أمسية شعرية ثلاثية مشرقة بالإبداع في النادي الثقافي العربي

شيخة المطيري و عبداللطيف محجوب و مصعب بيروتية و يزن عيسى
شيخة المطيري و خليفة الشيمي و محمد ولد سالم و عبداللطيف محجوب و مصعب بيروتية و يزن عيسى

الشارقة – “البعد المفتوح”:
نظم النادي الثقافي العربي في الشارقة الإثنين 10 مارس 2025 أمسية شعرية ثلاثية شارك فيها مصعب بيروتية وشيخة المطيري ويزن عيسى وأدارها الإعلامي عبد اللطيف محجوب الذي نقل اعتذار الشاعر محمد المؤيد مجذوب لعدم الحضور، ومما قاله في تقديم حاز إعجاب الحضور: ” إن الشعراء يمكن أن يصوموا عن كل شيء إلا الشعر، فهو دماؤهم التي تسري في عروقهم ونفسهم الذي يتنفسونه صباحًا ومساء،، وصوم الشعراء كصوم الناس جميعًا لكن أرواحهم الرقيقة تصبح فيه شفّافة أكثر حتى لكأنها تتلألأ نورًا وضياء، فيسكبون ذلك الضياء شعرًا آسرًا جميلًا.”.
بدأت شيخة المطيري فأنشدت قصائد متنوعة بلغتها الرقيقة الشفافة استهلتها بقصيدة في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم، وسط تفاعل الحضور مع عباراتها المؤثرة وانسجامهم مع أجوائها..
تقول شيخة المطيري، من قصيدة من “وحي الزجاج”
سماؤك آياتٌ وعيناك مذهبُ
فأسرِ بقلب في هواك يُعذب
يراك عصي الوصل شيمتك الجفا
وكل طريق نحو عينيك يصعب
يقولون ليلى في العراق وها أنا
بكل سماوات الهوى أتقلب
وقفت على المرآة أرقب حزننا
متى يا مرايا شبه عينيّ تُعرَب
وأسمع في المرآة ناياً لغربتي
أنا لحن من غابوا فمن بي سيطرب
وأرسم في المرآة ريح قميصه
ليبصر قلبٌ هدّه الشوق متعب
وأرسم في المرآة عين خليلنا
وأشرب من جذر الهيام وتشربُ
وأكتب من وحي الزجاج قصيدة
أغالب فيها الشوق والشوق أغلب
وتلاها مصعب بيروتية بعدد من قصائدها القوية بصيغتها وصورها المعبررة، و استهلها بقصيدة في مدح الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، عبر فيها عن سمو النفس وانعتاق الروح حين ترتقي بمحبتها إلى آفاق النور المحمدي:
ولم تزلْ تذكرُ الأحلامَ إذ رحلتْ
وغايةً كِدتَ تنساها.. ولم تقلِ !
طفلٌ تعلّقَ بالغيماتِ ..
فامتزجتْ على يديهِ رمالُ البوْحِ بالبلَلِ
طفلٌ يُخضّب فرشاةَ الرُّؤى ..
بصدىً منَ الحنينِ .. و شيءٍ من صَدى الأَمَلِ
أغفى على شاطئِ الذِّكرى طفولتهُ
وصُحبةً .. مِثلَهُم لم يلقَ من بدلِ
مرّوا شمُوسَاً .. على عينيهِ .. و انطَفؤُوا
وفجأةً .. أوقدوا نارَاً لمرتحلِ
غابوا مع الرّيحِ .. إذ تعوي ..
وضجَّ بهمْ صوتُ الغيابِ .. و صوتٌ من صَدى الأجلِ
وأقى يزن عيسى بعض قصائده الرقيقة و السامية بخيالها ومشاهدها الشعرية ، وكانت له في رحاب سيد الخلق صلى الله عليه وسلم، وقفة المحب الحائر الذي بهره ذلك النور الساطع من كل الجهات، فيحاول أن يدرك كنهه وهو يدري أنه لا يستطيع، فيكتفي بأن يترك نفسه تهيم فيه متخفّفة من أعباء الجسد ومتاعب المادة إلى عالم من الصفاء اللانهائي.
ويزن عيسى شاعر شاب استطاع أن يجعل لنفسه صوتا شعريا متميزا بقدرة الرائعة على تركيب الصور التي تفجر المعاني تفجيرا، فتصنع من شتات الرموز والعبارات والمواقف والإشارات المختلفة توليفة قابلة للتأويل في اتجاهات دلالية جديدة، وهو بذلك منخرط كليا في الحداثة الشعرية، يقول يزن:
أريقُ حواسي دمعةً تلوَ دمعةٍ
ومِنْ حيثُ تخضرُّ المواقيتُ أقصدُ
كأنّيَ -ما قالَ الظلامُ- إشارةٌ
إلى قمرٍ في وحشةِ الكونِ يولدُ
كأنّيَ -ما شاءت ليَ الريحُ- نخلةٌ
طوى جذعها الباكي حنينٌ مؤبّدُ
كأنّيَ أرنو الآنَ من كلِّ حيرةٍ
تحاولُ معنى الضّوءِ وهوَ مجرّدُ
أطلُّ على الأسماءِ قابَ ازدحامها
وأُمعنُ، لا أمسٌ يلوحُ ولا غدُ
أرى غيمةً تغشى الزمانَ بأسرهِ
ويكتُبُها في خاطرِ الرّملِ سيِّدُ
ملامحهُ ماءُ الجمالِ، وخطوُهُ
إلى الغارِ، نقشٌ في المكانِ مخلّدُ
وحيثُ تنامُ الأرضُ، يخضرُّ صمتهُ
ويغشاهُ من غيبِ النبوّةِ سرمَدُ
وفي خطوهِ الأشياءُ تنطُقُ ذاتَها
“سلاماً” وأنوارُ السماواتِ سُجَّدُ
وحيدٌ، لهُ في بكرةِ الحبِّ أمّةٌ
تشقُّ ظلامَ العالَمينَ و”تشهدُ”