هربت

ونجدد الضحكي إذا عتقت

بس هلّأ كبرنا

والعمر غيّرنا

يمكن لأنّن زفّتو الشارع

وأحلامنا حطّو بدالا حجار

إنت و أنا ع الحب كنا صغار

نلعب عرس ونجهّز الحنّه

لتنين عم يتمرجحو بجنّه

كنا سَوى نرقص سَوى نغني

بس هلّأ كبرنا

والعمر غيّرنا

يمكن لأنن زفتو الشارع

وأحلامنا حطوا بدالا حجار

أما الشاعر سليمان حذيفة فقد اختلف أسلوبه في طرح جماليات شعره وأفكاره النابعة بصدق من واقعه. يقول في قصيدة تصور عاطفته نحو أمه :

دخلك يا إمي ليش منهمّة

واسمك صلا مدروز عا تمّي

وكلما لخالق هالدني صليت

من بعد مِنّو بأسمك بْسَمّي

ولمّا بِعيدك هالمسا طلّيت

حامل ب قلبي جروح منحمّي

عْجنت القوافي بدمعة الياريت

 ضمّك عا صدري بعد شي ضمّة

وكلما باسمك للوفا غَنّيت

وفضلك مابوفِي ولو نِشف دمّي

كْتبت القصايد والجفن بكّيت

 والدمع بعدو معلم بْكمّي

غِبتي يا إمي وبالوجع حسّيت

وبَلّشت أكتب من حبر همّي

بلكي حروفي بْتسمعي بْشي بيت

تا عيّد عليكي وعلى كل إم

رَيتك معي بهالعيد يا إمّي

وينتقل إلى حديقة الغزل في قصيدة فيها يقول:

بعدو ع تمّي طعم بوستها

وشعلان قلبي من حرارتها

وبمحل م علّم م كان يروح

مطرح ما شدتلي ب قرصتها

غمّضت عيني وبالفكر عم  روح

دقدق ب قلبي باب غرفتها

متل الكأنو مشرّع ومفتوح

تا فوت اتنقوز ع غفوتها

شفت الشّعر ع سريرها مشلوح

شلال عم يعزف ع نهدتها

ونسمة  عليها عم تجي وتروح

تفلفش على الميلين غرّتها

والشوق فيّي تجاوز المسموح

وقرّبت اتسمع ع همستها

متل الصلا فيها هداوة روح

 ذاب  الحكي بمزراب دمعتها

وشفت العمر ع تمها  مفضوح

بيّّّن صدى بحروف كلمتها

قالت  تعا وبْصوتها المبحوح

تمك تركلي ع شفافي جروح

 وجروح ما بتروح طعمتها

و يذهب خياله أبعد من ذلك فيصور غرامه مدى تعلقه بها حتى إنه:

 قدام عيني

 خيال جسمك لو مرق

بْتطلع قصيدة

بالعيون بْتنسرق

ان شافك أبو النواس

 ب عُوف العَرق

ويندم ع عمرو الضاع

 منو واحترق

وتا صير شاعر حب

 يسْكرني الهوى

بعمل شْفافي قلام وشفافك ورق

وفي ختام الأمسية تولى الأديب محمد إدريس عضو اللجنة الثقافية في النادي الثقافي العربي في الشارقة تكريم المشاركين والتقاط صورة تذكارية معهم.