نجوم الأمسية : جاكيتي وهبة شريقي وجوب وعبدالله العبد ويوسف علي

                     

الشارقة    –    “البعد المفتوح”:

نظم “بيت الشعر ” في الشارقة بحضور مديره محمد عبدالله البريكي الثلاثاء 26 ديسمبر 2023 أمسية شعرية ضمن فعاليات “منتدى الثلاثاء” مضى فيها على طريق اختياره الجودة الشعرية ، وشارك في الأمسية الشعراء : جاكيتي الشيخ سك من موريتانيا وهبة شريقي من سورية ومحمد الأمين جوب من السنغال و عبدالله العبد من العراق ، وقدم لها وأدارها الشاعر والإعلامي يوسف علي الغضبان الذي رحب بالحضور كما رحب  “بشعرائنا الأربعة، الذين وفدوا إلينا من المشرق والمغرب، ليتحفونا بأجمل قصائدهم، التي بثوا فيها مكنونات قلوبهم ولواعج أنفسهم، ليخرج الشعر سلسالاً عذباً رقراقاً من القلوب قبل الشفاه ويدخل الشغاف قبل الأسماع، فيزيد الحب والشوق والإمتاع لجمهور بيت الشعر، الذي اعتاد الحضور لسماع القصائد الرائعة، في قلعة الشعر العتيدة، وفي إمارة الثقافة المجيدة، على حاكمها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى للاتحاد ألف تحية وألف سلام، ولدائرة الثقافة الشكر على المتابعة، ولبيت الشعر ومديره الدكتور محمد البريكي، نرفع قبعة الود والحب والاحترام، وتبقى الشارقة مجداً على جبين الشمس يركض للأمام”.

استهل الأمسية الشاعر جاكيتي الشيخ سك بعدد من قصائده المتسمة بالجزالة وقوة السبك ومنها قصيدته “بساط النور” التي يتوجه فيها إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم:

يممتُ أقطارَ المجرة لا أرى

إلا بِساط النَور يجتاز الذُرَى

يرتادُ غيبًا.. كاشفًا حُجب المَدى

ليخوضَ بِي سِرَّ الحياةِ الأكبرَا

فأراكَ مكتملا؛ أرانا هَالةً

وأرى الوجودَ إلى سَناكَ تَسمَّرَا

وأرى جلالَ الله فيكَ تَجسَّدتْ

آياتُه فلأنتَ أبْهى مَا يُرَى

يا من قصدتكَ كي تُبدِّدَ حَيرتِي

 فإذا بذاتي منك تنهلُ كَوثرَا

وإذا بأنفاسي تُرَتِّلُ شَجوَهَا

وكأنَّ داوودا بها قد زمَّرَا

فلقد عبرتَ الدهرَ كُنْهَ بشارة

وانداحَ بالغفران ذكرك مذ سَرَى

بَشَّتْ بِمَقْدَمِكِ الحَيَاةُ وَقَدْ دَنَتْ

زُهْرُ النُّجُومِ تَحُفُّ وَجْهًا أَزْهَرَا

فَصَحَا ضمير الكَوْنِ بَعْدَ سُباتِهِ

لِيَكُونَ عَنْ عِظَمِ الوِلاَدَةِ عَبَّرَا

مرحى رسول الله سيدنا الذي

جئتَ الخَلِيقَةَ مُنذِرًا ومُبَشِّرَا

أبَدًا تُجلِّـلُـكَ القَدَاسَةُ؛ تَنطوِي

من قلبكَ الدّنيا وتبقى أطْهَرَا

أنواركَ الأسْنَى لقومكَ أشرَقتْ

فَقَلَوْكَ.. وَامْتَشَقُوا أذاكَ تَجَبّرَا

فَثَوَيتَ مغترب العقيدة بَيْنهمْ

مِنْ بَعْدِ مَا كنتَ المِثَالَ وَأَكْثَرَا

كمْ أكْبـَرُوا فيكَ المحامِدَ كلها!

