أخبار

شاعران في “بيت الشعر” بالشارقة قصائدهما مزيج بين القوة والجمالية

نظم “بيت الشعر” في الشارقة الثلاثاء 31 يناير 2023 أمسية شعرية مزجت قصائدها بين قوة السبك والجمالية في صورها وأبعاد معانيها. قدم للأمسية الأستاذ وائل عيسى ممهدًا لكل من شاعري الأمسية بتقديم لائق، وتصدر الحضور الشاعر محمد عبدالله البريكي الذي كرّم الشاعرين ومقدمهما في ختام الأمسية.

اتسمت قصائد الشاعرين د. محمد سعيد العتيق من سورية ود. معين الكلدي بالارتباط الروحي بالوطن وبالتأمل في الذات والحياة، واستهل الإنشاد في الأمسية الشاعر معين الكلدي وهو طبيب يمني في قطر مسقط رأسه، ومن قصائده “كأنّهُ هو” يقول فيها:

نَزرٌ من الحُبِّ

جِنيٌّ يَمرُّ هُنا

سُتون جُرحاً

وأشلاءٌ بدت وطنا

.

.

رَطلٌ مٍن البُنِّ

رأسٌ لم يَنمْ

ألمٌ …

في إصبعٍ هامَ بالأقلامِ وافتتنا

.

.

حَرفٌ خَديجٌ

ونَصٌّ ميّتٌ

وأخٌ ..

في بَطنِ عَقلٍ

وأمٌّ تَدفعُ الثَمنا

.

.

هذي القُصاصاتُ ..

تِلكَ البُقعةُ انكفأتْ

تقلّبُ الحِبرَ ..

تِلوَ الحِبرِ ..

لَطَّخنا

.

.

هذي البداياتُ ..

موجٌ هادرٌ

غَرَقٌ

لكنَّ شيئاً بهذا الوجدِ زَعنفنا

.

.

بَعضٌ مِن التيهِ

بعضٌ من مُخاتلةٍ

أقلَّ ..

أكثرَ ..

حتى نُنضج الشَجنا

.

.

وألف مسألةٍ في فهم عالمنا

وألف ألف جوابٍ يَبصقُ الزَمنا

.

.

وغايةٌ ..

تَصهرُ الأعمارَ بُغيتها

وأُمّةٌ تَلعنُ العُمرَ الذي ارتهنا

.

.

كأنّهُ الشِعرُ ..  ؟

ما تُجدي الإجابةُ .. لا

لكنّهُ ..

وأشارَ : الصدر

قُلتُ : هنا

.

.

كُلّي إذا انبجسَ المعنى

 أُحرِّرُني

ما يَفعلُ القَيدُ والمَسجونُ مَن سَجنا ؟!

و في قصيدته “تراجيديةٌ مُتقنة!” يقول:

يَهوي هُناكَ

عَظيماً فَوقَ مَشهَدِهِ

وبؤرةُ الضَوءِ تَخشى مِن تَفرُّدِهِ

.

.

هُناكَ

 تَرتَجِلُ المَعنى جَراءتُهُ

والصورةُ البِكرُ  نَزرٌ مِن تَجدُّدِهِ

.

.

هُناكَ..

روميو ..

هُنا جوليتُ

لمْ تَرهم

في قُبلَةِ الحَرفِ عَينٌ في تَودّدِهِ

.

.

هُناكَ ..

حَيثُ انتفى تَصفيقُهمْ

ومَضى الماضونَ

صَفّقَ في وجدانِ مَوعدِهِ

.

.

هُناكَ ..

في مَسرحِ الأبياتِ ..

راقِصةٌ ..

أُخرى تُغني ..

وعَزفٌ في تَنهُّدِهِ

.

.

جِراحَةٌ ..

تُتقِنُ الأدوارَ

عَلَّمَها شَوقٌ قَديماً

على أخشابِ مَوقدِهِ

.

.

هُناكَ

في فَصلِهِ التالي

وما أحدٌ إلاهُ

أبدَعَ فَصلاً في تَجرُّدِهِ

.

.

هُناكَ ..

في صَفّهِ العُلوي

لمْ يَرهُ حبٌّ

فأوجزَ في إنكارِ مَفقدِهِ

.

.

حَيثُ الجَماهيرُ ..

لا ذَوقٌ ولا شَبَقٌ

ولاتَ مَن يَجتلي فَلتات مَقصدِهِ

وفي قصيدته “لا تغيبي” يقول:

حيثُما كُنتِ .. فالمكانُ ظَليلٌ

والتفافُ الرَصيفِ نَهرٌ جَميلُ

.

.

الإطاراتُ  في مَداكِ  خِرافٌ

والبناياتُ ..  تَلّةٌ  وحُقولُ

.

.

والأناسُ الذينَ  ..

هذا غزالٌ

ذاكَ فهدٌ ..

 هناك ترعى الوعولُ

.

.

اليعاسيبُ  لو عَلمتِ دُخانٌ

والأراجيلُ  قُرصها المَعسولُ

.

.

والفَراشاتُ  ..

يا لها اليومَ ….

ماذا ؟

لم تَكنْ قَبلكمْ فَحلَّ الذُهولُ

.

.

مِثلَ لبلابةٍ تَدلّتْ بسَقفٍ

نَبتةٌ لم تكنْ .. وأنتِ الدليلُ

.

.

حين تَهمي خُطاكِ في قلبِ دَربٍ

تَنبضُ الأرضُ رِقّةً  وتَميلُ

.

.

حينما تَجلسينَ قُربَ جَفافي

تَقطرُ الروحُ لهفةً فتَسيلُ

.

.

الكلامُ اللطيفُ يُنبِتُ حولي

ياسميناً ويُغرَفُ السَلسبيلُ

.

.

و ابتساماتُكِ الجميلةُ نادتْ

 في الهوى أنْ أجبْ .. فلبّى القَتيلُ

.

.

هكذا ..تَلبسُ الطبيعةٌ عيناً

قَبلكِ الآنَ أظلمتْ بي السُهولُ

ويختتم الشاعر معين الكلدي بقصيدته “أيّ شيءٍ كمُستحيلُك”:

 ” تَتَحدَثينَ ..

وفي فَمي أشياءُ ..

و تُودِّعينَ ..

وصَرخَتي صَمّاءُ

.

.

الوَردُ يَخجلُ مِن هُبوبِ نَسيمِهِ ..

يا أجملَ الوَردِ استَبدَّ حَياءُ

.

.

تَتَحدَثينَ ..

فيَقطُرُ العَسَلُ المُصفَّى جُملَةً …

 يَتَلذّذُ الإغواءُ

.

.

وتُلامسينَ الروحَ ..

قِطةُ أَحرُفٍ  ..

ولها على صَدرِ المُحبِ فِراءُ

.

.

القَلبُ يُنصِتُ  للعُيونِ ..

لوَجنَةٍ ..

باحَتْ بِرِقَّتِها

فذابَ شَقاءُ

.

.

الضِلعُ يُرخي سَمعَهُ

لبراءَةِ الشَفِتينِ ..

حتى أَذنَبَ الإصغاءُ

.

.

والكأسُ يَشرَحُ لي احتمَالكِ قُبلَةً ..

وأنا أُخمِّنُ ..

هَزَّني إغراءُ

.

.

يا كأسُ دَعني ..

مِن رُطوبَةِ رَشفِها

شَفتايَ صَبّارٌ..

أنا الصَحراءُ

.

.

لا غَيمَ  ..

 لا وادٍ بهِ زرعٌ

ولا نهرٌ يُرى

إلّاكِ أنتِ الماءُ

.

.

فإذا أتتني مِن سَمائكِ نَظرَةٌ

سُكِبتْ على غُصن الهوى الأنداءُ

.

.

الحُلمُ يَعبَقُ

والحَواسُ تَفَتّقتْ فُلًّا ..

و قَفريَ واحةٌ زَهراءُ

.

.

أوَ تَعلمينَ الصَوتُ ..

يَخذِلُ رَغبَتي ..

وكأخرَسٍ

ضاقَتْ بهِ الأسماءُ

.

.

أوَتعلَمينَ الحُبُ يُسكِتُ طِفلَتي

في الصَدرِ ..

أنتِ الحضنُ و الأفياءُ

.

.

فلتَعذري ..

عُمرًا يُجَنُّ بلَحظةِ التُوديعِ …

لم يَجرؤ ..

وليسَ عَزاءُ

 وأنشد الشاعر د. محمد سعيد العتيق  عددًا من قصائده منها “لسبع المعاني” :

١ – فاتحةُ الغيابِ

و أنا أودِّعُ

صحبَةَ الفجرِ الرقيــــــــــــــــقِ

دونَ اهتمامٍ

للمسافةِ و الطريـــــــــــــــــقِ

* * *

دونَ انتباهِ العابرينَ

لأدمعي

و تدافعِ الأمواجِ ،

في الصخرِ العتيـــــــقِ

* * *

يمَّمتُ أشرعتي ،

و مائي مُتعبٌ

يمَّ السماءِ ، أدورُ ،

أبحثُ عنْ رفيـــــــــــــــقِ !!

لكنَّهُ اللَّيلُ المـــــُقَيَّدُ بالظلامِ

مُقيِّدٌ للضوءِ

في خطوِ الغريــــــــــــقِ

* * *

و أنا أسلِّمُ

رايةَ الأقدامِ للغُصنِ

المحاصرِ بالرياحِ و بالحريــــــــــــــــقِ !!

* * *

لأطيرَ خلفَ فراشةٍ

تسعى لغفــــوتها

لعلَّ البابَ يُفتحُ بعدَ ضيـــــــــــقِ !!

* * *

ما سرُّ أسبابِ

الرحيلِ لوردةٍ

إلَّا الخريفُ، و شوكةُ المعنى العميـــــــقِ !

٢ – الناسكان

برأيِ النَّدى منْ هسَّ منْ حولِ دارهِ ؟

يحاورُهُ الوردُ الذي عنْ يسارهِ

*

و يمشي خفيفًا خلفَ ظلِّ غزالة

و يخفي عيونَ الشمسِ خلفَ خمارهِ

*

فمنْ أشعل الشوقَ العتيقَ بقلبهِ

و أنبعَ ماءَ الحبِّ منْ فيضِ نارهِ

*

تمطَّى كأغصانِ المدى  في انتشائها

و وشَّى ظلامَ الكونِ نورُ سمارهِ

*

*

تخرُّ لها الأكبادُ ساجدةً لها

و تفتحُ بابَ الفلكِ دونَ خيارهِ

*

و تومئِ للقلبِ العشوقِ برَمشها

فيأتي على صحوٍ برغمِ دُوارهِ

*

اذا عاشقٌ ما اشتاقَ طيفَ حبيبةٍ

سرى يستحثُّ الخطوَ منْ سقفِ غارهِ

٣ – الدّالُّ و المدلولُ

بمَعنًى ،

تبدَّلَ مدلولُ معنى

و سرُّ التبَدُّلِ

كانوا ، و كُنّـــــــــــــــا !

* * *

تجدَّلَ

صخرُ الفيافي

رخامًا

و أزهرَ نارًا و شكَّلَ دَنّـــــــــــــا !

* * *

شفيفًا

يمرُّ الخيالُ، حروفًا

و نسمعُها

في الندى تتغَنّـــــــــــــــى !

و حينَ

تضجُّ السَّماءُ برعدٍ

يغنِّي المدى لحنَ برقٍ مُعنـــــــــــّـــى !

* * *

تمادى على الريحِ

صمتٌ و صوتُ

فآبَ الصَّدى و استراحَ و رنّـــــــــــــــــــا !

* * *

على وقعِ آدمَ

شابتْ خطانا

و منْ رملِ وهنٍ نعمِّرُ وَهْنـــــــــــــا !

* * *

أَهِلْ منْ

تجاعيدِ وجهي رمادًا

على شعلةِ الجمرِ، يرتدُّ فنّــــــــــــــــــــــــا !

٤ – الساجدون على انتظار

منْ الجانيْ على قلبيْ وَ أَدْمى

سهامُ تنوشني سهمًا فسَهمَا

***

عيونٌ منْ ندًى سَكبتْ عيونًا

فأطفأَ نورُها نجمًا فنَجْما

***

تفرِّغُ من مسامِ الروحِ وهمًا

يُخاتلنيْ …. و تَزرعُ فيَّ وَهْمَا

***

فَمَنْ أوحَى لعَينيكِ انْبعاثي ؟

دعَانيْ لاخْضرارِ العيْنِ.. كُرمى

لتُورقَ منْ غصونِ الطينِ..نُعمَى

***

همَا وَ البحرُ و الفيروزُ سِرٌّ

و نبضُ الثَّغرِ فوقَ الثّغرِ حُمَّى

***

خُذي سرّيْ و أعطينيْ سلامًا

جراحٌ شوقنَا و القلبُ مُدْمَى

***

لواءُ الحُّبِّ فوقَ الحربِ سامٍ

و طعمُ الحبِّ منْ شفتيكِ أسْمَى

***

العتيقٌ

٥ – مريد

ينامُ الليلُ

في عيني فأصحو

و أسهرُ

في انْبلاجِ الفجرِ وحْـــــدي !

* * *

يقومُ النّاسُ

في الدُّنيا اعتقادًا

و أبني في اعْتقادي مجدَ وعــــدي !

* * *

سأسكنُ

بينَ ماءٍ … و اشْتعالٍ

و أعبُرُ بينَ

لا رشدٍ و رُشـــــدِي !

فأغْدو

قمحَ روحٍ في رَحاها

و عمري مِنجَلٌ

يهوى التحَـــــــــــــــــدّي !

* * *

إناءٌ واسعٌ قلبيْ

فَهاتيْ أوانيْها

و غطِّيْها بوَجـــــديْ !

* * *

دمي عشقٌ

يغامرُ في شراعٍ

كما موجٌ يسافرُ دونَ مــــــدِّ !

* * *

و هذا الكونُ أكوانٌ بِذاتي

و إنِّي _ الكلُّ _ مكنونًا بِفــــــــردِ !!

٦ – فاسد

لا تنحرفْ ..

كُرمى لزاويةِ انحسارِ الضوءِ

فالرؤيا مجازُ #العارفينْ !

و كن المدارَ على المصبِّ

و موطنَ الماءِ الملَوَّنِ  و #الرنينْ !

و إذا المفارقُ و الدروربُ رهينةٌ

حرّرْ طريقَ النورِ منْ نارٍ و #طينْ !

يا عابثًا بالبحرِ شقَّ الرملَ

يشربُ نخبَهُ الأعمى

على غرقِ #السفينْ !

ها أنتَ … يا كلَّ الجهاتِ

تنامُ متّكئًا على

خبزِ اصطبارِ #الجائعينْ !

منْ أنتَ ؟ أخبرنا

الحقيقَةَ عنْ عقوقِ الماءِ ؟

عن شوكٍ بعينِ #الياسمينْ !

حتى ينامَ الحقلُ فوقَ سحابةِ الأحلامِ

لا تُبكي الحزانى #الحالمينْ !

*

٧ – تراتيل مطر

ما زلتِ في قدِّ المقامِ،

و في الندى

في رحلةِ التكوينِ،

في النخلِ اليسوعِي

*

بينَ العصافيرِ التي

هجرتْ عرائــــشَها

على خفقاتِ روحي و الدموعِ

*

و أنا أوشّحُ وجهَكِ المنسيَّ

بالماءِ المقدَّسِ

و الأناملِ و الربيعِ

*

تمشي تهرُّ الطينَ أنهارًا

على لغةِ الغمامِ

و تستريحُ منَ الخشوعِ

العُشبُ يفلتُ منْ يديكِ

رسائلًا تبكي،

و رائحةُ الصنوبرِ في الربوعِ

*

وتوقَّفَ الشجرُ الأمينُ

عنِ الحراسةِ و الغناءِ

و خَلوةِ الطفلِ الرضيعِ

*

أنا مذْ عرفتُ بأنّها رحلتْ،

و ظِلُّ حفيفِها بيني

ارتعاشٌ في جميعي

وفي قصيدته “خمسُ فراشاتٍ..  دائرةْ” يقول :

1 – أينَ الرغيفُ

و كمْ أتى فجرٌ مخيفٌ

سامرَ الأرقَ المكابرَ

لاصفرارِ الليلِ

كانَ الوقتُ يهرَمُ منْ

ضجيجِ الصمتِ

منْ نومٍ يمرُّ على النجومِ

و يختفي مثلَ الكلامِ

و مثلَ ألوانِ الجريـــــــــدةْ !!

2 – لو كانَ ينتظرُ

السؤالُ على الطريقِ

فثَمَّ نحّاتٌ يُجدوَلُ

في المواقيتِ الرتيبةِ

أو يُغيِّرُ شكلَ عاصفتي

فأهدأُ… ثمَّ أهدأُ …. ثمَّ أهدأُ

ثمّ أغرقُ في السكونِ

و أَرتدي لغتي البعيـــــــدةْ !!

 قد قالَ: حبــــــرُكَ ساحرٌ

رسمَ النّوايا و استعارَ

غشاوةَ الحزنِ العتيقِ

و بعدُ ما قرأ المرايــــــا و الوجوهَ

و دمعةً للخائفينَ منَ ( الذبابِ )

و راحَ يبتدعُ

الخرافاتِ الجديـــــــدةْ !!

3 – في الحيِّ أرصفةٌ

تنامُ على الغبارِ

و تشتكي للعابرينَ

منَ الضبابِ،

و للأحاجي، و الغيابِ

و تشربُ الماءَ

المُبَلَّلَ بالدماءِ

و بالوصايا العشرِ،

ترتشفُ النبيذَ

لتنتشي منْ شدَّةِ

الخوفِ الرهيبِ،

و منْ تخاريفِ المشاةِ

على الخيالِ،

و منْ أكاذيبِ الموائدِ،

و الحفاةُ لهمْ طريقٌ ثالثٌ،

عبروا الرصيفَ

بلا خطى

يتعكَّزونَ على قصيـــــدةْ  !!

4 _ المـــسرعونَ

إلى الصباحِ،

إلى فمِ المستقبلِ الوهّاجِ،

يرتبكونَ منْ سدِّ التشتُّتِ

للضياءِ على المدى،

أو ينحنونَ منَ الرياحِ،

و قسوةِ الأخبارِ،

فارتكبوا جريمَةَ ظلِّهمْ،

تلكَ التي شهدَ الشهودُ

على تفاصيلِ التفاصيلِ

التي لم لم تكنْ فيلمًا،

و لكنْ هُيِّئتْ

كلُّ المشاهدِ،

كلُّ أسبابِ المكيـــــــدةْ !!

و الخائفونَ

بلا عيونٍ، يُبصرونَ

الحبَّ أورامًا حميـــــــدةْ  !!

5 – يا أنتَ

يا جمرَ الحرائقِ،

يا رمادَ الأمسِ

يا منْ جانِحاكَ

تكسَّرا في الفجر،

تنتظرُ السماءَ

لتُمطرَ الأشياءَ

منْ مَنٍّ و سلوى،

ثم تزرعُ للطيورِ سنابلًا،

و تلمُّ للدهرِ الحصى،

يا أنتَ

تركضُ في النهارِ،

مسافرًا بينَ

المسافةِ و المسافةِ،

ثمَّ ترجعِ خاليَ الخفَّينِ،

تبتدعُ التعرَّقَ و التبسّمَ

للمساءِ، تحضِّرُ الأحلامَ

تخترقُ المتاريسَ

الخَؤونةَ للندى،

تغفو عن الرؤيا،

عن الآهاتِ،

ما يدعُ التخيُّلَ

أنْ تنامَ بلا عَشاءٍ

فوقَ معدتكَ العنيـــــــــدةْ  !!

ويمضي الشاعر موغلًا في التأمل عبر قصيدته “مرايا الذاكرة” :

في الحبِّ أذكرُ كم أنا طفلٌ

و ما زالتْ يدايَ تهزُّ جزعَ اللّيلِ كي يفنى

لينفتحَ الصباحُ على الحقولِ

و وجبةِ الطينِ الشهيِّ و طعمِ ضيعتنا

و أسْرَحَ خلفَ راع في الخلاءِ

لعلَّ صوتَ النايِ يحملني لمدرستي

لتنورٍ يفتُّ الخبزَ بالمجان مبتسمًا

لوجهِ الأمِّ … و الجدَّةْ !!

*

لمْ تستبحْكَ حقيقَةُ الأسرارِ لكنْ

كلَّما نحتَ النحاةُ غزالةَ المعنى

نجرُّ الحزن خلفَ قصيدة مُرّةْ

و نرسمُ منْ ضفافِ النهر أغنيةً منَ الاشجار

تغفو في حطامِ الروحِ … ممتدّةْ !!

*

فلِمَ الزمانُ يفرُّ منْ شيبي و منْ خوفِ المكانِ

و بعدُ ما رحلَ الطريقُ

يعدُّ أشجارَ الخريفِ ودمعُها ورقٌ يقولْ :

كمْ كنتُ أختلسُ الفرحْ !

أو أختفي في وجهِ مرآتي الخفيّةِ

أدّعي أنِّي الحبيبُ بقلبِ جارتنا

و أنِّي المصطفى بسلالةِ الأمطارِ

لكنْ كلّما نظَرَتْ إليَّ عرفتُ حقيقَةَ الحمقى

و شكًّا في جهاتِ القلبِ

طوفانُ الغِوى …. ردَّهْ !!

                  *

في الحبِّ اذكرُ كم أنا طفلٌ

يهجِّئُ في الكلامِ

(يفرمتُ) العمرَ القديمَ

ينامُ في هذا الزحامِ على الوقوفِ

و ضدُّهُ قدْ هدّهُ ضدَّهْ !!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى