متفرقات

” أرواح مستيقظة ” ريم محمد درويش    –    اليمن

ريم محمد درويش

ضوء القمر الشاحب يتسلل بخجل عبر شقوق النافذة المكسورة، يرسم لوحات متقطعة من الرعب على جدران المنزل المهجور. رائحة العفن والرطوبة تخنق أنفاسي وأنا أتجرأ على اجتياز العتبة المتآكلة. كل لوح خشبي تحت قدمي يئن احتجاجًا، وكأن الأرواح التي تسكنه تستيقظ من سباتها الأبدي.

أجس جسدي على الحائط البارد بحثًا عن مفتاح الضوء، ولكن أصابعي لا تلمس سوى نتوءات التجصيص المتساقط. أغمض عيني وأستنشق الهواء الثقيل، محاولاً استشعار مصدر صوت الرنين الخافت الذي يصدر من أعماق المنزل، خطوة تلو الأخرى، أتوغل في دهاليز الظلام، لا دليل لي سوى حدس يقودني نحو مصدر الرعب الذي يجذبني نحوه.

فجأة، ينطفئ ضوء القمر الوحيد الذي كان يمنحني بصيصًا من الأمل أعمى تمامًا، أترنح في الظلام، تتعثر قدمي بأكوام من الأثاث المكسور.

 ارتطمت بجدار، وأسقط على ركبتي، طعم الرمل والغبار يملأ فمي، الذعر يعتصرني، وأصرخ، ولكن صرختي تبتلعها جدران المنزل الصامتة، ثم سمعته مرة أخرى، صوت الرنين، أقرب هذه المرة، مصحوبًا بضحك مكتوم، يشبه خرير الريح عبر أنابيب صدئة، دمي يتجمد في عروقي، وأتمنى لو أستطيع العودة إلى الخلف إلى عالم النور والسلامة ولكن الفضول ..ذلك الوحش اللعين يشدني إلى الأمام، يدفعني نحو مصدر الصوت المرعب.

ببطء أتحسس الطريق ويدي على طول الجدار، وأصل إلى باب يئن عند لمسه، أتوقف للحظة أتردد، خوفي يصارع فضولي، ولكنه في النهاية يستسلم.. أدفع الباب بكتفي، وهو يزول عن طريقه بسهولة مخيفة.

الغرفة التي دخلتها مظلمة تمامًا لا أرى فيها شيئاً، لكن رائحة الموت تضرب أنفي، رائحة نتنة تزكم الأنفس ..أتقدم ببطء، خطوة تلو الأخرى، قلبي يدق بعنف في صدري. فجأة، أشعر بشيء يلمس قدمي أصرخ وأرتد إلى الخلف، لكن شيئاً ما يمسكني من الكاحل، يشدني إلى الأمام.

أسقط على الأرض، وأبكي وأصرخ طلبًا للنجدة، ولكن لا حياة لمن تنادي، شيء ما يزحف نحوي في الظلام، أسمع أنفاسه الحارة على بشرتي أحاول النهوض، ولكنه يثب عليً، يطبق عليّ بكل قوته. أصرخ للمرة الأخيرة، ثم يسود الظلام.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى