محمد عبدالله البريكي يتوسط المشاركين من اليمين محمد المؤيد مجذوب و علي مصطفى لون و حسن الراعي وأسماء الحمادي
الشارقة – “البعد المفتوح”:
ضمن “منتدى الثلاثاء” نظم “بيت الشعر” في دائرة الثقافة بالشارقة يوم الثلاثاء، 2 مايو 2023 بحضور الأستاذ الشاعر محمد عبدالله البريكي أمسية شعرية مفعمة بالعذوبة والجمال في مقره بقلب الشارقة أحياها الشعراء أسماء الحمادي من دولة الإمارات، حسن الراعي من سوريا، وعلي مصطفى لون من نيجيريا، وقدم لها الشاعر محمد المؤيد مجذوب مسلطًا الضوء على دور الشارقة الثقافي ، وعلى ما يقوم به “بيت الشعر” في دائرة الثقافة بالشارقة من إحياء لدور الشعر واستقبال الأسماء اللامعة.
بدأت الإلقاء الشاعرة أسماء الحمادي بقصيدتها “شارقة السبق والتوق” و فيها قالت:
سبَّاقةٌ .. مثلَ الخيولِ العادِيةْ
توَّاقةٌ للمجدِ .. مثلَ فؤادِيَهْ
كم تنتمي للنورِ .. مُذ طلعتْ هنا
شمساً تُعانقها العصورُ الزاهيهْ
سلطانُها لا يرتضي إلا الضِّيا
والزهرَ ينبتُ في النفوسِ الساميهْ
والفِكرَ .. ما أدراكَ ما الفكرُ الذي
يُرسيه في كلِّ العقولِ الغاليهْ
و في قصيدتها “صوت الكون”
على بابٍ عَصيٍّ مُحكَمِ الأقفالْ
وقفتُ بصحبةِ الأحلامْ
أقولُ بصمتِيَ المِقدامْ
“هنا بابٌ بلا مفتاحْ
وفي كفَّيَّ مفتاحٌ
ولا أدري متى يلقى لهُ باباً”
فَفُكَّ البابْ
عبرتُ البابَ تِلو البابْ
بقلبٍ نبضهُ مِدرارْ
وحَدْسٍ صادقَ الإعصارْ
وأشيا لستُ اعرفها!
تُشابهُ صَهلةَ الأشعارْ
ومن بابٍ إلى بابٍ
أفوزُ بألفِ مفتاحٍ
وتسقطُ عُصبةُ الأقفالْ
وعند عبورِ آخرِهم
تصادمنا
أنا وأنا
على المرآةْ
ففرَّ الصمتُ من روحي
شهقتُ بدهشةِ الدنيا
صرختُ بفرحةِ الأطفالْ:
“أنا المفتاحْ
أنا المفتاحُ والفاتحْ
وأنتَ المُلهِمُ اللَّمَّاحْ
ونُبلُ ذُبالةِ المصباحْ
وصوتُ الكونِ … يا قلبي!”
و حفلت فصيدتها “خارطة للطريق” بالتأمل طارحة هواجسها :
مساءُ الخيرِ خارطةَ الطريقِ
حريقُكِ يا رفيقةُ من حريقي
ومنكِ العذرُ والغفرانُ .. وعداً
خِطابُ الجمرِ يُخرَسُ بالرحيقِ
رسمتُكِ ذاتَ حلمٍ مُخمَلِيٍّ
وها بيَديَّ أقلامي .. أفيقي
سأرسمُ وجهَكِ الوَضَّاءَ .. أخرى
أخطُّ ملامحاً فيها شَهيقي
ومِن مفتاحكِ الكونيّ .. أخطو
إلى أقصى الوجودِ .. إلى الشروقِ
يدي بيَديْكِ مِن مَرسىً لمَرسى
كأنَّ البحرَ يجري في عروقي
نردُّ تحيةً مِن بعدِ أخرى
على كلِّ العلاماتِ .. البروقِ
ونعبرُ حكمةَ الأشجارِ .. نُصغي
وتُلهِمُنا الشموسُ إلى العذوقِ
ونبلغُ مُقْلةَ المعنى … بَلَغْنا!
وها بيديَّ أحلامي .. أريقي
علَيَّ الياسمينَ بصبحِ بُشرى
صباحُ الخيرِ خارطةَ الطريقِ!
وأنشد الشاعر حسن الراعي مجموعة من قصائده المرفرفة في فضاء الإبداع عبر بحور شعرية قليلًا ما يتجه إليها الشعراء.
في قصيدته “من يشتري قلبي” يرسل حسن الراعي دفقة من التأمل ومشاعر التطلع إلى الفرح:
منْ يشتَرِي قلبي ثمَّ يطلقُهُ
إلى احتمالاتٍ لا تمزِّقُهُ
كأنْ يغنِّي لحبِّهِ مثلاً
أو يقتفي الطيرَ
إذْ يزقزقُهُ
خذْ منهُ ما شئتَ .. نبضَهُ .. دمَهُ
والأمنياتِ الَّتي تؤرِّقُهُ
واتركْ لهُ كوَّةً إلى فرحٍ
يطلُّ منها المدى
ويُنطِقُهُ
وتفيض قصيدته “صلاة البحر” عاطفة في أجواء فلسفية تأملية :
أنعِّمُ بالهوى قلبي وفاهي
أحبُّكِ
والمحبَّةُ كلُّ جاهي
أنا كالبحرِ
أرنو نحوَ شطٍّ
أبلِّلُهُ
ليشهقَ في مياهي
أكحِّلُ بالنوارسِ أفقَ روحي
وأطلقُ موجتي
نحوَ المتاهِ
وأؤمنُ أنَّني سأكونُ يوماً
حكايةَ عاشقٍ فوقَ الشفاهِ
فلا غفتِ الشواطئُ من عناقي
ولا نالَ النوى ممَّا أضاهي
أحبُّكِ
فانذريني في حلولٍ يوحِّدُنا على قَدَرِ التماهي
كلانا
في يقينِ العشقِ صحوٌ
فلا نامَ انتباهُك وانتباهي
صِلِيني
لو نظرتِ إلى صلاتي
رأيتِ الحبَّ في كلِّ اتِّجاهِ
ويجنح الى التصوير عبر السرد الشعري المؤثر في ” تاج العزلة” :
رجلٌ يخيطُ وسادةً في البيتِ
كافيةً لأنثى لمْ تمتْ
***
رجلٌ يفكِّرُ باقتحامِ البحرِ في وضَحِ الفناءِ
وباجتراحِ حديقةٍ في ليلِ (أوروبّا)
تقيهِ مرارةَ الذِّكرى على سفرٍ
***
وآخرُ لا يفكِّرُ بالرَّصاصةِ مطلقاً
بلْ يشتري في دربِ عودتِهِ دمىً تلهو بها ابنتُهُ
ويسخرُ من تعاويذِ الحياةِ
لأنّهُ حيٌّ بفضلِ رصاصةٍ قد اخطأتْ دمَهُ
***
وأنثى سوفَ تبكي عادةً
كتميمةٍ جاءتْ من العدمِ العنيدِ رؤىً
وغابتْ في النَّدى
طفلٌ ذكيٌّ
يجمعُ الانقاضَ ثمَّ يصوغُها قمراً
***
وآخرُ لمْ يجدْ وقتاً لينجوَ من براثِنها
فآثرَ أن يضيءَ
***
أنا الوحيدُ
متوّجٌ في عزلتي
إذ لمْ أدعْ للحربِ نافذةً على قلبي
لتسرقَ حبَّهُ
وكان ختام الإلقاء للشاعر علي مصطفى لون الذي عبر عن علاقته ببيئته في قصيدته “أغنية لعجوزٍ في الكوخ”:
مَشَى وفي خَطْوهِ الأشجارُ مُذ نَبتا
حَنَّتْ إلى غضنه الأطيارُ فالتفتَا
مشَى ضجِيجًا إلى مِحْرابِ سيدةٍ
وحَينَمَا أشعَلَتْ مَوَّالها سَكَتَا
لم يُطْفئِ الماءَ إذْ سالتْ أنَامِلُه
لم يَجْتَرِحْ مَنطقَ المصباح مُذْ خفتا
لم يوقِظِ الريحَ إذْ نامتْ على يده
وكان عِطْرًا على إحسْاسِهَا نبتا
إلى أن يقول:
يَوْمَ انْـبجسْتُ مِن الأقداحِ أُغْنيةً
على كُفوفِ اليَتامى تُمْطِـرُ الزَّبَدا
يوْمَ الْتَجَأْتُ إلى كَهْفِ الحَياةِ فَـتًى
لمَسْتُ غَيْبًا بمِاءِ الوحيِ فاتَّقَـدَا
يَوْمَ انْسكبتُ عَلى ثَغْر الرُّبَى مَطرًا
مُـسافرًا في لهيبِ النارِ فَابْتَـرَدَا
وَيوْمَ غَنَّيْتُ لَحْنَ الحُبِّ مُنصَدِعًا
في الخَافِقَيْنِ تهَادى الكوْنُ واتَّـحَـدَا
وفي نهاية الأمسية كرَّم الشاعر محمد عبدالله البريكي الشعراء ومقدم الأمسية، والتقط معهم صورة تذكارية.
Wael
أرسل بريدا إلكترونيا
أمسية جميلة وكان تفاعل الحضور جميل