إِذْ دُمتَ بِالمَجْدِ المُؤثِّلِ أجْدَرَا

حَتَى أتَتك نُبُوَّةٌ مِن ربِّــك

امتعضُوا.. وَمَدُّوا جُهدَهم كي تنفِرَا

عَرَضُوا عَلَيْكَ المُلْكَ محضَ غِوايةٍ

لِتصِيرَ كِسْرَى أَرْضِهِمْ أَوْ قَيْصَرَا

بَسَطُوا لَكَ الدُّنْيَا فلم تَنزِلْ لهمْ

عَن مَا يَرَوْا فِيهِ الضَّلاَلَ المنكرا !

وَا خَيْبَةَ المُسْتَمْسِكِينَ بِجهلهِمْ

ما كان ما يوحى حديثا يُفترى

ما كان إلا جذوة قدسية

وأنَرتَ للإنسان منها الأعصُرا

تدْعُو إِلَى الإِسْلاَمِ دِينًا أُظْهِرَتْ

أَدْيَانُ كُلِّ الأَنْبِيَاءِ لِيَظْهَرَا

وسَريْتَ للأقْصَى المُبَارِكِ لَيْلةً

وِترًا؛ لِنَحْمَدَ بَعْدَها ذَاكَ السُّرَى

ثُمَّ ارْتَقَيت إلى السَّمَاوَاتِ العُلَا

لتَسِيحَ فِـي عِبَرِ الجَلاَلِ وَتَخبُرَا

فرأيتَ عِندَ المُنتهى يا سيّدي

مَا لَمْ يَرَ الرَّاؤُونَ فِي دنيا الوَرَى

مُسْتَنْطِقًا غَيْبَ الزَّمَانِ، وَعَارِفًا

مِنْ أَيْنَ تُغْتَرَفُ الحَقِيقَةُ أَبْحُرَا

وأتيتَ.. تَبعَثُ فِي النُّفُوسِ سَلامَهَا

وتُشيِّدُ الأرضَ اليَبَابَ لِتَعْمرَا

كانت خُطَى الإِنْسَانِ فِـي عَبَثِيَّةٍ

فَأَقَمتَ لِلْخَطْوِ السَّدَادَ مُظَفَّرَا

مُسْتَمْسِكًا بِالعُرْوَةِ الوُثْقَى وَهَلْ

كَالعُروَةِ الوُثْقَى أَمَانٌ فِـي العُرَى؟

تلك المحجةُ.. والصِّراط لأنفسٍ

تَهْفو إلى وَجْهِ الجَلالِ لِتَنظُرَا

ولقد هفوتُ وكيف لي أن يرتقي

جسدي بروحي.. لا سماء ولا ثرى

إلا إذا ما ذبت فيك.. وإنني

قد ذبت فيك وحق لي أن أسكرا

مـعــراج

يا مَن بحضنِ  جمالِكِ المسحوقِ

وطنٌ  يُؤَذّن معلنا تطويقي

وطنٌ تلُوحُ على مَدَى بصماتِه

مِنّي الجذورُ فيستثيرُ بَريقِي

يا مَن بحضنكِ  كلُّ ما أمَّلتُه

مُذ جئتُ في فلك الحياة طَريقِي

دِفْءٌ.. وحِسٌّ مُرْهَفٌ.. وطلاوةٌ

وطقوس حُبٍّ شَعْشَعَتْ تَشويقِي

وقَدَاسةٌ جفَّت خُطَى عُمري لها

فالآن ضخَّت بالدِّمَاء عُروقِي

يا أعظمَ امرأةٍ لجأْتُ لِظلِّها

من بعد ما أَلِفَ النَّوى تَمْزِيقِي

قَسَماً.. لِحِضنِكِ أنجلِي شمساً أنا

أنوِي على كلِّ الوجودِ شُروقي

أجتازُ أَوْديةَ السَّمومِ مُهاجراً

للذات أَنْشِبُ في الذُّرَى تحديقي

*     *

لا تتركيني ذاهِلاً ومعلَّقاً

في حدِّ حبلِ الوقتِ كالمشنُوقِ

أَرْنُو إلى وَضَحِ المتاهاتِ الَّتِي

حَبَسَتْ على ضوء المرورِ شَهِيقِي

أنا لُغْزُ هذا الكونِ يا عَرَّافَتِي

فَلْتَشْرَحِي للعالَمين بُرُوقِي

فُكِّي الذي لمْ يستطيعوا فَكَّهُ

عن سَائِسِ الأبْقارِ.. حَادِي النُّوقِ

وإذا اشْتَهَى التاريخ كشف هُوِيَّتِي

فأنا سليل عُرُوبَةٍ إِفْرِيقِي

عُمْرٌ تعلَّقَ في مشارف أُفْقِهِ

وحضارةٌ تمتدُّ لِلْفِينِيقِ

أَدمَنتُ للإنسانِ عشقا ثائرا

لأُعيدَ دِفْءَ سلامِهِ المسْرُوقِ

هَذَا أنا.. كل انكشَافاتِي رُؤىً

ترتادُ فوق المستحيل سُمُوقِي

فرحابُ أحلامِي فَضَاءُ تخيُّلِي

وبُرَاقُ معراجِ الرَّسول رَفِيقِي

فاستبشري حُبّاً.. ولا تستهْجِنِي

أن هَزَّ أركانَ المدَى تَحليقي

كوني على قدر احتمالات الجَوَى

أملاً تَلأْلأَ في ظلام الضِّيقِ

لا تعْبَسِي في وجه نَوْرَسِكِ.. ابْسِمِي

فأنا يغيضُ إلى زُلاَلِكِ ريقي

وفي قصيدته العاطفية “سلطانة الجمال” يتغنى بمحبوبته طلبًا العفو لصراحته وهو محب  “قلبه لا يطيق بالكتم كَبْتَهْ ” “حبُّه يبعث المَوَاتَ حياةً” :

ما الذي شدَّني لحبّكِ بغتَهْ

أيُّ سرٍّ أحيتْهُ كالعُمْرِ لَفْتَهْ
حُسْنُكِ الصَّارِخُ الذي شَدَّ غَيْرِي

هَا أنَا بِالجَمَالِ أُؤخَذَ تَحْتَهْ
كَمْ سِوَايَ اكْتَفَى بِجِسْمِكِ شَكْلاً

 وأقامَ الصَّلاة يعبُد نحتَهْ
ثمّ فُوجِئتُ مُدرِكًا أنَّ غَيْرِي

ضَيَّعَتْ مُعْجِزَاتُ وجهِكِ وقتَهْ
أنتِ سلطانة الجمال فيا ليت

 الذي قد كشفتُ يُكشف ليتَهْ

خَلْفَ عينيكِ الماستين بريق

 قُدُسُيٌّ أتيتُ أفضَحُ صَمْتَهْ
فاغفري لي صراحتي كمُحِبٍّ

 قلبه لا يطيق بالكتم كَبْتَهْ
حبُّه يبعث المَوَاتَ حياةً

ولو اغتيل لا يُطاوِعُ مَوْتَهْ

لك نفسي عربون حبّ و عمرٍ

 فَلْتَكُوني لي أنت في الحب بحتَهْ

وَلْتَكُوني روحي دمًا بصماتي

جسدًا و اصبغي على الحب نعتَهْ

لن أطيق البقاء دونكِ وحدي

 أنتِ بعضي الذي تَعَقَّبْتُ صَوْتَهْ

ويبقى الشاعر في “أيتها البحر!” على الشاطى  يجتر الأنين متوجهًا إليها ” يا بَعضِي وكُلِّي“:

أنا وَحدي

 مُدرِكٌ مِقدارَ ما تَستأهلين..

وأنا أجهل جدًّا

قدْرَ ما تستأهلين!

فهَبِي أنك أمٌ

وهَبي أني جنين

ولديني مرة أخرى

لأحيا مرتين

     *    *

أنت بحرٌ..

وعلى الشاطئ أجْتَرُّ الأنين

قد توجَّستُ من المجهول خوفًا

كَسَجِين!

آكُلُ الخبز صباحا..

آكلُ الأُرْزَ زوالا..

آكلُ “الكُسْكُسَ” ليلًا

وأنيسي شايُ صين !

   *      *

أنا لا أطمع في وصلكِ

إذ قد تصبحين

عنصرًا يحيا نشازًا..

في رؤى مرضى الظنون!

ولقد أحببتكِ..

الحبَّ الذي لو تدركين…

لَتَهَوَّرتِ معي

من حيث لا تستشعرين

واحترقت الآن عشقًا

وتمرَّغتِ بطين!

 *       *

ها هنا أيتها البحر

على الشاطئ أجتَرُّ الأنين

وأُصَلِّي

مثل صُوفِيٍّ

بل الصُّوفيُّ مثلي

أعشق الذاتَ التي..

مُذْ ذُبْتُ فيها..

ذبتُ في قلبي وعقلي

ها هنا أيتها البحرُ أصلِّي..

حيث أستسقي .. و”أسْتعصِفُ”

“أسْتعْشِقُ” ظِلي..!

  *       *

ها هنا أيتها الوعدُ

وقد سَمَّرتُ نعلي

وعلى بابكِ

قد شَبَّكتُ بالحيرة جهلي

أتسلى بدُمَى الحب

دُمَى الوهم كطفلِ!

وعلى بابكِ

هل بابك مفتوح لأجلي؟

*       *

ها هنا ينخرني الحب

ويستمرِئُ ذُلِّي

ها هنا يشتعل القلبُ جوًى

إن لم تطلي

ويذيبُ الشَّوقُ أعصابي

هنا يذبل حقلي

فإذا الجنةُ صحراءُ!

إذا الصحراءُ تَغلي!

إِبِلِي عَطشَى

وآفاقُ المَدَى أعْجازُ نَخْلِ ..

فأطِلِّي..

أنتِ رُوحُ الحبِّ يا روحَ حياتي

أنتِ ظِلّي .. وأنا ظِلُّكِ

يا بَعضِي وكُلِّي

وأنشدت الشاعرة هبة شريقي مجموعة من قصائدها بعباراتها الشعرية الرقيقة وسط تفاعل الحضور ومنها قصيدتها : “شيءٌ يكرهُ الأشياء” التي تستحضر فيها الذاكرة. تقول:

هُمْ أحرقوكَ وهُمْ رشّوا عليكَ الماءْ..
هُم لم يسيؤوا، ولكن أنتَ مَن يستاءْ!
مُذْ صرتَ لُعبتَهُمْ تبكي بلا سببٍ
وتستحيلُ إذا أغضبتَهُمْ أشلاءْ

وتلاها الشاعر محمد الأمين جوب ملقيًا عددًا من قصائده ومنها “آخر مقامات التجلي” التي يسمو فيها بقصيدة من المدائح النبوية:

إن قِيلَ: أَحْمَدُ يُصْغِي الكَوْنُ أَحْرُفَهُ
وحَيْثُ نَادَى تُلَبِّي أمَّةٌ وَقُرَى
مُحَمَّلاً بِهُمُومِ الآخَرِينَ لَهُ
قَلبٌ إذَا نَامَ يَغفُو يَحْضنُ السُّوَرَا
سَعَى إلَى الله مُنذُ المَهْد يحملُ في
صحْرَاء مكّةَ قَلْباً أبيضاً نَضرَا

ختام الأمسية كان مع الشاعر عبدالله العبد الذي ألقى مجموعة من قصائده بإلقائه القوي ومنها قصيدته “اللؤلؤة” التي يعرب فيه عن تسليمه بثقة لها:

خذيني حيث شئتِ

وأنتِ أدرى

بما لا أستطيع عليه صبرا

خذيني..

يا حدود الماء ماءً

فإني غارقٌ

براً وبحرا..

ولا ترضي عن الشعراء حتى

يقولوا كل شيء عنكِ

شعرا

ولا ترضي

عن الشمس التي لم

تقل لكِ كلما أشرقتِ: شكرا

خذيني

إن قلبي يوسفيٌّ

إلى يعقوبَ

ما جاءته بشرى

فمنذ عرفتِني

وأنا أسيرٌ

وكلُّ الناس

في عينيك أسرى

لقد مر الزمان

على العذارى

فأعطاهن متكأً وقبرا

وما أكل الزمان عليك

لكن أكلتِ على الزمان

فصار ذكرى

خرجتِ عن السياق

كأيِّ ظبيٍ

تهيم به بقاع الأرض سكرى

وتعجز أن تخمن ما سيبغي

فتفشل ثم ترجع فيه حيرى

لأنكِ أنتِ

شارقةٌ تماماً

إذا حان الغروبُ

تقولُ: عذرا

خذيني

كل شيءٍ فيك حلوٌ

وإني قد سئمت العمر مرا

ومصلوبٌ

على جذعٍ قديمٍ

وتنقر رأسي الغربان

نقرا

لأني كلما أعددت نفسي

لأبدو ما أريد تكون أخرى

وخانتني جهات دمي؛

لهذا..

خذيني حيث شئتِ

وأنتِ أدرى

ويرسم الشاعر صورته منذ قدومه إلى الحياة عبر “سيرة ذاتية” مبينًا رؤيته في الحياة  ومبادئه “زوجتُ قولي فعلي”:

لم أتخذ قمراً

لأمنح ظلي

مترين من وهمٍ

بهذا الحقلِ

لم ألتمس

صمديةً مبريَّةً

من فرط ما صلّى

“علاءٌ” قبلي

لكنني زوجتُ

قولي فعلي

فبدا حقيقياً

بهذا الشكلِ

كالماء

ليس الماء

في غليانهِ

لكنه ذاك الذي

في الطلِّ

من قبل ميلادي

بتسعة أشهرٍ

بين النساء

شهدت مشهد قتلي

وأنا بهذا

بعد تسعة أشهرٍ

قد علَّمتْني

المشي فوق الحبلِ

تلك التي

كانت تقول لزوجها

ماذا نسمي طفلنا

يا بعلي!

ها قد شعرت بهِ

يؤدي ركلةً ما

في الصباح

لطول هذا الحملِ

فلربما

هو لاعبٌ مستقبلاً

ويظن بطني

صالحاً للركلِ

أو ربما هو ضابطٌ

في جيشه

ويصفف الأغرار

بين الرتلِ

أو ربما هو شاعرٌ..!

لا، إنه

سيكون شيخاً للطريقة

مثلي

سموك عبد الله

يبدو لائقاً

بأبٍ تقطَّعَ

بانتظار الطفلِ

سموك عبد الله

كنتَ فراشةً

للشمس عبد الله

لا للظلِّ

سموك في ملأٍ

يجرُّ عقيقةً

ونسوك

وانشغلوا بذاك الحفلِ

ماذا سيبكي الماء

يا ابن ثلاثةٍ

إنَّ البكاء على الذوات

تخلِّ

منْ يا علاء الدين

يبحث عن علاء الدين

منّا في المتاهة قلي!

قلي..

إذا ما كنتَ غازاً خاملاً

لأشدَّ نحوكَ يا صديقي

رحلي

وفي قصيدته “النداءُ الأخير” تلخص نظرته كلماته “فكيف تميز

نفسك عني وقد صرتُ من فرطِ ذاتي ذاتكْ!”:

تذكرتني

ونسيتَ صلاتكْ

وألحقتني

بالقطار

وفاتكْ

وعلمتني

كيف أصبح

عود ثقابٍ

وأشعلت

مني حياتكْ

وأغلقت عينيك

حتى تراني

وبالغت باسمي

فصار أداتكْ

وأغرقت نفسك بي

وربطت يديك

ولم تتقبل نجاتكْ

فكيف تميز

نفسك عني

وقد صرتُ

من فرطِ ذاتي

ذاتكْ !

فيا ليتني

كنت أقدر

لما تكسرت بي

أن ألم شتاتكْ

ويا ليتني

كنت أقدر

لما تعطشت لي

أن أكون فراتَكْ

على

حائطٍ شاهقٍ

كنت تمشي

وصبري عليكَ

يزيد ثباتكْ

تقول :

من الصعب

ألا أطير

لألحق

في كل وادٍ فتاتكْ

نفخت بي الروح

حتى تمنيت

ألا أعيش

بيومٍ وفاتكْ

أتعرف ماذا

يثير فضولي ؟

بماذا زرعتَ

بأرضي نباتكْ !

وأصبحت ترعى

ثلاث دوابٍ

بمنسأةٍ

وتغني بياتكْ

وتخصف نعلك

مثل نبي الزمان الأخير

وتحلب شاتكْ

أجيب :

من الصعب

ألا تطير ورائي

ولكن تحرَّ دواتكْ

وخذ خطواتكَ مني

ببطء شديدٍ

ولا تمتحنْ سلحفاتكْ

وكانت “الجدار” قصيدة تنطق مفرداتها بما يدور في فكر الشاعر الذي لا يطمح إلا إلى توصيل رسالته “لأقول ما عندي ويبرد داخلي”:

كيف استندتَ

إلى جدارٍ مائلِ..!

يا غافلاً..

صلى وراء الغافلِ..

في قلبه

قمرٌ يزور مدينةً

ومدينةٌ..

في قلبك المتخاذلِ

لكنهُ قمرٌ

فكن مثل الذي

قال: الكواكب

محض شيءٍ آفلِ

أنا لا أحب الآفلين

وليس في عمري مزيدٌ

لاتباع الباطلِ

وأنا أريد

من الحياة هنيهةً

لأقول ما عندي

ويبرد داخلي

وأنا تعبت

من البحار وأهلها

فلتلفظيني

عند أبعد ساحلِ

وتآكلت قدماي

من أطلاله

هذا الجديد

وراء ذاك الجاهلي

سبعٌ وعشرون

اشتعالاً ذاهباً

عمري

وما وصلت إليك رسائلي..

ولقد مللت دمي

ومشتقاته

وظهور نفسي

في الشريط العاجلِ

من راقب الأشياء

مات أسىً على

ما ذاب

بين سنابلٍ ومناجلِ

يمشي وتكنس حارةً أقدامُهُ

حتى يقاطعه التواء الكاحلِ

حتى استحى

من أن يقول لنفسه: صبراً

ويلبس حلة المتفائلِ

وأنا أريد

من الحياة هنيهةّ

لأقول ما عندي

ويبرد داخلي

وكان مقدم الأمسية يقدم شعراء الأمسية بما يناسب كلًا منهم بكلمات مختارة وأبيات شعرية معبرة  وشواهد شعرية مناسبة ، وختم تقديمه بقوله: “وكما بدأت أمسيتنا بأعذب الأشعار نختتمها بتكريم شعرائنا الذين أتحفونا بالجميل والرائع من شعرهم وندعو الأستاذ الشاعر محمد عبد الله البريكي مدير بيت الشعر لتكريم الشعراء” وهكذ كانت الفقرة الأخيرة في الأمسية ، حيث اعتلى الشاعر محمد عبدالله البريكي المنصة لتكريم الشعراء ومقدمهم والتقاط صورة تذكارية معهم.