إبداعات

“فينيقُ الضّادِ”                                   د. أكرم جَميل قُنْبُس      –      الإمارات 

 

د. أكرم جميل قتبس

 

 

فُصحى لُغاتِ الكَوْنِ أَشْرَقَ شُكْرُها

فَلَقَدْ زَكا بَيْــنَ الغَيـارى يُسْرُها

فُصحى اللُّغاتِ بِهِمْ تَعيشُ سَعادَةً

وَبِهِمْ تَحصَّنَ – بعدَ ضَنْكٍ- قَدْرُها

سَكبوا الوّفاءَ لَها لِكَيْ يَرقَوا بِها

عِشْقاً، فَيُجْبَرُ بِالمَوَدَّةِ كَسْرُها

لُغَةٌ بِها احتَفَتِ السَّماءُ، وَأَيْنَعَتْ

واليَوْمَ يُشْرِقُ بِالغَيارى عَصْرُها

لُغَـــةٌ بِها وُلِــدَ الرَّشــادُ لِأُمَّــةٍ

وَعلى سُفوحِ “حِراءِ” حَلَّقَ نَسْرُها

لُغَــةٌ بِمُعجَــمِها تَهيمُ قُـلوبُنـا

فَهِيَ الَّتـي بِالحَــقِّ غَـرَّدَ ثَغــرُها

غَرَفَتْ أَكُفُّ الغيمِ بَوْحَ فُؤادِها

فَهَما على أَرضِ الجحاجِحِ قَطْرُها

وَشَدَتْ بِها الغَبْراءُ فَتْحَ هِدايَةٍ

والغارُ في وَحْيِ الرِّسالَةِ قَصْرُها

وَحُروفُها عِــقْدٌ بِجِيْـدِ حَياتِنــا

لَــمّــا تَــوَهَّــجَ لِلْخَـليـقَـةِ دُرُّهــا

كُنّا شَتاتاً قَبْلَ “اِقْرَأْ”، فازْدَهى

فَجْرُ النَّجاةِ، وَشَعَّ هَدياً عُمْرُها

وَتَكَحَّلَتْ ضادُ القُلوبِ، وَأَصبَحَتْ

نَجْوى سَماءٍ قَــد تَلَأْلَأَ  بِشْرُها

وَزَهَتْ بِها الأَمْجادُ حَتّى أَذْهَلَتْ

كَوْناً تَدَفَّقَ في لِسانِهِ سِحْرُها

رَقْراقَةُ الكَلِماتِ، فَهي تَفيضُ مِنْ

وَحْيٍ، وَلَمْ يُطْعَمْ بِيَوْمٍ جَزْرُها

هِيَ نَخْلَةُ الآمالِ، قَدْ قَرَّتْ بِها

عَيْنُ الحَياةِ، وَسالَ فينا بُسْرُها

وَدَجَتْ عَلَيْها داجياتُ الضَّيْمِ مِنْ

كَيْــدٍ تَلَقّــاهُ عُقـوقـاً صَـدْرُهــا

صَنَعوا لَها جُبّاً فَلَمْ تَسْقُطْ بِهِ

وَمَضَوا على حَرْدٍ فَأَمْرَعَ جَذْرُها

فَبِــها يَبَرُّ المُخْلِصــونَ لِأُمَّــةٍ

والأُمُّ فَرْضٌ فــي الحَيــاةِ بِرُّها

أَرسوا لَها صَرْحاً، وَأَجْروا فَأْلَها

نُوْراً بِمِنْــهاجِ العُلــومِ يَسُــرُّها

فَبِهِمْ حُروفُ الضّادِ تَغدو قَلْعَةً

وَعلى يَدَيْهِمْ سالَ خَيْراً فَجْرُها

وَبَلابِلُ التَّعليمِ حَمْداً قَدْ شَدَتْ

وَسَمَتْ، وَوَلَّى مُكْفَهِرّاً عُسْرُها

وَمُعَلِّمـو كُـلِّ العُلومِ لِـواؤُها

فَهُمُ حُمــاةُ المَكْـرُماتِ وَجِسْرُها

بُوْرِكْــتَ يا جِــيْلاً يَبَــرُّ بِأُمَّــةٍ

ضادُ الرِّسالَةِ في المَحافِلِ ذُخْرُها

أَرْضُ الجَحاجِحِ ما تزالُ خَصيبَةً

والضّادُ في نَبْضِ العُروبَةِ سِرُّها

في وَصْلِها وَطَنٌ تَدَفَّقَ خَيْرُهُ

كالمُعصِراتِ، وَصــارَ حُلْـواً مُـرُّها

فينيقُها المَأْثورُ لَيْسَ خُرافَةً

هُوَ جيلُها، هُوَ نَبْضُها، هُوَ سِحرُها

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى