أخبار

قصائد في “بيت الشعر” بالشارقة تتملك قلوب الجمهور

نجوم الأمسية محمد المتيم و زكريا مصطفى وعبير الديب وياسمين الترك

د. محمد عبدالله البريكي يتوسط الشعراء ومقدمتهم من اليمين ياسمين الترك و زكريا مصطفى و عبير الديب و محمد المتيم

 

جانب من الحضور

 

الشارقة     –     “البعد المفتوح”:

نظم بيت الشعر في الشارقة الثلاثاء 14 مايو 2024 أمسية شعرية أحياها كل من الشاعر المصري محمد المتيم، والشاعرة السورية عبير الديب، والشاعر السوداني زكريا مصطفى، وقدمت للأمسية ياسمين الترك بحضور الشاعر د. محمد عبد الله البريكي مدير بيت الشعر وسط تفاعل جمهور تملك الشعراء تلابيب قلوبهم.

وفي تقديمها بدأت ياسمين الترك بذكر مآثر الشارقة، ومما قالته: “مِن أرضِ الشارقةِ التي تضوعُ شذىً..، مِن شعرِها الذي يثلجُ القلوبَ وَجْداً وندىً، مِن طيْبِ أهلها وكَرَمِ راعِيها، وكَونها للشعر منارةً وللشعراء طريقاً وهدىً…”

ودعت مقدمة الأمسية في البداية الشاعر محمد المتيم فألقى محموعة من قصائده منها “خبر الريح” طارحًا أسئلته في الحياة مستعرضًا ذكرياته:

– هناك هل تُذْرَفُ الدموعُ سُدًى؟

– هناك يا صاحِ تُذْرَفُ المُقَلُ

ماذا تُريدُ الحياةُ من وَلَدٍ

آتٍ إليها؛ وإثمُهُ الأملُ

يسيرُ في الناسِ لا بِمُعجِزَةٍ

ولا كتابٍ ولا خُطًى تصِلُ

لهُ عيونٌ مجامرُ اكتَحَلَتْ

سُهدًا، وقلبٌ قد مسَّهُ البلَلُ

واعتلت المنصة بعده الشاعرة عبير الديب فأنشدت عددًا من قصائدها معبرة عن هموم المرأة، وفي قصيدتها “حوار” يشف كلامها فتشرق عيناه ، و تخيط ” ثوب الوقت من دمعٍ على ما ضاع يومَ الحبُ..”:

شف الكلام فأشرقت عيناهُ

وكأنه محسوس ما قلناهُ

وصديقتي همست: أحقاً كنتما ..

ويحَ الهوى من ذا الذي أحياهُ

ويح القلوب تروم ظل حبيبها

لو كان في وادي الردى سكناه

من بعد ناب الهجر يا بنتَ  النوى

يرِدُ الجريحُ سبيل من آذاهُ ؟

ربّاه من غيّ الغرام على فؤاد

 ملوّعٍ ذاق الطوى ربّاهُ

فأجبتُ والدمع افتضاح سعادتي

والخد وردٌ من سنا ذكراه

ما كنت إلا قبر قلبٍ سار في

 ركب الزوال على خطى من تاهوا

وأعاد لي نبضي حبيبٌ بعدما

عزفتْ أقانيمَ الحياة يداهُ

قلبي بدون الحب رمية مبصرٍ

أعمى بصيرته الجفا فرماه

ونذرت نفسي دونه فأجابني

فبأي ذنب قد أرد نداهُ

بالله كيف أرده و أنا التي

قد كنت في هجرانهِ ألقاهُ

و أخيط ثوب الوقت من دمعٍ على

 ما ضاع يومَ الحبُ ضيعناهُ

كرم من الأفراح يجمعني بهِ

وبقبلتين و دمعةٍ سقياه

عنقود أحلامي وكأس صبابتي

لا تجزعي من خمرهِ أختاهُ

فالحب سيل النور في أعماقنا

سبحان مَن مِن فجره سوّاهُ

وفي قصيدة أخرى ترسم صورة مؤثرة لأرملة:

خرجت تفتش عن غد لصغارها

والهم يجمع ليلها بنهارها

و الدرب وعر خاب ظن حذائها

في أن يرق إذا مشت بأُوارها

والريح ترسم خلفها خيطا من

الدمع السَخين و تحتمي بدثارها

أيتامها في الدار والجوع انبرى

كالحارس المهذار خلف جدارها

بالوعد هدهدت الأنين و خوفها

وحشٌ يدب الرعب في أفكارها

في السوق رائحة الحياة تقوتها

لتواجه الطاغوت من أقدارها

بحثت لتجني رزقها بيمينها

فجنت من الخيبات ملء يسارها

في كل باب شاربٌ مفتولةٌ

تتصيد العبرات خلف خمارها

للقامة الممشوقة استعرت بهم

لغة الضباع وأعينٌ بشرارها

ميزان إنصاف الحياة تحطمت

أوزانه فهوت بثقل قرارها

لا تأكل ال … هي لم تعد تصغي إلى

صوت الضمير و أنّةِ استغفارها

بل صوتِ أطفالٍ يزيد بصدرها

من جوعهم وزرٌ على أوزارها

ما ذنبها إن رملتها الحرب وال

فقر احتمى عن طالبيه بدارها

لا عنكبوت لتحمي الباب الذي

فتحته كف النائبات بغارها

مأساتها رُسمت و مسرحها استوى

و استُكملت بشخوصها و حوارها

ما عارُها إلّا رجال حولها

سقطوا وهم يتسترون بعارها

شرف يصان فقط إذا ما حوكمت

فصكوكه تنهار تحت إزارها

لو كان للسياب عمرٌ آخرٌ

لكفاه ما يرويه من أخبارها

من كان منكم دون أي خطيئة

فليرمها رب السما بجوارها

واختتم الأمسية الشاعر زكريا مصطفي بمجموعتة من قصائده منها  “أثر الغريب” التي يستجضر فيها تربية أبيه وأمه، ويرسم ملامح شخصيته :

ورثتُ منكَ اجتيازَ التيهِ يا أبتِ

ومنكِ تربيةَ الغيماتِ يا أمِّي

وكنتُ أوَّلَ مَنْ يشتار قُبلتَه

وكنتُ آخرَ مَن يخشى مِن السهم

والآن أمضي أمامَ الحزنِ مبتسماً

أُقوّمُ الأضلعَ العوجاءَ بالضَّمِّ

أنا الخفيّ كأنَّ القلبَ أفرغَني

فيه فحين تَرى قلبي تَرى جسمِي

أنا الغنيُّ لِأنّ الحبّ مملكتي

فاللون والعطر والألحان من قومي

بعد التّقلب في غارين منتظراً

وحيَ الحروف تخطّتْ قدرتي جِرمي

رأيتُ ما لا يُرى بالعين وانكشفتْ

ليَ المسافةُ بين الحلمِ والوهمِ

وصرتُ أسمعُ حتّى خِلتُني أرثَ

الأذْنَ الوحيدَة في حشدٍ من الصُّمِّ

وكنتُ أسأل بعضُ الشكّ بوصلةٌ

للسائرين وكلُّ الوصل في العزم

عن الطفولةِ وردِ العمر فاحَ لكيْ

تدوسه الخيلُ في مضمارها اليومي

دمي رفيقٌ لأشجار الحقول ففي

ظلالِها افترّت الأزهارُ عن حلْمي

وسرَّحتْ ظبيةَ الأشعارِ أخيلتي

وصغتُ برقيَّتي الأولى إلى النَّجمِ

والآن زارَ البياضُ الكثُّ نافذَتي

ولوّحتْ شمعتي تلويحةَ النوم

أمضي فتعتمد الأنهارُ فلسفتي

وتقتفي حكمتي في البوح والكتْمِ

أنا الحياةُ التي في بالِ عاشقةٍ

أنا الوجوهُ الّتي فرّتْ من الرسمِ

أنا الغريبُ وهذا الليلُ يعرفني

تأشيرتي أحرفي حرّيّتي وشمي

أمس اشتريتُ لأطيارٍ مهاجرةٍ

ريشاً وماءً وأميالاً من السِّلم

وطرتُ في سربها حتى إذا انتبهتْ

تشبثتْ بي سلالاتٌ من الغيمِ

يا من تشارُكني معناي بي ظمأٌ

إلى الوضوح وتاريخٌ من الكظمِ

وسنبلاتٌ تواسي صيفَ أسئلتي

ونسوةٌ يحتسين الدمعَ من يُتمي

عقلي خطيئتُهُ الكبرى توهُّجُه

أستغفرُ اللهَ من جهلي ومن عِلمي

وفي قصيدته ” بئر الرؤيا” يرصف أسئلته طريقًا تلاهقه فيه محطات الانتظار :

أراني في مدى الرؤيا غريباً

يخبُّ وراءَ قافلةِ الحيارى

أفجُّ ضبابَ أسئلتي طريقاً

وتُرهقُني المحطاتُ انتظارا

أُطالعُ ربّما آنستُ برقاً

أُعبّئُ مِن مساقطِه الجرارا

يَلُوحُ لأحرفي شجرٌ تمشّى

وتحت أضالِعي ملأٌ توارى

وتسبقني الوفود إلى جهاتٍ

بظلّ الغيب أحسبُها غبارا

مع السارين ألبسُ ريشَ روحٍ

مهاجرةٍ لأزداد اخضرارا

كأن الأفقَ أقبيةُ احتمال

نظرتُ له فأرهقني دُوارا

طرقتُ ولا صدىً إلا المرايا

تشعّ فتملأُ القلبَ انكسارا

رأيتُ تنازلَ الأقدامِ عني

فلم أنَلِ الثبات ولا الفرارا

 لمحتُ على الذهول كأنّ شيخاً

يوزّع للمريدين الوقارا

ملامحه المياه تفيض منها

وتكبر دون طلعته الصحارى

إذا أوحى لخاطرةٍ تنحّتْ

وإنْ عنَّتْ له لغةٌ أشار

دخلتُ فلم يُعرْ خطوي انتباهاً

نطقتُ رنا تبسّم واستدار

هناك وكنتُ أحسبُني طليقاً

تضاحك من منازعتي الأُسارى

أسائلهم فينصرفون عني

أجادلُهم فينتبذون غارا

أثور فتكبر الغرُباتُ حولي

ويشتعل الهوى المخبوءُ نارا

إلى أن غبتُ عن نفسي تمامًا

وصارتْ وحشةُ المنفى الديارا

تعهّدني صدىً كالنصل وقعاً

فعبّأ جُبّةَ الزهو احتقارا

نعم أعددتَ زادَك نصفَ قلبٍ

رضاً هشّاً وحزناً مستعارا

ونِمتَ عن المسير وقلتَ سهواً

وقمتَ إلى الوميض وقد توارى

فعُدْ لهواكَ أو فاصمُتْ قليلاً

إلى أن يُنضجَ المعنى الثمارا

صحوتُ وقد حشا بردٌ عظامي

كأنّ الجلدَ والأثواب طارا

وعدتُ لآدمَ الأرضيِّ أتلو

شجوناً تُغرق الليلَ انهمارا

أسائلُني وأزهد في جوابٍ

وتكبرُ في الغفاريِّ القفارا

هل المرئيُّ صحوي أم منامي

وسِرّي في الكؤوس أم السكارى

وفي “سائس الوقت” يساعر الشاعر للمعنى بمفرده يصافح أحلامه ويطلقها:

على طريقٍ فريدٍ في مواجدِه

فتىً يسافر للمعنى بمفرده

فتىً يصافح أحلاماً ويُطلِقها

وقد يُؤرَّخُ للمنفى بمولده

الأغنَياتُ بناتُ الحسن مسرعةً

تفرّ من وحشةِ الدنيا لمِربده

مسافرٌ حرفُه للشمس راحلةٌ

وباحثٌ في ذراها عن مهنّده

أستاذُه الغيمُ في التَّرحال علّمه

الاّ يَحِنّ لشيءٍ قبل موعده

لذا توقّف في رُكن ابتسامته

وطاف في أفق الرؤيا بهدهده

يمشي ويعثر لكنْ لا يعود إلى

مغانم الأمس فالأشياء في غده

وحين تعترض الصحراءُ وجهتَه

يجيئُها جرّةُ الأنهار في يده

في الحزنِ كان سخيّاً بابتسامته

كالنّايِ يسكبُ لحناً من تنهّده

أوحى إلى الحبّ أنْ يختارَ وردتَه

والفنِّ كي يتمادى في تمرّده

في الليل يخبزُ في وجدانه لغةً

وقد تحلّق جوعى حول موقده

صديقُه النهرُ فالأسرارُ واحدةٌ

لذا يناديه مزهوّاً بسيّده

لواحدٍ خبّر الأيّامَ عن ولدٍ

يحارُ وجهُ المرايا في تعدده

وحين يُلقي عصاهُ الوقتُ ينبئُه

أنّ المغامرَ يؤتى من تردّده

يريدُ نومَ غريبٍ حين ينعسُ لا

تُقامُ أيُّ طقوسٍ حولَ مرقده

وفي نهاية الأمسية كرّم الشاعر د. محمد عبدالله البريكي الشعراء المشاركيم ومقدمتهم ملتقطًا معهم صورة تذكارية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. ندعو الله ان يبقي لنا دائمًا مجلة “البعد المفتوح” لنقل هذه الفعاليات الرائعة والأستاذ الفاضل وائل الجشي ومزيدًا من الازدهار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى