مقالات

هل خلقنا للحزن ؟ فاطمة عبدالله      –      جزر القمر 

فاطمة عبد الله

يستسلم السواد الأعظم من الناس إلى الحزن، ولكن السواد الأعظم من المسلمين يستند في حزنه إلى  الآية الرابعة من سورة “البلد” في القرآن الكريم :  “لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ” ، مفضيًا إلى تفسير وحيد لمفردة “الكبَد” على انّه المشقة التي يجب عليه أن يتعايش معها.

وفي البحث العميق المفضي لدلالة معرفية أعمق لمفردة “الكبد” نجدها في معاجم وقواميس اللغة في ثلاثة معانٍ وقد مهّد كل منها للآخر ،  فالمعنى الأول يشير إلى نَصَب ومشقًة و مُكابَدة للشّدائد، والمعنى الثاني : اشتدّ وغلُظ ، في حين يشير المعنى الثالث إلى الاستواء والاستقامة أو الوسطية.

ولا يستوي معنى من المعاني الثلاثة من  دون الأخر، وكل منها يفضي إلى سواه ليغدو المعنى المكتمل في الاستقامة والوسطية، فالإنسان خُلق يكابد مشاق الحياة(المعنى الأول)، وهذه المشاق تجعله يواجه الصعوبات التي تقويه وتشد من عوده وتجعل منه شخصًا قويًا.

ويأتي (المعنى الثاني) ليشير إلى استقامة الإنسان  مع المعاناة، وقدرته على حل مشاكله ما يحقق له التوازن ويأتي المعنى الأخير (المعنى الثالث) ليبرهن على أنَّ الانسان خلال المرحلتين الأولى الثانية من مواجهة الحياة قد انتقل من الضعف إلى القوة التي تمنحه توازنًا يقيه من التجبر أو الظلم، سواء الذي يقع عليه أو الذي يمكن أن يمارسه إذا اكتفى بالمعنى الأول.

سبحان الله ! كلمة واحدة حملت معاني متعددة في شرح متكامل لأطوار حياة الإنسان ورقي الوعي لديه!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى