دبي – “البعد المفتوح”:
نظمت ندوة الثقافة والعلوم في دبي جلسة حوارية تحت عنوان ” دور المكتبات من الماضي الى المستقبل”.
تأتي الجلسة الحوارية ضمن فعاليات “شهر القراءة” وحضرها معالي محمد المر رئيس مجلس إدارة مؤسسة مكتبة محمد بن راشد آل مكتوم، وبلال البدور رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والفنون ، وعلي عبيد الهاملي نائب الرئيس والدكتور صلاح القاسم المدير الإداري في الندوة، وعدد من المعنيين والمهتمين والخبراء.
أدارات الجلسة الحوارية الإعلامية شيخة المطيري رئيسة قسم الثقافة الوطنية في مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث، وشارك فيها الباحث الإماراتي علي المطروشي والدكتور عماد جاب الله أستاذ علوم المعلومات المساعد ومسؤول البرامج المهنية والجوائز قي إدارة مكتبات الشارقة العامة التابعة لهيئة الشارقة للكتاب.
استعرض الباحث المطروشي مصادر الثقافة المحلية في منطقة الخليج قبل النفط، والتي تمثلت في الدين الإسلامي، والبيئة الطبيعية، وتراث البيئة الاجتماعية المحلية، والاحتكاك الحضاري مع الشعوب الأخرى، والكتب والمجلات، والراديو، وأشار إلى حرص الرعيل الأول من بعض التجار وشيوخ الدين في الإمارات على اقتناء الكتب والمجلات رغم صعوبة الحصول عليها في ذلك الوقت من عمر الدولة، وكيف أنهم نجحوا في اقتناء العشرات من الكتب من العراق ومصر ولبنان، بل وساهموا في إقامة نواة لما يمكن أن نطلق عليه “مكتبات” في تلك السنوات.
وذكر المطروشي أن المكتبات الخاصة سابقة في ظهورها على بقية أنواع المكتبات، ومن أشهر ملاك المكتبات الخاصة قبل الاتحاد الشيخ راشد بن مكتوم الأول، ونجله الشيخ مانع بن راشد، والشيخ سلطان بن صقر القاسمي، والشيخ سلطان بن سالم القاسمي.
وأوضح المطروشي أن مكتبات علماء الدين والمشايخ أضافت زخماً للحركة الثقافية، ومن أشهر هؤلاء العلماء حسن بن محمد الخزرجي، وعبدالرحمن بن حافظ، ومحمد نور بن سيف المهيري، ومبارك بن علي الشامسي، ومحمد بن أحمد الشنقيطي، وأحمد بن حمد الشيباني، وسيف بن محمد المدفع، ومبارك بن سيف الناخي، وعبد الكريم بن علي البكري، وعبدالله الشيبة النعيمي، ومحمد بن سيف بن يوسف آل علي، وحميد بن أحمد بن فلاو المطروشي، ومحمد بن سعيد بن غباش، وأحمد بن عبد الرحيم المطوع، وأحمد بن علي المناعي، وأحمد بن حجر آل بوطامي البنعلي.
وكان للأدباء والشعراء وعموم المثقفين دورهم في تكوين مكتبات ومنهم عبيد بن رحمة البدور، ومبارك بن حمد العقيلي، وعبدالله بن سلطان العويس، وابنه علي بن عبدالله العويس، وأحمد بالعبد، وعبدالله بن صالح المطوع، وابراهيم بن محمد المدفع، مشيرًا إلى أن هناك العديد من ملامح اليقظة الثقافية في هذه الآونة، والتي تمثلت في الحرص على الكتب وحفظها وتنظيمها بأشكال ختلفة، بل وإتاحتها للمريدين، وأضاف أنه كان هناك ملامح للقواعد والشروط المتعلقة باستخدام هذه الكتب.
واختتم المطروشي حديثه بعرض شيق لما يمكن أن يكون معينات تجلب الراحة للقارئ أثناء القراءة، وتمثل ذلك في منضدة مجهزة ومصممة لراحة القارئ أثناء القراءة.
الدكتور جاب الله بدأ مداخلته بتوجيه الشكر للندوة والقائمين عليها لتنظيم هذه الفعالية التي تمثل يقظة معرفية لواقع حال الحراك الثقافي في الدولة، وأشار إلى أننا “لا نحتاج إلى شهر بعينه للتذكير بأهمية القراءة في ترسيخ أركان مجتمع المعرفة، حيث إنها لصيقة بالفعل البشري وقوامته ونجاحه في حياته، وأشار إلى أن دولة الإمارات حريصة منذ عقود على الاحتفاء دومًا بالقراءة والثقافة والمبدعين.
وذهب الدكتور جاب الله إلى أن اختيار موضوع الندوة عن المكتبات كمؤسسات للذاكرة الإنسانية جاء موفقًا في سياق الاحتفاء بشهر القراءة، حيث إن المكتبات هي المسؤولة بمختلف فئاتها عن تشكيل وعي المجتمع القارئ المثقف، ما أهلها لأن تتبوأ مكانة مرموقة بين العشر الأوائل دولياً على مستوى القوى الناعمة، واستشهد بمقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي ،حفظه الله ورعاه، حين قال: “لا تكتمل حياتنا بغير اكتفاء اقتصادي وعمق ثقافي وتماسك مجتمعي”، حيث أكد أن المكتبات ومؤسسات المعلومات تمثل العمق الثقافي والحضاري الحقيقي للمجتمعات، وألقى د. عماد جاب الله
الضوء على كل من مكتبة محمد بن راشد في دبي ومكتبة “بيت الحكمة” في الشارقة كنماذج مضيئة لواقع حال المكتبات في الدولة لتستكمل مسيرة مكتبات عريقة كمنظومات مكتبات الشارقة ودبي وأبوظبي، وأشار أيضًا إلى أن ملامح الحداثة وتوطين التكنولوجيا في المكتبات ومؤسسات المعلومات تحمل مبشرات بأن استقطاب هذه الأدوات سوف يكون إضافة لوظيفة ورؤى وأهداف هذه المكتبات، وضرب مثالًا حول تقنية CHAT GPT وما فرضته من تحديات تحتم على مؤسسات المعلومات الحراك لتطويعها والإفادة منها بما يحقق رضاء المستفيد الذي هو البوصلة الرئيسية والهدف الأسمى لكل أنشطة وعمل مؤسسات المكتبات والمعلومات.
وكان ختام حديث د. عماد جاب الله حول العنصر البشري وضرورة تسليحه بالعلم والمهارة اللازمين لتأدية الأدوار الرئيسية المنوطة به، وكيف أن مؤسسات التأهيل والتدريب مطالبة بتصميم برامج تأهيلية تعمل على تمكين وتعزيز احترافية هذا العنصر البشري.
وفي نهاية الندوة دار حوار حول مستقبل المكتبات في ظل التقدم العلمي المتلاحق بين الحضور و ضيوف الجلسة الحوارية الذين جرى تكريمهم.