مقالات

رحلة إلى الماضي   نورهان فؤاد    –     الإمارات 

نورهان فؤاد

أيها السادة  المسافرون أود أن أقودكم اليوم في رحلة عبر آلة الزمن للماضي.. أعلم أنها ليست الرحلة التي قد  حجزتم بها، ولكن كي تستطيعوا الصعود إلى متن طائرة  الرحلة المقصودة لا بد من الذهاب في رحلة صغيرة للماضي.

ركابنا  الكرام،

أود أن أطرح عليكم  سؤالًا  بسيطًا: هل الماضي يمكن أن  يتلاشى ولا يعود مرة أخرى؟ أي: هل بالفعل يوجد ما  يسمى بالنسيان الأبدي، أم إنها أكذوبة نكررها لنتخلص من بعض اللحظات والمواقف؟

وقبل أن تجيبوا على هذه الأسئلة أرجو التوقف والتفكر فيها جيدا…، لا تتسرعوا في إجاباتكم، بل تمعنوا في السؤال  لتتمكنوا من الإجابة عليه وأنتم على يقين تام بها.

أعدكم أنكم بعد أن تنتهي هذه الرحلة ستعيدون النظر في  هذه الإجابة.

أرجو منكم بعد أن قرأتم هذه الكلمات أن تغلقوا أعينكم  وتسترخوا، وتبدأوا في تدوين أول ما مر أمام أعينكم  المغلقة، أليست جميعها مواقف ولحظات مررتم بها؟ منكم  من يبتسم ومنكم من يسقي زهرة وجنتيه بقطرات الندى  المتساقطة من أعينكم، إذن لا يمكن أن نجزم بوجود  صاحب الديار إلا وهو النسيان اسمحوا لي أن أخبركم بأننا من ستضيف النسيان ولا نتركه يعود إلى حيثما كان فقط  لنهرب من الماضي لأننا نشأنا على أن الماضي مؤلم يمكن نسيانه والتخلص منه، قد يكون  هناك العديد منكم الآن ما  يزال متمسكا بإجابته، ما زال عالقا في لحظة الإنكار والنفي.

أرجو منكم أن تخرجوا من جيوبكم صورة ما أو أي شيء  كان، وأخبروني بماذا يذكركم  هذا  الشيء،  ألا تتذكرون  تلكل  الأوقات التي حظيتم بها وأنتم تلتقطون تلك  الالصورة؟ ألا تتذكرون ضحكاتكم في تلك الأوقات واللحظات الماضية؟ ألا  تشعرون الآن بالرغبة في العودة بالزمن أو  تتمنون العودة لتلك الأوقات لتعود تلك المشاعر؟ إذن أين  هو النسيان الساحر الذي قد خلصكم من ذلك الماضي؟  وأنا في وقت قصير استطعت أن أعود  بكم  لتلك اللحظات.

ركابنا الكرام.

هل تساءلتم يومًا عن وجود الماضي في حياتنا؟ وما هي  الاستفادة التي قد تعود علينا من هذا الماضي؟ لماذا  ندعي النسيان ونحن لا ننسى بل نعيش نفس الأحداث  يوميًا بل كل ساعة ولحظه، وكأنها شريط يكرر نفسه؟

أيها  السادة،

  إن الأحداث التي تمر بنا بكل أشكالها وأنواعها ما هي إلا  اختبارات ويمكن أن نقول إنها مغامرات نعيشها كي نستفيد منها، أو  إنها رسائل إلهية تنبهنا لما يمكن أن نلقاه في  رحلة الحياة.

لنتفق أيها السادة على أن لكل شيء في هذه الرحلة هدفًا،لذا لا يمكن إنكار  الماضي ونفيه من رحلة حياتنا،  ولكن هذا لا يعني أيضًا أن نأسر أنفسنا بين قضبان الماضي وندفن بقبره، يجب أن نتطلع إلى الأمام، إلى  المستقبل،  ولكي ننجح في رحلتنا يجب أن نستخدم الماضي لبناء  المستقبل نستعين به كمرجع لنا يرشدنا ألى ما  يجب  أن  نفعله إذا مررنا بأية أحداث تتطلب خبرة أو معرفة مسبقة،  فلا غنى لنا عن الماضي فهو خير مرجع لمعرفة النفس، لنستمد منه الأمل لنتمكن من بدأ رحلة جديدة تملؤها المغامرات والتحديات المشوقة.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

  1. مقال جميل للآنسة نورهان
    إذ أنها تتكلم عن منهج في التفكير بأبسط الكلمات ، فالماضي المخزن في الذاكرة يساهم في صنع المستقبل بما يزودنا من تجارب حياتية ، هذا المستقبل الذي يكون حلم المخيلة تصنعه بما يتاح من إمكانات تضاف إلى خبرات الماضي ، فيجتمع في الحاضر الماضي والمستقبل ، يجتمعان في الإنسان ذاته ، ثم يتجاوزهما إلى خلق جديد ، ابداع جديد اختراع جديد يدفع البشرية خطوة تطور نحو الأمام .
    ما قدمته هو صيغة فلسفية لما كتبته نورهان الرائعة .
    نتمنى لك النجاح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى