Uncategorized
شاعران في “بيت الشعر” بالشارقة يطوفان بالحضور في عوالم الكلمة
يوسف أبولوز و عبد الله عبدالصبور صوتان معبران
الشارقة – “البعد المفتوح”:
التقى محبو الشعر الثلاثاء الموافق 18 يوليو 2023 في “بيت الشعر” في دائرة الثقافة بالشارقة ضمن فعاليات منتدى الثلاثاء، حيث أحيا الشاعران يوسف أبولوز من الأردن، وعبدالله عبدالصبور من مصر أمسية بحضور الشاعر محمد البريكي مدير “بيت الشعر” في الشارقة قدم لها الشاعر نزار أبوناصر الذي تحدث عن التجربة الشعرية لكل من الشاعرين، مشيدًا بدور “بيت الشعر” بدائرة الثقافة في إقامة أمسيات شعرية تحتضن آمال وطموحات الشعراء في ظل الرعاية التي يوليها الشعرَ والشعراءَ صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة.
استهل الأمسية الشاعر يوسف أبولوز فألقى قصيدة بعنوان “الندم” طارحًا سؤال السفر على بساط الرمل، وهو يصور الريح على أنها تتجه نحو ما يحب من البلاد، ويتجلى حنينه لمنازل يألفها :
لو ريحنا صوب نجدْ..
لو بلادي على كتفي..
لو تدفأت في سفر الرمل،
والرمل في هجرات الوحيد منازل بَردْ.
لو أحب، وما الحب إلّا نساء طوين
كما ينطوي السردُ،
في رقعة السردِ،
أو مثلما تنتهي في الصناديقِ أحجار نردْ.
وقال في نصه الشعري “اكتفاء” المفعم بالدلالات والرموز :
تكفي في اليوم قصيدة
الدنيا ليست فرساً تعدو
والحبرُ كثيرٌ،
والورقُ الناشفُ هذا لن يسقط في الماءِ،
ولن يفسد عمرُ الوردةِ لو
عاشت أكثر من شجرة.
لن تَجعَلَ من حرفين اسمين،
ولن تصنع من شعر امرأة أوتاراً لكمنجةَ
و اعتلى المنصة الشاعر عبد الله عبد الصبور فألقى قصيدته “من أنتَ؟” الخافلة بالنظرات التأملية والحيرة:
أَنَا غَائِبٌ لَكِنَّنِي مَوْجُوْدُ
قَلْبِي عَلَى الْجَرْحَى هُنَاكَ يَجُودُ
وَهُنَاكَ: حَرْبٌ كُلُّهُمْ فَازُوا بِهَا إِلَّايَ
فَوْزُ العَارِفِينَ بَعِيدُ
سَأَعُودُ، لَا أَدْرِي سَعِيْدًا، أَمْ حَزِينًا يَائِسًا
لَكِنَّنِي سَأَعُودُ
سَأَعُودُ مَا غَنَّتْ هُنَاكَ يَمَامَةٌ
وَبَكَى عَلَى فَقْدِ الأَحِبَّةِ عُودُ
الأَصْلُ فِي الدُّنْيَا البُكَاءُ
كَأَنَّمَا
يَبْكِي عَلَى مِيْلَادِهِ المَوْلُودُ!
وبعد هذه العبارات النابعة من أن ” الأَصْلُ فِي الدُّنْيَا البُكَاءُ” يستحضر الشاعر ذكرياته وينعكس ذلك على مشاعره في العيد:
ــــ مَنْ أَنْتَ؟
ــــ إِنِّي الأَمْسُ:
مُمْتَلِئٌ بِمَا فِي الذِّكْرَيَاتِ أُعِيْدُهَا … وَتُعِيْدُ
وَالْآنَ: أَشْحَذُ مِنْ زَمَانِي لَحْظَةً
وَقْتُ المَحَبَّةِ بَيْنَنَا مَعْدُوْدُ
وَغَدًا: أُرَبِّي لِلزَّمَانِ
حَقِيقَةً، وَعَلَى يَقِينٍ
أَنَّنِي مَفْقُودُ
وَالْعِيْدُ: لَا فِي العِيْدِ؛ بَلْ فِي قُبْلَةٍ
كُلُّ اللَّيَالِي بِالمَحَبَّةِ عِيْدُ
ــــ هَلْ أَنْتَ مَنْ قَالُوا عَلِيهِ … ؟
ــــ نَعَمْ أَنَا ….
قَالُوا: “عَجُوْزٌ فِكْرُهُ مَحْدُوْدُ”
ــــ لَكِنْ لِمَاذَا ؟
ــــ لَا لِشَيْءٍ مُدْهِشٍ
أَخْبَرْتُهُمْ أَنَّ الْمُلُوْكَ عَبِيْدُ
بِي وَاقِعٌ طَحَنَ الْمَجَازَ، وَدَاسَهُ بِحِذَائِهِ
بِي رَاهِبٌ عِرْبِيدُ
أَزْهُو
إِذَا سَاحَ الجَلِيدُ لِعَاشِقٍ
أَبْكِي
إِذَا دَقَّ الْحَدِيدَ حَدِيدُ
لَا أَعْرِفُ الأَسْمَاءَ؛ أَعْرِفُ مَا بِهَا
وَرَأَيْتُ قَلْبَكَ إِذْ نَمَا عُنْقُودُ
وَأُحِسُّ بِالمَوْتِ
الجَمِيْلِ يَلُوْحُ لِي
لَمْ يَبْقَ لِلشَّغَفِ الأَخِيرِ
وَقُودُ
وفي قصيدته “أَحَبَّ حَتَّى تَمَادَى” قال:
ـــــ كَفَى … دَعُوهُ
فَمَا الذَّنبُ الذِي فَعَلَهْ؟
ـــــ أحَبَّ حَتَّى تَمَادَى والهَوَى قَتَلَهْ
ـــــ هَلْ يقتُلُ الحُبُّ أمْ فُقْدانُ فَرحَتِهِ؟
وَهَلْ بُكاهُ عَذَابَاتٌ
أَمِ افْتَعَلَهْ؟
أخْبَرْتُكُمْ قَبْلَ بَدْءِ النَّارِ مِنْ زَمَنٍ
لَا تُوصِلُوهُ
إِلَى الحَدِّ الذِي وَصَلَهْ
يَئِنُّ فِي اللَّيلِ مَوَّالًا يُؤرِّقُنِي حَتَّى يَنَامَ
وَيَصْحُو بَاكِيًا طَلَلَهْ
لَمْ أَدْرِ مِنْ حُزْنِهِ فِي الرُّكنِ
هَلْ حَمَلَ الهمَّ الكَبِيرَ، أَمِ الهَمُّ الذِي حَمَلَهْ!؟
أَدَارَ
فِيلْمًا طَوِيلًا عَنْ حِكَايَتِهِ
وَبَعْدَها – دُونَ قَصْدٍ – لَمْ يَكُنْ بَطَلَهْ
رَأَى حَبِيبَتَهُ…
فِي غَيرِ مَوضِعِهَا
وَكَانَ فُسْتَانُهَا
غَيرَ الذِي غَزَلَهْ!
لِمَا أَضَفْتُمْ سُطُورًا ما لِقِصَّتِهِ؟
لِمَا مَحَوْتُمْ بِقَلْبٍ جَامِدٍ جُمَلَهْ؟
خِفْتُمْ عَلَيهِ
كَدُبٍّ ضَمَّ صَاحِبَهُ عَلَى الثّلُوجِ
فَلَاقَى حُبُّه أَجَلَهْ!
لِأَنَّ آخِرَ حَبْلٍ كَانَ يُمْسِكُهُ؛ قَطَعْتُمُوهُ
وبِعْتُم لِـلْبُكَى أَمَلَهْ
وَظَلَّ يَطْرُقُ
فَوقَ البَابِ مُرْتَجِيًا
وَمَا أَتَى وَاحِدٌ مِنْكُمْ لِيَفْتَحَ لَهْ
وَمَا نَظَرْتُمْ
إِلَى هَذَا القَمِيصِ
فَهَلْ قَدُّوهُ مِنْ دُبُرٍ
أم قَطَّعُوا قُبُلَهْ؟
مَشَى
بَعِيدًا عَنِ الدُّنْيَا، وَزِينَتِها
وَظَلَّ يَصْعَدُ فِي غَيرِ الهُدَى جَبَلَهْ
لَمْ يَصْطَحِبْ مَعَهُ إلَّا حَقِيبَتَه
وَكَانَ يَجْمَعُ فِيهَا – خَاشِعًا – قُبَلَهْ
وَذِكْرَيَاتٍ لَهُ
لَمْ يَنْسَهَا أَبَدًا، وَقَلْبَهُ الغَضَّ، والحُزْنَ الذِي أَكَلَهْ
وَرَاحِلًا
كَي يَرَى
مِنْ نَفْسِهِ بَدَلًا
لَكِنَّهُ
لَمْ يَجِدْ فِي نَفْسِهِ بَدَلَهْ
وصوَّرَ في “رَقْصَةُ الغَزَالَة” :
غَزَالَةٌ
رَقَصَتْ فِي عَيْنِ صَائِدِها
فَسَابَهَا
كَيْ يَرَى فِي الطَّلِّ رَقْصَتَهَا
وَقَالَ : سُبْحَانَ مَنْ بِالخَصْرِ دَوَّرَهَا
وَمَنْ رَمَى
فَوْقَ هَذِي العَيْنِ خُصْلَتَهَا
لَابُدَّ فِي رَسْمِها جَاءَتْ مَلَائِكَةٌ
وَغَمَّسَتْ
تَحْتَ عَرْشِ اللهِ رِيشَتَهَا
خلْخَالُها كانَ
يَهْوِي بِي، وَيَصْعَدُ بي
يَرِنُّ في نَفْسِيَ الثّكْلى لِيُسْكِتَهَا
وَأَخْرَجَتْ آهَةً مِنْ فَرْطِ
نَشْوَتِها بِالرَّقْصِ
فَاشْتَمَّت الأزْهَارُ آهَتَهَا
وَمَرَّ فِي الأُفْقِ
صَوْتٌ مَا فَأدْهَشَنِي
يَقُولُ
فِي رِقَّةٍ كُبْرَى : سَلَامَتَهَا
عَيْنَانِ لَمْ تُفْتَحَا
إِلَّا إِذَا نَظَرَتْ نَحْوَ السَّمَاءِ
فَهَلْ تَرْجُو أَحِبَّتَهَا ؟
كَانَتْ تَدُورُ تَلُفُّ الضَّوْءَ
فِي يَدِهَا
وَقَدْ رَمَتْنِي بِهِ فَانْهَرْتُ لَيْلَتَهَا
ويبدي الشاعر حيرته حول مدى حقيقة ما رآه:
صَحَوْتُ لَمْ أَدْرِ
هَلْ حُلْمٌ حَلُمْتُ بِهِ؟
أَمِ اللَّيَالِي تُرَبِّي لِي هَزِيمَتَهَا؟
وَهَلْ رَأَتْ مِنْ بَعِيدٍ
طَرْفَ فُوَّهَتِي لَمَّا غَفَوْتُ
وَهَذَا الخَوْفُ شَتَّتَهَا!
سَأَلْتُ
عَنْهَا أُنَاسَ الحَيِّ أجْمَعَهُمْ
وَكِدْتُ أَحْكِي
لِطُوبِ الأَرْضِ قِصَّتَهَا
فَلَم يُجِبْنِي سِوَى
صَمْتٍ وتَأْتَأَةٍ
فَكَيْفَ تُخْفِي عنِ الأَذْهَانِ صُورَتَهَا؟
مَنْ هَذِهِ يا تُرَى ؟
مَنْ ذَا سَيُوصِلُنِي ؟
وَمَا عَرَفْتُ لَهَا
وَصْفًا لِأَنْعَتَهَا
وَمَرَّ يَوْمٌ عَلَى يَوْمٍ
وَلَا أَحَدٌ يُعِيدُ فِي قَلْبِيَ
المَكْسُورِ حَضْرَتَهَا
وَكُنْتُ أَمْشِي إِلَى مِحْرَابِ رَقْصَتِهَا
عَلِّي أَرَاهَا وَتَحْكِي لِي حِكَايَتَهَا
وَعِنْدَمَا ذَابَ قَلْبِي مِنْ تَعَلُّقِهِ
رِجْلَاي قَدْ رَقَصَتْ فِي الطَّلِّ رَقْصَتَهَا
وَقَبْلَ أَنْ ألْتَقِي بِالأَرْضِ مُكْتَمِلًا
نَظَرتُ نَحْوَ السَّمَا شَاهَدْتُ هَيْئَتَهَا
وفي ختام الأمسية تتابع الشاعران ومقدمهما لنيل تكريم الشاعر محمد عبدالله البريكي الذي التقط معهم صورة تذكارية.