أنور بو مدين وأحمد أبو دياب وفاتح البيوش بستأثرون باهتمام الحضور
أحيا الشعراء فاتح البيوش من سوريا، وأحمد أبو دياب من مصر، وأنور بومدين من الجزائر بحضور الشاعر محمد عبدالله البريكي مدير بيت الشعر قراءت شعرية في أصبوحة نظمها بيت الشعر في الشارقة وقدمت لها الأستاذة وجيهة خليل مثنية على التواصل المتجدد بين البيت والشعراء عبر مناسبات الشعر المختلفة، والبرنامج السنوي الذي يحرص فيه القائمون عليه على تقديم تجارب شعرية متنوعة عبر منبره في كل مرة، ما جعله مدرسة شعرية تحتفي بالرواد، وترعى التجارب الشعرية الجديدة.
تأتي الأصبوحة الشعرية ضمن الاحتفال باليوم العالمي للشعر يوم الأربعاء، مطلع مارس 2023
الشاعر أنور بومدين استهل القراءات فارتقى بالحضور في حضرة النبي الهاشمي صلاة الله وسلامه عليه وعلى آله، بقصيدة قال فيها:
إنّي أتـــيـت الـــيــمّ أشـرح وجهه
كي أقذف المعنى الذي قــد تـاه فيْ
من بــــدء كـلّ الخلق، بــورك خلقهُ
وإلى انتهـاء المنــتهى يــبقى العليْ
ماذا أقـول؟ وفي فمي سـرّ النّبو
ءة.. يصغـر المعنى أمام الهـاشميْ
وفي قصيدة أخرى يستحضر وصية أبيه بالابتعاد عن الشعر لارتباطه بالوجع والحزن :
يقول أبي: يا بنيْ..
لا تكنْ شاعرًا.. وكنْ ما تشاءْ
وحدّدْ مساركَ في الضّوءِ
حين تمرّ اللّيالي عليكَ
لتعبرَ ما كان من ذكريات الشّتاءْ
ووسط تجاوب الجمهور ختم إلقاءه وتبعه الشاعر أحمد أبو دياب
بقصيدته “من ذاكرةِ الماء” يعايش القارئ الصور الشعرية النابعة من مخيلة الشاعر ، والدلالات الكامنة قي طياتها
تجذّرتَ في القاعَ
عشبًا وحُلمًا
وشكّلتَ في الغيمِ موتًا ونعشًا
تمشّى..تمشّى
وهيّء لمن ضاعَ في الرّيحِ
بابا وحبا وفرشا
وقُل للضحايا:
هلمّوا نغنّي
ونوقدُ في البرّ أحلامنا
وندفنُ في الماء آلامنا
ونكتُبُ للأرضِ غُصنا وعُشا
..
هُنا أخطأ الحزنُ، لم يقتنصني
وأنتَ ضميريَ في الأُوليات
وآخرُ صبري
وفضلُ اصطباري على الجَرحِ
إذْ فاضَ ثمّ تغشّى..
وأنت الذي في يديّ عجينا
أناوله لليتامى يتيمًا
وللطير في الجَوّ
بيتًا وقَشّا ..
تمشّى.. تمشّى
غدا تستحمُّ المراكبُ زغرودةً في دمي الذّاهلِ
وتعرفُ أني قصدتُك بابًا
لصرْحٍ من المجد
يرسم قلبي
على الصخر
سيفا
فلا تمسحُ الريحُ في الصخر نقشا..
تمشّى..
وهَب للضّفاف من المدّ
كفّا
تلوّحُ للشمس عند الشروقِ
وتمسح دمعتَها في الغروبِ
تقودُ إلى البيتِ أعمى وأعشى!
تمشّى..
لنسهَرَ في الليلّ دون مصبّ
ونسكب في الكأس ورد الأغاني،
ونسقي العُراةَ، الحُفاةَ،
القريبَ، الغريبَ
فليس مع الحُب جوعى وعطشى!
تمشّى.. تمشّى
فنخلُ الجنوبِ الذي في جيوبيَ
أضحى قصائدَ من ذكرياتٍ
ترشُّ الكلامَ على الشّعر رشّا
ورجع الجنوبِ الذي في جبينيَ
أضحى هديلًا
وعمرًا طويلًا
من البُعد والصدّ حتى انتبهتُ
وقلتُ: ازدهرتُ إذا الليلُ يغشى
تقولُ النبوءةُ
ليس على الشعرِ أن ينتهي
ستبقى القصائدُ طي الضلوعِ
فنُصدرهُن دمًا قَدْ رُوينا
تقاذَفَنا الوقتُ حتى وصلنا
وفي القلب سرٌّ كبير تفشّى
يقولُ لنيلِ البلادِ: ت م شّ ى !!
ثم أنشد قصيدة تتسم بتساؤلات وجودية حافلة بالوجع ودموع الأمهات وندى زهور الحب، ويقول في هذه القصيدة :
ما الوقتُ؟ – ما جدوى سؤالِ الوقتِ
إذْ منهُ سؤالُ الموتِ يقفزُ مُفزِعَا ؟!
في شُرفَةٍ خلفَ المُسافِرِ أمُّهُ
وعيونُهَا دمعٌ يُخالِطُهُ الدُّعـَا
وبثغرِ شُبّاكِ الحبيبةِ وردةٌ
وأنا أذوبُ تردُّدًا ومواجِعَا
وأتبعها بقصيدته “ما لا يقتفى”:
مرّت على لُغتي من قبل سيّدةٌ
لم يكْتَنِفْ سرّها طيرٌ ولا شجرُ
من أين أتبعُهاَ أَوْ أقتفي تعبي؟
لن يسلمَ القلبُ مهما خطَّهُ الحَذَرُ!
يا أيُّها القولُ إن الحبّ أوجعنا
ما حدّهُ في الهوى بُعدٌ ولا سَفَرُ
واعتلى منصة الإلقاء الشاعر فاتح البيوش فألقى أولى قصائده في صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي فقال:
في كفِّ سلطانَ مُزْنُ الحبِّ مشرقةُ
مازالَ ينبتُ من أكمامها الوَدَقُ
كأنها قِبلةٌ للضوء يرفدها
جيلٌ تَربَّى على أكتافه الألقُ
ففي المجازِ كؤوسُ النورِ مُترَعةْ
وجفنةُ الحبِّ كمْ دانتْ لمنْ سَبَقوا
وفي قصيدة أخرى عزف بلغة شعرية مرهفة على وتر الوجع والأسى على ما يعيشه وطنه سورية:
لا وقتَ للحزنِ لا ميقاتَ للوجعِ
ولا دموعَ ستطفي جمرةَ الولَعِ
قد أرهقتنا يدُ الأيام وانكفأتْ
فجاذبتنا ذئابُ الجوعِ والفزعِ
وفوقَ أرصفةِ الآهاتِ كم وُئِدَتْ
أحلامُنا عبثاً في لوثةِ البِدَعِ
وفي ختام الأصبوحة كرّم الشاعر محمد عبدالله البريكي الشعراء ومُقدمة الأصبوحة، والتقط مهخم صورة تذكارية.