أخبار

“الذكاء الاصطناعي إلى أين؟” عنوان “المجلس الرمضاني العلمي” في ندوة الثقافة والعلوم 

 

د. عيسى البستكي يتوسط المشاركين

 

 

بلال البدور و د. عيسى البستكي يتصدران المشاركين وعددًا من الشخصيات

 

دبي    –    “البعد المفتوح”:

ناقش نادي الإمارات العلمي في ندوة الثقافة والعلوم في جلسة المجلس الرمضاني العلمي السنوي “الذكاء الاصطناعي إلى أين؟” بحضور بلال البدور رئيس مجلس الإدارة وعلي عبيد الهاملي نائب الرئيس وأعضاء مجلي إدارة نادي الإمارات العلمي ونخبة من الأكاديميين والمهتمين.

أدار الجلسة د. عيسى البستكي رئيس جامعة دبي، رئيس نادي الإمارات العلمي، مؤكداً أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد تقنية، بل أصبح محركًا رئيسًا للتغيير والتطوير في مختلف جوانب الحياة، وسيكون له تأثير غير مسبوق على المجتمعات والاقتصادات حول العالم، وأضاف أن دولة الإمارات تسعى جاهدة لمنافسة الدول المتقدمة تكنولوجيًا، حيث إن دولة الإمارات عينت أول وزير للذكاء الاصطناعي في عام 2016، و إن اهتمام القيادة الرشيدة بتطوير وتطبيق الذكاء الاصطناعي في الدولة لهو دليل على أهمية الذكاء الاصطناعي في تطوير الأمم في المستقبل القريب. يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم “نريد أن تصبح الإمارات واحدة من أكثر الدول استعداداً للذكاء الاصطناعي في العالم“.

وذكر د. عيسى البستكي أن المحور الأول يتناول استشراف مستقبل الذكاء الاصطناعي خلال السنوات العشر القادمة،و يتوقع الخبراء أن يشهد الذكاء الاصطناعي خلال العقد القادم تطورات هائلة في قدراته التحليلية واتخاذ القرار، ما سيمكنه من تحقيق قفزات نوعية في مختلف المجالات. سنرى تحسناً في قدرة الأنظمة الذكية على التعلم الذاتي، وتعزيز التعاون بين الإنسان والآلة، كما ستتوسع تطبيقات الذكاء الاصطناعي من مجرد “أتمتة” العمليات إلى توفير حلول إبداعية لمشاكل معقدة  وستزداد الحاجة إلى حوكمة الذكاء الاصطناعي لضمان الاستخدام المسؤول والأخلاقي لهذه التقنيات، وهو ما يجعلنا مطالبين بالتفكير في سياسات وتشريعات تحفظ حقوق الأفراد وتدعم الابتكار المستدام.

المحور الثاني يتطرق إلى توظيف الذكاء الاصطناعي في القطاعات الحيوية في التنمية الاقتصادي المستدامة واستكشاف علوم الفضاء – والتطبيقات الصحية – والاستدامة البيئية – والتعليم الشخصي والذاتيّ –  السياحة الذاتية والرقمية – أتمتة النقل والرقمنة.

 استهل المداخلات د. محمد عبدالعزيز العلماء رئيس جمعية الإمارات لجراحي المخ والأعصاب بقوله:  “نظراً لقلة عدد الأطباء والممرضين وطول فترات انتظار المواعيد الطبية، وتأخر التشخيص وخطأه أحيانًا، وعدم فعالية العلاج في أحيان أخرى، إضافة إلى التحويلات الطبية غير الضرورية تم الاتجاه إلى استخدام الذكاء الاصطناعي في معالجة بعض التحديات الطبية”.

ويسهم الذكاء الاصطناعي في المجالي الصحي في التشخيص المبكر، واختيار العلاج الأفضل، وإجراء عمليات مصغرة عن طريق روبوتات ذكية، وتسهيل عمل الأطباء والممرضين، وتسريع رحلة المريض، وتغطية نقص الكادر الطبي.

واستشرف د.محمد عبدالعزيز العلماء مستقبل الذكاء الاصطناعي في المجالي الطبي بعد 10 سنوات بأنه سيساعد في التشخيص الدقيق، وفي عمليات روبوتية فائقة الدقة، والعلاج عن بعد، والعلاج حسب الجينات والبيئة، واكتشاف امراض جديدة مبكرا، واكتشاف ادوية جديدة أو استعمالات جديدة لأدوية قديمة، وختم مداخلته بأن “الإمارات بيئة خصبة لتطوير الذكاء الاصطناعي الصحي نظرًا لوجود حكومة ذكية وحكومة رقمية، واستخدام واسع للتطبيقات الرقمية في شتى المجالات، واعداد الأطباء والممرضين المواطنين قليل، ووجود أكثر من 200 جنسية مختلفة الأعراق والجينات والامراض، كما يستقبل مطار دبي الدولي الملايين سنويًا منهم من يمرض خلال الترانزيت ويحتاج الى علاج صحيح وسريع”.

وتطرق د. سعيد المنصوري مدير إدارة الاستشعار عن بعد بمركز محمد بن راشد للفضاء إلى استخدامات الذكاء الاصطناعي في مجال الاستشعار عن بعد سواء في الأقمار الصناعية (دبي سات 1، 2009 – دبي سات 2، 2013 – خليفة سات تم إطلاقه مؤخراً) وهذه الأقمار تساهم بشكل كبير في دعم ملفات مهمة، منها مجال التخطيط العمراني من خلال التعاون مع البلديات والوزرات المعنية يسهم الذكاء الاصطناعي في متابعة التغييرات البيئية بشكل أسرع وأشمل ويوفر بيانات مهمة عن الغطاء النباتي المحيط سواء في الساحل أو الداخل كما يراقب الزحف العمراني ويرصد صورة مستقبلية لذلك، كما يستخدم الذكاء الاصطناعي في استخراج المتغيرات في شبكة الطرق والمواصلات، من خلال الأنظمة الذكية التي تتابع هذه المتغيرات، كذلك مراقبة ما يتعلق بالجوانب البيئة والموارد الطبيعية ورصد منسوب المياه في السدود، وذلك من خلال صور الأقمار الصناعية.

وأضاف د. سعيد المنصوري أن الذكاء الاصطناعي يستطيع تحديد أماكن المياه الجوفية والغاز الطبيعي والموارد المعدنية المختلفة، كما يوفر بيانات عن الغطاء النباتي في الدولة، ويرصد عدد أشجار النخيل والآفات الموجودة فيها، كما يسهم الذكاء الاصطناعي في إدارة الأزمات والكوارث من خلال توفير خرائط دقيقة عن بعض الأماكن والبيانات التي تحدث فيها بعض الكوارث، يقوم بتحديث تلك البيانات بشكل سريع ودقيق. سواء فيضانات أو انزلاقات أرضية أو حرائق في الغابات وغيرها.

وتناول د. عبدالرحمن المعيني الوكيل المساعد لقطاع الملكية الفكرية في وزارة الاقتصاد دور الذكاء الاصطناعي في تنمية القطاع الاقتصادي، حيث يمثل الذكاء الاصطناعي أداة مهمة في هذا المجال، ولذلك تم دعم 100 شركة للمستقبل ناشئة وصاعدة تستخدم الذكاء الاصطناعي في مجالات عملها وذلك دعماً لريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والقطاعات الحيوية، وأضاف أنه تم استحداث وتحديث بعض مواد قوانين الملكية الصناعية وبراءة الاختراع  والعلامة التجارية وقانون حق المؤلف والحقوق المجاورة وتم إيجاد مواد خاصة بتطبيقات الذكاء الاصطناعي بهدف حماية مخرجاته، وحماية الملكية الفكرية، مؤكدًا أهمية تطوير البنية التنظيمية والتشريعية لتواكب المتطلبات الحديثة للتنمية الاقتصادية، ذلك لاستقطاب المواهب والعقول المبدعة ولاستمرارية الدولة كوجهة للسياحة، وأشار إلى أن آخر تقرير لبرنامج ريادة الأعمال يذكر أنه يوجد 94% من الشركات الإماراتية الصغيرة والمتوسطة، (25.000 شركة جديد أسسها شباب)، والإمارات في المركز الأول عالميًا في مؤشر ريادة الأعمال عالمياً والابتكار العالمي عربياً، فضلًا عن  مساهمة الذكاء الاصطناعي في فحص براءات الاختراع، وكذلك في عمليات فحص العلامات التجارية، ما يسهم في دعم مشروعات براءات الاختراع، وأوضح  أن هناك هدفًا استراتيجيًا، وهو زيادة دخل الصناعات الإبداعية بنسبة 5% في الدخل القومي، وذلك من خلال برنامج (الحجب التلقائي) الغرض منه حجب المواقع التي تبث مواد غير قانونية أو المحتوى غير القانوني حفظاً لحقوق المؤلفين.

وتحدث د. عبداللطيف الشامسي مستشار أكاديمي في مكتب الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي عن تأثير الذكاء الاصطناعي على طريقة تفكير الجيل الجديد، وكيف يمكن استقطاب المواهب، وأشار إلى تأثير التكنولوجيا في عدة أجيال سابقة منذ الخمسينيات من القرن الماضي،حيث ذلك الجيل الذي يستقبل المعرفة ويتلقاها من المصادر التقليدية والمحدودة وهي الكتاب المطبوع والمعلم، تلاه جيل الانترنت الذي يصل إلى المعرفة بسهولة، ثم جاء جيل “أيباد” مصاحبًا عصر الهواتف الذكية ، وهو جيل يتفاعل مع المعرفة من خلال البرمجيات والتطبيقات، وأعقبه جيل “سوشيال ميديا”  ( التواصل الاجتماعي)، وهو جيل يصنع وينقل المعلوم بسهولة بدون الرجوع لمصادر موثوقة، وأجيرًا هذا الجيل (جيل الذكاء الاصطناعي) الذي يعتمد على الذكاء الاصطناعي لصناعة المعرفة والمحتوى بغض النظر عن المصدر، وأضاف قوله إن تطور العالم الرقمي واستخدام التكنولوجيا أدى إلى بروز مجموعة من المهارات لدى جيل الذكاء الاصطناعي أهمها سرعة الاستجابة والمهارة البصرية وطريقة التفكير المنهجي، وأكد أن تأثير الذكاء الاصطناعي ليس حكراً على التعليم فحسب إنما شمل جميع قطاعات الأعمال والتخصصات المهنية، لذلك لابد من تمكين جميع أفراد المجتمع وليس جيل الذكاء الاصطناعي على التقنيات الحديثة، مشيرًا إلى أن هناك تخوفًا عالميًا من خسارة بعض الوظائف، ولكن على مر التاريخ مع بزوغ التكنولوجيا الحديثة، وخلال العقود السابقة تم استحداث أكثر من 100 مليون وظيفة في ظل التطور التقني المتلاحق، وبعد أن أصبح الذكاء الاصطناعي يقوم بأكثر المهام الوظيفية، ولكن تحت إشراف الإنسان المبدع القادر على التطوير.

وحول تطبيقات “أتمتة” النقل والمواصلات ذكر المهندس مساعد الحمادي مدير إدارة الاستراتيجية وحوكمة التقنيات لقطاع خدمات الدعم التقني المؤسسي في هيئة الطرق والمواصلات في دبي أشار إلى أهمية الذكاء الاصطناعي باعتباره ظاهرة اجتماعية تؤثر في الجميع، وتعتبر جزءًا أصيلًا من ممارسته الوظيفية والحياتية، مبينًا أنه خلال السنوات الخمس أو العشر القادمة، سيتغير الكثير من ملامح الحياة والعمل من خلال التطورات التقنية السريعة والمتلاحقة، فقد يكون الروبوت جزءًا أصيلًا من تركيبة الحياة، وسيتوفر بأعداد كبيرة في كثير من مناحي الحياة، كما سيساهم الذكاء الاصطناعي في تطوير المركبات ذاتية القيادة، وإدارة أنظمة النقل الذكية، وتحسين البنية التحتية للمدن الذكية، ما يقلل من الحوادث ويعزز الكفاءة المرورية.

كان ختام الجلسة باتفاق الحضور على أن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداة تقنية، بل هو عامل أساسي في تشكيل المستقبل. ولكي نستفيد منه بأفضل طريقة، يجب الاستثمار في تطوير هذه التقنيات، وتعزيز التعاون بين القطاعات المختلفة، وضمان استخدامها بطريقة أخلاقية ومستدامة.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى