استطلاع

“الكباش” طريق و انطلاقة جديدة لمدينة “الأقصر” في مصر استطلاع : شيمازا فواز

يعد طريق الكباش الفرعوني في محافظة الأقصر المصرية من بين المشروعات الضخمة والمهمة، التي توليها مصر اهتماماً كبيراً خلال الآونة الآخيرة، وهو طريق فرعوني بدأ العمل فيه منذ عقود، حيث جرت أعمال حفائر كثيرة ليظهر مجدداً إلى النور بعد ترميمه، ويربط بين معبدي الكرنك و الأقصر في جنوب مصر.

يعرف طريق الكباش بأنه “طريق مواكب الآلهة”، ويعود لعصر الأسرة الثامنة عشرة من الدولة المصرية القديمة في عهد الملكة حتشبسوت للاحتفال بموسم الفيضان، في ما عرف بعيد “الأوبت” قبل أن يندثر تحت الأرض بمرور القرون وتعاقب الأزمنة.

ويعدّ افتتاح طريق الكباش الفرعوني مشروعاً ضخماً وانطلاقة جديدة لمدينة الأقصر، بحيث يحولها إلى متحف مفتوح ذي أهمية ثقافية كبيرة يبهر الزائرين.

                                                  تاريخ عريق

يعود طريق الاحتفالات إلى ما قبل أكثر من 5 آلاف عام، عندما شقّ ملوك مصر الفرعونية في “طيبة” (الأقصر حالياً) طريق الكباش لتسير فيه مواكبهم المقدسة خلال احتفالات أعياد “أوبت” كل عام، وكان الملك يتقدم الموكب ويتبعه عليّة القوم كالوزراء وكبار الكهنة ورجال الدولة، فضلاً عن الزوارق المقدسة المحملة بتماثيل ورموز المعتقدات الدينية الفرعونية، فيما يصطف أبناء الشعب على جانبي الطريق يرقصون ويهللون في بهجة وسعادة، و قد بادر إلى شقّ هذا الطريق الملك أمنحوتب الثالث، تزامناً مع انطلاق تشييد معبد الأقصر، لكن الفضل الأكبر في إنجاز الطريق، يرجع إلى الملك نخنتبو الأول مؤسس الأسرة الثلاثين الفرعونية آخر أسر عصر الفراعنة.

                               الكشف عن طريق المواكب الكبرى

بدأ مشروع الكشف عن طريق المواكب الكبرى عام 2005 ثم توقف العمل في 2011  ليعود مرة أخرى في سبتمبر 2017، وخلال أعمال الحفر في الطريق كشف عدد كبير من التماثيل على هيئتين: جسم الأسد ورأس إنسان، وجسم ورأس كبش، فضلاً عن عدد من مبانٍ سكنية وإدارية وخدمية ترجع للعصور اليونانية والرومانية، إضافة إلى أفران لصناعة الفخار.

ثم كان تطويرالطريق وتم تحويله إلى متحف مفتوح ومعرض للصور النادرة من القرن 19 تروي تاريخ معابد الكرنك والأقصر و”طريق مواكب الآلهة” الذي يربط بين المعابد وأهم الاكتشافات الأثرية، وصور ومناظر للأعياد والاحتفالات التي كانت تقام في العصور القديمة، وصور الملوك الذين ساهموا في بناء هذا الطريق. كما تم تطوير نظام الإضاءة في الطريق لإبراز جماله.

                                             ذكرى زواج الآلهة “أمون”

فكرة هذا التاريخ للاحتفاء بافتتاح طريق الكباش،هي ذكرى زواج الآلهة “أمون” مع الآلهة “أمونت”، ويخرج الموكب من معابد الكرنك بالزوارق المقدسة الخاصة، التي تضمّ التماثيل الخاصة بالآلهة في اتجاه معبد الأقصر محمولة على أكتاف الكهنة.

وتصاحب هذه الاحتفالات مظاهر البهجة من الموسيقى والرقص والغناء، والاحتفالات العسكرية، وذبح الأضاحي وتقديم العطور والهدايا، ويتم خلال الحفل تنفيذ محاكاة لهذا المشهد الاستثنائي.

                                إنعاش الحالتين الاقتصادية والسياحية

تهدف مصر من هذا المشروع الضخم الذي يعدّ من أهم المشروعات الأثرية التي تنفذها حالياً إلى إنعاش الحالتين الاقتصادية والسياحية في مصر عبر تحويل مدينة الأقصر إلى أكبر متحف مفتوح في العالم، وذلك بربط معبد الكرنك ومعبد الأقصر ومعبد “موت” وأطلال مدينة “طيبة” القديمة، وتطوير الطريق يعدّ دفعة للسياحة الثقافية قي البلاد بحيث يجمع تلك الحقب الزمنية المختلفة في مكان واحد، عدا ما يضمّه من آثار فرعونية ممثلة في “الكباش” على امتداد جانبي الطريق بطول يصل إلى قرابة 3 آلاف متر، ومن الصعب أن نجد في مكان آخر هذه الكمية من الآثار والحضارات في مكان واحد وعلى هذه المساحة الكبيرة،  و سيكون لافتتاح الطريق مردود كبير جداً على قطاع السياحة في مصر، ما يخلق أجواء خاصة للزائر وكأنه يعيش في العصر الفرعوني، فهو يستطيع أن يمشي في الطريق ويقطع تلك المسافة بين المتحفين، بما يشكل إنعاشاً رائعاً للسياحة مختلفاً عما سبق، وإنعاشاً للأقصر بشكل خاص.

لقد بذلت مصر مجهودات كبيرة من أجل ترميم المئات من تماثيل أبي الهول والكباش الحجرية، التي يعود تاريخها إلى آلاف السنين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى