مقالات

قراءة تحليلية لقصيدة هدى عز الدين  “أنفاس محتلة” للناقد المغربي العربي إزعبل*   larbi Izaabel   

 

هدى عز الدين

 

من يتابع قصائد الشاعرة الكبيرة الأستاذة هدى عز الدين؛ سيقف أولا على تنوع المواضيع التي تعالجها بشكل تتجاوز الجرأة في البوح وكأنها تتحدى واقعًا ما      ( هل هو حقيقي أم متخيل؟!) وحدها الشاعرة ستجيب عن السؤال في هذه القصيدة التي عنونتها ب( أنفاس محتلة) ! جملة اسمية من مبتدإ محذوف ! قد يكون : اسم أشارة هي ، وقد تكون ( شعري….أنفاس محتلة) وجاءت كلمة        ( أنفاس) خبرا للمبتدأ المحذوف موصوفةب: محتلة (نعت) وفي ذلك دلالة على نوعية الغرض الشعري للنص الذي هو ( عتاب وإقرار) ! فهي ترد عمن ينعت شعرها ( بالمتحرر) و(الجريئ) مستنكرة هذا الوصف منهم لذلك جاءت بعنوان القصيدة مجازيا دون الإفصاح لمن الخطاب بالضبط! قائلة :

     لا تمشط شعر الفتنة أيها المستفز لقريحتي ( آخر سطر / وقفل القصيدة)….قائلة في قصيدة أخرى غير هذه بتاريخ 20/08/220 مايلي:

سأبدع

وأقص عليك حكاية مستوردة !!

وعنونت قصيدة أخرى ( مستعمرات الشعر) !!

وتستهل قصيدتها هذه قائلة:

أمارس صدقي بمنتهى الكذب !!

لعبة الوقاحة هي من حشدت

جيوشها فوق أنفي !!! (هنا الإقرار )….وهنا بيت القصيد وواسطة عقد البوح / الشعر عند شاعرتنا الموهوبة، ومضمون كل ما تقدم يتلخص في الرد وعتاب كل من يدعي أن قصأئدها فيها جرأة ما ينبغي أن تصدر منها  لأنها شاعرة من مجتمع محافظ، ولابد من بعض اللياقة في القول / الشعر !! هنا ترد الشاعرة قائلة ..إنما أنا أبدع شعرا ونثرا وليس كل أبداع مني صورة طبق الأصل من قيمي وسلوكي اليومي ومعتقداتي وأصالتي …وإنما أنا ممثلة أودي دوري على ركح مسرح الحياة ككل المبدعين والمبدعات ؛ وحينما ينتهي ( دوري) = إبداعي ونامي وقصيدتي أعود إلى حياتي العادية كجميع الناس؛

سأبدع

وأقص عليك حكاية مستوردة !!

تجيب الشاعرة ؛ فكلمة ‘( مستوردة) هي الكلمة المفتاح للإشكالية التي طرحت في هذه القصيدة …ولتأكيد غايتها من قول الشعر وفلسفتها في الحياة ودفاعا عن كتاباتها تقول:

أكتب حتى لا تأكل الحروف أوراق

الإبداع !! أي تكتب كي يبقى ابداعها على الألسن؛ ومحور النقاد ؛ وتعاليق المعلقات والمعلقين؛ و أخذ ورد بين مؤيد ومعارض !!! لا تريد أن تبقى قصائدها بين ثنايا الصفحات إلى أن تمحى وتندثر عبر الزمن وتحت ظروف وأسباب…

لنقف على السر في ما تقدم في أول سطر …مستهلة هذه القصيدة قائلة وبكل وضوح وشفافية :

أمارس صدقي بمنتهى الكذب !!

بمعنى: أمارس الشعر والبوح وابدع بصدق ،، بجمالية الأدب وروعته وحقيقته …أبدع بصدق وأعبر بلغة عربية راقية عن ما اريد التعبير عنه في شاعرية فنية عالية ولكن دون أن يكون إبداعي خيالي وصورتي الحقيقة على المرآة ، بل أكتب في حرية واترك الإهام يبدع ..وبعد انتهائي من رسم اللوحة أغاذر بكل كليتي المرسم إلى ركح الحياة العادية .

وفي الشكل الفني للقصيدة نقف أيضا على تحد” صارخ ”  لأصل القصيدة النثرية على اعتبار أنه شكل مستورد من الأدب والشكل الفني العالمي …لكن بعض النقاد منهم ؛ لم يجيزوا أن تتعدى ألفاظ السطر الوحد ستة أسطر !! والشاعرة في هذه القصيدة تجاوزت ذلك إلى ثماني كلمات في السطر الثاني من هذه القصيدة!!!! هل هو : تحد  آخر منها ؟؟ علما أنها تعرف هذا وغيره عن الشعر النثري….أما حبكة النص ونفسه فهي  مترابطة متدرجة الأفكار من بداية النص إلى السطر القفل/ خاتمة النص في أسلوب شاعري راق ومميز وفي مبنى ومعنى محكمين ( وهو شرط من شروط جودة المكتوب/ المنظوم/ المقول)

لنقف على قاموس لغوي سهل ممتنع يتميز بالروية والتركيز واختيار اللفظ الوجيز لإيصال الرسالة للمرسل إليه/ اامخاطب في يسر وسهولة ….لم تسلك من حيث تراكيب الجمل الشعرية : la struction des phrases poétique لا أساليب البلاغة والا أساليب علم البيان ولا توجد كلمات نحتاج فيها إلى قاموس …لماذا ؟؟

لأن موضوع القصيدة ( عتاب) ولو أرادت فقط الإبداع هنا لفعلت ،،،

تحية تقدير واحترام لشاعرة عميقة، ملمة بقواعد المنظوم نثرا وعموديا يشهد بذلك كل من يتابع عن قرب إبداعات هذه الفنانة ؛ فبورك النبض والحرف واليراع….

*ناقد أدبي و أستاذ جامعي مغربي
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى