مقالات

الغسل الأخضر قاطمة الحنطوبي      –      الإمارات  

 

 

فاطمة الحنطوبي

 

 تحقيق المطالب البيئية للمنتجات أمر يجعل الشركات المعنية ضمن القائمة الخضراء التي يتهافت الناس اليوم على شراء منتجاتها ليساهم ذلك في تحقيق التوازن البيئي، ولكن ماذا لو كانت هذه المزاعم الخضراء مجرد شعارات تستخدمها الشركات لإغراء المستهلك وكما ذكرت في مقالة سابقة لي إن  قائمة الغسيل الأخضر تتوسع ومعايير الاستدامة عالقة. هناك العديد من المزاعم الخضراء والشعارات التي تتستر تحتها الشركات مثل “الإيكو” و “المستدام” و”الأخضر” وتستخدمها الشركات من أجل الحصول على الرسوم البيئية، وهي في الواقع لا تبذل جهدًا كبيرًا في تحقيق الاستدامة الفعلية، وتنظر لها على أنها مكسب مادي عن طريق رفع الشعارات الباطله من دون اعتبارات مكافئة من أجل مواردنا. نحن اليوم نعيش واقع التضليل وانتهاك القوانين البيئبة بطريقة غير مباشرة، ومعايير الحوكمه البيئية غائبة. أذكر أني قرأت أن شركة “إدوارد بولمبرالمحدودة” ادعت أن طلاءها كان “الطلاء الأكثر صداقة للبيئة في السوق” ومع ذلك  رأت هيئة معايير الإعلان في عام 2019 أن شركة “إدوارد بولمر المحدودة لم تقدم دليلاً أو شهادة تثبت أو تعزز أن  طلاءاتها صديقة للبيئة، كما أنها لم تقدم دليلًا يظهر أن طلاءاتها سجلت درجات أفضل في تأثيرها على البيئة مقارنة بغيرها من الدهانات الأخرى في السوق”.

ادعاءات الشركات حول ممارسة أنظمة الاستدامة التسويقية باتت متسعة، والمستهلك يدعمها ظنًا منه أنه يساهم في حماية البيئة، وأن باختياره لهذه المنتجات التي تحمل شعارات تمويه للاستدامة سيكون متضامنًا مع بيئته. مزاعم الاستدامة التسويقية والتمويه الذي تتبعه الشركات حول تطبيق المعاييرالخضراء تعددت، فمنهم من يحمل شعار “صديق للبيئة”، ومنهم من يدون على المنتج أنه من المنتجات الخضراء، ومن شركات الطاقة من يرفع شعار “الطاقة النظيفة” أو “الحياد الكربوني”و كلها مفاهيم مضللة تستعين هذه الشركات بها في الترويج لمنتجاتها من أجل الحصول على ثقة المستهلك، وتحقيق الأرباح الطائلة من دون أي تطبيق لقوانين حماية البيئة، وهي انتهاك لحقوق الطبيعة والتعدي على كوكبنا.

التصنيف البيئي للمنتجات او الشركات  يجب أن يكون وفق سياسات تضعها الجهة الحكومية، وتقدم عليها الشركات وفق تقارير مدعومة بنتائج فعلية توضح الأثر الإيجابي للشركة والمنتج الخاص بها، ولا يكفي أن يكون لديك منتج مستدام بنسبة 30% لتحصل على الشعارات الخضراء، أو أنك تتبع طريقة حفظ مورد طبيعي معين في إحدى سياسات الشركة، ونطلق عليها ” شركة مستدامة”، وفي المقابل تكون للشركة نفسها انبعاثات ضارة بالبيئة، على سبيل المثال منظمة التحالف لإنهاء النفايات البلاستيكية في سنغافورة تدعمها شركات النفط والكيماويات الكبرى أنفقت 1.5 مليار دولار لتنظيف النفايات البلاستيكية في البلدان النامية في البحار والأنهار مثل نهر الجانج في الهند استطاعت تنظيفه، لكن المنظمات الأعضاء فيها والتي تقدم الدعم من أجل تنظيف البلاستيك زاد خط  انتاجها من البلاستيك، وهذا يمثل ما نقوله بلهجتنا المحلية “وكأنك يا بو زيد ما غزيت”

الاستدامة للشركات يجب أن يكون لها مردود تحسيني بنسبة 100% على البيئة، وهذه النتيجة تعطى بعد التدقيق الحكومي وفق معايير تضعها المنظمات المعنية بحفظ الموارد وحماية البيئة، والحوكمة بدورها تتأكد من بيانات الاستدامة لدى الشركات، وتراجعها من جميع النواحي التصنيعية والإنتاجية والآثار المترتبة على ذلك.

اتفاقية باريس للمناخ 2015 تدعو للتحرك الدولي السريع للشركات ذات الانبعاثات الضارة من أجل الوصول إلى انبعاثات صفرية، ولكن الغسل الأخضر هو إحدى عقباتها، فهل سنصل للهدف المطلوب.

https://www.albiladpress.com/columnists/farima-hantoubi

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى