رياضة
مطرقة صلاح و “ريمونتادا”* الوعي ! مصطفى محمد – الإمارات
-
لم يعد الحديث عن أهمية ودور الإعلام، عموماً، والإعلام الرياضي خصوصاً، في تشكيل وعي المتابعين مقتصراً على كونه وسيلة لنقل المعلومات والأخبار، ولا حتى بعد ما يشهده زخم الإعلام من حيوية وتطور وصولاً لمناقشة قضايا المجتمع الراهنة والتفاعل معها!
☆ فالمسألة برمتها لم تعد رفاهية أو ترفيهًا، هي لم تكن كذلك من البداية أساساً! فسلاح الإعلام بقوالبه المعاصرة المتشعبة يتفوق في تأثيره على نتائج سلاح الردع النووي!
☆ قبل أن تستغرب من الطرح يا عزيزي .. دعني أخبرك بأنه ربما غيرت جريمة قنبلة #هيروشيما في الشريط الوراثي للضحايا، لكنها لم تشوه هوية ولا ثقافة # اليابان، بينما تم تغيير المناهج الدراسية والمعالجة الاستراتيجية الإعلامية الناعمة، وبث محتوى محدد الأهداف وبأسلوب معين لفترات طويلة، اليابان هي من فعل ذلك! حيث يمكن لتوجه إعلامي بعينه مقروناً بسياسات على الأرض أن يعصفا بهوية أي مجتمع ويقلباها رأساً على عقب!
☆ وهو ما يحدث في منطقتنا منذ فرض الاحتكار الإعلامي وسيولة منصات التواصل الاجتماعي، فأصبح شبابنا، العربي الجذور والجغرافيا، هائماً على وجهه بإحباطاته في العالم الافتراضي (إيشي متقمص دور #إسباني مدريدي أو برشلوني، وإيشي إنجليزي وألماني، وإيشي أولتراس لل #البرغوث و #الدون)!
وبعيداً عن حقيقة أن تلك الدول والكيانات والأيقونات لا تُقيم وزناً يذكر لأولئك المتعصبين إليها من أولادنا، سوى الاستفادة منهم كمستهلكين في سوق رائجة لمنتجاتها الكروية، بيد أن من يحرك المشهد في الخلفية راض بالنتائج التي حققها من ميوعة وتفكيك للشخصية، والتي تمثل بدورها عملية قصف تمهيدي، تخدم ما سيترتب عليها من استحقاقات قادمة للآسف! إذا لم نستفيق (بريمونتادا حضارية محلية ممكنة لتشكيل وعي جديد) قبل فوات الأوان!
☆ في أدبيات علم الاجتماع السياسي والإعلامي وربما المخابراتي، توجد أداءة فاعلة تُسمى المطرقة》 وتعني إحداث دوي مباغت يجمع الأنظار، ليلفت انتباه شتات المشوشين نحو قضية معينة، ومن ثم يساعد على تمرير معلومات ومفاهيم تكشف الواقع وتحلله، وتقدم رؤية شفافة لفرص الحلول للخروج من المأزق!
☆ وفي رأيي جاءت ظاهرة لاعبنا المصري محمد صلاح بمسيرته المبهرة في معقل الساحرة المستديرة في بلاد الإنجليز، ومنافسته لنجوم الصف الأول لسنوات، وتحوله لأيقونة عالمية صداها يصدح غرباً وشرقاً في المعمورة، ليصبح هذا الفتى المصري العربي هو المطرقة التي نبحث عنها لبناء وعي سليم لشبابنا! فهو منهم وإليهم وخرج من رحم معاناتهم التقليدية. لقد اقتحم #العولمة واستفاد إيجابياً منها، ليمنح المهمشين الأمل في تعدد تكرار التجربة بنموذج عملي!
☆ والكرة الآن في ملعب مؤسساتنا الإعلامية الوطنية و”اليوتيوبرز” العرب، إذا ما كانوا جادين حقاً، بفرد مساحة ثابتة لنجومنا العرب المتألقين في الدوريات الأوروبية، بدلاً من الترويج والتلميع (عمال على بطال) لأيقونات لا تمثلنا ولن تكون!
☆ فأين المحطات الفضائية المصرية من تقديم برنامج أسبوعي يسرد يوميات وإنجازات #أبومكة؟ وهو الذي تخطى أرقام أسطورة #ليفربول #دانيدالجليش ب 173 هدفًا بقميص #الريدز، إنه رقم إعجازي عندما تعرف أن #الملك المصري أحرزها في 278 مباراة فقط، مقابل 515 مباراة للملك الاسكتلندي #كيني، أي النصف تقريباً! ومع نهاية الموسم قد يطيح صلاح بسجل أيقونة الأنفيلد #ستيفانجيرارد 186 هدفًا.
وما يزال “فخر العرب” يحطم كل مساء رقماً قياسياً جديداً، كان مجرد الإقتراب منه أشبه بالخيال، وما أحوجنا إلى ثقافة وسلوك وفكر وخيال، وقبلها إخلاص وتفانٍ للنهوض ببلادنا ورفعتها بين الأمم.
لا أمل من دون إيمان بالتغيير.
————————————————